شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!

"جنة هبة".. حياة سعيدة وآمنة للقطط في ملجأ‎

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 1 أبريل 201903:12 م

"جنة هبة".. حياة سعيدة وآمنة للقطط في ملجأ‎

استمع-ـي إلى المقال هنا
Read in English:

Heba’s heaven: the shelter saving Hebron’s cats

تعيش الحيوانات، في بعض البلدان العربية حياة صعبة، وكثيراً ما يتمّ الاعتداء عليها، خاصة إذا كانت بلا مأوى، حيث يكون الشارع بيتها؛ الأمر الذي يجعلها معرضة لمخاطر الموت بسبب تلوّث الطعام أو التعرض لحادثة تصيبها بعاهات أو تؤدي إلى موتها.

في 2008 قابلت هبة جنيدي (25 عامًا)، قطتها "ليلي"، ومن حينها تغيّرت حياتها، حيث أنها تشبعت بمشاعر حبّ وإخلاص، وبدأت مساعدة القطط في شوارع الضفة الغربية، في فلسطين، لتوفير حياة كريمة وسعيدة لها. توضح هبة: "قابلنا قطّتنا الأولى منذ 12 عامًا، ومنذ ذلك الوقت نقوم بتربية القطط والاعتناء بها".

أنشأت هبة ملجأ بمساعدة والدتها منذ عامين، ويُدار الملجأ كليّاً بواسطتهما، لتوفير حياة سعيدة لقططِ الشوارع، وذلك نتيجة المعاناة الكبيرة للحيوانات في شوارع الضفة الغربية، حيث إن الدافع الأساسي لإنشاء الملجأ هو أن يكون مكاناً آمناً ومريحاً للقطط. تقول هبة: "أنشأتُ الملجأ في حديقة المنزل، حيث كانت مجرّد حديقة منزلية عادية ومهملة، وقد تمّ تحويلها بالتدريج إلى ملجأ للقطط، وخصّصتُ فيه مكاناً للطعام والشراب واللهو". وتضيف هبة أن ملجأها يوفر "حياة سعيدة للقطط".

وعن الصعاب التي مرّت بها هبة، تقول لرصيف22، إنها خسرت الكثير من القطط خلال السنوات الماضية، وتوضح: "حصل ذلك من خلال التسميم نتيجة القسوة تجاه الحيوانات في مجتمعنا. والبعض الآخر خسرناه بسبب المرض وانعدام الخبرة والأمانة البيطرية في مدينتنا وغالبية المدن الفلسطينية. وبالرغم من جميع الصعوبات، أحاول إنشاء جنّة رائعة للحيوانات في الضفة الغربية، إنها مسؤولية كبيرة وخاصّة مع عدم وجود فريق لمساعدتي وهناك الكثير من الأمور الخارجة عن سيطرتي".


47 قطة في جنة هبة

تعتني هبة بـ47 قطة حالياً، ويتسع الملجأ لـ60 قطة. وإن الأولوية في الملجأ لقطط الشارع المريضة، حيث إنها الأكثر حاجة للعلاج والمكان الآمن. ثم تأتي الأولوية لقطط الشارع التي لا مأوى لها ولا أحد يعتني بها. تقول مؤسسة الملجأ: "يتواصل معنا بعض الناس عن قطط قد وجدوها في منطقتهم، ويتمّ استقبال القطة بناءً على تقييم الحالة الصحية لها".

تضيف: "جميع القطط تستحقّ حياة سعيدة، ولكن للاسف ليس بإمكاننا تبنّيها جميعاً، ولذلك فإن الأولوية للقطط المريضة. ونتمنى لو كان بإمكاننا إنقاذ المزيد منهم".

"جميع القطط تستحقّ حياة سعيدة، وليس بإمكاننا تبنّيها جميعاً، ونتمنى إنقاذ المزيد".

درستْ هبة جرافيك ديزاين في جامعة النجاح الوطنية، ومهتمة بالتصوير الفوتوغرافي، وهو ما يساعدها كثيراً في إبراز الحياة الجديدة للقطط في ملجأها من خلال الصور التي تنشرها على صفحتها على فيسبوك.


يوم استثنائي مع القطط

تصل إلى الملجأ الكثير من الرسائل من أصحاب القطط الذين يرغبون بالتخلي عن قططهم لعدم قدرتهم على الاعتناء بها والرغبة بالتخلّص منها لأسباب عديدة، إلا أن هبة ترفض ذلك الأمر، حتى لا تشجّع التخلّي عن القطط، وتقول: "يحاول الكثير من الناس إلقاء مسؤولية قططهم على عاتقنا، ظنّاً منهم أن الأمر في غاية السهولة، ويؤسفنا أن نرى عدداً كبيراً من الناس يرغبون بالتخلّص من القطط التي عاشت معهم، وتعوّدت على وجودهم في حياتها".

علاقة الإنسان مع الحيوان تقام بعيدة عن مشاعر الحقد والشرّ والغضب، حيث إنها لن تقوم على تلبية حاجة ما، وهذا ما سيجده من يعتني بحيوان سواء قطة أو كلب أو غير ذلك، وهذا ما تشعر به هبة منذ بداية يومها، تقول: "علاقتي مع القطط استثنائية، حيث إنني اعتبرها أطفالي. وهناك الكثير من المواقف الطريفة التي تحدث يوميا في الملجأ أثناء تمضية الوقت معها؛ أجملها تلك المواقف التي تحدث عند إطعامها، حيث تبدأ جميعها بالركض بسرعة وعشوائية حول أقدامي، لدرجة أنني أتأثر بها أحياناً، ثمّ تسبقني القطط إلى أواني الطعام الخاصة بها".

القتل المقنّن!

تتعرّض الكلاب والقطط في الشوارع إلى القتل من قبل الجهات البيطرية في المحليات، إما بوضع طعام مسمّم أو بطلقات نارية، وتلك أكبر المشاكل التي تواجه هبة خلال مساعدتها للقطط؛ تشرح: "تقوم سياسة تعامل البلديات مع الحيوانات في الضفة الغربية بتسميم الحيوانات في الشوارع، وغالباً ما يكون ذلك بمساعدة مؤسسات بيطرية حكومية؛ الأمر الذي يجعلنا نستغرب كلياً من هذا التصرف الصادر من أشخاص من المفترض أن يكونوا أكثر الناس إنسانية ورحمة، وتؤدّي هذه الحملات إلى قتل الكلاب والقطط بأبشع الطرق".

تتعرّض الكلاب والقطط في الشوارع إلى القتل، إما على يد الجهات البيطرية أو الجيران سكان الحي.

لا يوجد قانون في فلسطين، يمنع التسميم والعنف تجاه الحيوان، وبالتالي إمكانية المواطنين العاديين على تسميم الحيوانات تكون متاحة، تقول هبة: "المواطنون يضعون السمّ لحيوانات الشوارع، ومن جانب آخر، يقوم الجيران بتسميم العديد من الكلاب والقطط بما فيها قطط وكلاب كنّا نعتني بها يومياً".


لعلّ ثقافة احترام حقوق الحيوان التي يفتقدها البعض هو السبب الرئيسي في قتل وإعاقة عدد كبير من الحيوانات؛ تحكي هبة تجربتها: "يؤسفنا طريقة التعامل العنيفة في مجتمعنا مع الحيوانات بشكل عام، حيث تقوم الغالبية بالتعامل بشكل سلبيّ معها، مع وجود عدد قليل من محبّي الحيوانات الذين يعاملونها برفقٍ ورحمة. وهذه القلّة من محبّي الحيوانات تقوم بدعمنا وتشجيعنا معنوياً. ونتمنى أن نكون قادرين على تغيير الثقافة العامة تجاه الحيوانات بالنسبة لباقي الناس ممّن يتعاملون بقسوة وعنف معها".

