مع إعلان الأردن تطبيق نظام "المحاكمة عن بعد" باستخدام تكنولوجيا التواصل بين المتهمين في السجون والقضاة في المحاكم، بدأت تظهر مخاوف قانونية وحقوقية خاصة بالحق في المحاكمة العلنية، وضرورة استماع المتهمين للقضاة والمدعين من دون حواجز، في الوقت الذي يشير فيه المسؤولون في المملكة إلى أن الخطوة تأتي في سياق "تطوير القضاء".
ونقلت وسائل إعلام محلية عن وزير العدل الأردني بسام التلهوني، قوله أمس في 28 تموز/يوليو إن "هذه الخطوة مهمة وهي ضمن إستراتيجية تطوير القضاء في الأردن، وتندرج ضمن مشروع سيادة القانون، كما أنها ستخفف كثيراً على أطراف التقاضي".
ورحبت نقابة المحامين الأردنيين بالخطوة، لكنها حذرت من ضغوط قد يتعرض لها المتهم الموقوف، لأنه بعيد عن نظر المحكمة.
وفي 24 من الشهر الجاري، عُقدت في قاعة محكمة جنايات عمان أولى جلسات محاكمة النزلاء عن بعد باستخدام الوسائل التقنية الحديثة من خلال ربط تلفزيوني بين محكمة بداية عمان ومركز أصلاح وتأهيل الجويدة، في سابقة هي الأولى في تاريخ القضاء الأردني.
ووفق التلهوني، فإن إطلاق مشروع "المحاكمة عن بعد" في مرحلته الأولى يهدف الى تسريع إجراءات التقاضي وتقليل الوقت والجهد، بالاعتماد على التقنيات الحديثة في سماع النزلاء عن بعد، مشدداً على أن النظام الجديد "سيساعد في إجراء التقاضي لبعض من ارتكبوا الجرائم الخطرة، وقد يتسببون بمشكلات أثناء نقلهم من مراكز الإصلاح والتأهيل وإليها، إضافة إلى أنه سيؤدي إلى التخفيف على النزلاء من أعباء نقلهم الى المحاكم أو تأخرهم في الحضور الى الجلسات وتأجيل الجلسات نتيجة لذلك، عدا أنه يقلل التكلفة الناتجة من نقل النزلاء أو المحكومين من أماكن توقيفهم وإليها".
ونقلت وسائل إعلام محلية عن الحقوقية الأردنية نادين النمري قولها إن المشروع سيخدم الكثير من الضحايا، وخاصة ذوي الإعاقة والكبار في السن من مشقة الانتقال للمحكمة.
الحكومات ترى أنها تقلل من مدة التقاضي وتخفض تكاليف النقل، في حين يتخوف حقوقيون من انتقاص الحق في المحاكمة العادلة والعلنية... الأردن يبدأ تطبيق المحاكمات القضائية عن بُعد
وبرغم أن هنالك حقوقيين يرون أن المحاكمة عن بُعد قد تساعد في سرعة بت قضايا كثيرة تزخر بها المحاكم، فهم يتخوفون من أن المحاكمات بهذه الطريقة قد تنتقص من حقوق المتهمين الموقوفين إذا لم تتخذ إجراءات كفيلة بضمان عدم تعرضهم لضغوط.
وفي شباط/فبراير من العام الماضي، قالت المفكرة القانونية، وهي جمعية غير حكومية، مقرها بيروت، إن المحاكمات عن بعد لا تخلو من طرح بعض المخاطر، منها أنها قد تتحول من استثناء إلى قاعدة تشجع على التقاعس في تنفيذ الأوامر بإحضار المتهمين أو الشهود، كما أنها قد تثير إشكالات قانونية وحقوقية تتعلق أساساً بمدى مراعاتها شروط المحاكمة العادلة، التي تتطلب ضرورة توافر بضعة ضمانات، أهمها العلنية والمواجهة والشفهية والحضور.
تجارب عربية في المحاكمة عن بعد
وبحسب المفكرة القانونية، فقد كانت الجزائر أول دولة عربية توفر نظام المحاكمات عن بعد في العام 2015، مبررة الخطوة حينذاك بأن الهدف منها تسريع وتيرة المحاكمات الجزائية، لأن التقنية الحديثة تتيح إمكان الاستماع لبعض أطراف القضية الموجودين رهن الاعتقال في المؤسسات العقابية، من متهمين وشهود، خاصة في المناطق البعيدة. وقد عُممت التجربة في تشرين الأول/أكتوبر من العام 2016.
وبعد الجزائر ظهرت تجارب محاكمات عن بعد في دول أخرى مثل السعودية والإمارات بهدف تسريع وتيرة فصل الملفات العالقة بالسجناء، وتخفيف الضغط الذي يعيشه القضاة أثناء معالجتهم القضايا والاستماع للمتهمين والشهود والضحايا، ومحاولة التقليص من معدلات تأجيل الدعاوى.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...