لم تعد الصين البلد المتصدر لوائح أكثر البلدان تلوثاً، بعدما كشفت بيانات نُشرت في الأشهر الأولى من عام 2017 أن دول مجلس التعاون الخليجي تتصدر قائمة الدول الأكثر تلوثاً عالمياً. وعلى الرغم من المشاكل العديدة - سياسية كانت أو اجتماعية واقتصادية - التي يعانيها العالم العربي، يبقى التلوث في عداد أبرز معضلاته.
هدفت جهود عدة خلال السنوات الماضية، إلى تسليط الضوء على مخاطر التلوث في العالم العربي، واستثمار الطاقات المتجددة بمختلف أنواعها (منها الهوائية والشمسية)، في محاولة لإصلاح ما يمكن إصلاحه. ولكن ما هي أبرز هذه المشاريع؟
المغرب ينير شمال أفريقيا
من الأسباب التي دفعت بالمغرب إلى الصدارة هي المبادرة المغربية لاستثمار الطاقة الشمسية التي لاقت تأييداً على الصعيد العالمي، إذ كان المغرب من بين الدول القلائل التي تحركت للتنفيذ الفوري في ظل تزايد النداءات من أجل الحد من الانبعاثات الغازية التي تهدد الأرض، متوجهةً نحو استخدام الطاقة النظيفة كبديل. وتعد محطة "نور1" للطاقة الشمسية في مدينة ورزازات جنوب شرقي البلاد، المرحلة الأولى ضمن مشروع هو الأكبر من نوعه لإنتاج الطاقة الشمسية في العالم. ويتوقع أن يكون المغرب من الدول العربية الرائدة بتصدير الطاقات النظيفة، خاصة مع انطلاق العمل في محطتي "نور2" و"نور3" لتهيئة مساحة ممتدة على 220 هكتاراً بطاقة إنتاجية تقدر بـ70 ميغاوات. وقد بدأ العمل على المرحلتين "نور2" و"نور3" في 2017. أما الخطوة الرابعة من المشروع، فمن المتوقع البدء بها عام 2020. بعد إتمام المرحلة الأولى، ستقدر الدولة على إنتاج 580 ميغاوات من الطاقة، أما بعد المرحلة الرابعة من المشروع فستنتج 2000 ميغاوات، وهذا كافٍ لتأمين الكهرباء لحوالي مليون منزل وعدد كبير من المصانع القريبة من العاصمة الرباط. يطمح المغرب من خلال مشروعه إلى توفير الطاقة لعدد من مدنها، بالاضافة إلى البلدان الواقعة في شمال أفريقيا، وحدود أحلام الطاقة المتجددة تمتد إلى أوروبا التي تأمل المغرب بتغذيتها بالطاقة يوماً ما.طاقات متجددة تنطلق من أبو ظبي
تبرز في المنطقة جهود عديدة لمشاريع هدفها إنتاج الطاقة الهوائية والشمسية أو التخطيط لها، ومن بينها مشاريع إنشاء مدن تعتمد بشكل كامل على مصادر الطاقة المتجددة في الإمارات العربية المتحدة. وقد قامت دولة الإمارات في عام 2010 بتأسيس إدارة متخصصة في شؤون الطاقة وتغير المناخ ضمن وزارة الخارجية هدفها تنظيم وتوحيد الجهود المحلية في شؤون تغير المناخ وحماية مصالح الدولة في مجال المفاوضات الدولية المتعلقة بتغير المناخ. وفي أبو ظبي تحديداً، تعتبر شركة “مصدر” التي تأسست عام 2006 متخصصة في مجال الطاقة المتجددة، وتسعى إلى الاستثمار في تأسيس قطاع الطاقة النظيفة واحتضانه وتطويره في دولة الإمارات والعالم. وعملت وحدة المشاريع الخاصة في "مصدر" على دراسة مشروع أنظمة الطاقة الشمسية المنزلية في المغرب، مستفيدةً من خبرتها في نشر حلول الطاقة المتجددة في المجتمعات الريفية النائية القابعة في ظروف صعبة.الأردن: مخيم الأزرق ملتزم بالطاقة الشمسية