وقد دعم أهلُ هبة فكرةَ إنشائها الملجأَ، حيث إن عائلتها تحبّ الحيوانات، ويمتلك الكثير من أعضائها القطط والكلاب، كما أن والدتها ساعدتها في إنشاء الملجأ وما زالت تدعمها حتى هذه اللحظة.

رحلة إلى المعبر لشراء الطعام والعيادة

لا تتوفر خدمات بيطرية جيدة في الضفة الغربية، وبالتحديد في مدينة الخليل، وهي المدينة التي يتواجد فيها الملجأ، حيث كانت لدى هبة تجارب سيئة عدّة مع الأطباء البيطريين خلال السنوات الماضية، والكثير من القطط ماتت نتيجة عدم الخبرة لدى البياطرة المحليّين، حيث إن أغلبهم يتعامل مع الحيوانات من منظورٍ تجاريّ وليس إنساني، وبالتالي يحصرون اهتمامهم بحيوانات المزارع التي يتمّ التعامل معها كبضاعةٍ وليس كأرواح.

ونتيجة لذلك، اضطرّت هبة في كثير من الأحيان إلى نقل القطط إلى عيادات في تل أبيب لعلاجها، تقول: "حالياً نعالج القطط بأنفسنا، ونستشير طبيباً بيطرياً خاصّاً، وهو طبيب من مدينة باقة الغربية، وليس من الضفة الغربية. يقوم هذا الطبيب كذلك بزيارة الملجأ بين الحين والأخر، لإجراء عمليات التعقيم".

يجهز الملجأ حالياً عيادة بيطرية خاصة، حيث سيتم تجهيزها بمعدّات وأدوية أساسية حتى تقدر هبة على توفير رعاية أفضل للقطط المريضة. وسيكون التعاون مشتركاً بين الملجأ وطبيبٍ خاص، حيث يعالج هو الحالات الصعبة، وتتكفل هبة برعاية الحالات البسيطة وإعطاء التطعيم والعلاج الأساسي لها.

بعد جذب قطط الشارع إلى ملجأ هبة، يكون بعضها مصاباً بأمراضٍ نتيجة العيش في بيئة حاضنة للفيروسات وسهلة لنقل العدوى فيما بينها؛ تقول هبة إن أصعب الأمراض التي تصيب القطط وأكثرها شيوعاً هي البارفو (طاعون القطط)، ويتسبب هذا المرض بموت القطّ غالباً، وخاصة في حال لا يتلقى القط التطعيمات الأساسية، ولا تتلقى أيَّ اهتمام طبّي أو تطعيمات ضدّ المرض، وقد واجهنا هذا المرض مرّات عديدة سابقاً، وكانت تلك من أصعب التجارب خلال سنوات تربيتنا للقطط".

وعن نقل تجربة هبة إلى أماكن أو بلدان أخرى، تقول إنه من المؤكد ألّا يقف طموحنا عند هذا الحدّ، فما زال أمامنا الكثير لنفعله حتى نُحدِث التغيير الذي نتمنّاه. وتشمل تطلعاتنا توسيع مجال عملنا إلى مناطق وبلدان أخرى، حيث نرغب بإنشاء ملاجئ للقطط والكلاب في عدّة بلدان، وبالرغم من صعوبة تحقيق ذلك وخاصةً من الناحية المادية إلا أنه ليس بمستحيل، ولربما سيكون بإمكاننا تغيير واقع الحيوانات في الكثير من الأماكن التي تتعرّض فيها لشتّى أنواع القسوة.

دعم معنويّ ومادّي من الأجانب

لا تتوفر نوعيات طعام القطط المناسبة للملجأ في الضفة الغربية بشكل عام، حيث إن غالبية الحوانيت توفّر منتجاتٍ ذات جودة منخفضة، وهناك بعض المتاجر التي توفّر نوعيات محددة من المنتجات عالية الجودة لكنها باهظة الثمن وغير اقتصادية بالنسبة إلى ملجأ هبة.

