شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
أبرز ابتكارات العرب العسكرية من العصر الجاهلي حتى العثماني

أبرز ابتكارات العرب العسكرية من العصر الجاهلي حتى العثماني

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

سياسة

الثلاثاء 11 أبريل 201703:32 م

العرب أمة السيف، سادة القرون الوسطى، تاريخهم ديوان حافل بالحروب، قبل الإسلام وبعده. خلال تاريخهم، مرت الأسلحة العربية بالكثير من الأطوار، مستفيدة من التقدم العلمي الذي أحرزه العرب والمستعربون، ومن التلاقح الحضاري مع الشعوب الأخرى. هكذا، كانت الأسلحة الفارسية والآشورية والهندية الأسلاف القديمة للسلاح العربي، وكان الجيش البيزنطي نموذجاً لقواتهم البرية. فبدأ المترجمون بترجمة الكتب العسكرية عن اليونانية واللاتينية والسنسكريتية، وبدأ العلماء في إجراء التجارب، وقام المهندسون بتطوير الأسلحة، وبحلول القرن العاشر كان للعرب "فن" خاص بهم للحروب.

الرمح

أول الأسلحة الهجومية التي عرفها العرب كانت الرمح وهو عصا طويلة ذات رأس مدبب، ويتكون من القناة والسنان ويستخدم للطعن والرمي والنقب، وقد يكون من الخشب القوي أو المعدن. وكان العرب في البداية يستوردونه من الهند، ثم طوروه وجعلوه سلاحاً محرقاً، بلف قطعة من اللباد مشبعة بمزيج من المواد القابلة للاشتعال حول سنانه. وابتكر الشيخ أبو حسن الأبرقي، في القرن الثاني عشر الميلادي، الرمح ذا السنان النشّاب وجديده أن حربة الرمح تنطلق باتجاه الخصم بمجرد أن يضغط المحارب على زر معين في قناة الرمح نفسه. واستمر استعمال الرماح قائماً حتى أعقاب العصر المملوكي.

الخنجر

واستعمل العرب أيضاً الخنجر وهو سلاح ذو حد أو حدين أقصر من السيف، وأقدم منه، يوضع في قراب يحمل وسط الجسم، وكان يستخدم للطعن خلسة، وكانت النساء يحملنه في الغزوات للدفاع الشخصي. وقد تفنن العرب في زخرفته، ومنه أنواع مختلفة كالحويرث والجنبية أو القديميا.

السيف

يعد السيف أيقونة السلاح العربي منذ العصر الجاهلي، وظل محافظاً على مكانته حتى تداعت تدريجياً مع انتشار البنادق في بدايات العصر العثماني. وهناك أنواع عديدة منه مثل: اليماني (نسبة إلى اليمن وكان أجود السيوف) والهندي (استورده العرب من حيدر آباد) والقلعي والمشرفي والسريجي (ابتكره رجل اسمه سريج من بني أسد الذين اشتهروا قديماً بالحدادة). والكوفي (ابتكره رجل يدعى زيد بالكوفة) وغيرها.

القوس والسهم

ومنذ العصر الجاهلي استخدم العرب القوس والسهم وهي آلة حربية تستخدم في الرمي، تصنع من عود من الخشب اللين المتين، مقوس كالهلال، تثبت عليه أوتار من الجلد ترمى به السهام. أول من عمل القسي (الأقواس) من العرب رجل من بني الأسد يدعى ماسخة، كما ذكر الأصمعي، واستمر كسلاح أساسي حتى نهاية العصر المملوكي. واخترع العرب القوس الأنبوبي وهو نقلة كبيرة في صناعة القسي والجد القديم للبندقية، فقد أضافوا قطعة جديدة إلى القوس سموها "المجراة" وهي أنبوب من الحديد أو الخشب فيه شق يوضع فيه السهم، ثم يطلق فيندفع لمسافة بعيدة، وبدقة متناهية، وكانت "المجراة" أول أطوار القصبة (السبطانة) في الأسلحة النارية. كما أن الانواع التي صنعت في أواخر القرون الوسطى من هذه القسي، تشبه إلى حد بعيد "الغدارات النارية". كما اخترعوا قوس الحسبان وهو سلاح فردي طوّره العرب ويمكنه أن يطلق مجموعة من السهام الصغيرة دفعة واحدة.
كان للعرب "فن" خاص بهم للحروب، وكانوا يطوّرون الأسلحة التي يستلهمونها من الآخرين
العرب أمة السيف، تاريخهم ديوان حافل بالحروب، قبل الإسلام وبعده... إليكم أبرز ابتكاراتهم العسكرية

