شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
#سني_شيعي_ضد_التطرف: كيف يُنظر إلى المبادرات السعودية لتقريب المذاهب؟

#سني_شيعي_ضد_التطرف: كيف يُنظر إلى المبادرات السعودية لتقريب المذاهب؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الاثنين 15 مايو 201704:52 م
لا تكاد تهدأ الأمور قليلاً في منطقة القطيف السعودية، حتى تتجدد حوادث العنف سريعاً. هذا هو الحال منذ إعدام رجل الدين السعودي الشيعي البارز نمر النمر في مطلع العام الماضي. قبل حوالي خمسة أيام، عادت الأحداث لتتفاعل في القطيف، وتحديداً في منطقة العوامية، مسقط رأس النمر. بحسب الرواية السعودية الرسمية، فقد قتل طفل سعودي وعامل باكستاني إضافة إلى سقوط جرحى آخرين، نتيجة اشتباك مسلح مع "إرهابيي العوامية"، الذين يهدفون إلى "وقف مشروع تنموي في المدينة وحماية أنشطتهم الإرهابية". الرواية الرسمية هذه نفاها العديد من السكان، الذين اعتبروا أن السعودية تقمع أهالي القطيف الذين يطالبون بالعدالة الاجتماعية ورفع الظلم والحرمان عنهم. واتهم هؤلاء السلطات السعودية بفرض حصار على المنطقة منذ عدة أيام، والتسبب بنقص العديد من المواد الغذائية والطبية. تأخذ الاشتباكات تلك بعداً مذهبياً صرفاً، إذ يُعتبر شيعة القطيف عملاء بيد إيران، التي تستخدمهم لإثارة القلاقل في السعودية، في وقت يتعزز الشقاق المذهبي على طول المنطقة من سوريا إلى اليمن إلى البحرين وغيرها من الدول. وسط ذلك، تخرج من فترة لأخرى مبادرات سعودية، رسمية وأهلية، خجولة بمعظمها معلنة نيتها التصدي للخلاف المذهبي.

"قلب واحد" أم "فئة ضالة"؟

في الإطار ذاته، انطلقت اليوم حملة على"تويتر" تحت هاشتاغ بعنوان "سني شيعي ضد التطرف"، وقد قوبلت بتفاعل كبير، إذ تخطى عدد تغريداتها الـ35 ألفاً بعد ساعات قليلة على إطلاقها، والعدد في ارتفاع مستمر. تحت هذا العنوان، أجمع المغردون على ضرورة بقاء السعوديين يداً واحدة وعلى نبذ التفرقة، لكن اختلفت منطلقات الوحدة بينهم وكذلك أسبابها. من جهة، اكتفى عدد قليل من المغردين بوضع شعارات تدعو إلى نبذ التطرف، والبقاء "قلب واحد" كـ"إخوان سنة وشيعة".
=
في المقابل، كثرت التغريدات التي تعتبر الشيعة جزءاً لا يتجزأ من المجتمع السعودية، شرط ألا يكونوا من "الفئة الضالة" (الإرهابيين).
أما "أم محمد" فتحولت إلى نجمة الهاشتاغ من دون منازع، إذ تدفقت التغريدات التي تشارك اتصالها الهاتفي بإحدى القنوات، قائلة إنها شيعية وتعيش بخير تحت "حكم آل سعود"، وأن هناك حملة كاذبة تستهدف القطيف. ثم حملت مسؤولية تخريب المنطقة لـ"الشيعة الإرهابيين" فيها.
الحق على إيران في المقابل، انهالت الاتهامات على إيران التي "تعمد إلى تخريب الداخل السعودي"
كما جرى التركيز على مشاكل الداخل الإيراني، وعلى "تنامي النقمة" على النظام الإيراني من مناصريه الشيعة سواء في إيران أو العراق
ولم يفت العديد من المغردين الثناء على جهود القوات العسكرية السعودية ودور النظام في حفظ البلاد
بينما انتقد البعض الهاشتاغ، على اعتبار أن السنة وحدهم ضد التطرف، والشيعة "رأس الفتنة"
تستمر المبادرة في التفاعل باعتبارها خطوة إيجابية على طريق التقارب المذهبي، لكن التفاعل معها وعبرها يوضح مرة أخرى أن جذور الشقاق المذهبي في السعودية، كما في منطقة الشرق الأوسط، باتت أصعب وأعمق من حلها بخطوات من هذا النوع.

