كثيراً ما تنظر منال إلى زميلاتها في الجامعة، هن اللواتي يحظين بشهرة واسعة في دفعتها المكونة من ألف شخص، يمسكن بالميكروفون ويتحدثن إلى طلاب يملؤون مدرجاً من دون خوف أو تردد.
تتابعهن منال (19 عاماً)، التي تدرس بالفرقة الثالثة بكلية الآداب قسم إعلام وعلوم اتصال، بشغف. وتسأل نفسها كثيراً كيف يفعلن ذلك؟
هي تخشى التحدث إلى خمسة أفراد فقط. وتخشى رفع صوتها إذا تجمع حولها عشرون، فكيف يتأتى لزميلاتها أن يتحدثن إلى ألف بمنتهى السلاسة والسهولة؟
يشير أحد استطلاعات الرأي إلى أن 41% من المشاركين يرون أن في الحديث أمام الجمهور خوفهم الأكبر، الذي يفوق خوفهم من الموت.
في حالة منال، يشغلها الأمر كثيراً ولا تستطيع تجاوزه. تشعر برغبة في الهروب من مواجهة لقاء يتطلب منها مداخلة أو أن تسأل سؤالاً في ندوة أمام الحضور أو حتى الاجتماعات التي يحضرها عدد كبير من صديقاتها.
هي على يقين من أن أزمتها مستعصية، لكن معظم خبراء الحديث العام ومدربي التنمية البشرية يؤكدون أن هناك حلولاً لمشكلتها.
فما هي مشكلتها؟
الخوف يتحول لفوبيا لدى الاستسلام
يقول محمد اسليم، مدرب التنمية البشرية المعتمد دولياً، إن هذا الخوف هو الأكثر شيوعاً في العالم، ويصل في بعض حالاته إلى حد تصنيفه بالفوبيا Glossophobia.
وفقًا لاسليم، تزول الرهبة بالممارسة، ويمكن التغلب على القلق المصاحب لها مع الوقت. أما التهرب وتجنب الحديث فيؤديان إلى تطور الحالة.
حينها، تلقي المشكلة بظلالها على قرارات وفرص عديدة في حياة الإنسان، فهناك من يتنازل عن اختيار تخصص دراسي يهواه إذا كان يتطلب تقديم عروض حية، أو يتفادى الترقية في الوظيفة والمهمات التي تتطلب الظهور أمام الجمهور أو حتى قيادة الحديث في اجتماعات موسعة.
كما أن هناك من لا يتجنب ذلك كلياً ولكن يتهرب بالحضور متأخراً عن الموعد أو يجعل شخصاً آخر ينوب عنه دائماً.
ثلاث خطوات تعيد الثقة بأنفسكم
يطرح فؤاد مرشد، المدرب التربوي والإخصائي النفسي، مجموعة من التمارين والأفكار التي يجب أن يكررها الشخص لتساعده على تخطي خوفه وبناء ثقته بنفسه.
1- أولاً، علينا الإيمان بقدراتنا والثقة بالنفس، متقينين أن الآخرين ليسوا أفضل منا.
2- التدريب المستمر على الحديث أمام آخرين أقل عدداً كالأصدقاء والزملاء في العمل.
3- التهيئة الجيدة للموضوع المراد الحديث عنه، والإلمام به جيداً.
ست خطوات لإيصال الأفكار بوضوح
يقول موفق جمال، عضو الأكاديمية البريطانية لتنمية الموارد البشرية إن الخوف شعور صحي، وهو ما يشعر به الكثيرون عند مواجهة الجمهور.
"حتى أغلب الناس الذين يعتبر عملهم قائماً على مواجهة الجمهور باستمرار، يخالجهم نفس الشعور كالساسة وفناني المسرح، ولكنهم تعلموا كيف يسيطرون عليه"، يضيف جمال.
ويلخص جمال خطوات التخلص من هذا الخوف، وإجراء حوار ناجح مع الجمهور في 6 خطوات.
1- التفكير بوضوح: فكلما كانت الفكرة التي تتحدثون فيها واضحة لكم، سهل الوصول إلى المستمعين.
2- التخطيط: فإذا كان عملكم يتطلب التحدث في ظروف صعبة، أو كنتم تريدون أن تعبروا عما يجوب في ذهنكم خلال اجتماع الموظفين، فإنكم تحتاجون إلى خطة واضحة قبل البدء في الكلام.
كل موضوع يتكون من ثلاث مراحل:
البداية، ويجب أن نتحدث فيها بوجه عام عن الفكرة المراد توصيلها، ونحاول أن يكون المدخل فكاهياً أو إنسانياً لجذب اهتمام المستمعين.
المرحلة الثانية هي الدخول في صلب الموضوع، وهنا يجب التركيز على الوقائع والأحداث وعدم التأثر بآراء الآخرين.
المرحلة الثالثة والأخيرة هي الخاتمة، ويجب أن تكون قوية وفيها مراجعة لما تم قوله.
3- تقديم الحقائق والأرقام: احتفظوا بالمعلومات التي حصلتم عليها خلال بحثكم وقدموها كأرقام وأدلة تدعم الموضوع.
4- الابتسام دائماً: فإن الابتسام قوتكم لاكتساب الحضور، وإضفاء الثقة على أنفسكم.
5- رفع الصوت قليلا: فأنتم لا تتحدثون مع أنفسكم، وحاولوا أن تنوّعوا في نغماتكم الصوتية لإضفاء المعنى على كلماتكم.
6- استخدام لغة الجسد: كالوجه واليدين، للتعبير عن المواقف المختلفة التي تتحدثون عنها.
ثلاث خطوات جسدية بسيطة للعلاج
يشرح الدكتور محمد مصطفى، استشارى الصحة النفسية والأسرية، الخطوات الجسدية التي لها تأثير نفسي يساعد على تقديم حديث ناجح للجمهور وهي.
1- التنفس بعمق، فأنتم تحتاجون أثناء عرضكم إلى العضلات التي تمد بالطاقة والحيوية، وهي تعتمد اعتماداً كلياً على توفر الأوكسجين اللازم من خلال الاسترخاء والنفس العميق، وقلّة التنفس تساعد على التوتر والقلق.
2- التحرك أثناء تقديم العرض، فقد يعاني المتحدث من التوتر نتيجة وقوفه في مكان واحد أثناء عرضه، لذا زيادة الحركة تساعد على التقليل من التوتر، سواء كانت تلك الحركة هي حركة للجسم أو لليدين أو للرأس أو للعينين.
3- الاتصال البصري مع الجمهور يساعد على جعل التعامل معه أشبه بعلاقة شخصية. لذا تواصلوا مع عيون الحاضرين أثناء عرضكم، وكأنكم توجهون الحديث إلى كل منهم. الاتصال البصري يزيد من استرخائكم ويجذب الجمهور ويزيد اهتمامه بكم.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.