بعد ساعاتٍ من تظاهرات معارضة لقراراته الانتقالية، تضمنت تحدي الآلاف لحظر التجوال الليلي، وعد المجلس العسكري في السودان بأن الحكومة الجديدة ستكون "مدنية تماماً"، مشدداً على أنه لم ينقلب على الرئيس المخلوع عمر البشير وإنما استجاب للرغبة الشعبية.
والخميس، أعلن الجيش "اقتلاع النظام والتحفظ على رأسه في مكان آمن"، وتشكيل مجلس عسكري، برئاسة وزير الدفاع عوض محمد أحمد بن عوف، لتسيير شؤون البلاد خلال فترة انتقالية تمتد عامين. بجانب فرض حظر التجوال من العاشرة مساءً حتى الرابعة فجراً لمدة ثلاثة أشهر، وتعطيل الدستور، بعد 16 أسبوعاً من التظاهرات الشعبية ضد نظام البشير (75 عاماً).
رفض وتحدٍ
ورفض آلاف السودانيين إعلان الجيش واعتبروه مخيباً للآمال. وبينما شكك بعضهم في نية المجلس الاستيلاء على السلطة، أكد آخرون أنه "جزء من النظام" الذي ثاروا ضده. ودعا تجمع المهنيين المدنيين السودانيين المنظم للتظاهرات منذ انطلاقها في ديسمبر/كانون الأول الماضي، لاستمرار التظاهرات والاعتصام أمام مقر وزارة الدفاع حتى تنحي المجلس.
وفي تحدٍ واضح لإجراءات المجلس، بقي بضعة آلاف من المحتجين أمام مجمع وزارة الدفاع وفي مناطق أخرى من الخرطوم خلال ساعات حظر التجول. واستمروا في الهتاف: "شالو حرامي وجابوا حرامي، تسقط بس، تسقط تاني". و"ثورة، ثورة". وظلت العديد من المتاجر والمحال مفتوحة أيضاً. كما اعتصم آلاف المتظاهرين، الجمعة، خارج وزارة الدفاع للمطالبة بحكومة مدنية.
أكد المجلس العسكري في السودان أنه "غير طامع في السلطة"، واعداً بحكومة مدنية تماماً وحوار مع مختلف الكيانات السياسية، فيما بدا محاولة لتهدئة المتظاهرين الرافضين بيان الجيش وإجراءاته الانتقالية.
طالبت بضع منظمات أممية السلطات الانتقالية في السودان بتسليم الرئيس المخلوع عمر البشير المطلوب في جرائم بشعة، لكن رد المجلس العسكري جاء سريعاً بالرفض، إذ قال "نحن عساكر، نحاسبه. لكن لا نسلمه للخارج".
مؤتمر صحافي للتهدئة
وفيما بدا محاولةً لتهدئة المتظاهرين الغاضبين، لفت المجلس، في مؤتمر صحافي عقد في العاصمة الخرطوم، ظهر الجمعة، على لسان رئيس اللجنة العسكرية السياسية في المجلس عمر زين العابدين، إلى أنهم "غير طامعين في السلطة. وإنما مهمتهم حفظ استقرار البلاد وحماية المتظاهرين".
كما تعهد زين العابدين ألا يتدخل المجلس في عمل الحكومة المدنية، مشيراً إلى أنه سيحتفظ بوزارتي الداخلية والدفاع فقط، موضحاً أن المجلس لا يملك حلولاً للأزمة السياسية وإنما تأتي الحلول من المتظاهرين، مردفاً " جئنا لترتيب التداول بشكل سلمي وحفظ استقرار بلادنا فقط".
أضاف: " فترة المجلس العسكري تمتد عامين. هذا هو الحد الأقصى، لكن إذا تمت إدارة الأمر دون فوضى يمكن أن ينتهي أمد المجلس"، مشيراً إلى أنهم سيديرون "حواراً مع كل الكيانات السياسية لتهيئة المناخ السياسي".
وكشف المتحدث باسم المجلس أن اللجنة الأمنية ستكشف عن أسماء رموز النظام التي اعتقلت أو ستعتقل، مشدداً على أن مطلقي النار على المتظاهرين سيقدمون إلى القضاء.
هل يُسلّم السودان البشير؟
وفور إعلان الجيش السودان الانقلاب عليه، طالبت منظمة العفو الدولية، الخميس، "السلطات السودانية بتسليم عمر البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية".
كما دعا مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان السودان، الجمعة، إلى التعاون مع المحكمة الجنائية الدولية والامتثال لمذكرة الاعتقال الصادرة بحق الرئيس المخلوع.
لكن الرد جاء سريعاً، وبالرفض، إذ أعلن المجلس العسكري الانتقالي الذي تسلم السلطة في السودان في مؤتمره الصحافي، الذي عقد ظهر الجمعة، أنه لن يسلم البشير إلى "الخارج".
وقال زين العابدين، رداً على سؤال بهذا الشأن: "نحن كمجلس عسكري لن نسلّم الرئيس في فترتنا إلى الخارج"، مستطرداً "نحن عساكر، نحاكمه بحسب قيمنا. نحاكمه، لكن لا نسلمه". وأوضح زين العابدين أن البشير "متحفظ عليه الآن"، من دون تفاصيل إضافية عن مكان وجوده.
جدير بالذكر أن الولايات المتحدة تدرج اسم رئيس المجلس العسكري، بن عوف، على قوائم العقوبات لتورطه في الجرائم التي ارتكبت في دارفور، حيث كان رئيس المخابرات العسكرية آنذاك، ما يعده مراقبون أحد أهم أسباب رفض تسليم البشير.
والبشير مطلوب بموجب مذكرتي توقيف صادرتين عن المحكمة الجنائية الدولية بتهم ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية وإبادة جماعية في دارفور في غرب السودان.
تحرك دولي ومناشدات
بالتزامن، ناقش مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، في اجتماع مغلق الجمعة، مستجدات الوضع في السودان بدعوة من الولايات المتحدة وعدة دول أوربية.
وناشد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "الجميع التحلي بالهدوء وبأقصى درجات ضبط النفس"، مطالباً بانتقال سلمي للسلطة. في حين أدان الاتحاد الأفريقي تولي الجيش السلطة، معتبراً أن ذلك لا يمثل "استجابة مناسبة" لتطلعات الشعب.
وكانت خارجية الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حثت على "تداول ديمقراطي سريع" للسلطة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...