في البدايات كانت تتعاون هبة مع بعض محالّ الطعام المحلية للحصول على بواقي اللحوم وطبخها للقطط، ولكن مع الوقت بدأ أصحاب المحال الانسحاب وعدم التعاون لعدم اكتراثِهم بالموضوع.

تقوم هبة بشراء طعام القطط الخاص من تل أبيب، حيث تتوفّر جميع المنتجات التي تحتاجها بمختلف الأسعار والأحجام والأنواع، وتواجه صعوبة في الحصول عليها حيث أنه لا يسمح للفلسطينيين الدخول إلى تل أبيب إلا بتصريح، ولذلك تضطرّ لاستلام طعام القطط من خلال المعبر (الحاجز).

"أغلب مصاريف وتكاليف الملجأ بما فيها الطعام نقوم بتحمّلها من مالنا الخاص"، هكذا تقول هبة، حيث إنها تستلم أحياناً بعض التبرعات، وكانت غالبيتها من الأجانب إذ أن أغلب من يدعمها معنوياً ومادياً هم محبو الحيوانات في الدول الأخرى، مع وجود فئة قليلة من الداعمين العرب، وتوضح هبة: "يكلّفنا طعام القطط حوالي 500 دولاراً شهرياً، ويزيد المبلغ مع زيادة عدد القطط التي نتبناها".

وتضيف: "بالنسبة لزواج القطط، تجرى عمليات تعقيم للذكور للسيطرة على العدد والحفاظ على صحّة القطّ، وبما أن عملية التعقيم للقطّ الذكر أسهل من الأنثى ولا تحتاج لمعدّات خاصة، فإننا نقتصر ذلك حالياً على الذكور فقط".

هل يتوسّع الملجأ؟

وفي سياق متصل، سمعت هبة أخباراً عن مشروع قانون في مصر لتصدير الكلاب والقطط وهو ما أثار استيائها بشدة، قائلة: "يؤسفنا أن مصر التي تمتلك حضارة فرعونية تقدّس القطط تحديداً تصل إلى هذه المرحلة من القسوة تجاه الحيوان، وتفكر في تصديرها، وتملك سجلّاً مشيناً لحقوق الحيوانات، بدلاً من توفير أماكن خاصة لإطعامها أو ملاجئ لإيوائها، أو على الأقل سنّ قوانين لعدم أذيتها، مع كامل احترامنا لإنسانية ورحمة من وقفوا في وجه هذا القانون غير الحضاريّ".

"يؤسفنا أن مصر التي تمتلك حضارة فرعونية تقدّس القطط تحديداً تصل إلى هذه المرحلة من القسوة تجاه الحيوان"

الحيوانات جميعها مهمة بالنسبة إلى هبة، وجميعها يستحق العيش بأمان وسعادة، لكن للأسف ليس بإمكانها ضمّ الكلاب إلى الملجأ حالياً، حيث إن إنقاذ الكلاب والاعتناء بها يحتاج إلى إمكانيات أكبر، وتوضح: "بالرغم من أننا قمنا بإنقاذ بعض الكلاب سابقاً، إلا أن ملجأنا ليس جاهزاً لإنقاذ المزيد منهم".

تسعى هبة لإنشاء ملجأ خاصّ بالكلاب في المستقبل القريب عندما تسمح إمكانياتها بذلك، وخاصة أن الكلاب في مجتمعاتنا تتعرّض لأسوأ أنواع المعاملة القاسية، وهي بحاجة ماسّة لمكان يأويها ويعطيها الحبّ والرعاية. وتضيف أن الهدف من إنشاء الملجأ هو حماية الحيوان سواءً أكان كلباً أم قطة أم أيَّ حيوان آخر، ونتمنى أن نكون قادرين على تحقيق هذا الهدف قريباً.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image