مع اندلاع التظاهُرات الرَّافضة للعُهدة الخامسة للرئيس الجزائري الحالي، عبد العزيز بوتفليقة، منذ 22 فبراير الماضي، أعاد الجزائريون تداوُل جزء من آخر كلمة نطقها الرئيس بكامل صِحَّته في مدينة سطيف، قبل عام من تعرّضه لِسَكتة دماغية في 2013، إذ أوضَحَ أنَّ "جيلي طاب جناني"، والتي تَعني بالجزائريَّة "هرمَ أو تعبَ"،في إيحاء بضرورة تسليم السلطة للأجيال الجديدة.
لكن الرئيس "طاب جنانو" بعد مرور عامين، رغم تدهور صِحَّته المستمر، وتعرّضه لسكتة قلبية في أبريل 2013 ألزمتُه الكرسي المُتحرّك، لم يُسلّم السلطة، وترشَّح لعُهدة رابعة في 2014، ثُمَّ عُهدة خامسة خلال العام الجاري، قبل أن يُعلن تأجيل الانتخابات.
عدم التزام الرئيس بوتفليقة بوعده بتسليم السلطة، وضعه في مرمى سهام منتقديه الذين أطلقوا عليه لقب "طاب جنانو". لاقى هذا اللقب انتشاراً واسعاً، من صور ساخرة إلى صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي.
بوتفليقة "طاب جنانو"
قصيدة أخرى تحت عنوان "طاب جناني" تتهكّم من الرئيس الجزائري، جاء فيها:"طاب جناني يا حناني، طاب جناني والكرسي غواني، طاب جناني وحب السلطة رشاني".
"النعجة"، "الدب الداشر"، "بلحة"، "المومياء"، "طاب جنانو"، "الملك الحسّاس"...ألقاب ساخرة ابتدعتها الشعوب العربية للتعبير عن غضبهم من "زعماء" أحبطوا تطلعاتهم للعدالة والحرية، تعرّفوا على أبرزها.
بوتفليقة ليس القائد الوحيد الذي سُخر منه، والجزائريون ليسوا الوحيدين الذين تندَّروا على "زعيمهم"، فكُلَّما زاد القمع، وغَلق المجال السياسي، وتَفَاقُم الفشل الاقتصادي، أصبحَت الألقاب،والسُّخرية،والنّكات إحدى الوسائل الجماعية البارعة للتعبير عن الإحباط والسخط.
"بلحة" ولعبة "بيضان السيسي"
النُّكتة والسُّخرية من بين الوسائل التي لَجَأ إليها المصريوُّن للنَّيل، مَعنوياً على الأقلّ، من حُكَّامهم المُستبدِّين عبر العُصُور، وبعد 3 سنوات من ثورة 25 يناير، والإطاحة بحكم حسني مبارك الاستبدادي الذي دام 30 عاماً، لم يكن يتخيَّل المصريون أن يتكرَّر سيناريو القمع بصورة أفظع مع مجيء الرئيس الحالي، عبد الفتاح السيسي، بعد خلعه البدلة العسكرية.
وفي مواجهة القمع، والسياسات التي غلقت المجال السياسي، وألقت بمعظم المعارضين في السُّجون أو نَفَتهم خارج البلاد، وجد الكثير من المصريين في التسميات السَّاخِرة مٌبتغَاهم للتعبير عن موقِفِهِم تُجاه الرجل القويّ في مصر.
وكما الحال في الجزائر، تعدّى هذا اللّقب الصور على مواقع التواصل، والسُّخرية في الشَّارع، ليصل إلى الأغاني، إذ أطلق المُغَنِّي رامي عصام أغنية في فبراير 2018، يسخر فيها من السيسي، تحت عنوان "يا حلوة يا بلحة يا مَقَمَّعة"، تلك الأغنية التي قادت إلى اعتقال مؤلّفها، جلال البحيري، وإدانته أمام محكمة عسكرية بتُهمَة "إهانة المُؤَسَّسَة العسكريّة"، وحَكَمَت عليه بالسجن 3 سنوات.
لم يتوقف التندّر على السيسي عند هذا الحدّ، فمع زيادة المُلاحقة الأمنية تُجاه المُتَنَدِّرين به، لجأ معارضوه إلى اختلاق أسماء جديدة، منها "البلبيسي" الذي أطلقه محمد قنديل في برنامج "أخ كبير" الساخر على يوتيوب، و"طبيب الفلاسفة"، في إشارة ساخرة إلى وصف أطلقه السيسي على نفسه خلال مؤتمر في ألمانيا في يونيه 2015.
إلى جانب التسميات، أطلق المصريون العديد من النكات على السيسي، مُتصيَّدين تصريحاته الغريبة، كما تحوَّلت إلى مصدر للتندّر الاجتماعي فيما بينهم.
