أنا مش كافر أنا مش ملحد / يسقط يسقط حكم المرشد". هذا الهتاف الذي كثيراً ما ردّده المتظاهرون ضد حكم الرئيس المعزول "محمد مرسي" في مصر، وإن كان يبدو موجهاً لحكم جماعة الإخوان المسلمين، يحمل تعبيراً عن مدى الهلع الذي قد يصيب أحدنا من فكرة اتهامه بالإلحاد. مسلمون، مسيحيون، بهائيون، ملحدون، أطياف شتى ولكن وطن واحد. أهو تعايش أم تناحر، تسامح أم ضغينة؟ سؤال أزلي، وإجابات هزلية.
في 25 نوفمبر 2013، استيقظ المصريون على خبر عاجل: "مجهولون يختطفون الروائيحامد عبد الصمد"! اختفاء الروائي المصري الحاصل على الجنسية الألمانية، لم يكن ليلفت الأنظار ويثير كل هذه التساؤلات لولا أنه من المهدور دمهم من قبل "محمود شعبان"، أحد أشهر الدعاة الإسلاميين في مصر الآن. في لقاء تلفزيوني له خلال شهر يونيو الماضي، اتهم الداعية الإسلامي الراوئي المصري بالإلحاد، وذلك عقاباً له على نقده الإسلاميين بعد صدور كتابه الثاني، "سقوط العالم الإسلامي".
إن أوّل ما تواجهك فيه عائلة عبد الصمد، هو الإشارة إلى موضوع الإلحاد الذي صار هاجساً. "إحنا إسرة متدينة ومؤمنة بالله" يقول شقيقه محمود، نافياً تهمة الإلحاد عن الأسرة. حتى قبل أن تتحدث العائلة عن تفاصيل اختفاء ابنها. "حامد أخويا طيب وبنحبه، بس مش معنى كده إن إحنا موافقين على كلامه بالعكس، إحنا رافضين الكلام ده تمام". كان القلق بادياً على أفراد أسرة حامد، والخوف من أن يطالهم "عارُ الإلحاد" طغى على حديثهم.
"صلاح العمده" أحد أعضاء الجماعة الإسلامية، والذي أمضى 17 سنة في سجون مبارك، تبرّأ من الشيخ محمود شعبان وأنكر فتواه، "الحدود (العقوبات) الآن معطلة بسبب غياب الحاكم المسلم، والوزر (الذنب) في عدم تطبيق شرع الله يقع في رقبة الحاكم، والله يوم القيامة سوف يحاسبه، لما لم يرجم الزاني ويجلد شارب الخمر ويقطع يد السارق... أما نحن (الرعية) فلا إثم علينا ولن نُسأل في هذا، حتى يأذن الله ويأتينا الحاكم المسلم مطبقاً شرعه عز وجل فى الأرض".
"يستاهل طبعاً، بلاش قلة أدب"، بتلك الكلمات الصادمة عبرت من جهتها زينب السقا (ربة منزل) عن رفضها وبغضها لـ “عديمي الأدب”. أما من تقصد بهذا التوصيف، فهم "اللي يقلل أدبه أو يغلط في الإسلام أو الصحابة". في رأي زينب، لا يوجد ما إسمه حرية العقيدة، الدين الوحيد عند الله الإسلام.
"المجتمع العربي أصبح شديد الحساسية تجاه القضايا الدينية"، هكذا تقول منال الدفتار، أستاذة علم الاجتماع في جامعة الاسكندرية، وتضيف: "الكفر أو الإلحاد" من أقسى التهم التي لا يتسامح معها المجتمع. هنا تكمن المفارقة، ففي الوقت الذي ثارت فيه بلدان الربيع العربي مطالبة بالحرية، تجدها ترفض حرية الفرد في اختيار دينه أو حتى مجرد التعبير عن رأيه في هذا الدين.
بعد كل ذلك الصخب الذي أثير، يتضح أن اختفاء "حامد" لم يكن له أي علاقة بمواقفه الدينية ولا بكتاباته، بل يعود إلى خلاف مالي مع مجموعة بينهم تجارة مشتركة. ولكن حتى ولو كان اختفاء حامد لأسباب شخصية، لقد أظهر مرّة أخرى حقيقة أن مجتمعاتنا في وضع شديد الخطورة، وأن الاحتقان الديني والتعصب لما نراه نحن الحق يسيطر على الجميع. تكشف لنا حادثة اختطافه أننا نعيش فى مجتمعات قابلة للاشتعال في أية لحظة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmad Tanany -
منذ يومينتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ 4 أياملا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ 6 أيامأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ أسبوعمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...
Nahidh Al-Rawi -
منذ أسبوعتقول الزهراء كان الامام علي متنمرا في ذات الله ابحث عن المعلومه