شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!
كم يبلغ عدد طلبات تسجيل براءات الاختراع في العالم العربي؟

كم يبلغ عدد طلبات تسجيل براءات الاختراع في العالم العربي؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

اقتصاد

الخميس 13 أبريل 201701:15 ص
يناهز عدد طلبات تسجيل براءات الاختراع في إيران سنوياً أكثر من 13800 طلباً. في المقابل لا يتجاوز العدد 8000 طلب في الدول العربية مجتمعةً من المحيط إلى الخليج للمقيمين فيها وغير المقيمين. الفجوة واسعة جداً في منطقة الشرق الأوسط بين العرب وجيرانهم في تركيا وإيران في طلبات تسجيل براءات الاختراع، وتزداد اتساعاً بينهم وبين عدوهم التاريخي إسرائيل. تشهد إسرائيل سنوياً أكثر من 6273 طلباً جديداً لتسجيل براءات الاختراع من المقمين فيها وغير المقمين، بفضل إنفاقها السخي على البحث العلمي والتطوير والذي يصل إلى 4.9% من نتاجها الإجمالي سنوياً. فيما تسجل تركياً قرابة 5100 طلب أغلبها من المقمين في البلاد. تعكس الأرقام أوضاع البحث العلمي وثقافة الابتكار في العالم العربي، الذي على الرغم من ثرائه المادي والبشري مازال في ذيل القائمات العالمية لمؤشرات التقدم العلمي والتكنولوجي. في المقابل يحقق العرب المقيمون في المهاجر والمنافي إنجازات علمية ومعرفية رائدة.
عدد طلبات تسجيل براءات الاختراع في إيران ضعف ما تسجله الدول العربية مجتمعةً
لماذا يصنف العالم العربي ضمن الأقاليم الطاردة للمواهب والكفاءات في العالم؟
في العام 1964 مثلاً سجلت إيران 80 طلباً لتسجيل براءات الاختراع للمقيمين في المقابل سجل العراق 130 طلباً. اليوم وبعد أكثر من نصف قرن تسجل إيران سنوياً أكثر من 13680 طلباً للمقيمين فيها في المقابل يغرق العراق، الغني بالغاز والنفط والعقول، في أزمة شاملة يواجه فيها البلد شبح الانهيار ويكافح من أجل تأمين أساسيات العيش بعيداً عن ترف الإختراعات.

كم براءة اختراع تسجل الدول العربية سنوياً؟

تعرف المنظمة العالمية للملكية الفكرية براءة الاختراع بأنها "حق استئثاري يمنح نظير اختراع. وبشكل عام، تكفل البراءة لمالكها حق البتّ في طريقة أو إمكانية استخدام الغير للاختراع. ومقابل ذلك الحق يتيح مالك البراءة للجمهور المعلومات التقنية الخاصة بالاختراع في وثيقة البراءة المنشورة". وتوجد طريقتان لتسجيل براءات الاختراع، بحسب جهة التسجيل. الأولى أن يسجل صاحب الاختراع براءته في الدوائر الرسمية المكلفة بالملكية الفكرية في بلد إقامته. أما في الثانية فيمكن للمخترع تسجيل براءته في بلد ثاني غير البلد الذي يقيم فيه. ولذلك تسجل الولايات المتحدة الأمريكية أعلى عدد طلبات تسجيل براءات الاختراع في العالم، لأن عدداً كبيراً من الطلبات يأتي من خارج أمريكا. فمن بين 7976 طلبا لتسجيل براءات الاختراع في الدول العربية سنوياً يوجد 2057 فقط طلبات لمخترعين ومبتكرين مقيمين في العالم العربي والبقية طلبات من الخارج. فعلى سبيل المثال سجلت الإمارات سنة 2014 أكثر من 1471 طلباً بينهم 24 طلباً فقط من مقيمين بالبلاد و1447 من خارج البلاد.

INFOGRAPHIC_PatentsINFOGRAPHIC_Patents

لكن هذه الأرقام لا تعكس الواقع العربي بوضوح. فالدول العربية تضم الكثير من المواهب والمخترعين الذين يسجلون سنوياً براءات اختراعاتهم وابتكاراتهم في المجالات العلمية والفنية والهندسية، لكنهم يفضلون تسجيلها في مكاتب براءات الاختراع الأجنبية خاصة في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، لوجود ضمانات قانونية أكبر للحافظ على حقوق الملكية الفكرية في هذه الدول وكذلك لوضوح الإجراءات القضائية في حال تم الاعتداء على حق الملكية الفكرية وسرعة التقاضي وضمان التعويض المادي والمعنوي.

