أطاح الجيش السوداني الرئيسَ عمر البشير الخميس، بعد أربعة أشهر من الحراك الشعبي المستمر مُنهياً حكمه الذي بدأ قبل ثلاثين عاماً. وتلا وزير الدفاع السوداني عوض بن عوف البيان رقم واحد، معلناً: “أُعلن أنا وزير الدفاع اقتلاعَ النظام والتحفظ على رأسه (عمر البشير) بعد اعتقاله في مكان آمن”. كما أَعلن بن عوف تعطيل العمل بالدستور وتشكيل مجلس عسكري لفترة انتقالية لعامين وحلّ الرئاسة ومجلس الوزراء والبرلمان ومجلس الولايات وحظر التجوال. وقال وزير الدفاع إن نظام البشير كان يعاند و”يردد الوعود الكاذبة ويصر على المعالجة الأمنية” للتظاهرات. واعتذر عن سقوط قتلى في الحراك، مترحما على من قضوا فيه.
لا للانقلاب العسكري
وفي أول رد على بيان وزير الدفاع، أعلن تجمع المهنيين السودانيين رفضه الانقلاب عسكري طالباً من الجماهير البقاء في الشوارع. وأعلنت وكالة الأنباء السودانية أن جهاز الأمن والمخابرات أطلقت سراح جميع المعتقلين في كل جهات البلاد.
وفجر الخميس، أعلنت مصادر إعلامية أن قادة القوات المسلحة أبلغت البشير أنه ما عاد رئيساً للبلاد، فيما بث التلفزيون الرسمي تنبيها “بيان مهم من الجيش بعد قليل”. تأخر البيان 8 ساعات وسط حديث عن محاولة حرس الرئيس إحباط التغيير لكن تمت السيطرة عليه من قبل قوات الجيش تقول بعض المصادر.
ودخل ضباط الجيش السوداني فجر الخميس مبنى الإذاعة الرسمية في الخرطوم ثم داهموا بعد ساعات مقر الحركة الإسلامية التي يتزعمها البشير. وانتشرت العربات العسكرية على الجسور والطرقات الرئيسية منذ ساعات الفجر الأولى وأُغلق مطار الخرطوم ومُنعت الطائرات من الإقلاع مخافة هروب بعض رموز النظام.
وتداولت مصادر إعلامية أنباء اعتقال الرقيب عبد الرحيم محمد حسين أحد المقربين من البشير وهو وزير الدفاع السابق وعلي عثمان محمد طه نائب البشير السابق وأحمد هارون رئيس الحزب الحاكم حزب المؤتمر الوطني.
المحتجون باقون في الشارع
وتوافد الآلاف على شوارع الخرطوم قبل إعلان بيان الجيش الأول وحمل المئات أطفالهم على الأكتاف هاتفين “سقطت” في إشارة إلى سقوط عمر البشير بعد أن كان أول شعار يُرفع في الاحتجاجات "تسقط بس”. وطالب تجمع المهنيين السودانيين المعتصمين بالالتزام بالبقاء في الشارع والتجمهر أمام مقر قيادة الجيش العام حيث مقر عمر البشير الذي يقطن بيتاً يسمى “بيت الضيافة”.
ويأتي تدخل الجيش لحسم الموقف، بعد مضي أربعة أشهر على انطلاق الحراك في السودان، ولم يتخذ الجيش طيلة تلك الفترة أي موقف مناصر للمتظاهرين، لكن تغييراً فجائياً طرأ صباح الاثنين حين تدخل الجيش لحماية المتظاهرين المطالبين بإسقاط البشير من قوات الأمن، في تحول لافت وغير مسبوق. وبعد ذلك بيوم واحد أعلن الأمن بدوره أنه يدعم المتظاهرين بعد أن كان يسدد رصاصه إلى صدور عدد منهم وقتل بالفعل العشرات خلال الأشهر الماضية وألقى عبوات الغاز المسيل على المتظاهرين مراراً كان آخرها يوم الاثنين.
