شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
صعقة كهربائية تنهي حياة شاعر مغربي

صعقة كهربائية تنهي حياة شاعر مغربي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 25 أبريل 201902:43 م

 رحَل رئيس رابطة أدباء الشمال الشاعر والروائي المغربي محسن أخريف الأحد الماضي فور تعرّضه لصعقةٍ كهربائيةٍ أثناء مسكه الميكروفون خلال مُشاركته في فعاليات الدورة الـ 21 من عيد الكتاب في تطوان شمال المغرب مساء الأحد. الصعقة حدثت بسبب تبلل السجاد الذي وقف عليه الراحل حين همّ بمسك المصدح في خيمةٍ لم تكن مُجهزّة ضد الأمطار.

نبأ وفاته عن عُمر ناهز الـ 40 عاماً شكّل صدمة للوسط الثقافي والعربي بسبب إهمال الجهة المُنظمة للفعالية، مُطالبين بتعويض عائلة أخريف الذي رحل مُحتفياً بعيد الكتاب، تاركاً وراءه زوجة وطفلاً صغيراً. ولقى الشاعر مصرعه لحظة تسلّمه الميكروفون من الكاتبة المغربية فضيلة الوزاني التهامي وسط ذهول الحاضرين.

ودعا الكاتب والمترجم المغربي خالد الريسوني إلى "تمتيع أسرة الراحل براتبه كاملاً"، باعتبار أن أخريف الذي كان يعمل أستاذاً بإحدى الثانويات التأهيلية بمديرية التعليم بتطوان أيضاً كان يُقدّم خدمة للوطن والثقافة الوطنية والشعب المغربي.

وتساءل الريسوني عن مصير العائلة التي كان أخريف مُعيلها الأول، قائلاً: وبعد العزاء والجنازة، ماذا ستقدم وزارة الثقافة المغربية، المنظم الأول حالياً لعيد الكتاب، وشركاؤها عمالة إقليم تطوان وبلدية تطوان، وحتى وزارة التربية الوطنية التي كان يشتغل فيها الفقيد؟

وأكد أن "بال المثقفين والكتاب والشعراء لن يرتاح" قبل أن تنال الأسرة الرعاية الكاملة من قبل الدولة "باعتبارها المسؤول الأول عن حيوات الناس الذين يقدمون خدمات جليلة للوطن"، على حد قوله، في حين اكتفت وزارة الثقافة المغربية بتقديم العزاء لأسرة وأصدقاء الفقيد من دون أن تُشير إلى إمكانية تعويض عائلته حتى اللحظة.

وحمّلت جمعية الكرامة للدفاع عن حقوق الإنسان بتطوان مسؤولية رحيل الشاعر أمام الجمهور الحاضر لجميع الجهات الإدارية المسؤولة عن تنظيم الفعالية، قائلةً في رسالة وجهتها إلى الوكيل العام للملك لدى محكمة الاستئناف الأربعاء أن رئيس جماعة تطوان، محمد إدعمار، هو "المعني المباشر بتنظيم الأماكن العمومية للتجمهر وضمان سلامة المواطنين والصحة العمومية".

وطالبت الجمعية بفتح تحقيق في وفاة الراحل معتبرة أنّها "كانت نتيجة تقصير السّاهرين على هذا المعرض" و"إخلالاً بالواجب المهنيّ ما يستدعي المحاسبة".

وكان عبد الجليل الوزاني، الكاتب العام لرابطة أدباء الشمال، وأحد الشركاء المُساهمين في تنظيم فعاليات الدورة الـ21 لعيد الكتاب، قد أعلن أن فاجعة وفاة أخريف "تجعل دورة هذه السنة تسدل ستارها قبل أوانها (16-23 أبريل)".

أضاف "هذا أقل ما يمكن أن نقوم به إزاء هذا المصاب الجلل الذي أصاب أسرة الأدباء والشعراء، مخلفاً حالة دهشة وعدم تصديق لفقدان إحدى الركائز الكبرى لعيد الكتاب بتطوان". ولفت إلى أن الساحة الأدبية فقدت رجلاً "حركياً ضحّى دوماً لأجل الأدب والأدباء، وأعطاه ما لم يعط حتى أسرته الصغيرة".


توفي الشاعر والروائي المغربي محسن أخريف فور تعرّضه لصعقةٍ كهربائيةٍ أثناء مسكه الميكروفون خلال مُشاركته في فعاليات الدورة الـ 21 من عيد الكتاب في تطوان.

حدث كل شيء بسرعة

وأعربت الكاتبة المغربية فضيلة الوزاني التهامي التي كانت تُدير الحوار مع أخريف عن حُزنها موضحةً تفاصيل الحادثة بقولها: "كنت أدير الجلسة، وكان الميكروفون بيدي وكنا على وشك الانتهاء، فوجئت بالشاعر محسن أخريف يتقدم بسرعة ليمنع متطفلاً من إفساد اللقاء، تناول الميكروفون وقبل أن يسلمه، تجمد ثم سقط على ظهره فوق السجاد المبلل يصارع الموت."

تابعت "مر كل شيء بسرعة، ولم نكن نعرف أن الموت كان يطوف حول خيمتنا، ينتظر من يخطو فوق الماء ليضمه إليه".