بيئة طاردة للمواهب

في آخر تقرير له حول التنمية الإنسانية العربية يشير برنامج الأمم المتحدة الإنمائي إلى أن ما يقارب ثلث سكان المنطقة العربية هم من الشباب في أعمار 15 -29 سنة، وهناك ثلث آخر يقل عمرهم عن 15 عاماً، ما يضمن استمرار هذا الزخم السكاني إلى العقدَين المقبلين على أقل تقدير، ويُوفِّر فرصةً تاريخية يتحتّم على البلدان العربية اغتنامُها. هذه الكتلة السكانية غير المسبوقة في تاريخ المنطقة من شبابٍ في أهم سنوات القدرة على العمل والعطاء تكون طاقة هائلة قادرة على دفع عجلة التقدم الاقتصادي والاجتماعي إذا أتيحت لها الفرصة. لكن الحكومات العربية، مع استثناءات بسيطة، لا تريد اغتنام هذه الفرصة التاريخية. فكل الظروف السائدة في المنطقة والسياسات العامة تدفع الشباب والمواهب إلى الهجرة بعيداً، والبحث عن فرص أفضل للحياة والتميز المعرفي والمهني. إذ يعكس عدد طلبات تسجيل براءات الاختراع في العالم العربي بوضوح عن وضع الابتكار والبحث العلمي في المنطقة. وتعاني المنطقة على مستوى الاحتفاظ بالمهارات، كما تصنف ضمن الأقاليم الطاردة للمواهب والكفاءات عالمياً وبينهم المخترعون وأصحاب الابتكارات الجديدة الذين يجدون تشجيعات ومغريات في دول أخرى على المستوى المادي والعلمي وحتى النفسي من خلال درجة التقدير العالي التي يحضون بها. حتى أن الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما علق عقب الإعلان عن قائمة الفائزين بجائزة نوبل قائلاً: نحن الأمة التي فاز منها ستة من علمائنا وباحثينا بجائزة نوبل وكان كلٌ منهم من المهاجرين". وتستأثر الدول الصناعية الكبرى بقرابة 28 مليون مهاجر من أصحاب المهارات العالية، 70% منهم يقيمون في الولايات المتحدة، وكندا، وأستراليا والمملكة المتحدة، بفضل برامج جذب المواهب التي تعتمدها هذه الدول والقائمة على التسهيلات القانونية في الإقامة ومنح الدراسات العليا والتدريب وتسهيل الانخراط في سوق العمل، وفقاً لتقرير "التدفقات العالمية للمواهب" الصادر عن البنك الدولي في أكتوبر 2016. وكانت الإمارات قد أعلنت في فبراير الماضي، عن إقرار منظومة تأشيرات لدخول البلاد تركز على استقطاب الكفاءات والمواهب الاستثنائية، وقال محمد بن راشد آل مكتوب حاكم دبي: "إن الاقتصاد المستقبلي قائم على العقول والمواهب وعلى تطوير بيئة محفزة للابتكار وسيتم تطبيق النظام الجديد ضمن مراحل حيث تشمل المرحلة الأولى تأشيرات دخول سياحية وعلاجية وتعليمية في حين تشمل المرحلة الثانية تأشيرات لاستقطاب رواد الأعمال والمبتكرين والكفاءات التخصصية الاستثنائية في المجالات الطبية والعلمية والبحثية والتقنية والثقافية.'' في المقابل تعاني أغلب الدول العربية من تردي مستوى التعليم العالي وضعف الجامعات، خاصة في التخصصات العلمية، وعدم وجود مناخ ملائم للبحث العلمي على المستوى المادي من خلال ضعف الإنفاق الحكومي والخاص وعلى مستوى السياسات العامة. وتساهم الأوضاع الأمنية والحروب التي تعيشها دول عربية والتهديدات الإرهابية في تردي الأوضاع أكثر من أي وقت مضى وتجعل الاهتمام بتطوير القدرات العلمية والتعليمية والاهتمام بالمواهب والرفع من كفاءاتها ودعمها في سبيل الابتكار والاختراع، أمراً ثانوياً. إذ تذهب أغلب الموارد نحو استيراد السلاح وإخماد الانتفاضات الاجتماعية ومقاومة الإرهاب. إلى جانب كل ذلك، تقف السياسات القمعية لبعض الحكومات حجر عثرة أمام حركة الابتكار والاختراعات في بلدانها بذرائع شتى. فغياب الحريات الأكاديمية وحرية التعبير والنشر والتصميم، وهيمنة بعض القوى المحافظة الدينية والاجتماعية قد يمنعان الكثير من المواهب من إطلاق قدراتها، وخاصة من خلال التمييز المسلط ضد المرأة في التعليم والعمل والحياة الاجتماعية، الأمر الذي يهدر فرصاً كثيرة في الاستفادة من المواهب النسائية في العالم العربي.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image