تكثر المبادرات التي تعتمد على استغلال الموارد الطبيعية المتجددة في الأردن، إلا أن مخيم الأزرق للاجئين كان المشروع الأبرز خلال شهر مايو، فقد أعلنت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين أن سكان المخيم سيتمكنون من إضاءة منازلهم وشحن هواتفهم وتبريد أطعمتهم بواسطة الطاقة الشمسية، بعد أن أصبح المخيم الأول الذي يُزود بالطاقة المتجددة في العالم. "وسيغير توفير الطاقة الكهربائية حياة اللاجئين السوريين المقيمين في البيئة القاسية للمخيم الواقع في الصحراء الشمالية القاحلة للأردن"، بحسب القائمين على المشروع، بعد سنوات من الاعتماد على المولدات.من أكبر محطة لانتاج الطاقة الشمسية في العالم، إلى أكثر طريقة مبتكرة لترطيب الجو... مشاريع بيئية عربية
دول عربية تتصدر قائمة الدول الأكثر تلوثاً عالمياً... مشاريع تحاول إصلاح ما يمكن إصلاحه
الطاقة الشمسية لري المزروعات في مصر
تتميز مصر بثراء في مصادر الطاقات المتجددة، ومنها الرياح والشمس، إذ تعد سرعة الرياح من أعلى المعدلات فى العالم، وكذلك متوسط الإشعاع الشمسي المباشر لوقوعها في الحزام الشمسى. وبحسب وزارة الكهرباء والطاقة المتجددة، تم تعديل إستراتيجية الطاقة المتجددة لتستهدف الوصول إلى نسبة 20% من إجمالي القدرات المركبة في عام 2022. وكانت “كرم سولار”، وهي شركة متخصّصة بالطاقة الشمسيّة خارج الشبكة الرسميّة في مصر، كشفت عن تكنولوجيا مبتكرة تمثل ثورة مستقبلية في استخدام الطاقة الشمسية بالأعمال الزراعية. تتمثل هذه التقنية التي قدمها فريق الأبحاث والتطوير في الشركة بتوظيف الطاقة الشمسية في تحريك مضخات مياه الري للمشروعات الزراعية، ويتوقع القائمون على المشروع أن يقلص ذلك التكاليف الضخمة التي تُنفق على تلك المشاريع الجانبية للري، في ظل انتشار آفة التصحّر بالمنطقة العربية. وإلى جانب الخطط الواسعة الهادفة إلى إحداث تغيير جذري بالطريقة التي تُستخدم فيها موارد الطاقة، تحتضن الدول العربية مشاريع صغيرة، تحاول بخفة كسر النمطية السائدة عن صعوبة اعتماد حلول بيئية في حياة الفرد اليومية. وقد تكون تلك المشاريع ناشئة، أو وليدة اللحظة بسبب الحاجات المتزايدة كنقص الكهرباء خلال الحروب، ولكنها بالتأكيد انطلاقة واعدة.لايف هاوس: منزلٌ متجدد في لبنان
وصلت الطاقة المتجددة إلى جامعات لبنان عبر مشروع "سيدرو" المتصل بلوحات ضخمة تعتمد على الطاقة الشمسية لتنير حرم جامعة الروح القدس في لبنان. ويتميز لبنان بمشاريع بيئية ممولة ذاتياً، منها "لايف هاوس"، وهو تصميم ريادي لبناني ذو تكلفة منخفضة، يتألف من منازل مكتفية ذاتياً ويهدف إلى خفض البصمة الكربونية. يعد "لايف هاوس" الأول من نوعه في الشرق الأوسط ويضم مجموعة منازل بنيت باستخدام مواد معاد تدويرها، ومواد محلية. وتقوم المنازل بجمع مياه الأمطار وإعادة تدويرها، وتسهل إمكانية التقليل من إنتاج النفايات وتوفيرالطاقة والغذاء بالاعتماد على سياسة الموارد المتجددة أو إعادة التدوير. ولا تستخدم المنازل الوقود الأحفوري من أجل تأمين التدفئة والتبريد، لأنها تنتج الطاقات ذاتياً.الحرب والطاقة الشمسية في سوريا