يقول الشاعر المغربي إدريس علوش، صديق الشاعر والروائي الراحل لموقع دويتشه فيله إن "سياسة التقشف التي يعاني منها القطاع الثقافي في المغرب هي التي قتلت محسن"، لافتاً إلى أن التجهيزات لم توفّر شروط السلامة لعدم جودتها.

وعلى عكس جميع الروايات، يقول علّوش "الميكروفون في حد ذاته لم يكن مكهرباً، لكن محسن وقف فوق سجاد مبلل، كان تحته على ما يبدو سلك أو أسلاك عارية."

وكان الراحل قد طالب "السلطات المحلية بتخصيص خيمة لائقة بعيد الكتاب تأخذ بعين الاعتبار التغيرات المناخية التي تعرفها تطوان خلال هذه الفترة من السنة"، وفقاً لما قاله الصحافي بالإذاعة الوطنية عبد الحميد العزوزي الذي استضاف أخريف قبل أيام قليلة من رحيله.

أضاف العزوزي "تعددت أسباب الموت، ولكن أن تموت صعقاً بالكهرباء في خيمة كتاب مخصصة للعموم، فهذا أمر خطير للغاية، وعلى المعنيين أن يتحملوا المسؤولية في جهلهم لثقافة الأخطار".

نبذة عن الراحل

وُلد الشاعر والروائي الراحل محسن أخريف في مدينة العرائش ودرس في جامعة عبد المالك السعدي في تطوان ونال درجة الدكتوراه في أدب الرحلة وتحقيق التراث عام 2015 عن أطروحته "الرحلة الناصرية الصغرى، لمحمد بن عبد السلام بن عبد الله ابن ناصر الدرعي".

صدرت لأخريف أربع مجموعات شعرية: "ترانيم للرحيل" (2001)، و"حصانان خاسران" (2009) نال عليها جائزة القناة الثانية الوطنية، و"ترويض الأحلام الجامحة" (2012)، و"مفترق الوجود" (2019) التي تأمل فيها الحياة مُعتبراً إياها حفلة تنكرية كبيرة وصاخبة يقوم فيها كلّ بدوره.

في هذه المجموعة الشعرية، عدّد خساراته وخيباته كفرد ضمن هزائم الجماعة، مُشيراً إلى أنه محكوم على الإنسان السقوط الأبدي من على شجرة الحياة.

ولأخريف رواية "شرك الهوى" (2013) التي يتحدّث فيها عن علاقات "الإنترنت" المحكوم عليها بالفشل، والخالية من المشاعر الحقيقية المبنية على الصدق والتواصل الملموس والحوار المكشوف بالنسبة إليه، وقصة بعنوان "حلم غفوة" (2017) التي تتمحور حول أزمة الإنسان الذي يستشعر اللاجدوى من وجوده إذ لا يجد له معنى متحققاً.

وحصل أخريف على عشرات الجوائز والتكريمات، منها الرتبة الثالثة لجائزة دبي الثقافية للإبداع وجائزة ناجي نعمان الأدبية اللبنانية وجائزة اتحاد كتاب المغرب.

وبعد رحيله المُفاجئ، تداول مُحبوه قصيدة من ديوانه "ترانيم للرحيل" وكأنه يتنبأ فيها برحيله:

لَيْسَ ثَمَّةَ ماَ أُخْفِيهِ

لِهَذاَ سَأَلْقَى المَوْتَ فِي شاَرِعٍ فَسِيحٍ،

سَأَلْقاهُ بِلاَ أَسْرارٍ،

وَبِلاَ أَعْطَابٍ فِي النَّفْسِ،

تَحْتاجُ إِلَى إِصْلاَحٍ فِي الأَنْفاسِ الأَخِيرَةِ مِنَ الْعُمْر.

لَيْسَ لَدَيَّ ماَ أَخْجَلُ مِنْهُ،

طِوالَ العُمُرِ، وَأَناَ أَبْحَثُ عَنْ أَسْباَبِ الْفَرَح.

بَحَثْتُ عَنْهاَ كَماَ تَبْحَثُ النَّارُ

عَنْ قَشَّةٍ صَغِيرَةٍ حِينَ تَنْتَهِي مِنْ الْتِهَامِ الغاَبَةِ.

لَيْسَ لَدَيَّ ماَ أُخْفِيهِ.

قَلْبِي عَلِيلٍ،

وَلاَ يَقْوَى عَلَى التَّمَلُّقِ.

وَدِمائِي صاَفِيَةٌ

لاَ تَسْبَحُ بِهاَ كُرَيَّاتُ الكَذِبِ.

لِهَذاَ بَقِيتُ طِوالَ العُمُرِ

فِي الأَسْفَلِ،

أُمْسِكُ السُّلَّمَ كَيْ لاَ يَسْقُطَ بِمُرْتَقِيهِ.

فَقِيرٌ بِلاَ قَطِيعٍ،

أَمْضَيْتُ عُمْرِي أَهُشُّ بِعَصايَ

عَلَى غَيْمِ الشِّعْرِ،

أُجَمِّعُهُ، ثُمَّ أَنْثُرُه.

أَلِهَذاَ ياَ صاَحِبِي تَرَى،

أَنِّي أَسْتَحِقُّ حَياَةً أُخْرَى،

شَرْطَ أَنْ تَكُونَ مُعَدَّلَةً،

مُنَقَّحَةً مِنَ الأَلَمِ،

وَمَزِيدَةً مِنَ الْفَرَح.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard