يتناول الأردنيون أكلة المنسف الشهيرة في طبق يطلق عليه "السدر"، وهو طبق معدني ضخم يكفي ذبيحة بأكملها، ولأن هذا الطبق يتسبب بهدر الطعام نظراً لحجمه المبالغ فيه، أطلق بعض الأردنيين مبادرة لتناول المنسف في صحن صغير للحد من هدر الطعام وتقليص الإنفاق، وللحفاظ على ما تبقى من الطعام بشكل صحي كي يُقدم للفقراء والمحتاجين بأفضل جودة ممكنة.
والمنسف هو ثريد لحم الضأن، ميزته تتمثل في طبخ اللحم مع لبن الجميد وبرغل أو أرز ويوضع على خبز الشراك وهو خبز رقيق يحضر على الصاج ويعتبر طبق الأردن الأشهر.
مبادرة أكل المنسف في صحن جاءت تحت اسم "منسف بالصحن"، انطلقت لأول مرة في مدينة السلط الأردنية المعروفة بطابعها العشائري، شارك فيها وزراء وأعيان وبرلمانيون ورؤساء بلديات وحزبيون ومتقاعدون وشيوخ.
ونقل موقع فضائية الحرة الأمريكية عن منسقي المبادرة، قولهم إن الخطوة التي ينادون بها ستنعكس إيجاباً على جيب المواطن في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها الأردن.
لكن فيما أشاد كثيرون بالمبادرة وأهميتها الصحية والاقتصادية، رفضها آخرون وقالوا إنهم ضد أن يقترب أحد من "قدسية" طبقهم المفضل.
وفي سياق متصل، أصدر تجمع خاص بشباب مدينة السلط بياناً عبروا فيه عن رفضهم للمبادرة، معتبرين أنها تمس الإرث التاريخي المتوارث عن الأجداد.
شباب المدينة قالوا في بيانهم: "لن نقبل يوماً أن يكتب في التاريخ الذي يشهد له القاصي والداني أن السلط أول من أطعم ضيفه المناسف بالملعقة والصحن".
وأضاف البيان أن شباب التجمع صمتوا كثيراً على هذا الأمر، مضيفاً أنه ليس من حق أصحاب المبادرة أن يبددوا تاريخ المدينة بهدف الاستعراض الإعلامي. وقال البيان: "مبادرات صحون تستعرضون بها اِسعوا لتشغيل أبناء مدينتكم وحافظوا على هذا التاريخ والعراقة والأصالة لمدينة عمرها تجاوز 1500 عام".
"السلط تزهو برجالها وشبابها وليس بصحونها وكاساتها (أكوابها)”، هكذا ختم الشباب بيانهم الغاضب.
ويعتبر المنسف الطعام القومي للأردن ووجهها التراثي وجزءًا لا يتجزأ من هويتها، ويتكون من اللبن الحامض المجفف (الجميد) يطبخ فيه لحم الضأن، ويضاف المزيج إلى قاعدة من الأرز المائل للصفرة، والذي يرزح تحت ضغطه رغيف شديد الرقة من خبز (الشراك). جميعها تكون مشربة نسبياً باللبن.
رمز الأصالة وجزء لا يتجزأ من التقاليد الأردنية.. “ المنسف”، يطالب البعض اليوم بتناوله في أطباق صغيرة بدلاً من أكله في طبق "السدر" المعدني الضخم. لماذا يطالبون بذلك؟ ولماذا تسببت مبادرتهم بخلاف شديد في الأردن؟
يعتبر المنسف الجامع المشترك للأردنيين، يجهز عند قدوم مولود وفي الأعراس وفي عيد الأضحى وعيد الفطر وعند الترحيب بالضيف، فهو عنوان الكرم. هناك أصول لتناول المنسف إذ يؤكل باليد اليمنى مع وضع اليد اليسرى خلف الظهر وإسناد الظهر.
الأردن موطن المنسف
يقول باحثون إن بداية المنسف الأولى أردنية بحتة، وتذكر روايات أن أصل المنسف الأردني كان بلا أرز لأن الأردن بلد لا يزرع الأرز وكان يستخدم بدلاً منه البرغل المعروف بالجريشة، وهو القمح المسلوق بالماء والمجروش بعد تجفيفه والمطحون على الطاحونة اليدوية.
ويعتبر المنسف الجامع المشترك في مناسبات الأردنيين المختلفة، يجهز عند قدوم مولود وفي الأعراس وفي عيد الأضحى وعيد الفطر وعند الترحيب بالضيف، فهو عنوان الكرم. وهناك أصول لتناول المنسف إذ يؤكل باليد اليمنى مع وضع اليد اليسرى خلف الظهر وإسناد الظهر في حين يكون الرأس مرفوعاً، ويعود عدم استخدام اليد اليسرى إلى الآداب الاسلامية.
ويقدم المنسف الأصلي في سدر من الألمنيوم ويوضع الأرز المطبوخ بالسمن البلدي على شكل تلة فوق الخبز المعروف باسم الشراك، ثم يوضع اللحم المطبوخ بالجميد حول الرأس الذي يكون في وسط السدر والمزين بالبقدونس الأخضر، ويرش المنسف باللوز والصنوبر واللحم الناعم المقلي، ويصب السمن البلدي عليه من باب إكرام الضيف، لارتفاع ثمنه.
وغالباً ما يصيب المنسف من يأكلونه بحالة من الخمول. وهذا ما يجعل الكثيرين يلجؤون للنوم بعد أكله. ربما لهذا السبب كانت القهوة واجباً مرافقاً له.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ 4 أيامتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه
بلال -
منذ 4 أيامحلو
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 5 أيامالمؤرخ والكاتب يوڤال هراري يجيب عن نفس السؤال في خاتمة مقالك ويحذر من الذكاء الاصطناعي بوصفه الها...
HA NA -
منذ أسبوعمع الأسف
Mohammed Liswi -
منذ اسبوعينأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.