شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

انضمّ/ ي إلى ناسك!
سياسات السلطات التركية تعزز مخاوف اللاجئين السوريين من الترحيل القسري

سياسات السلطات التركية تعزز مخاوف اللاجئين السوريين من الترحيل القسري

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

السبت 27 يوليو 201907:06 م

لم يكن ما ذكرته منظمة العفو الدولية في تقريرها الذي صدر أمس، 26 تموز/يوليو، عن أن السلطات التركية تجبر سوريين على توقيع إقرارات برغبتهم في العودة إلى سوريا طواعية ثم ترحيلهم بعد ذلك قسراً إلى هناك، هو مصدر الخوف الوحيد لملايين السوريين اللاجئين في أنحاء العالم. بات الأمر يشكل تهديداً كبيراً لا سيما مع التحولات في المواقف الدولية من النظام الحاكم في سوريا. وبالطبع، يزداد الخوف لدى هؤلاء اللاجئين عندما يفكرون في مستقبلهم داخل الأراضي السورية في ظل حكم الأسد.

"تركيا تزعم أنها تساعد السوريين على العودة إلى بلادهم طواعية، لكنها تهددهم بالحبس حتى يوافقوا على العودة"، هذه خلاصة مع يتعرض له السوريون في تركيا هذه الأيام، بحسب المسؤول في هيومن رايتس ووتش جيري سيمبسون.

في 17 تموز/يوليو الجاري، اعتقلت السلطات التركية لاجئاً سورياً من الغوطة الشرقية أثناء وجوده في إسطنبول، وأرغمته الشرطة على توقيع إقرار رسمي برغبته في العودة إلى سوريا، ثم نقلته إلى مركز احتجاز قبل ترحيله إلى إدلب في الشمال السوري.

بحسب شهادة مواطن سوري آخر من حلب، كان يعيش في غازي عنتاب جنوب شرقي تركيا منذ العام 2013، فإن الشرطة التركية اعتقلته بعدما ذهب هو وشقيقه إلى مركز للشرطة بغية الشكوى من اعتداء جنائي. أضاف اللاجئ السوري أن الشرطة نقلتهما من مركز شرطة غازي عنتاب إلى مركز ترحيل الأجانب في أوزيلي، واحتجزتهما هناك ستة أيام وأجبرتهما على توقيع إقرار ترحيل.

وقالت منظمة هيومان رايتس ووتش، التي تتخذ من مدينة نيويورك مقراً لها، إنها تواصلت مع أربعة لاجئين سوريين عبر الهاتف بعد اعتقالهم وإعادتهم قسرياً إلى داخل سوريا، فأكدوا أن الشرطة التركية أرغمتهم على توقيع نماذج العودة، ثم نقلتهم إلى مركز احتجاز قبل ترحيلهم.

كذلك تحدث لاجئون، التقتهم المنظمة، عن تعرضهم للتهديد من قبل خفر السواحل التركية في أثناء محاولتهم اللجوء إلى اليونان، حيث أجبروا كذلك على توقيع إقرارات العودة الطوعية.

ويحظر القانون الدولي إعادة أي شخص إلى مكان قد يتعرض فيه لخطر حقيقي من الاضطهاد أو التعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة أو تهديد للحياة. ويشمل ذلك طالبي اللجوء، الذين يحق لهم الفصل في دعاويهم بشكل عادل وعدم إعادتهم إلى الأماكن التي يخشون فيها الأذى.

وشهدت إسطنبول، خلال الأيام الماضية، ترحيل عشرات السوريين إلى إدلب بحجة مخالفتهم نظام الإقامة، وهذا ما أثار استياء السوريين الذين طالبوا بإعطاء اللاجئين مهلة لتصحيح أوضاعهم.

من جانبه، نفى وزير الداخلية التركي سليمان صويلو ترحيل أي لاجئ سوري إلى سوريا، وإنما سيتم إعادتهم إلى الولايات التي استخرجوا منها بطاقات الحماية الموقّتة. وأضاف أن تركيا قبضت على ألف لاجئ سوري في إسطنبول ضمن الحملة التي تشنها ضد المخالفين، مؤكداً أن غير السوريين فقط هم الذين سيرسلون إلى مراكز الترحيل، أما السوريون تحت الحماية الموقّتة، فلديهم مهلة حتى 20 آب/أغسطس المقبل من أجل العودة إلى الولايات التي استخرجوا منها البطاقة.

ليس في تركيا وحدها

ليست تركيا هي الدولة الوحيدة التي يعاني فيها السوريون، فعلى سبيل المثال في 26 نيسان/ أبريل الماضي، كشفت بضع منظمات حقوقية أن لبنان رحّل بإجراءات سريعة 16 سورياً على الأقل، بعضهم مسجلون لاجئين، عند وصولهم إلى مطار بيروت، من دون أن يحصلوا على أي فرصة فعلية لطلب اللجوء أو الاعتراض على ترحيلهم بل أُجبروا على توقيع استمارات "عودة طوعية إلى الوطن".