وانتشرت آنذاك قوات الجيش أم مقر القيادة العامة الذي يضم مقري قيادة الجيش وإقامة البشير بالإضافة إلى وزارة الدفاع.
أطاح الجيش السوداني الرئيسَ عمر البشير بعد أربعة أشهر من الحراك الشعبي مُنهياً حكمه الذي بدأ قبل ثلاثين عاماً. وتلا وزيرُ الدفاع البيانَ رقم 1 مُعلناً: "اقتلعنا رأس النظام".
مواقف خارجية..وتحذيرات
أول عاصمة علقت على نبأ إطاحة البشير كانت موسكو حيث اعتبر رئيس لجنة العلاقات الدولية في البرلمان الروسي بأن تغيير السلطة خارج الإطار الدستوري أمر غير مقبول وقال إن ما يحدث “انقلاب عسكري”. لكن الكرملين أصدر بيانا بعد ذلك يعتبر فيه ما يحدث في السودان “شأناً داخلياً”.
موسكو كانت تدعم البشير وكانت وراء زيارته إلى دمشق ديسمبر الماضي للقاء بشار الأسد، وكسر اللقاء بين الرجلين عزلة الأسد آنذاك.
فيما دعت المفوضية الأوروبية إلى تجنب العنف وإطلاق إصلاحات اقتصادية وسياسية.
المسيرة التي غيّرت مجرى الأحداث
كانت مسيرة السبت الماضي 6 أبريل مسيرة حاسمة في تاريخ الحراك في السودان إذ كانت أكبر مسيرة منذ بداية
الاحتجاجات في الذكرى الـ 43 لثورة 6 أبريل/نيسان 1985 التي أطاحت نظام الرئيس جعفر النميري واعتبرت الأكبر منذ بدء التظاهرات الشعبية.
نجح المحتجون يومها في الوصول إلى مقر وزارة الدفاع لأول مرة. واعتصم الآلاف منهم أمام المجمع الذي يضم مقر قيادة الجيش ووزارة الدفاع ومقر إقامة البشير داعين الجيش لدعم مطالبهم وترجيح كفتهم.
قبل ذلك اليوم، فشلت محاولات المتظاهرين للوصول إلى القصر الرئاسي حين بدأ الحراك وكانت قوات الأمن تقمع المحتجين بالغاز المسيل للدموع وإطلاق الرصاص في الهواء قاطعة عنهم الطريق. وأكد منظمو "موكب 6 أبريل" أنه كان يهدف إلى "تخيير الجيش بين الوقوف إلى جانب شعبه أو الديكتاتور” قائلين إنهم يأملون في أن يتخذ الجيش موقفاً من أجل الشعب.
تحديات بوجه الحراك
أمام السودان الآن تحديات كبرى أولها انقضاض الجيش على مطالب المتظاهرين بتنصيب مجلس عسكري سيحكم البلاد عامين في مرحلة انتقالية. انقلاب عسكري يطيح حكماً جاء بانقلاب عسكري هذا السيناريو الأكثر حرجا للشعب السوداني. إلى جانب ظهور الدولة العميقة أي الدولة داخل الدولة التي تتحكم بمصير البلاد. ويقول بعض المحتجين إن ثورتهم مهددة بثورة مضادة تماما مثلما حدث في ثورات عربية أخرى.
ويطالب بعضهم بانتقال السلطة إلى حكومة انتقالية مدنية لكن السلطة آلت إلى يد الجيش الآن.
عمر البشير في أسطر
ولد عمر حسن أحمد البشير في حوش بانقا عام 1944 وهي قرية صغيرة تقع شمال السودان تنتمي إلي قبيلة البديرية الدهمشية. نفذ البشير انقلاباً عسكرياً على حكومة الصادق المهدي عام 1989 وتولى منصب رئيس مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني. لا أولاد للبشير المتزوج من سيدتين الثانية هي أرملة إبراهيم شمس الدين، الذي كان وزير الدفاع وقتل في تحطم طائرة مع 15 من قيادات الجيش.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmad Tanany -
منذ يومينتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 4 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ 6 أيامأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه