توفي فجر الأحد بطريرك الكنيسة المارونية السابق في لبنان الكاردينال مار نصر الله بطرس صفير عن عمر يناهز 99 عاماً بعد صراع مع المرض .
ونعى البطريرك الحالي بشارة الراعي صفير ووصفه بأنه "أيقونة الكرسي البطريركي وعميد الكنيسة المارونية وعماد الوطن" معتبراً "الكنيسة المارونية في يتم ولبنان في حزن”.
بطاقة تعريف
ولد صفير في العام 1920، وهو العام الذي أعلن فيه الجنرال الفرنسي غورو قيام دولة لبنان الكبير بحدودها الحالية.
الدور الأساسي الذي لعبه البطريرك تمثل في تاريخ لبنان اللاحق، خصوصاً في الفترة الأخيرة من الحرب اللبنانية، وما حدث بعدها من أحداث هامة لا تزال البلاد تعيش في ظل تداعياتها.
اتفاق الطائف
انتخب صفير بطريركاً للكنيسة المارونية في العام 1986، في السنوات الأخيرة للحرب اللبنانية التي شهدت معارك بين الأطراف المسيحية، وشهدت كذلك ما سُمّي بحرب التحرير التي أطلقها قائد الجيش آنذاك، الجنرال ميشال عون ضد الجيش السوري وانتهت بأن غادر إلى منفاه الاختياري لسنوات طويلة.
واختار البطريرك صفير دعم اتفاق الطائف في السعودية الذي وضع حداً للحرب في لبنان في العام 1989، لكن بعد ذلك بسنوات تحول البطريرك إلى أحد أهم منتقدي طريقة تطبيقه.
شهدت مرحلة ما بعد الطائف مباشرة ما سمّي بفترة الإحباط المسيحي في ظل غياب قيادات مسيحية بارزة أو سجنها أو تهميشها، حينذاك تحوّل مقر البطريرك الماروني، في بكركي، إلى أحد المنابر القليلة لأصوات المعارضين للنظام الذي قام آنذاك، وضد ما كان يعتبره البعض إجحافاً في التمثيل الحقيقي للمسيحيين.
لكن الدور الأهم الذي قام به البطريرك صفير، كان عقب الانسحاب الإسرائيلي من لبنان في العام 2000، حين أطلق مجلس المطارنة الموارنة برئاسته، وفي سبتمبر من العام نفسه٬ طالب البطريارك بانسحاب الجيش السوري من لبنان، وباستعادة لبنان سيادته كاملة.
هذا البيان كان الشرارة الأولى لانطلاق الدعوات للخروج السوري من لبنان وهو ما تحقق في ما بعد، إثر اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في عام 2005.
وبعد خروج الجيش السوري من لبنان في العام 2005، لم يتردد صفير في انتقاد حزب الله الذي يتزعمه حسن نصر الله بشدة لرفضه التخلي عن سلاحه، معتبراً أن الحزب يشكل "حالة شاذة" في لبنان، مشدداً على أن السلاح يجب أن يكون بيد الدولة اللبنانية فقط.
وبعد مغادرة آخر جندي سوري تراب لبنان قال صفير إن الإبقاء على الوجود السوري في لبنان “ كان نتيجة تقيد البعض بوصايتهم، ولكن النضال يجب أن يستمر من أجل قيام الدولة”.
وجه صفير نقداً لاذعاً لحزب الله وقال إن الحرب “قائمة باستمرار ما دام حزب الله يريد أن يقوم مقام الدولة، بحسب مقابلة أجرتها معه مجلة “المسيرة“.
خلف صفير بشارة بطرس الراعي البطريرك الحالي، الذي زار دمشق عام 2013، فكان أول بطريرك يزور سوريا بعد استقلال لبنان عام 1943، محاولًا إنهاء مرحلة من التوتر بين الموارنة في لبنان والنظام السوري.
وفاة البطريرك الماروني السابق نصر الله بطرس صفير عن عمر يناهز 99 عاماً. صفير يعتبر أيقونة الكنيسة المارونية والمؤسس لإنهاء الوجود السوري في لبنان، أطلق عام 2000 مجلس المطارنة الموارنة المعروف بـ“نداء الألفين”، المطالب بانسحاب الجيش السوري.
ولع بالرياضة وتقشف
عرف عن صفير تواضعه وتقشفه في نمط حياته وشغفه برياضة المشي في الطبيعة، كان متمكناً من اللغتين العربية والفرنسية كما كان يتحدث الإنكليزية.
تدهورت صحة صفير قبل أيام ما جعله يرقد في العناية الطبية المركزة في أحد مستشفيات بيروت. وفور إعلان وفاته، أمر البطريرك الحالي بشارة الراعي بـ"قرع الأجراس حزناً" عليه في جميع الكنائس عند الساعة العاشرة بتوقيت بيروت، وتخصيص صلوات يوم الأحد لراحة نفسه.
ونعى الرئيس اللبناني العماد ميشال عون إلى اللبنانيين البطريرك مار نصرالله بطرس صفير قائلاً "ستفتقده الساحة الوطنية رجلاً صلباً في دفاعه عن سيادة لبنان واستقلاله وكرامة شعبه".
وتحدث الرئيس اللبناني عن بصمات صفير المشرقة في تاريخ لبنان بقوله "بغياب البطريرك صفير تفقد الكنيسة المارونية واحداً من أبرز بطاركتها ورعاتها، كانت له بصمات مشرقة، مدبراً لشؤونها، ومحافظاً على تقاليدها وتراثها التاريخي، ومجدداً رتبها الطقسية، وساهراً على حاجات أبنائها”.
من جهته، نعى رئيس مجلس الوزراء سعد الحريري البطريرك مار نصرالله بطرس صفير بقوله: "البطريرك مار نصرالله بطرس صفير يترك صفحة مشرقة في تاريخ لبنان، سوف تبقى حيّة في ضمائر الذين عرفوه وعاصروه، وهداية للأجيال التي ستقرأ تاريخ لبنان الحديث”.
فيما نعى رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبدالأمير قبلان، في بيان الأحد البطريرك صفير قائلاً: "برحيل صاحب الغبطة الكاردينال مار نصرالله بطرس صفير الذي خسر لبنان وكل العائلات الروحية بفقده صاحب همّة عالية ورجلاً محباً لوطنه اتسمت مواقفه بالوطنية منذ عرفناه وعملنا مع إخواننا رؤساء الطوائف الروحية على غرس روح المحبة والتعاون بين اللبنانيين، فكان الراحل الكبير شريكاً في تحصين الوحدة الوطنية وترسيخ العيش المشترك وحفظ لبنان، إذ عمل بإخلاص لخدمة رعيته ودعم الحوار بين اللبنانيين".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...