شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
حاملاً الحليب والحلوى… ابن الأربع سنوات يتوجه للتحقيق وتهمته

حاملاً الحليب والحلوى… ابن الأربع سنوات يتوجه للتحقيق وتهمته "إلقاء الحجارة" على جنود الاحتلال

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 30 يوليو 201902:45 م

صباح 30 تموز/يوليو، اصطحب ذوو الطفل الفلسطيني محمد عليان ابنهم لا إلى الروضة كما ينبغي أن يحدث مع طفل في الرابعة والنصف مثله بل إلى التحقيق. والتهمة التي جرى استدعاء محمد على أساسها: "إلقاء الحجارة"، تلك اللعبة التي ربما تكون المفضلة لمن هم في سنه، لكن ما لفت الأنظار إليه أن هدفه كان جنود الاحتلال الإسرائيلي.

ورافق عشرات المقدسيين الطفل وذويه إلى مركزٍ تابعٍ لشرطة وحرس حدود الاحتلال في شارع صلاح الدين، قبالة سور القدس التاريخي من جهة باب الساهرة.

واحتشد المرافقون لمحمد في محيط مدخل مركز التحقيق، في ظل تواجد مكثف لقوات الاحتلال التي سعت إلى تفرقتهم بالقوة، بحسب وسائل إعلامية فلسطينية.

تراجع وتهديد بالاعتقال

تحت هذا الضغط الشعبي و"خوف وبكاء" الطفل، الذي رصدته وسائل الإعلام المحلية، ألغى الاحتلال قرار استدعاء الطفل وبدأ التحقيق مع والده الذي أُخلي سبيله بعد ساعاتٍ، مع تهديده باعتقال طفله في حال ألقى الحجارة على جنود الاحتلال مجدداً.

وكان الأهل قد حاولوا التخفيف عن طفلهم الذي بدا غير مستوعب لما يحدث حوله، فمنحوه كيساً مملوءً بالحلوى يحمله وهو يسير إلى مركز الشرطة.

وفي مقطع فيديو متداول على مواقع التواصل الاجتماعي، يظهر بعض المصاحبين للطفل وهم يسخرون من سلطات الاحتلال سائلين الأهل "هل أحضرتم معه سيريلاك (طعام أطفال)؟" ليرد أحدهم: لا جبنا له حليب، وتتصاعد من ثالث عبارة "يا فضيحتها هالدولة".

وفي مقطع آخر، يحاول بعض الإعلاميين التقاط صور للطفل في طريقه إلى التحقيق، فتنبه إحدى قريباته أن "الطفل قد تأخر على التحقيق"، ليردف أحد الحضور "بلاش يتأخر بيسووا له كمان مخالفة".

استهداف "الطفولة الفلسطينية"

بدأت القصة، في 29 تموز/يوليو، حين سلمت سلطات الاحتلال أهل محمد طلب استدعائه إلى تحقيق بتهمة "إلقاء حجارة باتجاه مركبة لقوات الاحتلال خلال دخولها بلدة العيسوية" المقدسية التي ينحدر منها.

وكانت قوات الاحتلال قد اقتحمت البلدة صباح نفس اليوم، ولاحقت الطفل بعدما حاول رشقها بالحجارة، حتى ظهرت عائلته فطالبها الجنود بإحضاره في اليوم التالي للتحقيق في مركز الشرطة، عبر استدعاء رسمي.

من جهتها استهجنت "هيئة شؤون الأسرى والمحررين" الفلسطينية استدعاء الطفل. وقال رئيس الهيئة قدري أبو بكر إن إقدام سلطات الاحتلال على استدعاء الطفل يُعدّ أمراً مستنكراً ويكشف فداحة جرائم الاحتلال العلنية بحق القاصرين.

ولفت أبو بكر إلى أن "الطفولة الفلسطينية تتعرض للخطر الشديد والدائم في ظل صمت المجتمع الدولي تجاه الانتهاكات الإسرائيلية المسعورة للقانون الدولي، ولاتفاقية حقوق الطفل العالمية".

وشدد على أن استهداف سلطات الاحتلال المتصاعد للقدس والمقدسيين خلال السنوات القليلة الماضية تركز في صورة "هجمة منظمة" بحق الأطفال المقدسيين على وجه الخصوص، بهدف "تشويه مستقبل الأطفال، وتدمير واقع الشباب الفلسطيني".

بتهمة "إلقاء حجارة باتجاه مركبة لقوات الاحتلال خلال دخولها بلدة العيسوية"... تمّ استدعاء ابن الـ4 سنوات للتحقيق، وقد ظهر متوجهاً للمركز وسط متضامنين معه ومع ذويه الذين كانوا يحاولون تهدئته بالحلوى والحليب
تحت الضغط الشعبي و"خوف وبكاء" الطفل، ألغت سلطات الاحتلال قرار استدعاء الطفل محمد عليان بينما حققت مع والده مهددة إياه باعتقال طفله في حال ألقى الحجارة مجدداً...

وقال رئيس "لجنة أهالي أسرى القدس" أمجد أبو عصب، لإذاعة "صوت فلسطين" الرسمية، إن استدعاء الطفل عليان يعد "خرقاً كبيراً من قبل الاحتلال لاتفاقية حقوق الطفل التي تمنع منعاً باتاً استهداف الأطفال في هذا العمر"، لافتاً إلى أن "سلطات الاحتلال تعيش حالة تخبط وتريد أن تنتقم من بلدة العيسوية بسبب مواقف أهلها التي تنم عن الكرامة والثبات".

وتخضع العيسوية لحصار عسكري مشدد منذ أكثر من شهرين، تكررت خلالهما حملات التنكيل والانتقام من الفلسطينيين في عقوبات جماعية لم تفرّق بين طفل أو امرأة أو شيخ.

أسرى صغار

ليست هذه المرة الأولى التي يلاحق فيها جنود الاحتلال الأطفال، إذ يقبع في السجون قرابة 300 طفل فلسطيني، تتراوح أعمارهم بين 11 و17 عاماً، بحسب تقرير "منظمة العفو الدولية" لعام 2018.

وكانت تقارير حقوقية وإعلامية قد تحدثت عن حالات "تعذيب وسوء معاملة وظروف غير آدمية" في معاملة هؤلاء الأسرى القاصرين.

وأظهر مقطع متداول في نيسان/أبريل عام 2014 جنديين إسرائيليين يقبضان على طفل في السادسة لإلقائه الحجارة عليهم، غير عابئين بصراخه وتوسلاته.

وفي نيسان/أبريل عام 2016، أفرج الاحتلال عن ديما الواوي (12 عاماً) التي وُصفت بـ"أصغر أسيرة فلسطينية"، وذلك بعد شهرين ونصف من اعتقالها بحجة "حيازة سكين".

ونهاية آذار/مارس عام 2018، أفرجت إسرائيل عن عبد الرؤوف البلعاوي (13 عاماً) الذي عُرف بـ"أصغر أسير فلسطيني"، بعد أربعة أشهر من الحبس في سجن عوفر العسكري، غربي رام الله، لمشاركته في تظاهرة سلمية مع رفاق مدرسته.

وأكدت صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية، منتصف آذار/مارس الماضي، أن إسرائيل "تعتقل قرابة 1000 طفل فلسطيني كل عام، بعضهم لم يبلغ الـ13"، كاشفةً عن حالات "تعذيب وتهديد لإجبارهم على اعترافات قسرية" داخل مراكز الاحتجاز والسجون التي وصفتها بـ"الجحيم".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image