ينطلق قريباً على شاشة الـLBC الفضائية برنامج تلفزيون الواقع "إخوات خوات" الذي يجمع الشقيقات أليس ونادين وفرح عبد العزيز، الفاشينيستاس Fashionistas اللبنانيات ذوات الأجسام الطويلة والرفيعة والوجوه الجميلة التي أعيد رسمها بعمليات التجميل. إعلان البرنامج وحده أثار بلبلة على وسائل التواصل الاجتماعي، وقارن الكثيرون فتيات النسخة اللبنانية - العربية بفتيات الكارداشيانز Kardashians الشهيرات. في الواقع، تلك الظاهرة الجديدة التي ستنطلق على الشاشة اللبنانية ستحمل الكثير من التجربة الكارداشيانية الأمريكية، وقد يكون لها الانعكاسات والآثار الجانبية نفسها التي خلّفتها نظيرتها الغربية.
ظاهرة الكارداشيانز
“Keeping up with the Kardashians”، برنامج تلفيزيون واقعي تبثّه قناة E! الأمريكية منذ العام 2007، يعرض واقع حياة الشقيقات كيم Kim وكورتني Kourtney وكلوي Khloé كارداشيان، شقيقهن روب Rob، أمهن كريس جينر Kris Jenner، وزوجها بروس Bruce، وبناتهما كيندل Kendall وكايلي Kylie جينر، بالإضافة إلى شخصيات أخرى تترك آثارها على العائلة التي تحتل المرتبة الرقم 1 في الولايات المتحدة والعالم. كيم كارداشيان هي الأكثر شهرة بين أفراد العائلة على وسائل التواصل الاجتماعي. بدأت بفيلمٍ إباحي تسرّب قبل بضعة أعوام إلى الإعلام وساهم في تسليط الضوء على تلك النجمة التي أصبحت اليوم “رمزاً ثقافياً” شعبياً في الحياة المعاصرة، يتابعها 26.9 مليون شخص على إنستغرام، وملايين آخرون هنا وهناك على باقي وسائل التواصل الاجتماعي. يتداول الجمهور أخبار كيم يومياً بنهم كبير، ولكن، ما الذي فعلته لتستحق كل هذا التقدير والإعجاب؟
معروف أن أفراد عائلة كارداشيان، وبالأخص كيم، لا يتمتعون بأية موهبة ولا يقدمون شيئاً للمشاهد، بل يأخذون ساعات من وقته، ليظهروا له كيف يعيشون بترف في أفخم الشقق، ويصرفون الأموال على التبضع وممارسة الهوايات التي هي حكر على فئة صغيرة جداً من الناس. يحاول هذا التقريرٌ المرح المنشور على موقع Thought Catalog شرح كيف تمكنت عائلة كارداشيان في أن تبقى على رأس لائحة مشاهير العالم مدى أعوام، من خلال التطرق إلى الهوس الجماعي الذي يحمله المشاهدون لتلك العائلة وأسبابه. عائلة الكارداشيان تعمل وتعيش وتتنفس لترفيهنا، وهي تنجح في ذلك. نتسمّر قبالة شاشاتنا لمشاهدة ما ليس في متناول أيدينا: أغنياء يشترون منتجات فاخرة بلا حسبان، فتيات وشبان في منتهى الجمال يقعون في غرام أناس يعادلونهم جمالاً. هذا كل ما يفعله الكارداشيانز، وهذا ما يطلبه الجمهور على ما يبدو. الجمهور هو المسؤول الأول عن نجاح البرنامج وشهرته، فمعظم الناس لا يستطيعون صرف كل تلك الأموال على التسوق والترف، ويحلمون بذلك. الكارداشيان يحققون لهم ذلك الحلم. من جهة أخرى، لا يعرف هذا البرنامج الرقابة، الكل مفضوح أمام الجمهور، من مشاكل الحب والجنس إلى المشاكل الصحية والسيلوليت مروراً بنوبات الإحباط والغضب.
نجاح البرنامج حوّل كل ما يظهر في حلقاته إلى علامة تجارية شهية للاستهلاك. الكارداشيانز يستطيعون تحقيق النجاح وجلب الثروات لأية ماركة وسلعة، ولأنفسهم بالتأكيد. في العام 2010 كسبت العائلة مبلغاً قدره 65 مليون دولار، أي أكثر مما حققه توم كروز Tom Cruse وساندرا بولوك Sandra Bullock وأنجلينا جولي Angelina Jolie مجتمعين. كيم كارداشيان حققت القسم الأكبر من هذه الثروة، إذ تتقاضى وحدها 25 ألف دولار بمجرد ذكرها ماركة ما في تغريداتها، ومبلغاً يراوح بين 100 و250 ألف دولار لمجرد ظهورها علناً في حدث ما. نتحدث دوماً عن مدى سذاجة تلك العائلة وفراغ أفرادها، ولكننا بفعل ذلك نساهم بإدخال أموال خيالية إلى جيوبهم.
ولكن أين فتيات عبد العزيز من كل ذلك؟
الوسائل الإعلامية على جميع أنواعها في خدمة الجمهور الكبير، إذ تتفاعل مباشرة مع الطلب العام، فإذا ما كانت البرامج الواقعية السطحية تتصدر الشاشات، فذلك ببساطة لأننا نفرط في استهلاكها. اللوم لا يقع على عائلة كارداشيان، أو أي عائلة أخرى تحاول تجربة تلفزيون الواقع، بل علينا، نحن المشاهدين. فهم يعطوننا فقط ما نحن نريده.
التعلق المفرط بأخبار المشاهير في عصرنا الحديث يعود إلى عاملين: وسائل الإعلام الاجتماعية وارتفاع مستويات النرجسية بشكل كبير. يستخدم المشاهير وسائل التواصل الاجتماعي اليوم ليتشاركوا تفاصيل حياتهم الشخصية مباشرة مع معجبيهم، وهذا ما يعزز التقارب بين الطرفين ويجعل العلاقة تبدو شبه حقيقية. من جهة أخرى، تمكن هذه الوسائل المستخدمين من بث حياتهم علناً، كما لو كانوا من المشاهير، وتحول أصدقاءهم ومعارفهم، وحتى الغرباء حولهم، إلى معجبين ومتابعين. ساهم ذلك في زيادة الحالة النرجسية الإنسانية، كما يبيّن البروفيسور جان توينج Jean Twenge قائلاً: "نحن اليوم أكثر هوساً بذاتنا وماديين وجائعين للشهرة وأنانيين أكثر من أي وقت مضى". والمثير للقلق في إعجاب الأفراد بالنرجسيين، هو كونه يعكس قبولاً جماعياً للنرجسية. كيم كارداشيان هي مرآة لنا، تؤكد جوعنا الدائم للأموال الكثيرة والسيارات الجميلة والأزياء الفاخرة والبيوت النادرة والرجال الوسيمين والفتيات ذوات المؤخرات المغوية، ونجاح برنامج الشقيقات عبد العزيز سيكون بمثابة مرآة أخرى، ولكن أقرب إلى الجمهور العربي.
هوس العرب بتجربة كيم كارداشيان التلفزيونية هو خير دليل على ما قد ينتظرنا في التجربة المقبلة مع فتيات عبد العزيز. ليس خافياً أن المجتمع العربي عشق كيم، برغم كل البعد بين الثقافات، وهذا ما دفع النجمة إلى القيام بزيارات عدة إلى المنطقة، منها إلى البحرين، والكويت، والإمارات وغيرها. وقد أشيع أنها قبلت دعوة إلى السعودية لإمضاء سهرة مع أميرٍ سعودي مقابل مليون دولار. لا تنقص الشقيقات عبد العزيز الأوصاف المطلوبة لينلن شهرة الكارديشيان في العالم العربي، لا الجمال ولا الأموال ولا الشغف بالموضة، ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: هل الجمهور العربي فعلاً بحاجة إلى “سلع” كارديشيانية جديدة؟
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.