سيطرت الحكومة الليبية المعترف بها دولياً، الأربعاء 26 يونيو، على بلدة غريان (100 كلم جنوب العاصمة طرابلس) في هزيمة غير متوقعة لقوات المشير خليفة حفتر إذ تضم غريان البلدة "قاعدة الإمداد الرئيسة" لقوات شرق ليبيا (قوات حفتر) في هجومها على العاصمة.
وكانت قوات شرق ليبيا (ما يعرف بالجيش الوطني الليبي) بقيادة المشير خليفة حفتر بدأت في الرابع من أبريل/نيسان الماضي هجوماً للسيطرة على طرابلس من الحكومة المعترف بها دولياً. ردت عليه حكومة الوفاق بإعلان عملية "بركان الغضب".
ومنذ بداية هجومها، لم تتمكن قوات حفتر من تجاوز الضواحي الجنوبية للعاصمة ولم يطرأ أي تغيير كبير في خطوط المواجهة منذ أسابيع.
وظلت غريان، حتى الأربعاء، القاعدة الأمامية الرئيسية للجيش الوطني الليبي إذ تصل إليها القوات والأسلحة والذخيرة من الشرق، وانطلق منها الهجوم على طرابلس.
كان هجوماً مفاجئاً
وقال شهود لرويترز إن القوات المتحالفة مع الحكومة في طرابلس، تساندها ضربات جوية، اقتحمت البلدة بعد هجوم مفاجئ فجر الأربعاء وسيطرت على غرفة العمليات الرئيسة للجيش الوطني الليبي الذي غادر البلدة في المساء. وأكدت "الأناضول" أن قوة حماية غريان (ثوار المدينة)، شنت هجوماً على قوات حفتر المتمركزة وسط المدينة، وخاضت معها حرب شوارع.
وأكد المتحدث باسم حكومة الوفاق الليبية محمد قنونو، في مؤتمر صحافي، الأربعاء، سيطرة قوات الوفاق على غريان سيطرة كاملة بعد عملية عسكرية، وتنسيق بين القادة العسكريين في جميع المحاور وسلاح الجو.
أضاف: "غنمنا عدداً من الآليات وأسرنا عدداً من قوات حفتر خلال عملية التقدم"، مردفاً "عمليات التنسيق مستمرة لتأمين المدينة".
وقال مصطفى المجعي، المتحدث باسم المركز الإعلامي لعملية بركان الغضب، لوكالة فرانس برس، إن "غريان تحت سيطرة حكومة الوفاق الكاملة"، معتبراً ذلك "انتصاراً مهماً وإستراتيجياً".
في الأثناء، صرح قائد غرفة العمليات الميدانية التابع لقوات الوفاق أحمد بوشحمة، لشبكة الرائد الليبية الخاصة، بأن قواتهم دمرت 12 آلية مسلحة، وأعطبت 4 مدرعات، وغنمت سيارة ذخيرة، وأسرت 24 من مقاتلي حفتر، وأصابت نحو 80 آخرين.
ولفت بوشحمة إلى أن قوات حفتر "أخرجت جثث قتلاها من مستشفى غريان وفرت إلى بلدة مزدة (100 كلم جنوب غريان)".
لكن محمد العماري، عضو المجلس الرئاسي المسؤول عن الحكومة في طرابلس، حذر، في بيان، من "الانجرار وراء أي أعمال انتقامية"، مناشداً "تسليم المطلوبين والمتورطين مع قوات حفتر للجهات الأمنية"، ومطالباً "أهالي مدينتي ترهونة (90 كلم جنوب شرق العاصمة طرابلس) ،والأصابعة (120 كلم عن طرابلس) بأن يحذوا حذو أهالي غريان ويطردوا قوات مقاتلي حفتر منها".
"خلايا نائمة"
في المقابل، أقر أحمد المسماري، المتحدّث باسم قوات حفتر، بسيطرة قوات حكومة الوفاق على "أجزاء من غريان"، من دون اعتراف بخسارة المدينة بأكملها.
وقال في مؤتمر صحافي من بنغازي (شرق البلاد):"بعض الخلايا النائمة حاولت زعزعة الأمن في جبل غريان وأمّنت تقدّم المجموعات الإرهابية"، مستطرداً "الموقف تحت السيطرة".
وأوضح المسماري أن "معركة غريان بدأت على فيسبوك قبل أن تبدأ في الواقع"، في إشارة ربما إلى حرب إعلامية وبروباغندا عسكرية ، مشدداً على أنها "لم تنته بعد" متحدثاً عن "خطط بديلة" لدى قواته.
ولا تزال قوات حفتر تملك خط إمداد آخر قادم من مدينة ترهونة (90 كلم جنوب شرقي طرابلس)، إلا أن قوات الوفاق تحاول السيطرة على مطار طرابلس (القديم) حالياً لقطع الإمدادات القادمة من ترهونة.
ما أهمية هذا الانتصار للوفاق؟
فضلاً عن كونها قاعدة إمدادات رئيسة لقوات حفتر، فإن غريان أكبر مدينة في الجبل الغربي من حيث عدد السكان والمساحة، وهي "معبر حيوي" لسكان الجبل الذين يتخطّى عددهم نصف مليون في طريقهم إلى العاصمة طرابلس.
كذلك تمثّل استعادة قوات حكومة الوفاق غريان "أوّل تقدّم عسكري مهمّ لها" منذ أن سيطرت قوات حفتر على المدينة في بداية هجومها على طرابلس قبل أكثر من شهرين ونصف الشهر.
ووصف طارق المجريسي الخبير السياسي ببرنامج شمال أفريقيا والشرق الأوسط في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، الحدث بأنه "تحول كبير في الوضع الراهن".
في هزيمة غير متوقعة لقوات المشير خليفة حفتر، سيطرت القوات المتحالفة مع حكومة الوفاق الليبية المعترف بها دولياً على بلدة غريان، التي تعتبر قاعدة الإمدادات الرئيسية لقوات حفتر في هجومها على العاصمة.
وأوضح لرويترز: "إذا لم يستطع حفتر استعادتها (غريان) سريعاً، وهو أمر محل شك، فإن ترهونة (قاعدة إمدادات ثانية لقوات حفتر) والوحدات الباقية للجيش الوطني الليبي ستكون أكثر انعزالاً مع ضعف الموارد وانخفاض الروح المعنوية".
ويزعم حفتر أنه يسعى لتحرير العاصمة من الفصائل الإرهابية المسؤولة عن زعزعة الاستقرار في ليبيا منذ سقوط معمر القذافي عام 2011. لكن منتقديه يتهمونه بمحاولة الاستيلاء على السلطة بالقوة وتعميق صراع بين الفصائل المتمركزة في شرق البلاد وغربها.
وتسبب هجوم حفتر بإحباط خطط قادتها الأمم المتحدة لتحقيق الاستقرار في ليبيا بعد سنوات من الصراع الذي قسم البلاد وتسبب بتراجع مستويات المعيشة.
وخلّفت المعارك 739 قتيلاً على الأقلّ وأكثر من 4 آلاف مصاب، ووصل عدد النازحين إلى 94 ألفاً، وفق تقديرات وكالات الأمم المتحدة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...