ليس مستغرباً أن نسمع انتقادات لسكن الشابات أو حتى النساء بمفردهن أو مع أخريات، في مجتمع شرقي. لكن الأمر مختلف في الكويت، فـ"العزاب الذكور في سكن خاص” يمثلون بدورهم أزمة مجتمعية تؤرق المسؤولين والعائلات، وتخصص لها حملات التوعية والمداهمات وتفرض على المخالفين عقوبات وغرامات ضخمة".
وتحت عنوان "العزاب في سكن خاص: واقع ‘مؤلم‘ وحلول ‘خجولة"، ناقشت صحيفة "الراي" الكويتية، في 5 آب/أغسطس، أثر حملة توعوية أطلقتها بلدية الكويت أخيراً "حول مخاطر ظاهرة سكن العزاب في السكن الخاص التي استفحلت وباتت متوطنة في المجتمع".
"ظاهرة مستفحلة ومتوطنة"
الحملة التي أطلق عليها "اطمئن" هدفها الحد من انتشار هذه "الظاهرة"، بحسب الصحيفة التي اعتبرت أنها "تحمل في طياتها الكثير من التناقضات الحكومية والمجتمعية، والقليل من غياب الوعي"، وأصبحت "إحدى الأدوات الاستثمارية التي يلجأ إليها بعض أصحاب العقارات من دون اكتراث لخطورتها وتأثيرها السلبي في المواطنين".
ولفت المقال إلى "خطورة هذه الظاهرة على النسيج المجتمعي بإدخال مظاهر وسلوكيات غريبة حملها بعض الوافدين من بلدانهم إلى الكويت، ولا تتفق مع تقاليد مجتمعنا (الكويتي)"، مشيراً إلى "عدم وجود بيانات دقيقة حديثة حول تلك الظاهرة حتى لدى الجهات الرقابية المعنية بالتصدي لها".
وكانت بلدية الكويت أعلنت، نهاية حزيران/يونيو الماضي، اعتزامها إطلاق "اطمئن"، من 1 تموز/يوليو حتى نهاية آب/أغسطس الجاري في إطار تكثيف جهودها وحملاتها الميدانية للقضاء على هذه "الظاهرة السلبية"، مهددةً مؤجري المساكن الخاصة للعزاب بـ"قطع التيار الكهربائي حتى إجلائهم".
وحثت البلدية آنذاك المواطنين على "التبليغ فوراً" عن وجود عزاب في سكن خاص عبر الخط الساخن 139 أو عبر موقعها الإلكتروني وحساباتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وكان إجراء فصل التيار الكهربائي قد طبق في بضع حالات، تطبيقاً للقانون الرقم 125 لسنة 1992 والمتعلق بـ"حظر إسكان غير العائلات في مناطق السكن الخاص والنموذجي".
"أزمة" عمرها سنوات
بدأت "ظاهرة" سكن العزاب في مساكن خاصة في العام 1992، واستمرت في التزايد، حتى بلغ عدد هؤلاء مليوناً و200 ألف في أرجاء الكويت، بحسب تأكيد رسمي صادر في تشرين الأول/أكتوبر عام 2018.
و"السكن الخاص والنموذجي" هو مدعوم حكومياً بدءاً من الإنشاء إلى إمدادات الكهرباء والماء. ويقصر القانون سكنها على العائلات ويمنع تأجيرها لعزاب.
وكثيراً ما اتهم "العزاب في سكن خاص" بالتسبب في "اختلال التركيبة السكانية بالسكن الخاص، ورفع معدلات الجريمة" في البلاد. وترفض بعض العائلات السكن في مناطق تضم سكن عزاب. وتعد هذه المناطق "منكوبة" بسبب الربط المجتمعي بين هذه المساكن و"الأفعال المنافية للآداب".
كذلك تنظم حملات توعوية ومداهمات، يستند بعضها إلى شكاوى المواطنين، للكشف عن هذه الحالات.
"العزاب في سكن خاص" بات "آفة متوطنة في المجتمع الكويتي وتنظم الحملات التوعوية وتجرى مداهمات للحد منها"، هذا ما يقوله المسؤولون ووسائل الإعلام المحلية عن سكن العزاب متحدثين عن "مخاطرها الأخلاقية والاجتماعية والاقتصادية”. لماذا يثير سكن العزاب هذا الفزع؟
بحكم القانون الكويتي، يُحظّر عيش العزاب في سكن خاص وتراوح عقوبته بين ألف و 10 آلاف دينار كويتي (بين 3290 و 33 ألف دولار أمريكي تقريباً). لكن هنالك من يراها "عقوبات هزيلة وغير رادعة"
آثار اقتصادية عدة
عودةً إلى صحيفة "الراي"، فقد ركز المقال المنشور فيها على الآثار الاقتصادية لـ"آفة سكن العزاب في السكن الخاص"، مشدداً على أنها "كانت البوابة الواسعة التي خرجت منها ظواهر سلبية عدة، منها على سبيل المثال لا الحصر: العمالة السائبة، وصناعة الخمور، وفتح عيادات طبية من دون ترخيص، وإيواء مخالفي الإقامة، وتسهيل ممارسة الدعارة، وسرقة أدوية وزارة الصحة وبيعها من خلال تلك البيوت".
واستنكر "إفادة العزاب من بيوت السكن الخاص المدعومة حكومياً"، كاشفاً عن أثر سلبي كبير "لهذه الظاهرة على تجار العقارات وأرزاقهم بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، إذ تتراجع الأسعار في شوارع أي منطقة بنسبة 30% عن بقية شوارع المنطقة نفسها بسبب وجود العزاب فيها".
وحث التقرير على فرض "العقوبات الرادعة على ‘المستهترين"، معتبراً العقوبات والتشريعات التي تحاربها "هزيلة ودون المستوى وتفتقد الحسم وسرعة التنفيذ".
وتراوح عقوبة مخالفي قانون حظر سكن العزاب في المناطق السكنية بين ألف و 10 آلاف دينار كويتي (بين 3290 و 33 ألف دولار أمريكي تقريباً).
وكثيراً ما توفر المؤسسات الكويتية مساكن خاصة للعمال العزاب، سعياً لتفادي "آثار" إقامتهم في مناطق العائلات. وفي هذا السياق، أكدت بلدية الكويت، في 31 تموز/يوليو الماضي، حرصها على إيجاد آلية "بأسرع وقت" لإنشاء مدن سكنية للعزاب بغية الحد من وجودهم في المناطق السكنية.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...