أملت سوريا قبل الحرب استغلال موقعها الجغرافي ومناخها المشمس لتنفيذ مشاريع تستخدم الطاقة الشمسية في المجالات الحرارية والكهربائية، لزيادة نسبة مشاركة الطاقات المتجددة، وذلك من خلال خطة بعيدة الأمد تمتد حتى عام 2030 ترفع من الطلب الكلي على السخانات الشمسية وغيرها بنسبة 10%، بحسب المركز الوطني لبحوث الطاقة. لم يتوقع السوريون إنتاج الكهرباء عبر استثمارهم الطاقة الشمسية خلال فترة الحرب، مع انقطاع الكهرباء الدائم في ظل المعارك والقصف. ولكن تراجع إنتاج الكهرباء دفع بسكان عدد من المناطق غير الخاضعة لسيطرة النظام إلى البحث عن بدائل، فبرزت جهود لتأسيس مشاريع مصغرة تستثمر الطاقات المتجددة، ومنها الشمسية. وبجهود من المجالس المحلية لعدد من المناطق، خاصة تلك الواقعة في شمال البلاد، استخدمت الطاقة البديلة لإنارة شوارع أحياء عديدة، ومنها أحياء حلب قبل تهجيرها، بالإضافة إلى عدة شوارع في مدينة إدلب وريفها وريف دمشق.تونس تنتظر قرية جرجيس البيئية
جذبت تونس خلال عام 2016 عدداً من الشركات الأجنبية التي أبدت اهتماماً باستثمار الملايين في قطاع الطاقة المتجددة في البلاد. يساعد مناخ تونس المتنوع وخاصة فصولها الأربعة وشمسها الساطعة على تكوين رؤية مستقبلية لأهمية استثمار تلك الطاقات فيها، وقد أبدت 35 شركة أجنبية من بلجيكا وفرنسا وإسبانيا عزمها البدء بتنفيذ مشاريع بيئية في مدن تونسية، منها 20 مشروعاً في الطاقة الشمسية و15 في الطاقة الهوائية. كذلك أبدت الدولة التونسية التزاماً واهتماما بالطاقات المتجددة، ومن المشاريع التي أعلنت عنها "قرية جرجيس البيئية" التي تضم مراكز لتصدير الطاقة الشمسية وتحلية مياه البحر، والتي تنتظر الافتتاح الرسمي منذ العام 2011. وستوفر القرية في حال انجازها 4000 آلاف فرصة عمل.مشروع طموح
أما أغرب مصدر للطاقة البديلة في المنطقة، فهو فكرة "جبل الجليد". منبع المشروع سعودي، أما إمكانية تطبيقه اليوم فهو خيارٌ تدرسه الإمارات العربية المتحدة. الهدف: نقل جبل جليدي عملاق مسافة 9200 كيلومتر من القطب الجنوبي إلى سواحل إمارة الفجيرة. ستتسبب الحرارة بإذابة أجزاء من الجبل، وما يتبقى منه - بحسب المشروع - سيعد كنزاً كبيراً: أكثر من 20 مليار لتر من الماء العذب للشرب. بالإضافة إلى ذلك، دخول هذه الكتلة الجليدية إلى وسطٍ عالي الرطوبة سيؤدي لتكثّف بخار المياه، ما يحدث منخفضاً جوياً يجذب الغيوم معدّلاً الطقس الصحراوي، ويساهم في محاربة التصحر بطريقة غير مباشرة.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...