الدبوس

عرف العرب الدبوس أو المطرقة، وهي عصا قصيرة من الحديد لها رأس حديدية مربعة أو مستديرة يحملها الفرسان في سروجهم ويتقاتلون بها عند الاقتراب، وظلت مستخدمة حتى العصر المملوكي.

البلطة وأشباهها

استخدم العرب البلطة وهي سلاح له نصل مسنون من الحديد مركب في قائم من الخشب، وكانت مهمة "البلطجية" فتح الطرقات في الغابات أمام الجيوش وقطع كل ما من شأنه أن يعوق تقدمهم. كما أخذوا الطبرزين عن الفرس، وهو يشبه البلطة برأس نصف مستدير، يركب في قضيب من الحديد أو الخشب القاسي. وبدأ العرب في استخدامه لأول مرة في الحروب الصليبية وتحديداً في موقعة المنصورة التي جرت بين المصريين والصليبيين، ثم قل استخدامه تدريجياً منذ ذلك.

العمود

كذلك يعد العمود من الأسلحة العربية وهو آلة حربية ثانوية من حديد ذات أضلع يحملها الفرسان في السروج تحت أرجلهم، ويتقاتلون بها بعد التضارب بالسيوف والرماح. كما استعملوا النبوت ويبدو من اسمها أنها آلة سريانية، وهي عصا غليظة مفلطحة الرأس، مرفقة من طرف وثقيلة من الطرف الآخر، وقد يجعلون في رأسها المسامير الحادة لتصبح أكثر تأثيراً. كما استعانوا بالخطاف وهو يشبه الطبرزين، ولكن رأسه أقل استدارة وأصغر حجماً.

الدرع

اقتبس العرب الأسلحة الدفاعية عن الأمم الأخرى، فأخذوا عن الفرس الدرع وهو ثوب من حلقات حديدية، لحماية البدن من العنق إلى الركبتين أو ما دونهما، وأتقنوا صناعته وطوروه. فاخترع مرضي بن علي المرضي الطرسوسي مزيجاً معدنياً لصناعة الدروع كيلا تتأثر بضربات السيوف وطعنات الرماح وشقات السهام. انتهى عصر الدروع في العصر العثماني مع انتشار الأزياء الإفرنجية العسكرية.

الترس

عرفوا أيضاً الترس أو المجن وهو صفيحة من المعدن أو الخشب تمسك باليد بواسطة مقبض لحماية المقاتل، صنعه العرب منذ العصر الجاهلي، من جلد البقر ثم الخشب. واخترع أبو الحسن الأبرقي ترساً يستعمل كسلاح هجومي أيضاً بإطلاق سهم منه بالضغط على زر خفي في عقبه، كما اخترع الطرسوسي مزيجاً من المعدن لا تؤثر فيه ضربات السيوف.

الحسك الشائك

استعمل العرب نوعاً بدائياً من الألغام يسمى الحسك الشائك وهو شوك من الحديد له ثلاث شعب، يلقى حول المعسكر، وكيفما وقع على الأرض برز منه سن مرتفع، فإذا داسه جواد أو إنسان عطب، وكان ينشر حول الخنادق لتحصينها.

الدبابة

بدءاً من العصر الجاهلي أخذ العرب آلات الحصار من الآشوريين مثل الدبابة وهي آلة لنقب الأسوار، عبارة عن صندوق خشبي عليه برج مربع مسقوف بلا أرضية يسير على عجلات وتحته عدد من الجند يدفعونه إلى سور الأعداء لكي يحدثوا فيه ثغرة، وطورها العرب وضخموها وغطوها بالجلد المشبع بالخل كي لا تشتعل بسهولة. ولعبت الدبابة دوراً مهماً في معارك الجيش العباسي، لا سيما في معركة عمورية عام 837.

الكبش

أخذوا عن الآشوريين الكبش وهي آلة لدك أبواب وأسوار المدن، عبارة عن كتلة خشبية ضخمة مستديرة ركب في نهايتها رأس من الحديد، يشبه رأس الكبش، محمولة بسلاسل. وكان يأخذ الجند في أرجحة رأس الكبش للخلف والأمام، ويصدمون به الأسوار عدة مرات حتى تنهار، واستخدمها العرب اليمنيون في العصر الجاهلي. واستخدمها المسلمون في غزو منطقة الكيرج في الهند سنة 725، وفي محاصرة عمورية سنة 837.

الزحافة

اقتبسوا عن الآشوريين الزحافة وهي برج متحرك مؤلف من عدة طبقات يختبئ فيه الجند، يُحمل على ناقلة تدفع باتجاه سور مكان محاصر، وينتهي بقنطرة خشبية يمكن إلقاؤها على طرف سور الحصن ليمر عليها الجند عند اقتحامهم السور. ظلت الزحافة مستخدمة على نطاق واسع في الجيوش العربية واستخدمت في الحروب الصليبية من قبل الطرفين على السواء، ثم اختفت منذ ذلك الحين.

المقلاع

وعرف العرب آلات رمي الحجارة مثل المقلاع وهو آلة بدائية عرفوها قبل الإسلام تتكون من قطعة مستديرة من الجلد أو القماش، يوضع فيها حجر، ولها حبلان أو ثلاثة مربوطة بالكفة ويقوم الرامي بتدويرها عدة مرات ثم يفلت أحد هذه الحبال لتنطلق قطعة الحجر.

المنجنيق


وأخذوا المنجنيق عن الفرس وهي آلة حربية لرمي الحجارة في الأساس، من خلال ذراع خشبي متحرك مثل الشادوف قائم على قاعدة من الخشب السميك، وطوروها بحيث تطلق كرات النفط بدلاً من الحجارة، وحققوا بها انتصارات هائلة في الحروب الصليبية، ثم انتهى أمرها مع ظهور المدافع في العصر العثماني. وعرفوا أيضاً العرادة: آلة حربية تشبه المنجنيق، وأصغر منه حجماً، وتستخدم للقذف، وكذلك الرتيلة وهي آلة تقذف الحصى على العدو.

الغازات الخانقة

كما اكتشفوا الغازات الخانقة باستخدام الكبريت والزرنيخ مع الكلس.

الزرافات أو القنابل

  وعرفوا القنابل أو الزرافات كما سموها، وتصنع من زجاج أو حجر مجوف مملوء بالنفط، فيشعلها الضارب ثم يرمي بها ويكسرها. وقد استعملت تلك القنابل في القتال البري أواسط أيام الدولة العباسية كما ذكر ابن الأثير، وغلب استخدامها في المعارك البحرية.

أول غواصة في التاريخ

وقد ذكر الطرسوسي في "تبصرة أرباب الأرباء في كيفية النجاة في الحروب من الأسواء" أن معاوية بن أبي سفيان لما استعصى عليه غزو القسطنطينية، فكر في صنع سفينة يمكنها أن تغوص تحت سفن الأعداء وتغرقها، فاخترع ما نسميه اليوم بـ"الغواصة" وسماها سمكة البحر، وحقق بها بعض النصر، لكن استخدامها لم يتعدّ هذا التاريخ.

النار الحضرية

وابتكر العرب أسلحةً ناريةً مثل النار الحضرية (النار اليونانية) وهي خليط كيميائي شديد الاشتعال، منشؤه مدينة (الحضر) في البادية، في القرن الثالث للميلاد تقريباً، وكانت تصنع من كرات النفط الثقيل وأضيف إليها القير ثم مسحوق بذر الكتان ونوع من البخور، ثم تطورت وأضيفت إليها مادتا نترات البوتاسيوم والتربنتين، وخام حجر الكحل وشحم وجير حي، وكانت تحترق تلقائياً إذا رطبت بالماء أو احتكت بالهواء في انطلاقها، فتنفجر وتحرق كل ما يصادفها. 

هل تعرفون أن معاوية بن أبي سفيان اخترع أول غواصة في التاريخ، عندما كان يحاول غزو القسطنطينية؟ لكن استخدامها لم يتعدّ هذا التاريخ

استعملها العرب في الحروب الصليبية لا سيما في الحملة السابعة حيث كانت مفاجأة مدوية للصليبيين كبدتهم أفدح الخسائر. وتقدم العرب في تطويرها في أساطيلهم لا سيما في العصر الفاطمي.

المرايا المحرقة

كما استعمل العرب المرايا المحرقة وهي سلاح عبقري، شرحه ابن أخي حزام في كتاب "المخزون جامع الفنون"، ونقلوه عن اليونان وطوروه، وهو عبارة عن مرايا تجمع أشعة الشمس وتسلطها على المدن والقلاع المحاصرة. وذكر القلقشندي في كتابه "صبح الأعشى في صناعة الإنشا" أنها كانت تستخدم لحرق القلاع بشعاعها. ولعل الحسن بن الهيثم أول من أثبت هندسياً حالات الإحراق بالمرايا المحرقة، وقد ألف في ذلك "رسالة المرايا المحرقة بالقطوع".

البنادق


عرف العرب البنادق وسموها الجلاهق وكانت تطلق البندق (الرصاص) من الجراوة (كيس من الجلد) يحمله "البندقي"، واستخدمت بكثرة بداية من العصر المملوكي. وأول عهد للعرب بالبنادق كان مع "البنادق الهوائية"، وكانت طرازاً بدائياً يتكون من أنابيب نحاسية، بها فتيل مشتعل في طرفها، وكانوا يضعون كرات من خليط النار اليونانية في الأنبوبة وينفخونها بالفم عبر الأنبوب فتنطلق وتشتعل بملامسة الفتيل. ولقد أدى التشابه بين البندق والبندقية إلى زعم بعض الباحثين أن العرب أخذوا البندقية عن مدينة البندقية (فينيسيا) الإيطالية، في حين أن البندقية المذكورة في مصادر التاريخ العربي ليست سوى تلك الأنابيب النحاسية الهوائية البسيطة، ومنشأ هذا الالتباس أن كلمة بندق في اللغة تعني الذي يُرمى به، لأنهم كانوا يرمون كرات النار عبر هذه الأنابيب. أما البندقية الحديثة فقد شهدت تحسينات كثيرة بدءاً من القرن الخامس عشر.

المصادر والمراجع: تقنية السلاح عند العرب، عبد الجبار السامرائي، مجلة المورد العراقية - العسكرية العربية الإسلامية، محمود شيت خطاب، سلسلة كتاب الأمة - كتاب تبصرة أرباب الألباب، تحقيق كلود كاهن، مجلة التراث العربي السورية - الطريقة العربية للحرب، باسل أبو العينين، مجلة القوة الجوية والفضائية ASPJ - مختصر سياسة الحروب للهرثمي، تحقيق عبد الرؤوف عون، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر.


رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image