شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ادعم/ ي الصحافة الحرّة!
ماذا يعني استخدام داعش للعملات المشفرة؟ ولماذا تجددت المخاوف من Bitcoin؟

ماذا يعني استخدام داعش للعملات المشفرة؟ ولماذا تجددت المخاوف من Bitcoin؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الأربعاء 26 أبريل 201706:09 م
"يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا، هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُم(10) تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (11)" بهاتين الآيتين من سورة الصف، استهل أحد مناصري تنظيم الدولة الإسلامية تقي الدين المنذر وثيقته "بيتكوين وصدقة الجهاد" التي أوضح فيها الأحكام الشرعية لاستعمال نظام "البيتكوين"، موصياً باللجوء إليه لتمويل الأنشطة الجهادية. والبيتكوين عملة إلكترونية لا وجود مادي لها، تحظى بميزة تنافسية بحكم أنها مجهولة المصدر. تقوم على نظام لا مركزي يجعل تتبع الأموال فيها مهمة صعبة التحقق. BitcoinBitcoin وقد بدأ تداول هذه العملة في العام 2009، بمبادرة من ساتوشو ناكاماتو مجهول الهوية، ثم اختفت قليلاً وعادت للظهور، بينما تحدث المراقبون عن عودة نشاطها في العام الحالي، وتخطي سعرها الـ1400 دولار. تعود وثيقة المنذر إلى حوالي الثلاث سنوات، وجاء فيها أنه "لا يمكن للمرء إرسال حوالة مصرفية لمجاهد أو من يشتبه في أنه مجاهد دون أن تكون الحكومات الكافرة الحاكمة اليوم على علم. والحل المقترح لهذا هو ما يعرف باسم البيتكوين... لإعداد نظام للتبرع مجهول تماماً. يمكنك من أن ترسل الملايين من الدولارات على الفور... وستصل مباشرة إلى جيوب المجاهدين". لم يتبنّ التنظيم تلك الوثيقة بشكل رسمي، كما لم تلحظ مواقعه أي دعوة للتبرع عبر "بيتكوين"، لكن الدراسات خلال السنوات الماضية سلطت الضوء على إمكانية لجوء "داعش" إلى استخدام العملات المشفرة كسبيل للتمويل.

البديل الجذاب

صحيح أن داعش وصل ليكون "أغنى قوة إرهابية في العالم"، بحسب إنترناشيونال بيزنس تايمز، إلا أن تضييق وزارة الخزانة الأمريكية الخناق على التبادلات المالية العالمية للتنظيم وللمجموعات المتطرفة الأخرى، كما تهديد مصادر تمويله الأخرى، كحقول النفط، من خلال العمليات العسكرية، زاد من توقعات المحللين بلجوئه إلى الاستفادة من داعميه ومناصريه عبر نظام "بيتكوين" الذي ما زال يحظى بدرجة نسبية من السرية. في تقرير نشرته مجلة "فورين آفيرز"، يشير الباحثون الأمنيون والتكنولوجيون دايفيد منهيم وباتريك جونستون وجوشوا بارون، إلا أن بيتكوين قد لا يكون عملياً تماماً بشكله الحالي للتنظيم، إذ أن إمكانية حجب الهوية ما زالت محدودة وكذلك تحويل مبالغ ضخمة من المال. ولكن يمكن للتنظيم أن يستفيد منه في مناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، حيث يمكنه تحويل مبالغ نقدية رقمية لا بأس بها من دون أن ينكشف مالياً. يصعب الجزم حالياً بمدى اعتماد "داعش" على "بيتكوين"، وما إذا كان سيعتمدها وبأي سبل، لكن  التكنولوجيات المشفرة تبرز كبديل جذاب. ويبقى مدى الاعتماد عليها معلقاً على عدد مجهولي الهوية الذين سيشتركون في ذلك، وعلى التكنولوجيات الأخرى التي ستستجد، وكيفية استخدام الجمهور للعملات المشفرة الجديدة، ومدى الفائدة والأمان الذي ستظهره تلك العملات. وهكذا يمكن استخدام العملات الرقمية للتمويل العام وتبييض الأموال وحتى للدفع للأفراد والجماعات والتجار الذين يسهمون في الحفاظ على عجلة تشغيل التنظيم، مع الأخذ بعين الاعتبار نوعية المجموعة وكيفية تمويل العمليات. بحسب تقرير مؤسسة "راند" التي تعنى بالشؤون الاستخباراتية، فإن الطريقة التي يدير فيها التنظيم مصادر تمويله، من بيع النفط إلى عمليات الابتزاز ومصادرة الممتلكات الخاصة تحدّ من قدرته على الاعتماد بشكل كبير على العملات المشفرة، بسبب صعوبة استثمارها في المناطق التي يسيطر عليها "داعش".

تطور العملات المشفرة

بحسب "راند"، يُطرح الموضوع حالياً كنوع من التحذير كي لا يتم تكرار أخطاء سابقة في التعامل مع تنظيم الدولة. يشكل عامل كشف الهوية المتاح لبعض الحكومات الغربية اليوم في حال لم يحظ حساب المستخدم بالخصوصية، العائق الأساسي الذي يمنع داعش من الاعتماد بشكل أساسي على النظام. أما العوائق الأخرى، فتتمثل بالجهود التي بدأت لدمج العديد من خدمات العملات المشفرة مثل البيع والشراء في مختلف برامج مكافحة غسل الأموال في الولايات المتحدة وأوروبا وحول العالم. وتفرض هذه الأنظمة التحقق من الهوية والإبلاغ عن المعاملات المشبوهة والسماح بتطبيق القانون للتحقيق في هوية المستخدمين. فضلاً عن ذلك، تعد برامج العملات المشفرة عرضة كغيرها لأنواع الهجمات الإلكترونية كالقرصنة والتدمير المادي. لكن هل يعني ذلك صرف نظر الجماعات المتطرفة عن مصدر تمويل مماثل؟ تتساءل المؤسسة لتجيب لاحقاً بالنفي. والسبب أن هذا العالم في حالة تطور دائم وابتكار أدوات جديدة للتحايل على أنظمة المراقبة والاستخبارات الحكومية. وهكذا من المرشح أن تصبح الممارسات الآمنة أكثر انتشارا، كما أصبح عليه الحال مع التكنولوجيات الأخرى، بما في ذلك برامج المراسلة الفورية الآمنة مثل الواتساب، التي حلت محل برامج كانت أقل أماناً. يشهد عالم العملات المشفرة اليوم خروج عملات جديدة توفر سرية أكبر بكثير، مما قد يضر بجهود مكافحة الإرهاب من خلال تقويض أداة رئيسية تستخدم لتعقب المنظمات الإرهابية. من هذه العملات الجيل القادم مثل "زكاش" التي تقلل من القدرة على تتبع المعاملات كما تعمل على تفعيل ميزة تحويل الأموال من دون الاتصال بشبكة الانترنت، ومونيرو Monero التي تزيد الخصوصية عن طريق إخفاء عنوان المصدر. ومن شأن ذلك أن يجعل استخدام هذه العملات قابلاً للتطبيق في أجزاء من العالم دون الاتصال بشبكة الإنترنت. وإذا كانت هذه التكنولوجيات تفي بوعودها بالتطور، فسيتم إزالة عقبة رئيسية أمام داعش وغيره، من خلال حماية الهوية والخصوصية. قد لا يكون هذا العالم الافتراضي مصدر تمويل رئيسي للتنظيم ولكنه يعد حاسماً في تمويل العمليات والعناصر في الخارج. قد لا يكون احتضانه للعملات المشفرة واضحاً بعد، ولكنه محتمل غير بعيد في الأفق. يأتي ما تقدم كعرض لنقاش يدور اليوم بين عدد من الباحثين والأمنيين، لكنه يثير التساؤل عن خلفياته، وما إذا كانت مرتبطة حصراً بـ"مكافحة الإرهاب"؟ يفسر البعض ذلك بأن هؤلاء اعتادوا على تعويم مواضيع معينة وإلصاقها بـ"الإرهابيين" من أجل تحقيق أغراض أخرى. يرى البعض من مستخدمي العملات المشفرة أن هذه المعلومات هي مقدمات مدروسة لحظر "بيتكوين" تحت ستار محاربة داعش، وذلك خدمة للنظام المالي العالمي.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image