دان الاتحاد الوطني للمرأة التونسية، في 27 آب/أغسطس، تصريحات لمرشح الانتخابات الرئاسية البحري الجلاصي بسبب وعود تضمنتها حملته الانتخابية، منها تشريع تعدد الزوجات وتزويج القاصرات وإعادة نظام الجواري وإلغاء قانون الإرهاب، وهي وعود كررها في مواعيد انتخابية سابقة تعتبر مخالفة للدستور والقانون في البلاد التي تمنع تعدد الزوجات وتزويج الأطفال والاتجار بالبشر.
وكان الاتحاد النسائي التونسي قد انتقد، في بيان نشر عبر حسابه على فيسبوك، "أولويات البرنامج الانتخابي للمرشح البحري الجلاصي لا سيما تلك المتعلقة بتشريع تعدد الزوجات ووعوده بإعلان عفو تشريعي عام يستثني مرتكبي جرائم القتل"، واصفاً تلك الإجراءات المبرمجة بـ"الإفراج عن جميع الإرهابيين وإلغاء قانون الإرهاب".
"مخالفة دستورية ونقض لحقوق المرأة"
واعتبر الاتحاد أن دعوة المرشح الرئاسي لتعدد الزوجات "مخالفة صريحة للدستور في فصله الـ46 الذي ينص على التزام الدولة حماية الحقوق المكتسبة للمرأة والعمل على دعمها وتطويرها، ونقض جميع الأحكام والحريات التي جاءت بها مجلة الأحوال الشخصية، وضرب مبادئ حقوق الإنسان والحقوق الإنسانية للنساء وكل القيم الأخلاقية والمدنية والمواطنية".
وأعرب الاتحاد عن استغرابه قبول الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ملف ترشحه للانتخابات الرئاسية، في حين أنه يؤسس، على حد وصفه، لـ "الاسترقاق" ويدعو إلى اعتماد "نظام الجواري"، من دون أي تتبع من النيابة العمومية بل أعادته للسباق الانتخابي بحكم قضائي من المحكمة الإدارية.
ضد الدستور والقانون وأمن البلاد
وتُمثِّل ما اعتبرها الجلاصي "أولويات حملته" نسفاً لمكتسبات الشعب التونسي لأكثر من 60 عاماً وهي لا تتعلق بسلب المرأة التونسية حقوقها وإعادتها قروناً إلى الوراء فحسب، بل تتعلق أيضاً بأمن البلاد وسياستها الرسمية المعلنة.
وكان المرشح الرئاسي، الجلاصي، قد صرح لموقع "تونيسكوب" المحلي، في 26 آب/أغسطس، قائلاً إن برنامجه الانتخابي يتمثل في "الإعلان عن عفو تشريعي عام يسمح بالإفراج عن جميع المساجين إلا مرتكبي جرائم القتل" حال وصوله إلى منصب رئيس الجمهورية، كاشفاً عن موقفه من بعض القضايا المثيرة للجدل في تونس وأبرزها المساواة في الميراث والمثلية الجنسية و"الزطلة" (الحشيش) وغيرها.
وعلى الرغم من القلق الذي تمثله الأوضاع الأمنية في الجارة ليبيا بسبب الحرب الدائرة هناك وعمليات تهريب السلاح على الحدود وأنشطة الميليشيات المسلحة، أشار الجلاصي إلى أن برنامجه الانتخابي قائم على "فتح الحدود الليبية من أجل التجارة الحرة".
كما نسبت له صحيفة "تونس الرقمية" تعهده، في 26 آب/أغسطس أيضاً، وعده بإطلاق سراح جميع المساجين والإرهابيين و"إلغاء قانون الإرهاب" لدى انتخابه رئيساً للجمهورية، مبرراً ذلك بأنه "لا يوجد إرهاب في تونس وإنما مجرد تلفيق للقضايا ضد أبناء الشعب". وكانت تونس قد شهدت بضع تفجيرات إرهابية.