وكانت منظمات غير حكومية تعمل مع اللاجئين في لبنان قد أكدت أن "مديرية الأمن العام"، الجهاز المشرف على دخول الأجانب إلى لبنان وخروجهم منه، رحّلت 30 سورياً على الأقل من مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت حتى أيار/مايو الماضي.

وفي 24 أيار/مايو الماضي طالبت هيومن رايتس ووتش السلطات اللبنانية بـ "عدم ترحيل أي شخص إلى سوريا بدون أن تتيح لهم أولاً فرصة عادلة للدفاع بغية إثبات حاجتهم للحماية، وضمان عدم تعرّضهم لخطر فعلي من خلال الاضطهاد أو التعذيب أو غيرهما من ضروب الأذى"، مضيفة أنه "رغم الخطاب المتشدد الذي يدعو السوريين إلى العودة إلى وطنهم، وعمليات العودة "الطوعية" القسرية، لا يزال خطر تعرض اللاجئين العائدين إلى سوريا للأذى قائماً وكبيراً".

منظمة هيومن رايتس ووتش تتهم السلطات التركية بإجبار السوريين على توقيع إقرارات بالرغبة في العودة إلى سوريا طواعية، ثم إعادتهم بعد ذلك قسراً إلى هناك

بينهم الأردن ولبنان والإمارات... شبح الترحيل القسري لا يواجه السوريين في تركيا فقط

الأردن كذلك ليس بعيداً عن الأمر، إذ سبق أن بدأ عمليات ترحيل جماعي للاجئين سوريين، ولأسر كبيرة، وهذا ما لا يعطي السوريين فرصة حقيقية للطعن في ترحيلهم، كما لم يقيّم الأردن حاجتهم إلى الحماية الدولية، بحسب تقرير صدر في العام 2017 لهيومن رايتس ووتش.

وكشف التقرير الذي حمل عنوان "لا أعرف لماذا أعادونا..ترحيل وإبعاد الأردن للاجئين السوريين"، أنه في الأشهر الخمسة الأولى من عام 2017، رحلت السلطات الأردنية شهرياً نحو 400 لاجئ سوري مسجل.

حينذاك قالت المنظمة: "على الأردن ألا يرسل الناس إلى سوريا من دون التثبت من أنهم لن يواجهوا خطر التعذيب أو الأذى الجسيم، ودون إتاحة فرصة عادلة لهم بغية إثبات حاجتهم للحماية".

كما تحدثت تقارير إعلامية عن أن الإمارات رحّلت هي الأخرى بترحيل بعض الأسر إلى سوريا من دون أن تخبرها عن أسباب هذه الخطوة.

ماذا ينتظر اللاجئين إذا عادوا لسوريا؟

ولا تصنف المنظمات الدولية سوريا حالياً مكاناً آمناً يتيح للاجئين العودة إليه، إذ لا تزال الأوضاع الإنسانية تتفاقم حتى اليوم. وبحسب تقرير نشرته فورين بوليسي في وقت سابق، فإن من عادوا إلى سوريا أخيراً وجدوا أن الاضطهاد الذي تسبب بفرارهم لم يختفِ بعد، بعدما اختفى بعض السوريين الذين عادوا في "سجون سيئة السمعة في البلاد".

وعرض التقرير شهادات أدلى بها أقارب عدد ممن باتوا في عداد المفقودين إثر عودتهم إلى سوريا في مناطق سيطرة النظام، كما كشف التقرير عن القبض على عدة أشخاص آخرين وتجنيدهم إجبارياً أو احتياطياً في الجيش السوري.

ورأى التقرير أن سوريا كانت ولا تزال دولة بوليسية متهمة بآلاف عمليات الاحتجاز بدوافع سياسية.

وذكرت فورين بوليسي قصة شاب سوري قرر العودة إلى سوريا بعدما كان غير قادر على التغلب على العقبات البيروقراطية في الخارج، وبعد أسبوعين من عودته إلى دمشق، تم استدعاؤه للاستجواب في فرع المخابرات المحلي، ومنذ ذلك اليوم لم يظهر مرة أخرى وعلمت أسرته أنه احتجز ولا سبيل للإفراج عنه.

وأكد التقرير اختفاء عشرات الآلاف من المواطنين السوريين في المعتقلات والسجون التابعة للنظام في سوريا، مع عدم وجود سجل بمصيرهم أو مكان وجودهم منذ اندلاع الحرب في العام 2011، مضيفاً أن اللاجئين العائدين معرضون بشكل خاص لمثل هذه المعاملة القاسية، إذ شارك بعض الذين يعيشون الآن لاجئين في التظاهرات السلمية أو يشتبه في كونهم من الثوار أو ممن حملوا السلاح ضد النظام، أو من أقارب الثوار.

وتنص اتفاقية الأمم المتحدة للاجئين لعام 1951 بوضوح على أن الإعادة الإجبارية غير مسموح بها إذا كانت "الحياة أو الحرية مهددة بسبب عرقه أو دينه أو جنسيته أو عضويته في جماعة اجتماعية معينة أو رأي سياسي".


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image