شنّت نساء سعوديّات حملة لقيادة السيّارة في نوفمبر من العام 1990، انتهت باعتقالهنّ، ومنعهنّ من السفر، وفصلهنّ من وظائفهنّ. كانت تلك الموجة الأولى من موجات قيادة السيّارة علناً، لمعت خلالها أسماء ناشطات حاولن أن يكسرن الحظر. في العام 2011، قادت منال الشريف السيارة، وتبعتها سيدات كثيرات مثل بارعة الزبيدي ولجين الهذلول والمخرجة هناء الفاسي.
تقول الفاسي لرصيف22 أنّها قادت سيارتها لأنّ السائق لم يكن متوافراً. وتباينت ردود أفعال المارة، فبعضهم تجاهلها، في حين التفت بعضهم مرتين ليتأكدّوا أنها سيدة، لكنّها لم تتعرض لأيّ مضايقة. أمّا لجين الهذلول، فقد احتجزت لمدّة 73 يوماً، بعدما قادت سيّارتها في العام 2014، على الحدود السعوديّة الإماراتيّة.
لم تتجرّأ نساء كثيرات على قيادة السيّارات في السعوديّة، نظراً لعدم وجود قانون واضح وصريح يسمح بقيادة المرأة، خصوصاً في المدن الكبيرة.
نستعرض في هذا التقرير قصص سعوديّات خرقن الحظر، خصوصاً بعض المقيمات في مناطق الريف والبادية حيث يقدن السيارة منذ عقود وبشكلٍ يومي، من دون أي اعتراض من المجتمع أو من الجهات التنفيذية. قصص خفية ومغامرات مثيرة وأحياناً تراجيدية.
حين تستلم المرأة المقود
قيادة المرأة السعودية للسيارة ممنوع بشكل مطلق وعام، ولكن هناك قصص لسيدات، غالباً كبيرات في السنّ أو من مجتمعات البادية، يقدن السيارة في ظروف استثنائية. من تلك القصص، قصّة السيّدة نورة القحطاني (40 عاماً) من مدينة القويعية. تقود القحطاني سيارتها البيك آب في الصحراء، لإنجاز المهام اليوميّة، وشراء الحاجات الطبية لوالديها، إذ أنّها ترفض الزواج والاتكال على رجل في حياتها. تعتبر الصحراء المكان المثالي لقيادة السيارة للعديد من السيدات السعوديات، نظراً لسهولة القيادة، بالإضافة إلى تسامح المجتمع الريفي أو البدوي في المناطق النائية أو الصحراوية مع ذلك. يضاف إلى ذلك عنصر هام، هو أن المجتمعات الصغيرة تغلب عليها البساطة والتلقائيّة، وعدم التدخل في شؤون الآخرين، لذلك تجد بعض السيدات فرصة جيدة لتعلم القيادة فيها. من ناحية أخرى، تستغل بعض الشابّات السعوديات سفرهن لتعلّم القيادة، مثل أم سعاد، وهي طالبة ماجستير إعلام في الولايات المتحدة. تقود أم سعاد السيارة منذ 3 سنوات، وتقول إنّها جربت القيادة في السعودية في ظروف محدّدة فقط، مثل اضطرارها يوماً لإيصال أختها إلى المستشفى في حالة ولادة طارئة، انتهت نهاية سعيدة، من دون أن يتعرّض لهما أحد. وتداول مغرّدون قبل ثلاث سنوات، مقطعاً شهيراً لسيدة في مدينة وادي الدواسر جنوب السعودية تقود سيارة من نوع بيك آب. المميز في المقطع، هو أن السيدة كانت تقود بالقرب من محطّة وقود، وذلك عكس السائد أو المتعارف عليه. وتقود سيدات السيارة في مدن صغيرة خصوصاً في شمال أو جنوب المملكة، لعدّة أسباب أهمّها قلّة الدخل المادي، فيصعب على بعضهن توظيف سائق، وبسبب سفر أبنائهن إلى المدن الكبرى مثل الرياض وجدة والدمام للعمل. تشهد السعوديّة انقساماً حادّاً بين مؤيدي ومعارضي قيادة المرأة السيارة. فبعض العلماء، ومنهم أحمد الغامدي، مدير "هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر" في مكّة سابقاً، يرى أنه لا مانع شرعياً في قيادة المرأة. ويمثّل الغامدي، ومعه بعض العلماء، الجانب الأكثر اعتدلاً في الطيف العلمي والشرعي، ومعه عبدالله الحكمي وعائض القرني. بينما يميل بعض العلماء خصوصاً أتباع المدرسة التقليدية، وعلى رأسها الشيخ صالح الفوزان، عضو هيئة كبار العلماء في السعودية، إلى تحريم قيادة المرأة، لما يجده فيها من طريق لفساد المجتمع. ويمثّل الفوزان الصوت الأكثر تشدّداً في الوسط العلمي الرسمي، ويتّفق معه مفتي المملكة الشيخ عبدالعزيز آل الشيخ الذي صرّح في أكثر من مناسبة عن ضرورة تحريم قيادة المرأة.وإن قادت السيارة؟
السؤال هو ماذا يحدث للمرأة السعودية حين تضبطها شرطة المرور "متلبسةً"؟ في بعض حالات يسمح لها بالمرور، وفي حالات أخرى خصوصاً في المدن الكبيرة، تنزل من السيارة بانتظار وصول والدها أو زوجها، من دون عقوبة. وفي حالات نادرة توقّع على تعهّد، وأحياناً تتجادل مع شرطي المرور كما في مقطع شهير انتشر على مواقع التواصل الاجتماعي يجمع سيدة في جدة تقود السيارة، وشرطيّ. في الفيديو تحاول السائقة إقناع الشرطيّ بأن قيادتها للسيارة ليست أكثر خطورة من قيادة مراهق تحت السنّ القانونية، لا يوقفه أحد ولا يُعاقب. في أحيان أخرى، تأخذ الأمور منحىً سيئاً، وهناك بعض القصص الحزينة لسيدات قدن السيارة في مدن كبرى من دون تدريب أو رخصة، وانتهى بهنّ الأمر بحوادث عنيفة. في المقابل، هناك بعض القصص التي تعكس الجانب البطولي عند بعض السيدات السعوديات، مثل قصة المعلمة الشهيرة أماني المنصور التي أنقذت حياة زميلتها من موت محقّق بعد وفاة سائقهما إثر نوبة قلبية.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع