على الرغم من تأكيد السعودية رسمياً إجراء تعديلات على قوانينها تمنح المرأة مزيداً من الحقوق وتدعم مكانتها لا سيما في ما يتعلق بالسفر بدون "محرم" واعتبارها "رباً" لأسرتها شأنها شأن الرجل، لا يزال هناك جدل بشأن "عدم سقوط الولاية بعد" واستمرار مساعي السعوديات لنيل "كامل حقوقهن".
وأكدت ناشطة سعودية، اشترطت عدم الكشف عن هويتها حفاظاً على سلامتها، لرصيف22، أن "إسقاط الولاية عن سفر المرأة خطوة كبيرة نحو الحرية والنصر، وفرصة أيضاً لهرب المضطهدات من أصفاد الأبوية".
حقوق "منقوصة"
وأضافت: "لكنه لم يوفر كل الحقوق بعد، وما زلنا نطالب بحقوق أخرى، منها إسقاط دعاوى التغيب ودعاوى العقوق، وإسقاط محدودية مجالات التوظيف وتخصصات التعليم، وإسقاط تفرد الرجل بالقضاء، وتشريع الإجهاض، وتجريم الختان، وإنهاء قضايا فتيات دور الرعاية والضيافة فوراً، وإسقاط نظام الكفالة على المقيمين (غير السعوديين) لأنها درب من دروب العبودية".
واستغربت ناشطة أخرى تقديم البعض الشكر لولي العهد السعودي باعتبار تشريع هذه التعديلات "إنجازاً" يحسب له، قائلةً "لا يشكر بن سلمان بالطبع. أولاً لأن هذه حقوق بديهية سلبتها منا الأسرة المالكة منذ عقود، ولأن عودتها في العام 2019 لا تستحق الإشادة، بل تستحق التثبت من أن هذا النظام يعيش في القرون الأولى".
"لا فضل في إعادة الحقوق"
وأردفت الناشطة نفسها التي لم ترغب في الكشف عن هويتها لوجودها داخل السعودية: "في النهاية، نعلم جميعاً أن بن سلمان لا يريد الحداثة، هو يريد مغازلة الأمريكيين، وأن يقول لهم نحن نمثل الاعتدال في مواجهة التطرف القطري"، مبينةً أنه "مهما قال بن سلمان، ومهما قرر، فسيظل هو المتحكم بمصير رفيقاتنا المعتقلات، اللواتي تعرضن للتعذيب والتحرش الجنسي داخل سجون المملكة".
ولفتت إلى أن التعديلات "لا تنهي نظام ولاية الرجل على المرأة، بل تنهي شرط إذن ولي الأمر بالسماح بالسفر واستخراج الجواز، وبعض الحقوق الأخرى، غير أن الوصاية معناها أشمل".
تعديلات لمصلحة المرأة
ومساء أمس، نشرت الصحيفة السعودية الحكومية (أم القرى) بضعة مراسيم ملكية تكشف عن تعديلات تشريعية تتضمن "منح جواز السفر لكل من يقدم طلباً بذلك من حاملي الجنسية العربية السعودية" ممن تجاوزت أعمارهم 21 عاماً بدون حاجة لإذن بالسفر.
وتمنح التعديلات السعوديات للمرة الأولى كذلك حق تسجيل المواليد وحالات الزواج والطلاق وإصدار وثائق رسمية تخص الأسرة بالإضافة إلى حق الوصاية على الأطفال القصر (دون الـ18).
كما تضمنت تعديلات تتعلق بقوانين العمل زيادة فرص العمل أمام النساء اللواتي يمثلن شريحة كبيرة من غير العاملين في السعودية.
ونص أحد القرارات على أن لكل المواطنين حق العمل "من دون أي تمييز على أساس الجنس أو الإعاقة أو السن". وشهدت الفترة الأخيرة السماح للمرأة السعودية بالعمل في وظائف كانت حكراً على الرجال مثل الشرطة.
تمكين أكبر للمرأة السعودية
وذكرت وزارة الإعلام السعودية في بيان، اليوم، أن مجلس الوزراء السعودي صادق على التعديلات، التي تأتي "امتداداً لسلسلة من الإصلاحات والمبادرات الرامية إلى تعديل وتطوير اللوائح والقوانين الحكومية بما يتماشى مع حاجات المجتمع"، في إطار جهود المملكة "لتعزيز حقوق المرأة وتمكينها، على قدم المساواة مع الرجل".
التعديلات التي تمنح المرأة الحق في السفر بدون "محرم" وإدارة شؤون أسرتها، ليست كافية لوجود "حقوق مسلوبة" و"ناشطات نسويات معتقلات"... ناشطات سعوديات يتحدثن لرصيف22 حول التعديلات القانونية الأخيرة
واعتبرت أنها تمثل "فرصة للنساء لشغل مناصب عليا في الحكومة، بما في ذلك منصب النائب أو مساعد الوزير أو السفير".
وأشادت أول سفيرة سعودية لدى الولايات المتحدة، ريما بنت بندر، بالتعديلات الأخيرة، إذ كتبت اليوم سلسلة تغريدات عبر حسابها على تويتر، منها: "يسعدني أن أؤكد أن السعودية ستسن تعديلات على قوانين العمل والقوانين المدنية بهدف رفع مكانة المرأة السعودية داخل المجتمع".
وأضافت: "هذه اللوائح الجديدة تصنع تاريخاً، إذ تدعو إلى مشاركة متساوية للمرأة والرجل في مجتمعنا. إنها خطوة شمولية تسعى إلى المساواة بين الجنسين، وما من شك أن هذا يحدث تغييراً حقيقياً في واقع المرأة السعودية".
وشددت على أن "النساء طالما لعبن دوراً أساسياً في تنمية بلدنا، وسوف يواصلن القيام بذلك على قدم المساواة مع الرجال".
واحتفت سعوديات عبر تويتر بعودة هذه الحقوق، من خلال بضعة وسوم منها #لا_ولاية_على_سفر_المرأة و#الولاية_سقطت و#إلغاء_تصريح_الزواج و#شكراً_محمد_بن سلمان.
فرحة منقوصة وتخوف
في المقابل، قالت منظمة العفو الدولية، في بيان، إن على الرياض "مواصلة الإصلاحات المهمة التي أعلنتها عبر وقف محاكمة الناشطات في مجال حقوق المرأة والإفراج الفوري وغير المشروط عن الموقوفين على خلفية نشاطهم السلمي".
وكانت صحف سعودية ودولية قد تحدثت، خلال تموز/يوليو الماضي، عن خطة سعودية لـ"تخفيف القيود على سفر المرأة".
وتعرضت السعودية أخيراً لانتقادات دولية وتدقيق في ملف حقوق الإنسان، لا سيما بعد مقتل الصحافي المعارض جمال خاشقجي في قنصلية بلاده بإسطنبول مطلع تشرين الثاني/ أكتوبر عام 2018.
وحث عدد من الدول الغربية والمنظمات الحقوقية السلطات السعودية على الإفراج عن ناشطات نسويات وحقوقيات معتقلات بسبب نشاطهن الحقوقي.
يشار إلى أن السعودية تحتل المركز 141 من بين 149 دولة في دراسة أجراها المنتدى الاقتصادي الدولي خلال العام 2018 حول الفروق بين الجنسين، انطلاقاً من مشاركة النساء في المجالات الاقتصادية والسياسية وفي الصحة والتعليم.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...