بعد مرور أكثر من 3 سنوات على موافقة الحكومة المغربية على مشروع قانون من شأنه "تقنين الإجهاض" في البلاد، لا يزال القانون المنتظر عالقاً في البرلمان، إذ تشترط موافقة مجلس الشعب عليه قبل دخوله حيز التنفيذ بشكل فعلي.
يشهد المغرب يومياً بين 500 و 800 حالة إجهاض "غير آمنة"، أي بين 220 و 300 ألف حالة سنوياً، وفق تقديرات الجمعية المغربية لمكافحة الإجهاض السري، بعضها يتم لدى "العشابة والمشعوذين".
وعلى الرغم من تجريم الإجهاض في المغرب، والمعاقبة عليه بالسجن والغرامة للمرأة أو الطبيب(ة) الذي/التي أجرى/ت العملية، حوّل عشرات الأطباء في المدن عياداتهم إلى مراكز "سرية" لعمليات الإجهاض الاختياري، بحسب مواقع محلية.
قانون الإجهاض ضمن قوانين الجرائم ضد الإنسانية
وتختتم، في الفترة الحالية، الدورة الثانية من السنة التشريعية بالمغرب، وهذا ما يرجح أن النقاش المجتمعي بشأن الحق في الإجهاض سيحتدم لا سيما في ما يتعلق بـ"فعاليات المجتمع المدني أو الأحزاب السياسية"، مع وجوده لدى لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان التي ينبغي أن تدرس القوانين قبل عرضها على النواب للتصويت.
ويتضمن مشروع القانون المنتظر (رقم 10.16) والذي يتم بموجبه تعديل مقتضيات مجموعة القانون الجنائي، نصوصاً تتعلق بالإجهاض، ونصوصاً أخرى تخص حالات الاختفاء القسري والإثراء غير المشروع والجرائم ضد الإنسانية.
وتنتقد جمعيات المجتمع المدني المدافعة عن تقنين الإجهاض إيراد نصوص الإجهاض ضمن قانون يتعلق بتلك الجرائم الخطيرة.
ويرى رئيس الجمعية المغربية لمحاربة الإجهاض السري شفيق الشرايبي أن "إدماج النصوص المُقننة للإجهاض ضمن مقتضيات القانون الجنائي يزيد من تأخر دخولها حيّز التنفيذ بعدما ظل مشروع القانون قيد الدراسة منذ أكثر من 3 سنوات".
"لا يحظى بالأولوية"
وأكد الشرايبي لموقع هسبريس المحلي، في 10 آب/أغسطس، أنه كاتب "رئيس الحكومة (المغربية) سعد الدين العثماني وعلم أن المشروع لم يحظ بالأولوية التي يستحقها"، لافتاً إلى أنه "بعد موافقة البرلمان على مشروع القانون في أيار/مايو عام 2016، شهد الأمر ‘سكوتاً تاماً‘، ولا نعلم إلى أي منحى سيؤول إليه المشروع مستقبلاً".
وشدد الشرايبي على أنه بعد هذا الانتظار، فإن القانون المقترح "سيحل مشاكل 15 % من حالات الإجهاض التي يشهدها المغرب يومياً". ويسمح مشروع القانون بالإجهاض في 3 حالات: الحمل الذي يشكل خطورة على حياة الأم أو صحتها، والحمل الناتج من اغتصاب أو زنا المحارم، والتشوهات الخلقية الخطيرة والأمراض الصعبة التي قد يصاب بها الجنين.
المغرب يشهد قرابة 800 حالة إجهاض غير آمنة يومياً، بعضها على أيدي "عشابة ومشعوذين"، ومع ذلك تأخرت لأكثر من 3 سنوات موافقة البرلمان على مشروع قانون يسمح بـ3 حالات للإجهاض فقط ولا يحل سوى 15% من الإجهاض غير الآمن بالبلاد
رئيس الجمعية المغربية لمكافحة الإجهاض السري يرى أنه منذ مصادقة الحكومة على القانون في العام 2016، "لم يحظ بالأولوية التي يستحقها" وأن هناك "سكوتاً تاماً" عنه وليس معروفاً مآله مستقبلاً
لكنه لا يسمح بالإجهاض في حالات الحمل غير المنتظر الذي قد يسبب الاكتئاب، لدرجة انتحار الحامل، والفتاة المهددة بالقتل أو الطرد من قبل أهلها، كما تطالب جمعية الشرايبي.
في هذا الإطار، أوضح الشرايبي أنه "ينبغي تعديل الفصل 453 من القانون الجنائي الذي يبطل العقاب على الإجهاض إذا تطلب الأمر ضرورة المحافظة على صحة الأم"، منبهاً إلى أن "الكثيرين لا يعترفون إلا بالصحة البدنية. لكن الصواب أن يأخذ القانون في الاعتبار الصحة العقلية والاجتماعية والبدنية للنساء، كما تحدّد منظمة الصحة العالمية".
وسبق أن صرح الشرايبي لرصيف22 بأنه خلال عمله طبيباً عاين عدداً كبيراً من النساء (عازبات ومتزوجات) اللواتي حملن بشكل غير مرغوب فيه، ولجأن إلى إجهاض غير آمن لم يخلُ من مضاعفات خطيرة على صحتهن.