ولفتت هذه السخرية الرئيس السيسي نفسه، الذي قال عقب تَنَدُّر المصريين من انتقاده للسّمنة، قائلاً: "لمَّا اتكلمت في موضوع السّمنة طلع كمّية نكت فوق الخيال في موضوع الوزن الزيادة، ومعرفش هيطلعوا نكت أيه النهاردة؟ مش ممكن المصريين"، وفي كلمة أخرى انتقد النزعة السياسية الساخرة للشعب: "المصريون طلعوا نكت على بلدهم بعد هزيمة 67".
هذه اللعبة أعاد المصريون تسميتها ساخرين: "بيضان السيسي".
نشر نشطاء فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي وهم يلعبون بالكرتين، وآخر لطفل نشر فيديو يشرح أفضل طريقة للعب بـ"بيضان السيسي"، تسمح بإخراج أفضل صوت للارتطام.
ونشر نشطاء فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي وهم يلعبون بالكرتين، وآخر لطفل نشر فيديو يشرح أفضل طريقة للعب بـ"بيضان السيسي"، تسمح بإخراج أفضل صوت للارتطام.
لكن هذه اللعبة التقليدية لم تضحك السلطات في مصر التي شنّت حملة مشددة لملاحقة التجار والمستوردين لها. واعتقلت الشرطة المصرية في بداية نوفمبر 2017، 41 تاجراً للعبة، مؤكدة التصدي بكل حزم لتجار هذه اللعبة المسيئة للرئيس، وفقاً لبيان من مديرية أمن الجيزة.
"المَلِك الحسَّاس"
وزعمت الصحيفة أنّه في العاصمة المغربية تدور شائعات حول هذا الغياب، وروّجت لشائعة تقول أنَّ مِثلية ملك المغرب هي السَّبب المُحتمَل للخِلاف داخل الأسرة الملكية، ولاقى هذا التقرير انتشاراً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، وذلك عقب فيديو الفَنَّان المغربي، البشير اسكيرج، الذي انتشر في 14 نوفمبر الماضي، زَعَم فيه أنّ الملك محمد السادس مِثلي، بطريقة تحمل عدائية وإدانة للمثلية نفسها.
ويحمل الفيديو كما المُسمى "الملك الحساس" نزعة رُهاب المِثلِيّة "هوموفوبيا"، وهي حالة تعاني منها بعض شرائح المجتمع المغربي بسبب سيطرة الاتجاه المحافظ الديني، في هذا السياق فتح التقرير والفيديو باباً للسُّخرية والتندُّر على المَلِك المغربي الذي يُروّج لنفسه مستغلّا النزعة الدينية المحافظة باعتباره "أمير المؤمنين"، وَدَفَعت البعض لِإطلاق لَقَب "الملك الحسَّاس".
"أمير المؤمنين ساكن المدينة المنورة"
السُّخرية تأخذ طابعاً مختلفاً في غزَّة، هكذا حدَّث رصيف22 م.أ كاتب صحفي مقيم في غزة؛ فالحصار الذي يعيشه القطاع تسبّب في انقطاع الكهرباء عن المنازل لمُدَد تَراوَح بين 18 و20 ساعة يومياً، وشكَّل ضغطاً كبيراً على حياة الناس، وبينما يُغطي بيوت الناس ظلاماً دامساً، يتجلّى من بعيد منزل مُضيء، لا تنقطع الكهرباء أبداً عنه، إذا سألتم عنه سيجيبكم سُكَّان البيوت المُظلِمة: إنَّه بيت "أمير المؤمنين الذي يسكن المدينة المنورة".يتجلّى من بعيد منزل مُضيء، لا تنقطع الكهرباء عنه أبداً، إذا سألتم عنه سيجيبكم سُكَّان البيوت المُظلِمة: إنَّه بيت "أمير المؤمنين الذي يسكن المدينة المنورة".
في الوقت الذي يسخر فيه فلسطينيو الضفة الغربية من "الرئيس المُحنَّك"، في إشارة إلى محمود عباس، رئيس السُّلطة الفلسطينية، للسخرية من سياساته ومواقفه السياسية بتحريف هذا اللقب الرمزي الذي اكتسبه عقب توليه السلطة خليفة لياسر عرفات في 2004-2005، ابتدع فلسطينيو القطاع لقب "أمير المؤمنين الذي يسكن المدينة المنورة" لإسماعيل هنية، رئيس المكتب السياسي لحركة حماس التي تحكم غزة.
