شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
قوانين الجنسية العربية المتشددة في 5 محاور

قوانين الجنسية العربية المتشددة في 5 محاور

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

رأي

الأحد 16 أبريل 201711:01 م
على الرغم من تخلف البلدان العربية عن نظيراتها العالمية بمعايير حقوق الإنسان والحريات والتقدم الاجتماعي وحتى المستوى المعيشي (مع استثناء دول الخليج العربي هنا)، فقوانين الجنسية الخاصة فيها غالباً ما تكون متحيزة بشكل كبير؛ وفي معظم الحالات تجعل الحصول على الجنسية العربية أمراً شبه مستحيل للمقيمين فيها من الأجانب. واحد من أهم العوامل المؤثرة على صعوبة الحصول على جنسية عربية هو كون العديد من البلدان العربية مكان إقبال للعمالة الخارجية، فبينما تجذب دول الخليج الغنية العمالة الباكستانية والهندية بشكل كبير، فمعظم بلدان الشرق الأوسط تمتلك أعداداً كبيرة نسبياً من العمالة الخارجية وخصوصاً في حالة الخادمات المقيمات واللواتي يتم استقدامهن من البلاد الأفريقية الفقيرة أو من بلدان جنوب شرق آسيا. لكن في الوقت نفسه، اللاجئون الفلسطينيون عامل مهم للغاية في المعادلة. فالدول الأقرب لهم ترفض تجنيس غير المواطنين قطعاً (كما هي الحال في كل من سوريا ولبنان والأردن) فيما تمنع بعض البلدان كالعراق تجنيس الفلسطينيين بالتحديد سامحة بتجنيس الآخرين بشروط متوسطة الصعوبة نسبياً. قوانين الجنسية العربية متشددة، ويمكن أخذ نظرة سريعة تجاه الأمر وفق 5 محاور أساسية هي التالية:

حق الجنسية بالولادة

بينما يتيح العديد من البلدان في العالم حصول أي مولود على أراضيها على جنسيتها، فالأمر مختلف بشكل كبير في العالم العربي. الموقف العام هو منع شبه تام لحصول المولودين على الأراضي العربية على الجنسيات إلا في حالات خاصة، كأن يكون الطفل مجهول الوالدين فيحصل حينها على الجنسية بشكل تلقائي في حال لم يتم التعرف على والديه أو على جنسيتهما الأصلية. هناك بعض الاستثناءات هنا، فكل من العراق والبحرين والمغرب تتيح حصول المولود الأجنبي في أراضيها على الجنسية، بشرط أن يكون والداه مولودين ضمن البلاد أيضاً ولو لم يتمتعا بالجنسية. هذا الأمر يعني أن المهاجرين من الجيل الأول والثاني لا يحصلون على الجنسية بشكل أوتوماتيكي بل عليهم انتظار الحصول على الجنسية بالإقامة.

حق الأم بإعطاء الجنسية لأبنائها

في حال تزوجت امرأة عربية من رجل أجنبي (يحمل جنسية أي بلد آخر)، ففي معظم البلدان العربية لا يحق للأبناء الحصول على جنسية الأم إلا في حالات خاصة؛ كأن يكون الأب مجرداً من الجنسية أو لا يحق له إعطاء الجنسية لأبنائه. هذا الظلم الكبير الذي يطال النساء موجود في قوانين معظم البلدان العربية مثل سوريا ولبنان والأردن وبلدان الخليج العربي. في كل من الإمارات والسعودية يتيح القانون لأبناء مواطنات البلدين التقدم للحصول على الجنسية بعد سن البلوغ (18 عاماً) إلا أن هذه الطلبات تقابل بالرفض في الغالبية العظمى من الحالات مما يجعل القانون لا يطبق على أرض الواقع. الأمر أفضل نسبياً في كل من مصر والمغرب وتونس والجزائر (بداية من عام 2005) والعراق (بداية من عام 2006) حيث أصبحت الأمهات يعطين الجنسية لأبنائهن بشكل تلقائي. في سلطة عمان يحق للمرأة إعطاء جنسيتها لأبنائها، لكن الشروط تقترب من كونها تعجيزية، فالمرأة العمانية المتزوجة من أجنبي لا يحق لها إعطاء الجنسية لأبنائها إلا في حال كانت مطلقة أو أرملة منذ مدة لا تقل عن 10 أعوام. Arabian-Nationality_AFPArabian-Nationality_AFP

التجنيس بالزواج

بينما تتيح معظم بلدان العالم المتحضر اليوم إعطاء الجنسية للأزواج من الجنسين بسهولة، فالأمر في المنطقة العربية مختلف للغاية مع تمييز كبير ضد النساء، فبينما لا تعطي دول مثل سوريا والأردن والجزائر وقطر أي تسهيلات بخصوص تجنيس أزواج وزوجات المواطنين، فالبلدان التي تتيح التجنيس عادة ما تسمح بتجنيس زوجات المواطنين الذكور دون تجنيس أزواج المواطنات الإناث. فيما تتيح معظم البلدان العربية تجنيس زوجات المواطنين بعد مدة انتظار تراوح بين سنة وعشر سنوات حسب البلد (مع شروط إضافية كالاندماج بالمجتمع وإتقان اللغة)، فتونس والعراق (بداية من عام 2006) تتيحان تجنيس أزواج وزوجات المواطنين على حد سواء. أما سلطنة عمان فتتيح تجنيس زوجات المواطنين، لكنها تفرض شروطاً صعبة للغاية، فالمرأة الأجنبية المتزوجة من عماني يجب أن تنجب له طفلاً ذكراً لتتأهل للحصول على الجنسية بعد 10 سنوات من إعلان رغبتها بالحصول عليها (بشرط استمرار الزواج طوال المدة). بينما البحرين تتيح تجنيس زوجات المواطنين، لكنها تجرد المواطنة المتزوجة من أجنبي من جنسيتها البحرينية إلا في حال قدمت طلباً بالاحتفاظ بها.