الأولى عربياً في الإجهاض
ويشير تقرير سابق لمنظمة الصحة العالمية إلى أن "المغرب الأول عربياً في ممارسة الإجهاض السري وغير الآمن".
وتعرف المنظمة الإجهاض غير الآمن بأنه "الإجراء الذي يقوم به أشخاص يفتقرون إلى المهارات اللازمة أو في بيئة لا تتفق مع الحد الأدنى من المعايير الطبية".
وظل النقاش محتدماً سنوات طويلة بين حقوقيين يطالبون بإلغاء تجريم الإجهاض باعتباره "تمييزاً ضد المرأة"، ومتشددين يرونه "حراماً وإزهاقاً لروح بشرية" بشكل مطلق، حتى أمر الملك المغربي محمد السادس، في آذار/مارس عام 2015، بتشكيل لجنة لبحث بضع قضايا حساسة، بينها "الإجهاض السري".
واشترط الملك آنذاك أن يتم التقنين في إطار "احترام تعاليم الدين الإسلامي، والتحلي بفضائل الاجتهاد، وبما يتماشى مع التطورات التي يعرفها المجتمع المغربي وتطلعاته، وبما يراعي وحدته وتماسكه وخصوصياته".
وبعد شهرين تقريباً، قدمت اللجنة توصياتها المتصلة بالسماح بالإجهاض في الحالات الثلاث المشار إليها سلفاً، وصادقت عليها الحكومة كي تبقى رهن الدراسة في البرلمان.
وباستثناء تونس البلد العربي الوحيد الذي يبيح منذ العام 1973 الإجهاض الآمن في المستشفيات الحكومية والعيادات الطبية المرخصة، بشرط ألا يزيد عمر الحمل على 3 أشهر، ومن دون أن تحتاج الأم لإبداء أسباب، تجرم بقية الدول العربية الإجهاض.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يوماوجدتي أدلة كثيرة للدفاع عن الشر وتبيانه على انه الوجه الاخر للخير لكن أين الأدلة انه فطري؟ في المثل الاخير الذي أوردته مثلا تم اختزال الشخصيات ببضع معايير اجتماعية تربط عادة بالخير أو بالشر من دون الولوج في الأسباب الاجتماعية والاقتصادية والمستوى التعليمي والثقافي والخبرات الحياتية والأحداث المهمة المؤسسة للشخصيات المذكورة لذلك الحكم من خلال تلك المعايير سطحي ولا يبرهن النقطة الأساسية في المقال.
وبالنسبة ليهوذا هناك تناقض في الطرح. اذا كان شخصية في قصة خيالية فلماذا نأخذ تفصيل انتحاره كحقيقة. ربما كان ضحية وربما كان شريرا حتى العظم ولم ينتحر إنما جاء انتحاره لحثنا على نبذ الخيانة. لا ندري...
الفكرة المفضلة عندي من هذا المقال هي تعريف الخير كرفض للشر حتى لو تسنى للشخص فعل الشر من دون عقاب وسأزيد على ذلك، حتى لو كان فعل الشر هذا يصب في مصلحته.
Mazen Marraj -
منذ يوممبدعة رهام ❤️بالتوفيق دائماً ?
Emad Abu Esamen -
منذ يومينلقد أبدعت يا رؤى فقد قرأت للتو نصاً يمثل حالة ابداع وصفي وتحليل موضوعي عميق , يلامس القلب برفق ممزوج بسلاسة في الطرح , و ربما يراه اخرون كل من زاويته و ربما كان احساسي بالنص مرتبط بكوني عشت تجربة زواج فاشل , برغم وجود حب يصعب وصفه كماً ونوعاً, بإختصار ...... ابدعت يا رؤى حد إذهالي
تامر شاهين -
منذ 3 أيامهذا الابحار الحذر في الذاكرة عميق وأكثر من نستالجيا خفيفة؟
هذه المشاهد غزيرة لكن لا تروي ولا تغلق الباب . ممتع وممتنع هذا النص لكن احتاج كقارئ ان اعرف من أنت واين أنت وهل هذه المشاهد مجاز فعلا؟ ام حصلت؟ او مختلطة؟
مستخدم مجهول -
منذ 3 أياممن المعيب نشر هذه الماده التي استطاعت فيها زيزي تزوير عدد كبير من اقتباسات الكتاب والسخرية من الشرف ،
كان عيسى يذهب إلى أي عمل "شريف"،
"أن عيسى الذي حصل على ليسانس الحقوق بمساعدة أخيه"
وبذلك قلبت معلومات وردت واضحة بالكتاب ان الشقيق الاصغر هو الذي تكفل بمساعدة اهله ومساعدة اخيه الذي اسكنه معه في غرفه مستأجره في دمشق وتكفل بمساعد ته .
.يدل ذلك ان زيزي لم تقرأ الكتاب وجاءتها المقاله جاهزه لترسلها لكم
غباءا منها أو جهات دفعتها لذلك
واذا افترضنا انها قرأت الكتاب فعدم فهمها ال لا محدود جعلها تنساق وراء تأويلات اغرقتها في مستنقع الثقافة التي تربت عليها ثقافة التهم والتوقيع على الاعترافات المنزوعه بالقوة والتعذيب
وهذه بالتأكيد مسؤولية الناشر موقع (رصيف 22) الذي عودنا على مهنية مشهودة
Kinan Ali -
منذ 3 أيامجميل جدا... كمية التفاصيل مرعبة...