مرشح رئاسي تونسي يدعو إلى إعادة تعدد الزوجات و"نظام الجواري" والسماح بزواج القاصرات ومنع الخمور والسجائر وإلغاء قانون الإرهاب والعفو عن جميع السجناء "عدا القتلة"
مرشح لانتخابات الرئاسة في تونس يثير جدلاً، يتوعد بإقرار تعدد الزوجات في بلد يمنع أكثر من زوجة، ينبذه "الإسلاميون والعلمانيون" وتشكوه زوجته بدعوى العنف وشقيقه يتهمه بالتحايل... من يدعم البحري الجلاصي إذاً؟
من هو الجلاصي؟
والجلاصي هو رجل أعمال ومؤسس حزب الانفتاح والوفاء الذي جرى حله عام 2015. بدأ في الظهور الإعلامي إبان الثورة التونسية وتحديداً منذ العام 2011 وتسلل إلى عالم السياسة بفضل ثروته، كما هو متداول إعلامياً في البلاد. ومنذ ذاك الحين، بقيت مطالبه واحدة ويكررها بين حين وآخر.
وتتمحور دعواته حول إعادة السماح بتعدد الزوجات، وتشجيع "زواج القاصرات" وإعادة "نظام الجواري" وتحريم الخمر والسجائر وإعادة فتح المساجد والكتاتيب كوسائل تعليمية، وهو ما جدد التأكيد عليه في تصريحات إعلامية في شباط/فبراير الماضي.
وفي هذا السياق، قال لموقع "تونيسكوب" إنه تزوج زوجته وهي تبلغ من العمر 14 عاماً، مردفاً "أنا محب لله ورسوله، عمري لا تكيّفت (لم أدخن) ولا شربت ولا خذيت قرض (لم أقترض) وعمري لا دخلت لقهوة في حياتي".
كما لفت إلى أن ثروته التي يزعم أنها تقدر بـ20 ألف مليار كوّنها من بيع عقارات الأجانب "اليهود والنصارى".
وسبق أن قدم الجلاصي أوراق ترشحه للانتخابات الرئاسية في العام 2014.
اتهامات عدة
وفضلاً عن الانتقادات الواسعة لأفكاره، اتهم الجلاصي باتهامات خطيرة، بينها العنف الزوجي والسرقة والاحتيال وادعاء صفة غير حقيقية وغيرها. فاتهمه شقيقه، في العام 2013، بأنه "طاغية وسارق ومتحايل على المواطنين انتزع بالقوة أراضيهم" على خلفية القبض على ابنه المتزوج ابنة البحري الجلاصي.
وأوضح شقيق الجلاصي آنذاك، أن ابنه قبض عليه بإيعاز من شقيقه الذي سعى بشتى الطرق إلى تفرقة الزوجين انتهت برفع شكوى ضد ابنه وتوقيفه.
وفي أيلول/سبتمبر عام 2015، تقدمت زوجته بشكوى رسمية للجهات الأمنية ضده تتهمه فيها بتعنيفها و"لكمها في الفم وضربها بقارورة على رأسها". وعلى الرغم من محاولته تكذيب هذه الوقائع أكدتها صحيفة الصباح التونسية.
ونهاية تشرين الأول/أكتوبر عام 2018، ذكر موقع "أنباء تونس" أن "الجلاصي أفتى في الاقتصاد وزعم أنه سفير للأمم المتحدة للسلام العادل والشامل خلال استضافته على قناة 218 الليبية"، مبيناً أنه قدم بطاقة تعريف منسوبة لمنظمة محلية مصرية غير رسمية.
الجلاصي الذي يسوق لنفسه على أنه "ملتزم دينياً" ومدافع عن "مبادئ الشريعة الإسلامية" منبوذ في أوساط الكثير من الإسلاميين في تونس، وكثيراً ما هاجم "النهضة" وأشار أخيراً إلى أنه إذا غادرت الحكم فسيجعل تونس أفضل من نيويورك الأمريكية.
قبل أسبوعين من موعد الانتخابات الرئاسية التونسية التي ستعقد في 15 أيلول/سبتمبر المقبل ومع حملات التنافس الشديد بين المرشحين الثلاثين من يا ترى يفكر بانتخاب الجلاصي؟
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
نُور السيبانِيّ -
منذ يومالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ يومينوالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ أسبوعتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت