يبدو أن الحياة الجنسيّة لإنسان الكهف كانت مفعمةً بالنشاط، فبالعودة إلى العصور القديمة عمد البشر إلى ممارسة الجنس مباشرةً بعد الاستيقاظ من النوم، والسبب يعود إلى الخوف من تعرّض الرجل للموت أثناء خروجه للصيد.
قد انهمك أسلافنا البدائيّون بالجماع في الساعات الأولى من الصباح لضمان التناسل والإنجاب، وعليه يمكن القول أن ممارسة الجنس عند الصباح مترسّخةٌ في طبيعتنا البشريّة، ومع ذلك فإن الحياة العصريّة التي نعيشها قلبت الأمور رأساً على عقب، بحيث باتت الحياة الحديثة عبارةً عن سباقٍ ماراثوني أطاح بكيفيّة ترتيب الأولويات: لم تعد ملذّات الحياة في الطليعة، إنما انصبَّ الهاجس اليومي نحو اللهاث وراء الكسب المادي، والانهماك في أعباء الحياة التي لا تنتهي، وأصبحت العمليّة الجنسيّة بالنسبة للبعض "همّاً وغمّاً" وحاجةً غير مهمّةٍ تُترك لفترة المساء، بعد الانتهاء من جميع المهام المفروضة، هذا إن بقي هناك ذرّة نشاطٍ لممارسة الجنس بشغف، وهو ما يفسّر سبب تراجع جيل الألفية عن ممارسة الجنس.
وفي حين أن البعض يفضّل الجماع في الليل طمعاً بتجربةٍ مُرضيةٍ تنسيه أعباء النهار ومشقّاته، فإن البعض الآخر يميل لممارسة الجنس عند الصباح، ليستأنف بعدها يومه بنشاطٍ وحيويّةٍ، فما هو الوقت الأنسب لممارسة الجنس؟
مفعول الجنس أقوى من الاسبريسو
ما إن يدقّ المنبه صباحاً حتى يهرع المرء للخروج من فراشه والاستعداد للذهاب إلى العمل، ولعلّ أوّل ما يفعله بعد أن يفتح عينيه الناعستين هو صبّ فنجان قهوةٍ ساخن لتزويد جسمه بالطاقة والنشاط، ولكن في حال تخلّى الإنسان المعاصر عما أنتجته المجتمعات الحديثة وعاد إلى غريزته الأساسيّة، لوجد أنه ما من شعورٍ أجمل من أن يستيقظ في الصباح وإلى جانبه شخصٌ يحبّه، يلفّ ذراعيه حول جسده ويُشعره بأنه يجسّد الحياة بكلِّ معانيها.
إن ممارسة الجنس في الصباح هي أشبه بتناول قطعة شوكولا لذيذة عند الفطور، أو احتساء قهوة الصباح على أنغام صوت فيروز، مع ما يحمله ذلك من شعورٍ بالراحة والسعادة والأمان، وفي حين أن القهوة الغنية بالكافيين تشحن الجسم بالطاقة اللازمة، فقد أكّدت الدراسات العلميّة أن ممارسة الجنس في الصباح الباكر مفيدٌ أكثر من القهوة لتحسين المزاج ولبثِّ النشاط في الجسم.
بالعودة إلى العصور القديمة عمد البشر إلى ممارسة الجنس مباشرةً بعد الاستيقاظ من النوم، والسبب يعود إلى الخوف من تعرّض الرجل للموت أثناء خروجه للصيد
فقد لاحظ العلماء أن الجماع في فترة الصباح يساهم في رفع معدّل الأدرينالين بشكلٍ يضاهي احتساء فنجان "اسبريسو مزدوج أو دوبل شوت"، فمن يحتاج القهوة إذاً، حين يكون بوسعه جني نفس الفوائد عند ممارسة الجنس مع أعزّ شخصٍ على قلبه؟
إن ممارسة الجنس في الصباح هي أشبه بتناول قطعة شوكولا لذيذة عند الفطور، أو احتساء قهوة الصباح على أنغام صوت فيروز، مع ما يحمله ذلك من شعورٍ بالراحة والسعادة والأمان
فوائد الجنس الصباحي
يعتبر صوت المنبّه من أكثر الأصوات المزعجة التي نسمعها، خاصّة وأنه يمثّل "صوت الضمير" الذي يجعل المرء على عجلةٍ من أمره، ويشعر بضرورة النهوض من الفراش للانغماس في مهامه اليوميّة، ولكن بضع دقائق من الجنس الصباحي قد تكون مثمرةً للغاية، فالجنس في الصباح يمكن أن يشعركم بالنشاط ويحسّن حالتكم المزاجيّة لبقية اليوم.
