رواية تدخل عالمي التصوف والموسيقى، بحثاً عن الصلات المشتركة بينهما في قالب درامي مشوق
"ستفتك به هذه الفتاة، بحبه وبحثه ووكالته، كما فتكت بيقينه قبل أيام..." رواية "أمطار صيفية"يمثّل قطبي هذا الصراع الشيخ "ذاكر" القائم على أعمال الوكالة ووريث طريقتها، وفتاة ألمانية مصرية تدعى "زينة" نكتشف مع مرور السرد أنها ابنته السرية التي أنجبها حين كان يعيش في ألمانيا قبل أن يعود إلى مصر وينضم إلى الطريقة ويتزوج من جديد. وسيكون "يوسف" الشاب الذي يحاول الشيخ توريثه عهدة الوكالة، والذي تعلق قلبه بحب "رحمة" ابنته، هو من ستدرك "زينة" أنها لن تستطيع تحقيق غايتها إلا من خلاله، فتسعى إلى تشكيكه في وجود "الموصليّ"، وفي الأصل التاريخي للطريقة المتبعة في المكان. وما بين هذه الصراعات وصراعات أخرى داخلية تعيشها شخوص الرواية يضيء الكاتب على الكثير من تناقضات النفس البشرية وشكوكها وانفعالاتها، وما يمر في داخلها من أحلام ورغبات. "تأخرت قليلاً. ضربت له موعداً في الوكالة لتشرح أبعاد مشروعها على الطبيعة (...) أنسته ملابسها كل ما تأهب لقوله... شاغله قوامها، وامتلأت نفسه بوخز الضمير كما امتلأت بالعطر المسكّر. ثمة خيانة لذكرى لقائه بـ"رحمة" تأخذ بخناقه، ثمة إهانة لأجواء الوكالة تكمن في وجودها، وتحدٍّ لكرامة مولاها. ستفتك به هذه الفتاة، بحبه وبحثه ووكالته، كما فتكت بيقينه قبل أيام. سيقاوم قدر استطاعة قلبه الراجف!". يلجأ الكاتب إلى استخدام عدة تقنيات في الرواية، ففصول الرواية مكتوبة على لسان الراوي العليم، الذي يخاطب القارئ ويعطيه معلومات عن الوكالة وطقوسها تارة، ثم يعود للحبكة الأساسية والسرد المعتاد تارة أخرى. وثمة صفحات لا تنتمي إلى فصول الرواية، بل هي من خارجها، يعطي فيها الكاتب الكلام لشخصية "زينة"، التي تتدخل - بصفتها ناشرة الرواية وإحدى بطلاتها - لتوضيح بعض الأمور والاعتراض على بعضها الآخر، وقد أضفت هذه التقنية المزيد من التشويق والإثارة على الأحداث. وإضافة لكل ما سبق، فإن الكاتب استخدم أسلوب السرد الدائري، حيث بدأ الرواية بمشهد افتتاحي صوّر فيه احتراق الوكالة وموت شخص بداخلها، ثم عاد بالزمن إلى الخلف ليروي بشكل مكثف وبحكايات متناسلة تاريخاً طويلاً، وصراعاً بلغ ذروته في الفترة الزمنية القريبة، وصولاً إلى كشف غوامض الحريق وأسبابه، بعد أن مرَّ على الكثير من الأحداث والحالات الإنسانية الشائكة، والكثير من تفاصيل عالم التصوف وعالم الموسيقى وبالأخص فن صناعة الأعواد وفن العزف عليها. "مع انسحاب ألسنة اللهب، عبر يوسف طريق آلامه بدءاً من باب الكشك، ومروراً بحاصلة التخزين حيث تفحّص مع كل خطوة كتل أخشاب محترقة، عبرت أزمنة ومسافات لتجود بأضلاعها لمريدي الطريقة، وفي نهاية طريقه كاد يصطدم بجسد متفحّم، فوق بطانية مصهورة كبقعة زيت سوداء، وعندها أدرك كيف جاد الصانع العجوز بجسده كاملاً، فتلاشى محترقاً مع البخور والأخشاب". أحمد القرملاوي، روائي وقاص مصري من مواليد القاهرة 1978. حاصل على درجة الماجستير في هندسة التشييد من جامعة إدنبرا، اسكتلندا. له مجموعة قصصية بعنوان "أول عباس"، وثلاث روايات: "التدوينة الأخيرة"، "دستينو"، و"أمطار صيفية". الناشر: مكتبة الدار العربية للكتاب/ القاهرة عدد الصفحات: 220 الطبعة الأولى: 2017
يمكن شراء الرواية من موقع النيل والفرات.