تجنيس الأجانب

مع وجود أعداد كبيرة من العمال الأجانب في البلدان الخليجية، ووجود اللاجئين الفلسطينيين في كل من سوريا ولبنان والأردن بشكل أساسي، يعدّ تجنيس الأجانب قضية مثيرة للجدل بشكل كبير في العالم العربي. فبينما لا تسمح أي من سوريا ولبنان والأردن والجزائر بتجنيس الأجانب بالإقامة تحت أي ظرف، تتطلب قوانين البلدان الخليجية الإقامة التي تصل حتى 30 سنة، عدا كونها لا تعدو حبراً على ورق إذ لا تطبق في الواقع. بعض قوانين التجنيس العربية تظهر تحيزات واضحة، فالعراق الذي يعطي جنسيته للمقيمين لمدة تتجاوز عشرة أعوام، يستثني الفلسطينيين حارماً إياهم الجنسية تحت حجة "حق العودة". بالمقابل فالكويت التي تضع حواجز كبيرة أمام إعطاء الجنسية أصلاً، تجعلها حصرية للمسلمين فقط إذ يمنع إعطاء الجنسية لأتباع أي أديان أخرى.

تعدد الجنسيات

بينما تعدد الجنسيات ممنوع في العديد من البلدان الآسيوية مثل اليابان والهند، فعدة دول عربية مثل المغرب ومصر ولبنان والعراق والأردن والجزائر وتونس، تتيح لمواطنيها الحصول على جنسيات بلاد أخرى دون فقدان جنسيتهم الأصلية. المواطنون المتعددو الجنسيات يعاملون عادة معاملة المواطنين العاديين لكنهم كثيراً ما يعانون من تمييز ضدهم في مواضيع الترشح للبرلمان والمناصب القيادية، كما أن قوانين عدة بلاد عربية تمنعهم (على حد سواء مع المجنسين بالإقامة) من شغل أي مناصب حساسة أو قيادية.

مشكلة الفلسطينيين في الأردن

وفقاً لقانون الجنسية الأردني عام 1954، فالفلسطينيون من سكان الضفة الغربية يحق لهم الحصول على الجنسية الأردنية، إذ يتم منحهم بطاقات شخصية ذات لون أصفر لتمييزهم عن فلسطينيي مخيمات اللاجئين العشرة في الأردن. هذا القانون أتى نتيجة لضم الأردن أراضي الضفة الغربية إلى أراضيها عام 1950. بداية من عام 1988 وخصوصاً في السنوات الأخيرة، قامت السلطات الأردنية بسحب الجنسية الأردنية دون أسباب مباشرة من العديد من الفلسطينيين الأردنيين، حيث تقدر منظمة هيومان رايتس ووتش العدد بما يزيد عن 40,000 مواطن خسروا جنسيتهم. بداية من عام 2012 تعهدت الحكومة الأردنية بإيقاف هذه الممارسات التي كانت قد بررتها سابقاً بكونها مساعي للحفاظ على الهوية الفلسطينية للضفة الغربية؛ إلا أنها لا تزال تلاقي انتقادات متعددة من المنظمات العالمية بهذا الشأن.

"البدون": خليجيون دون جنسية

مع كون دول الخليج العربي حديثة نسبياً بمفاهيم المدنية والمواطنة، فتأسيسها كبلدان مستقلة وكون معظم مواطنيها يعودون أصلاً إلى قبائل تسبب بمشاكل متعددة، ولعل أهمها ظهور "البدون" (اختصاراً لـ"بدون جنسية") كجماعات لا تمتلك أي جنسية وتفتقد حقوق المواطنين العاديين وحق الحصول على الخدمات الحكومية. يتوزع "البدون" في كل من الكويت والسعودية والإمارات بشكل أساسي، وتقدر أعدادهم ببضع مئات من الآلاف وفق إحصائيات منظمة اللاجئين الخاصة بالأمم المتحدة، وهم يعودون بشكل أساسي إلى قبائل البدو الرحل الذين لم يسجلوا أسماءهم للحصول على الجنسية مع بداية ظهور بلدان الجزيرة العربية في القرن العشرين. كثيراً ما ترفض البلدان الخليجية احتجاجات البدون على حرمانهم من حقوق المواطنة، فالكويت مثلاً حولتهم من "مقيمين دون جنسية" إلى مقيمين دون جنسية خلال فترة الحرب العراقية الإيرانية والتوتر الذي خلقته في المنطقة، كما أن الإمارات العربية المتحدة ترفض الاعتراف بهم أصلاً، حتى أنها نفت بعض الناشطين الإماراتيين في مجال حقوق البدون.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.



* يعبّر المقال عن وجهة نظر الكاتب/ة وليس بالضرورة عن رأي رصيف22

Website by WhiteBeard
Popup Image