على مر عقود، اعتبرت حقيبة اليد خزنة الممتلكات وكاتمة أسرار النساء. تلك الرفيقة التى تصطحبها النساء كظل لا يفارقهن أينما ذهبن، صغيرة الحجم كانت أم كبيرة، ماركات عالمية أو مقلدة، تمساحاً أو حية أو نوعاً بلاستيكياً، معلقة على الكتف والظهر أو محمولة باليد... كل امرأة لها "حيوانها الأليف" الخاص، يجلس على مقعد مستقل إلى جانبها في المقاهي والمسارح والمكاتب والأعراس والمآتم، ليحكي عن أوضاع سيدته الاقتصادية والنفسية والعائلية والعملية على حد سواء، ويحتسي القليل من القهوة أحياناً.
على غرار الاعتقاد السائد بأن الرجل الأنيق يعرف من حذائه، فإن شخصية المرأة تعرف من حقيبتها.
الحقائب الأولى
يعود تاريخ الحقيبة النسائية إلى القرن السابع عشر، فكان الظهور الأول لحقائب اليد بعد قرون عدة اعتمدت فيها النساء على حمل متعلقاتهن داخل ملابسهن الفضفاضة. وكانت الحقائب الجلدية الصغيرة هي السائدة حينها، لتظهر في ما بعد الحقائب الأكبر حجماً.
وكانت الحقائب المطرزة والمزينة باللؤلؤ والأحجار الكريمة من نصيب الأميرات ونساء الطبقات الراقية، وظهرت بشكل كبير في فرنسا، بينما كانت الحقائب القماشية الرخصية الثمن من نصيب النساء من الطبقات الاجتماعية الشعبية.
هل بقي حجم الحقيبة وكثرة محتوياتها دليلاً على الثراء والأناقة؟
دراسات وأبحاث عدة تطرقت إلى علاقة النساء بحقائب اليد، كاشفةً عن أبعاد نفسية واجتماعية متعلقة بنوع وشكل وسعر الحقيبة. فوفقاً لدراسة من جامعة مينيسوتا، أجريت على 649 امرأة من مختلف الأعمار، تستخدم النساء المنتجات الفاخرة من الحقائب للإشارة إلى النساء الأخريات بأنهن في علاقة ملتزمة مع أزواجهن. وأضافت الدراسة: "عندما تتباهى المرأة بالتصميمات التي تملكها، فكأنها تقول لنساء أخريات ابتعدن عن رجلي".
وتقول الدراسة إن النساء أكثر عرضة للرغبة في المنتجات الباهظة الثمن، وينفقن ما يصل إلى 32% أكثر على الحقائب، حين يشعرن أن علاقاتهن الرومانسية في خطر. فالشعور بأن العلاقة مهددة من وجود امرأة أخرى، يجعلها تلقائياً تريد أن تقتني ماركات عالمية كـ"غوتشي وشانيل وفندي، حقيبة يد مصممة أو زوج من الأحذية الباهظة الثمن، لأن هذه كلها تشمل درعاً خارقة لبعض النساء".
وأشارت دراسة لمجلة بحوث المستهلك الأمريكية، صدرت عام 2014، إلى أن النساء يشترين منتجات باهظة الثمن لإظهارها لغيرهن من النساء، وليس لسبب آخر.
في الوقت نفسه، وللّعب على وتيرة شغف النساء بالحقائب، برعت شركات صناعة الحقائب العالمية، في لفت أنظار النساء، وحثهن بكل رضى وطيبة خاطر، على إنفاق الآف الدولارات سنوياً لاقتناء أحدث خطوط الموضة العالمي. في حين أن اقتناء حقيبة من ماركة هيرمس، التي تصنف أنها أغلى الحقائب سعراً، تحتاج إلى ثلاثة تماسيح لصناعتها، بحسب صحيفة "الفايننشال تايمز"، ليراوح سعرها بين 100 ألف و400 ألف دولار في المزادات العلنية، على الرغم من الحملات المناهضة لطرق صناعتها.يقال أن المرأة تتباهى بتصميمات حقائب اليد التي تملكها لتقول للنساء الأخريات "ابتعدن عن رجلي"... ما رأيكن؟
على غرار الاعتقاد السائد بأن الرجل الأنيق يعرف من حذائه، يقال إن شخصية المرأة تعرف من حقيبتها...
لا يمكن التعميم ورسم صورة "موحّدة" عن علاقة النساء جميعهن بالحقائب، فالكثير من النساء اليوم يفضلن العملية ويكتفين بحقيبة واحدة أو حقيبتين يستخدمنها معظم الوقت. إلا أن هناك ميل لدى نساء كثيرات للإنفاق على الحقائب والأحذية، وهو ما تحدثنا عنه مجموعة من النساء اللواتي التقينا بهن.
"تتماشى حقيبتي مع حالتي المزاجية"
"بات أصدقائي يعرفون حالتي المزاجية والنفسية من حقيبة يدي، لدرجة أنهم عرفوا قصة ارتباطي وحبي من خلال شكل ولون الحقيبة التي كنت أحملها في تلك الفترة، ويعرفون حين نكون متخاصمين لأنني أحمل حقيبة سوداء عادية غير مزخرفة صغيرة على الكتف".
هكذا وصفت نورا أحمد (18 عاماً) علاقتها بحقيبة يدها، وكيف تكشف عن نفسها لمن حولها وكأن الحقيبة تملك مفتاح شخصيتها، وتضيف: "تلعب حقيبة يدي دوراً غريباً في حياتي، أشعر أنها ابنتي التي لا تفارق يدي، أضعها على المقعد المجاور لي بالسيارة، ولا أتركها في المقاعد الخلفية، الأمر الذي جعل خطيبي يشعر بالغيرة في بعض الأحيان، ويقول لي: هو أنا بحبك إنتي ولا شنطتك".
بسؤالها عن الماركات التى تفضلها، تقول نورا: "لا أهتم كثيراً بالماركات لكنني أشتري النسخات الممتازة الجودة، فأسعارها مقبولة، تقريباً أصرف 500 جنيه (28 دولاراً) في الشهر، بمعدل حقيبة واحدة كل شهر. تقريباً نصف مصروفي، لأنني طالبة جامعية ولا أعمل".
"شانيل هي صديقتي الانتيم"
آلاء جميل (34 عاماً)، تعمل في الموارد البشرية في شركة حاسب آلي، تقول: "حقيبتي هي صديقتي الأنتيم، فهي معي في كل مكان أذهب إليه، تشهد على كل تحركاتي وتنقلاتي، لا أتركها. يراوح حجم إنفاقي على الحقائب والأحذية نصف راتبي، أي ما يعادل 2000 جنيه شهرياً (110 دولارات)، خصوصاً أنني أحب الألوان والتغيير، وذلك بخلاف متابعتي لأحدث خطوط الموضة بحكم عملي، إذ أسافر كثيراً لأوروبا وأمريكا لأن كلفة شرائها يكون أقل من القاهرة، وأحرص على شراء حقائب ماركة شانيل الأصلية من ميزانية خاصة أقوم بتوفيرها بالدولار".
"اضطررت لإنفاق آلاف الدولارات على الحقائب"
ومن وجهة نظر مغايرة للحقيبة، تروي سعاد أحمد (ربة منزل): "لم أكن أهتم كثيراً قبل زواجي بشكل ونوع الحقيبة، فحقيبة واحدة سوداء وأخرى بيضاء كانتا تفيان بالغرض، لكن بعد زواجي وانتقالي للسكن مع أسرة زوجي، لفتت شقيقته انتباهي إلى أن السيدات في عائلتهن يكتسبن الاحترام والثقة من خلال حقائبهن وأحذيتهن. أثار الأمر دهشتي في البداية، خصوصاً أنهن يصنفن المثقفة والثرية والبلهاء أيضاً بحسب ماركة وشكل حقيبتها. ومنذاك أصبحت أهتم أكثر باقتناء حقائب ذات ماركات فاخرة، مثل فاندي ومايكل كورس، وزوجي مضطر لأن يدفع ثمن حقائب تراوح أسعارها بين 1500 و2000 دولار، لتفادي نميمة عائلته".
"أهديت نفسي حقيبة للاحتفال بترقيتي"
بوربوري Burberry هي الحقيبة المثالية لليلى محمود (40 عاماً)، التي تعمل مديرة علاقات عامة. تقول: "هي حقيبة عملية وأنيقة، أملك منها اثنتين كلفتني الواحدة 28 ألف جنيه (1500 دولار)، كانت قيمة مكافأة حصلت عليها لتميزي في عملي فور ترقيتي، خصوصاً أن وصف الحقيبة أغراني كثيراً. فأتذكر أنه كان يصفني تقريباً، إذ كُتب على الموقع الذي كان يعرض الحقيبة أنها لرائدات الأعمال صاحبات الشخصية الواثقة والعملية، وهذا ما أغراني كثيراً لشرائها، لأنها منحتني ثقة إضافية بنفسي".
قولي لي ما في حقيبتك لأقول لك من أنت
عائشة مجدي طالبة في كلية طب الأسنان، تكشف حقيبتها شخصيتها العملية، فهي تحمل حقيبة كبيرة غالباً ما تضع فيها مستلزمات الكلية، جنباً إلى جنب مع مستلزماتها الشخصية. فبينما تمد يدها لتخرج المناديل المعطرة أو قلم الكحل، تخرج معها أجزاء من طاقم أسنان وكبسولات تستخدم في حشو الأسنان.
أما خديجة ابراهيم أحمد، فتقول: "حقيبة يدي كبيرة الحجم تتنوع محتوياتها بين الموبايل ونظارات الشمس وأقلام إلى جانب الطعام، إذ أضع بعض المأكولات في الحقيبة كتفاحة مثلاً أو بسكويت".
بدورها تقول أسماء اسماعيل (29 عاماً) أن حقيبة يدها الأنيقة تحولت إلى حقيبة كبيرة تثير الضحك بين صديقاتها، فيها مستلزمات طفلها الرضيع من حفاضات صحية ومستحضرات طبية وغيرها، الأمر الذي يجعلها تستهلك الكثير من الحقائب خلال العام.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ يومينعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ 6 أيامرائع