مبادرات وتوصيات أسيرة المكاتب والمصالح

في العام 2004، تمّ إنشاء مركز الملك عبدالله بن عبد العزيز للحوار الوطني، ووضع في هيكليته الرسمية خمسة أهداف هي: 1. مناقشة القضايا الوطنية الاجتماعية والثقافية والسياسية والاقتصادية والتربوية وغيرها، وطرحها من خلال قنوات الحوار الفكري وآلياته. 2. تشجيع أفراد المجتمع ومؤسسات المجتمع المدني على الإسهام والمشاركة في الحوار الوطني. 3. الإسهام في صياغة الخطاب الإسلامي الصحيح المبني على الوسطية والاعتدال. 4. الإسهام في توفير البيئة الملائمة لإشاعة ثقافة الحوار داخل المجتمع. 5. وضع رؤى استراتيجية لموضوعات الحوار الوطني. ومنذ تأسيسه، نظم المركز أكثر من عشر "لقاءات وطنية" لمناقشة أحوال الشباب والتطرف والوحدة الوطنية، لكن معظم التوصيات، من تعزيز المواطنة وتجديد الخطاب الديني ومعالجة مشاكل النساء والشباب والتعليم وغيرها، بقيت حبيسة الملفات والمكاتب الرسمية، من دون أي بلورة فعلية لمشروع وطني متكامل. وكان قد سبق تأسيس المركز، في العام 2002، مبادرة وطنية للحوار، عبر وثيقة وقع عليها أكثر من مئة شخصية اجتماعية وسياسية تحت عنوان "رؤية لحاضر الوطن ومستقبله"، وتم تقديمها للملك عبد الله بن عبد العزيز.

تحولت أم محمد إلى "نجمة" عندما قالت إنها شيعية وسعيدة تحت حكم آل سعود...

وخلال السنوات اللاحقة، خرجت بعض المحاولات في هذا الصدد، غير أنها انحصرت بمعظمها بجهات ثقافية أو فكرية أكثر منها بالمؤسسة الدينية من الطرفين، وكلها كانت تعود إلى نقطة الصفر على وقع الفتاوى الدينية التحريضية والأحداث السياسية والأمنية. وفي المرات القليلة التي دخلت فيها المؤسسة الدينية على خط التقارب المذهبي، بقيت المبادرة محدودة لا بل أثارت حساسية أحد الطرفين أكثر مما أسهمت في تحقيق هدفها المعلن. مثال على ذلك، مبادرة "هيئة العلماء المسلمين" منتصف العام الماضي، عندما أعلنت نيتها التحضير لحوار مع "العقلاء الشيعة"، فأثارت موجة من الاستنكار لدى السنة والشيعة على السواء، تفوقت على القلة المحتفية بها. في مقال له حمل عنوان "الحوار بين المذاهب في السعودية"، فند الكاتب عبد الوهاب الفقي أسباب عجز المبادرات الحوارية عن ردم الهوة المذهبية في المملكة. ومن هذه الأسباب يذكر:
  • الانقطاع بين الداخل والخارج يجعل مبادرات الملك موجّهة نحو أهداف غير محلية، بل نحو أهداف لا تنتمي إلى المبادرات نفسها، أي تحقيق أغراض سياسية في الخارج، وليس تنشئة ثقافة وطنية تمهّد لبرنامج إدماجي.
  • بسبب التصاهر السياسي والثقافي بين بعض المنشغلين في التنظير لموضوع الخلافات المذهبية، فإن مبادرات التقارب والتقريب بين المذاهب تنتهي في الغالب إلى العودة إلى نقطة الصفر التي بدأت منها، ببساطة لأن عقم النتائج ناشىء بدرجة أساسية عن عقم المقاربة.
  • افتقار المنشغلين بموضوع التقريب أو حتى التعايش بين المذاهب إلى الوعي الفعلي بالتراث التاريخي العام وإلى التجربة السياسية والرؤى المؤصلة، إذ يسبحون غالباً عكس التيار ويستدعون تجارب علمية صعبة التطبيق في تسوية معضلة خطيرة وانسداد تاريخي.
  • التقارب الحاصل بين علماء الدين والنظام، وعدم خروج المبادرات التقريبية من رحم المؤسسة الدينية، ما يجعل الأفكار الفتنوية المغلفة بإطار ديني أكثر سطوة.
بدوره، يستحضر الكاتب جعفر الشايب في ورقة تناولت التحديات الماثلة أمام التقارب المذهبي في السعودية، ما كشفه الشيخ الشيعي حسن الصفار في حديث لقناة "الجزيرة" عن لقاءات مع مشايخ سلفيين في العام 2002 من أجل وقف الإساءات المتبادلة بين المذهبين. وقال الصفار حينها إنه "من الخطأ الكبير والتعجيزي" أن تكون العلاقة الحسنة بين الشيعة والسنة مشروطة بالتوافق في الرأي، فذلك خلاف تعددية الرأي والاجتهاد، كما أنه يرى أن مثل هذا التوافق متعذر ضمن المدرسة والطائفة الواحدة فكيف يكون بين الطوائف المختلفة. يعود هذا الكلام إلى أكثر من خمسة عشر عاماً. كان ذلك قبل أزمة البحرين وسوريا واليمن والعراق، حينها كانت المبادرات (يذكرها الشايب تفصيلياً في ورقته) أكثر سهولة ومع ذلك انتهت على غير ما يأمل منظموها. فكيف سيكون مصيرها اليوم وسط حال الاحتقان السائد هذا؟

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image