هو الحدث الذي هز الشارع المصري في الساعات الأخيرة وإن تباينت ردود الفعل بشأنه. مساء الاثنين 17 يونيو، انتشر نبأ موت الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي العياط أثناء جلسة محاكمته، آراء المصريين بشأن رحيله المفاجئ في قاعة المحكمة في ظروف لا تزال غامضة جاءت متباينة. رصيف22 جاب بعض شوارع القاهرة ليسأل المصريين عن تعليقاتهم بشأن رحيل مرسي، فجاءت التصريحات متضاربة بين شامت به ومن يرى أن النظام المصري متورط بشكل أو بآخر في موته، في حين عبّر الكثيرون عن حزنهم على "موت أول رئيس مدني منتخب ديمقراطياً عرفته مصر في تاريخها".
في مدينة 6 أكتوبر على أطراف القاهرة، وأمام كشك سجائر ومشروبات، وقف الشاب المصري أحمد أبو العلا، مصرحًا لرصيف22 أنه علم بموت مرسي من إذاعة البرنامج العام المصرية التي يستمع إليها في الكشك، عبّر أبو العلا عن حزنه الشديد على الرجل "فرغم أنه لم يحكم مصر سوى سنة واحدة فإن البلد كانت في أفضل حالاتها"، بحسب رأيه.
يؤكد أبو العلا أن الجيش لم يدعم مرسي حين كان يحكم مصر، ونشر الفوضى في البلد حتى يخرج المصريون ضده على حد قوله، ويعتبر أن شماتة البعض في موته لا تعبّر إلا عن "مجتمع أصيب بالجنون.
"منذ متى نشمت نحن في الموت؟ هل لمجرد أن الميت ينتمي لجماعة نختلف معها سياسياً (في إشارة لجماعة الإخوان المسلمين) يصبح لنا الحق في أن نشمت في موت إنسان؟ أنا مستغرب مما يحدث في مصر في السنوات الأخيرة، ملعونة الثورة التي أخرجت من الناس كل هذه القذارة وجعلتهم أقرب لوحوش منهم لبشر" يقول أبو العلا.
لكن على عكس أبو العلا، ترى أسماء عبد الرحمن، وهي محاسبة بأحد البنوك، أن الشماتة في موت مرسي أمر طبيعي، فهو من وجهة نظرها "جاسوس لقطر وتركيا وتسبب في خراب البلد طوال العام الذي حكم فيه مصر".
وتبرر عبد الرحمن موقفها بأن مقولة "لا شماتة في الموت"، هي من كلام العامة، وليست حديثاً نبوياً كما يردد الكثيرون، مضيفة أن هناك فرقاً كبيراً بين الشماتة والفرح بهلاك الظالمين والقتلة والخونة والفاسدين، على حد قولها، معتبرة أن إظهار الفرح بهلاك هؤلاء أمر طبيعي ومنطقي.
هذا الموقف يختلف تماماً مع موقف الطبيب أحمد عبد الحليم، الذي يرى أن الشخص الذي "يشمت في موت شخص مثل مرسي ويتهمه بالخيانة حتى بعد موته، ويستنكر ترحم الناس عليه رغم الظلم الذي ذاقه، وإلقائه في غياهب السجون بدون رعاية طبية، هو شخص لا تصلح مجادلته أو مناقشته".
ويؤكد عبد الحليم أن مرسي لا يستحق من الجميع الآن سوى الدعاء له بالرحمة، والدعاء على من ظلمه باللعنة.
"كان مجرماً والحمد لله أنه مات" هكذا يقول رجب فتحي، الذي يعمل موظفاً بإحدى الشركات، مضيفاً أن ما يردده الإخوان حالياً عن النهي عن سب الأموات، "أمر خاص بالأموات المؤمنين والطيبين والصالحين، الذين لم يتورطوا في سفك دماء، لافتاً إلى أن أي سفاح وظالم وخائن لبلده، يستحق أن يلعنه الناس"، على حد تعبيره.
يكمل فتحي أن الإخوان هم من "نشروا الشماتة في الموت في المجتمع المصري إذ شمتوا في كل مختلف معهم ونعتوه بأقذر الألفاظ"، مضيفاً أن بضاعتهم ردت إليهم، على حد قوله.
أما مريم، الطالبة الجامعية، فتقول لرصيف22 إن موت مرسي أمر غريب وفي توقيت أغرب، متهمة النظام المصري بالتورط في موته، وتقول إن النظام أثبت طوال السنوات الماضية أنه قادر على التنكيل بالمعارضين له، فهو ضد حقوق الإنسان بشكل كامل، وفق قولها.
وتحمل مريم الإعلام المصري المسؤولية في نشر خطاب الكراهية والشماتة في الموت، قائلة إن وسائل الإعلام لا تحترم حرمة الموت، وتستخدم خطابات غير إنسانية مع المختلفين سياسياً وتخوّنهم، وهو ما جعل مصريين يرون أن الشماتة في موت شخص لأنه يختلف سياسياً مع النظام، أمر عادي.
وبحسب مواطن مصري رفض الكشف عن اسمه فإن جماعة الإخوان تجيد صناعة البكائيات، واللطميات، مضيفاً أنها تمنح الشهادة لمن تشاء، حتى ولو كان متورطاً في دماء. وتابع أن الدعاء الذي من المفترض أن يردده كل المصريين حالياً هو أن يسلم الله أولادنا على الحدود ويسترها على الكنائس، لأنهم هم من سيدفع ثمن موت مرسي، على حد قوله، خاتماً: "ربنا يحفظ مصر اليومين الجايين".
في شوارع القاهرة، تباينت الآراء بشأن موت الرئيس الأسبق محمد مرسي، فهناك من أعلن صراحة شماتته به، فيما رأى آخرون أن النظام المصري متورط بشكل ما في موته، في حين عبّر كثيرون عن حزنهم على رحيل "أول رئيس مدني منتخب ديمقراطياً”.
وكان التلفزيون الرسمي المصري قد أعلن نبأ وفاة الرئيس الأسبق محمد مرسى، بعد ظهر الاثنين 17 يونيو، أثناء حضوره جلسة محاكمته في قضية التخابر مع منظمات وجهات أجنبية بحسب الدعوى.
وأكدت وسائل الإعلام المصرية أن مرسي (68 عاماً) طلب من قاضي المحاكمة إلقاء "كلمة"، وسمح له بذلك ثم رُفعت الجلسة عقب انتهاء كلمته وأُصيب على الفور بنوبة إغماء تُوفّي على إثرها.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...