"الدُّبّ الدَّاشِر" و"أبو مِنشَار"
شكَّلت القرارات السياسية المثيرة للجدل التي اتخذها محمد بن سلمان منذ صعوده، بداية من تغيير نظام الحكم داخل الأسرة الملكية، ثمّ إعلان الحرب ضد الحوثيين في اليمن، وتلاه تصدّره لحملة مقاطعة قطر، ثمَّ احتجاز الكثير من الأمراء ورجال الأعمال في فندق ريتز كارلتون، ممّا أثار جدلاً واسعاً في السعودية والشرق الأوسط، إذ لجأ الكثير من معارضي سياسته إلى إطلاق لقب "الدُّب الدَّاشِر"، أي الدُّب الذي يتصرَّف على هواه، والأهوج كوصمة على القرارات السياسية التي يتبنّاها. هذا اللقب أضحى هو المُستخدَم ضدّ بن سلمان أيضاً داخل الأسرة الملكية في السعودية إلى جانب لقب "ولد العجمية"، بحسب تغريدة للمغرّد السعودي الشهير المعروف باسم "مجتهد" في مارس 2017.
"الدب الداشر" أصبح أيضا لقباً لبن سلمان في صحف الدول المعارضة لسياسته، وبعض المدونين، ومستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي.
أمَّا القتل المريع للصحفي والسياسي السعودي، جمال خاشقجي، بداية أكتوبر عام 2018، فقد أضاف إلى بن سلمان - المشتبه الأبرز بالوقوف خلف هذه الجريمة- لقباً جديداً، وهو "أبو منشار"، في إشارة إلى طريقة القتل التي واجهها الصحفي، بحسب ما ذكرت وسائل إعلام بأنه تم تقطيع عظامه باستخدام منشار.
"المومياء"
فجَّر وصول الرئيس التونسي الحالي، الباجي قائد السبسي، للحكم كثيراً من القصص والنَّوادر التي تبدو وكأنَّها قادمة من حِكَايَات "ألف لَيلَة وَليلة"، إذ يُحكى أنَّ جدّ والد الرئيس الباجي كان مملوكاً، اختطفه قراصنة من جزيرة "سردينيا"، قبل اتخاذه ربيباً في قصور ولاة تونس أو البايات كما كان يُطلَق عليهم في القرن التاسع عشر، ليتدرَّج في العمل حتى يُعيَّن كـ "قائد السبسي"، أي المسؤول عن توفير وتحضير التبغ والكِيف لـ"الباي"، وأَورَث هذا الاسم لعائلته فيما بعد.
ويتندَّر التونسيون، لا سيَّما المعارضون، من هذا اللقب الموروث للرئيس الحالي.
إلى جانب هذه القصّة، يتندَّر التونسيون أيضاً من كهولة الرئيس الباجي، إذ يُلقِّبه البعض بـ"المومياء"، وأخرون باسم "ولي من أولياء الله الصالحين"، في إشارة إلى عمره، لكن هفوة من لسان وزير الخارجية الفرنسي السابق، مانويل فالس في ديسمبر 2016، أضافت تسمية أكثر فظاعة، وفَجَّرت سخرية ضد الرئيس على مواقع التواصل الاجتماعي، حينما ناداه فالس باسم "زبي" (وتعني العضو الذكري في اللهجة التونسية) بدلاً من السبسي.
"النَّعجَة"
مع اندلاع الثورة السورية في مارس 2011، كان أمام المعارضين إسقاط صورة الرمز المتمثلة في الرئيس السوري، بشار الأسد، من أجل دفع المواطنين للنزول إلى الشوارع وكسر حاجز الخوف. ولتحقيق هذا الهدف، لجأ المعارضون لاستخدم لقب "بشَّار النَّعجة"، بدلاً مِن الأسد، إذ تدور شائعات بشأن أصل لقب الأسد للعائلة الحاكمة في سوريا، وتحكي بعض الشائعات أنّ جمال عبد الناصر، هو من مَنَح حافظ "النَّعجة" لقب "الأَسَد"."الكيزان"
"الدين بحر ونحن كيزانه"، لم يعرف الإخوان المسلمون في السودان أنَّ هذه الجملة سوف تُثير السُّخرية في تظاهرات باتت تُهدِّد حكم عمر البشير الذين يشكلون جزءا منه. فخلال المظاهرات الواسعة التي تشهدها السودان منذ 19 ديسمبر الماضي، تصدّر التندُّر من النظام لافتات وشعارات المتظاهرين، واحتلَّ لفظ "كيزان" قلب السخرية من النظام الذي يقبع على قلوب السودانيين منذ عام 1989.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Mohammed Liswi -
منذ يومأبدعت بكل المقال والخاتمة أكثر من رائعة.
Eslam Abuelgasim (اسلام ابوالقاسم) -
منذ يومحمدالله على السلامة يا أستاذة
سلامة قلبك ❤️ و سلامة معدتك
و سلامك الداخلي ??
مستخدم مجهول -
منذ 3 أياممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ 4 أيامفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ 4 أيامعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ 4 أيامtester.whitebeard@gmail.com