إليكم بعض المزايا والفوائد الصحيّة التي يمكن أن يجنيها المرء من الجنس الصباحي:
مزاجٌ أفضل وجهدٌ أقلّ: إثر العملية الجنسيّة يفرز الجسم العديد من الهرمونات: "الأكسيتوسين"(هرمون الحب المسؤول عن تكوين علاقات الترابط)، الدوبامين (الهرمون العصبي الذي يؤثر على الكثير من الأحاسيس) والأندورفين (هرمون السعادة) ما يُحدث فرقاً كبيراً على مزاج المرء ويجعله أكثر هدوءاً وسعادةً واسترخاءً.
إثارة أقوى: من السهل الشعور بالإثارة في الصباح أكثر من الليل، وذلك بفضل "لعبة" الهرمونات، فبالنسبة للرجل يكون معدّل التستوسترون أعلى عند الصباح، ما يزيد من الرغبة الجنسيّة ومن القدرة على الانتصاب لوقتٍ أطول، فنتحدّث هنا عن ما يسمّى morning glory أو morning wood وبالمثل، تختبر النساء معدّلاً أعلى من هرمون الأستروجين عند الصباح، ما يعزز لديهنّ الرغبة في ممارسة الجنس، وعليه فإنه من المنطقي الاستفادة من هذه الزيادة في معدّلات الهرمونات والاستمتاع بالجنس عند ساعات الصباح الأولى.
الاستغناء عن الجيم: الجنس هو شكلٌ من أشكال التمارين، بحيث يتمّ حرق حوالي 5 سعرات حرارية في الدقيقة الواحدة، بمعنى آخر، يمكن لعمليةٍ جنسيّةٍ واحدة أن تحرق حوالي 200 سعرةٍ حرارية، أي ما يعادل الجري على آلة "الترادميل" لمدة 15 دقيقة، وعليه فإن بدء اليوم بالجنس يعتبر وسيلة جيدة للشعور بالحيوية ولتمرين عضلات الجسم وخاصة القلب.
العناية بالبشرة: إن الجنس الصباحي يعتبر روتيناً جيداً للعناية بالبشرة، إذ تُظهر الأبحاث أن الجنس يجعل المرء يبدو أصغر سناً، كما أن النشوة تساعد على إفراز الأستروجين لدى النساء وهو أمرٌ مفيدٌ لبشرتهنّ، بحيث يزداد تدفّق الدم وكذلك يزيد نشاط الهرمونات المضادة للشيخوخة.
تحسين جهاز المناعة: عند ممارسة الجنس في الصباح، تزيد مستويات IgA وهي الأجسام المضادة التي تساعد في مكافحة العدوى، وعليه تعتبر "ديبي هيربنيك"، عالمة الأبحاث الأميركيّة وصاحبة كتاب Because It Feels Good أن "الجنس الصباحي يشبه تناول الفيتامينات اليوميّة، إنما بطريقةٍ ممتعةٍ".
تعزيز القدرات العقلية: الجنس يجعلكم أكثر ذكاءً بحسب ما يؤكّده العلم، لكون العملية الجنسيّة تساهم في نموِّ خلايا المخّ في الجزء المسؤول عن الذاكرة والتعلم، وبالتالي فإن الجماع الصباحي يساهم في زيادة معدّلات التركيز خلال النهار وتحسين الإنتاجيّة.
ترتيب الأولويّات: كما أشرنا في السابق، هناك فئة كبيرة من الناس تضع الجنس في أسفل الأولويات وتتركه حتى نهاية اليوم، لحين الانتهاء من جميع المهام، غير أن الضغوط اليوميّة والشعور بالإرهاق، كلّها أمور من شأنها أن تساهم في إهمال الجنس، وحتى تجنّب الانخراط في العلاقة الجنسيّة، في حين أن ممارسة الجنس في الصباح يمكن أن تساعد في الاستفادة من "خزّان الوقود" الموجود في جسم الإنسان، كما أنها تعتبر دليلاً على أن الحياة الجنسيّة مهمّة ومن الأولويات في الحياة، الأمر الذي من شأنه زيادة الحميميّة والترابط بين الشريكين.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين