يبدو أن البطلة "آني" كانت محقّةً حين زعمت في الفيلم الرومانسي "آني هال" الذي يعود تاريخه إلى العام 1977، أن تدخين الحشيش يُحسّن مزاجها لممارسة الجنس، في حين أن شريكها "وودي ألن" كان يعتبر أن هذه السيجارة تجعل العلاقة الجنسيّة تقع في فخِّ الابتذال.
في الحقيقة، غالباً ما يتمّ ربط "الماريجوانا" بالعديد من الأمور: تحسين مذاق الطعام، التخفيف من آلام الدورة الشهريّة لدى النساء، والمساهمة في خسارة الوزن، إلا أنه اتضح أن الحشيش قادر بدوره على زيادة الرغبة الجنسيّة، نظراً لكون هذه المادة من شأنها التقليل من آلام الجماع، وجعل الهزّات أكثر إشباعاً، لدى النساء اللواتي يدخنَّ الحشيش مقارنةً بغيرهنّ.
الماريجوانا والأداء الجنسي
لطالما عمل العلماءُ على دراسة الرابط بين الماريجوانا والرغبة الجنسيّة، ويبدو أنهم قد توصّلوا إلى نتائج مثيرة للاهتمام، خاصّة لدى النساء.
فقد كشفت دراسةٌ نُشرت مؤخراً في مجلّة العلوم الجنسيّة Sexual Medicine أن النساء اللواتي يستخدمن الماريجوانا بشكلٍ متكرّرٍ، سواء كان ذلك قبل ممارسة الجنس أم لا، يختبرن هزّاتَ جِمَاعٍ أكثر إشباعاً بمعدل 2.10 مرّة، مقارنةً باللواتي لا يتعاطين هذه المادة على الإطلاق.
فقد قامت هذه الدراسة، التي قادها فريقٌ من كلية الطب في جامعة "سان لويس"، بتحليل سلوك 373 شخص، ليتبّين أن 34% من هؤلاء استخدمن الماريجوانا قبل العلاقة الجنسيّة.
واللافت أنه عند الجمع بين تدخين الماريجوانا والجنس، اكتشف العلماء التأثيرَ الإيجابيَّ الذي تحمله هذه المادة وذلك لناحية: الرضا الجنسي بشكلٍ عام، زيادة الرغبة الجنسيّة والوصول إلى نشوةٍ جنسيّةٍ أقوى، هذا بالإضافة إلى مساعدة النساء على التغلّب على بعض الآلام الناتجة عن الجماع، رغم عدم استخدام مواد مزلّقة.
وفي هذا الصدد، قالت صاحبة الدراسة، البروفيسور في طب التوليد والأمراض النسائيّة "بيكي لين": "لقد لاحظت تزايد الإقدام على الماريجوانا من قبل النساء اللواتي يعانين من آلامٍ مزمنةٍ أثناء ممارسة الجنس، واللواتي يعانين من صعوبةٍ في الهزّات، أو من عدم القدرة على الوصول إلى النشوة الجنسيّة، إضافةً إلى النساء اللواتي يبحثن عن زيادة الرغبة الجنسيّة".
ومن أجل الوقوف على آراء البعض حول النتائج التي توصّلت إليها هذه الدراسة، قام موقع "فايس" بطرح إشكالية العلاقة بين الجنس والنشاط الجنسي على بعض النساء.
المثير للدهشة أن معظم النساء اللواتي شاركن في الاستطلاع، اعتبرن أن ممارسة الجنس مع الحشيش يجعل الجنس "رائعاً"، فقد تحدّثت إحدى النساء عن الماريجوانا وتأثيرها بالقول:"على الأقل لا يشبه تأثيرها الكحول، بحيث يتعيّن عليكم أن تتوقّفوا في منتصف الطريق لكي تتقيّؤوا"، وأضافت سيّدة أخرى:"لعلّ أسوأ ما يمكن أن يحدث هو أن تضحكوا في منتصف التجربة أو أن تنسوا ببساطة أنكم تمارسون الجنس"، هذا وكشفت امرأة أخرى أن مادة الماريجوانا تجعلها تشعر براحةٍ أكبر مع جسدها، ومع كيفيّة التواصل مع نفسها من دون قلقٍ أو خجل.
كسر الصور النمطيّة
هناك العديد من الصور النمطيّة التي ترافق الماريجوانا، ومن بينها أن تدخين هذه المادة يجعل المرءَ كسولاً خاصّة عند الجنس. وغالباً ما يتمّ تصوير الشخص الذي يدخّن الحشيش على أنه إنسان كسول، يلتهم الوجبات السريعة وغير قادرٍ على فعل أي شيء، بما في ذلك ممارسة الجنس.
ولكن يبدو أن النتائج الحديثة التي توصّلت إليها الأبحاثُ العلميّة جاءت لتدحض هذه الصورة النمطيّة الخاطئة، فبحسب إحدى الدراسات التي نُشرت العام الماضي، تمّ ربط استخدام الماريجوانا بزيادة وتيرة ممارسة الجنس.
لعلّ أسوأ ما يمكن أن يحدث هو أن تضحكوا في منتصف التجربة أو أن تنسوا ببساطة أنكم تمارسون الجنس
الماريجوانا قادرة على تحسين الأداء الجنسي ببساطة عن طريق خفض معدلات التوتر والقلق
بعبارةٍ أخرى، لقد تبيّن أن الأشخاص الذين تعاطوا الحشيش يوميّاً، كانوا يمارسون الجنس أكثر بنسبة 20% في فترةٍ تمتدّ لأربعة أسابيع، مقارنة بغيرهم ممن لم يتناولوا الحشيش في الفترة ذاتها.
النظريات المحتملة
على الرغم من أن مثل هذه الأبحاث لم تكشف عن الأسباب التي تقف وراء هذا التباين في النشاط الجنسي، إذ لا يزال العلماء غير قادرين على توفير إجابةٍ قاطعةٍ حول كيفيّة تأثير الحشيش على الرغبة الجنسيّة، إلا أن هناك نظرياتٌ عديدة تحاول شرح هذه النقطة.
ترجّح الدراسات أن تكون مادة الماريجوانا قادرة على تحسين الأداء الجنسي ببساطة عن طريق خفض معدلات التوتر والقلق:" قد تبطىء الإدراك الزمني للوقت، وتطيل في المقابل مشاعر الإحساس بالمتعة، كما أنها قد تزيد ثقة المرء بنفسه وتجعله أكثر استعداداً للتجربة"، هذا وقد تبيّن أن مادة الماريجوانا قادرةٌ على تعزيز الحواس الخمس: اللمس، الشم، البصر، الذوق والسمع، بالإضافة إلى المساعدة على تنشيط الناقلات العصبيّة المرتبطة بالمتعة الجنسيّة، وذلك عن طريق تعزيز الدوبامين، وهو هرمون مسؤول جزئياً عن المتعة، ما قد يفسّر الشعور بالرضا الجنسي.
من جهته، كان الدكتور "مايكل أيزنبرغ"، أستاذ مساعد في جراحة المسالك البوليّة، يقابل الكثير من المرضى في المركز الطبي في جامعة "ستانفورد" الذي يعانون من مشاكل في الأداء الجنسي.
وبهدف تحديد ماهية المشكلة، كان "أيزنبرغ" يُخضع مرضاه لقائمةٍ من الأنشطة المعتادة، وكان المرضى يسألون في الغالب عما إذا كانوا بحاجةٍ إلى التقليل من استخدام الماريجوانا.
إلا أنه من خلال أبحاثه، توصّل "ايزنبرغ" إلى بعض الحقائق المثيرة للاهتمام:" عادة، يفترض الناس أنه كلما كانوا يدخّنون الماريجوانا بشكلٍ متكرّرٍ، كلما كان ذلك أسوأ لناحية الجنس، ولكن في الواقع اتضح لنا أن العكس هو الصحيح".
وتعتبر الخبيرة بالعلاج الجنسي "أماندا باسيتشو" لموقع "سي أن أن" أن الأشخاص الذين يستخدمون الماريجوانا يمارسون الجنس أكثر من سواهم، لأنهم يكونون أكثر تحرّراً وراحةً مع أنفسهم، "إذ لا يشعرون بالقلق من أدائهم الجنسي، مقارنةً بالأشخاص الذين لا يستخدمون الحشيش"، مضيفةً أن مقداراً صغيراً من الماريجوانا قد يساعد المرء على التعبير أكثر عن رغباته وتفضيلاته في العلاقة الجنسيّة.
من جهته، لاحظ المعالج الجنسي "لورنس سيغل" أن الحشيش يشتمل على وجه الخصوص على مادةٍ محدّدةٍ تعرف ب (Cannibinoid THC) وهي تستهدف الجزء المرتبط بالإثارة الجنسيّة من الدماغ، وذلك عند الإناث على الأقل.
,أوضح "بيتر بارسوم" مؤسس شركة 1906 التي تسعى إلى جلب القِنَّبِ مرّة أخرى إلى الواجهة: "أن نظام Endocannibinoid في جسم الإنسان أساسي في تنظيم مشاعر اللذّة والألم والاسترخاء واستعادة التوازن، وحين يتمّ تفعيل هذا النظام عن طريق الحشيش، فإن هذا من شأنه أن يحفّز الشعور بالاسترخاء، مع زيادة اللذّة وتخفيف الألم"، مضيفاً أن ذلك "كفيل بزيادة الإثارة وجعل الجنس أكثر متعةً".
وفي حين أن البعض قد يعاني من زيادة القلق عند تدخين الحشيش، فإن البعض الآخر يشعر العكس تماماً، بحسب ما يؤكّده المختصُّ بعلم الجنس "نيك كاراس"، صاحب كتاب The Passionate High: A Guide to Using Cannabis For Better Sex and Creativity: "كلّ شخص لديه تركيبة فريدة من الناحية النفسيّة والجسديّة، ففي حال كنتم تبحثون عن الحشيش لتحسين نشاطكم الجنسي، فإنه يتعيّن عليكم أن تجدوا النوع الذي يناسبكم...وأنا أنصح بتجريب كميةٍ صغيرةٍ من أنواعٍ مختلفة لمعرفة ما هو الأفضل لكم".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ ساعة??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 21 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون