في 29 مارس المقبل، ستحتضن العاصمة الأردنية عمان الدورة الثامنة والعشرين للقمة العربية، وذلك بعد اعتذار دولة اليمن، نظراً لظروف الحرب التي تشهدها أراضيها منذ نحو عامين.
27 قمة عادية عربية انقضت وسط ظروف سياسية واقتصادية عصيبة مرت بها المنطقة العربية. في معظم الحالات، اعتاد الزعماء العرب أن يجتمعوا ليتناقشوا ويخلصوا إلى بيانات ختامية لا تخرج عن إطار التنديد والشجب والإدانة. وقلما اتخذوا بعض القرارات المهمة التي وجدت لها صدى على الأرض، وشاركت في تشكيل الواقع وتغييره بدلاً من مشاهدته والرضوخ لأحكامه.
وفي خضم مداولات القمم، وقعت شجارات ومصادمات كثيرة بين الرؤساء والزعماء العرب.
الرباط 1969: أقدم المشاجرات في القمة
أقدم المشاجرات المعروفة التي وقعت في القمة العربية حدثت في القمة العربية الخامسة، في العاصمة المغربية الرباط عام 1969.
شهدت تلك القمة المشاركة الأولى للرئيس الليبي الراحل معمر القذافي الذي كان وقتها شاباً صغير السن لا يعرف الكثير عن البروتوكولات والقواعد والنظم المتبعة في القمم العربية.
ينقل الصحافي المصري الكبير محمد حسنين هيكل في كتابه "كلام في السياسة" بعضاً من الصدامات التي تسبب بها القذافي في القمة، فيقول: "قبل بدء أعمال القمة، جاء رئيس الديوان الملكي المغربي، يبلغ الملك الحسن أن القاعة جاهزة، أخذ يد الملك الممدودة إليه فقبلها، وفوجئ معمر بما رأى، وإذا هو يصيح بأعلى صوته: ما هذا؟ تقبيل أيادي؟ عدنا إلى عصر العبودية... لا... لا... هذا شيء مرفوض... مرفوض تماماً".
لم تكن اعتراضات القذافي على تقبيل يد الملك المغربي، هي المصادمة الوحيدة له في القمة مع باقي الرؤساء والملوك الحاضرين، بل إن هيكل يروي أن القذافي كان يخاطب الملك بعبارة "يا حسن"، ودخل في شجار مع الملك فيصل آل سعود، ووضع مسدسه على الطاولة، مما دفع الملك السعودي إلى أن يغادر محتجاً على "لغة المسدسات"، قبل أن يتدخل كل من الملك الراحل الحسن الثاني، رئيس المؤتمر، والرئيس جمال عبد الناصر لثنيه عن المغادرة.
القذافي واصل مشاجراته وإثارته الفوضى بعد انتهاء الاجتماع، فعندما رأى وزير الداخلية المغربي الجنرال محمد أوفقير في القاعة بدأ يصيح: "اقبضوا على هذا الرجل، ما الذي جاء به معنا؟ هذا قاتل (في إشارة إلى اتهامه بقتل المعارض المغربي المهدي بن بركة) مكانه السجن وليس هنا".
واختتم القذافي مشاجراته في القمة، عندما أبدى الملك فيصل، ملك المملكة العربية السعودية، بعض الملاحظات، فقال له القذافي: "يا فيصل..."، فما كان من ملك السعودية إلا أن غادر قاعة المؤتمر بصفة نهائية، ومع هذا الحادث اضطر الحسن الثاني إلى رفع الجلسة لتهدئة النفوس".
كل تلك الأحداث الفوضوية تسببت في عدم اكتمال جدول أعمال القمة في نهاية الأمر.
تونس 1979: حرس صدام يعتقل ابن الرئيس التونسي
في القمة العربية التي انعقدت في تونس عام 1979، حدث واحد من أكثر المواقف إحراجاً.
يروي الصحافي عبد الباري عطوان، والذي كان شاهد عيان على تلك الحادثة، أنه عند وصول الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين إلى تونس، كان الحبيب، ابن الرئيس التونسي الحبيب بورقيبة، في مقدمة مستقبليه.
حينما توجه للرئيس العراقي للترحيب به، أحاط به الحرس الشخصي لصدام وقيدوا حركته لكونه غير معروف بالنسبة لهم، وازداد الموقف سوءاً بعد ان تدخل الأمن التونسي واشتبك مع الحرس العراقي، لتخليص ابن رئيسهم.
ورغم ان الموقف قد تم تداركه بسرعة، فقد ألقى بظلاله الثقيلة على العلاقة ما بين صدام حسين وبورقيبة طوال أحداث القمة.
“ما هذا؟ تقبيل أيادي؟ عدنا إلى عصر العبودية! لا، لا، هذا شيء مرفوض" صاح القذافي في إحدى القمم العربية
أشهر تلاسن في تاريخ القمم العربية، أقدم مشاجرة على الإطلاق، وأكثر المواقف إحراجاً...
قمة فاس 1982: صدّام يصطدم بالأسد
في القمة العربية الاستثنائية الثانية في مدينة فاس المغربية عام 1982، جرت مشادات وملاسنات بين الرئيس العراقي صدام حسين ونظيره السوري حافظ الأسد، وكان السبب الرئيسي في ذلك موقف الزعيم السوري من حرب الخليج الأولى.
فالأسد كان من القادة العرب القلائل الذين أعلنوا دعمهم لإيران في حربها مع العراق، وكان هذا بالطبع لا يتوافق مع مصالح الرئيس العراقي، مما جعله يتهم الأسد بتدبير بعض العمليات الإرهابية والاغتيالات.
وظلت العلاقات متوترة ما بين الزعيمين بعد انتهاء أعمال القمة، حتى استطاع الملك حسين ملك الأردن أن يتوسط لعقد لقاء تصالح بين الجانبين في 1986.
قمة بغداد 1990: نُذر حرب الخليج الثانية بدت واضحة
في مايو 1990، عقدت القمة العربية غير العادية السابعة في بغداد عاصمة العراق، وقد عُرفت تلك القمة بكونها من أكثر القمم التي سادتها أجواء تخاصم حادة وعنيفة.
ففي المؤتمر التحضيري لتلك القمة، ظهر الخلاف واضحاً بين وزراء الخارجية العرب، وكان ذلك الخلاف بسبب اختلاف مواقف الأنظمة السياسية العربية تجاه إسرائيل والداعمين الرئيسيين لها، وعلى رأسهم الولايات المتحدة الأمريكية.
ففي الوقت الذي طالب فيه وزراء كل من العراق وفلسطين بإصدار إدانة واضحة وشديدة اللهجة ضد كل من إسرائيل وأمريكا، رفض وزراء كل من مصر والمملكة العربية السعودية إصدار مثل هذا القرار حتى لا تتعرض مصالحهم مع أمريكا للخطر.
لم تستفد الشعوب العربية كثيراً من القمم العربية التي عقدت إلى اليوم، ولكنها بلا شك، تركت لنا بعض المواقف المضحكة... المبكية
لم يقتصر الخلاف على المؤتمر التحضيري، بل سرعان ما وصلت المبارزات الكلامية إلى المؤتمر الرئيسي الذي حضره زعماء الدول العربية، فقد ابتدأ الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين المؤتمر بقوله: "يجدر بنا أن نعلن بوضوح أن إسرائيل إذا ما اعتدت وضربت فإننا سنضرب بقوه، وإذا ما استخدمت أسلحة دمار شامل ضد أمتنا سنستخدم ضدها ما نملك من أسلحة دمار شامل وأنه لا تنازل على تحرير فلسطين، ومن الحقائق التي أكدتها التجارب أن الولايات المتحدة الأمريكية تتحمل مسؤولية رئيسية بل مسؤولية أولى في السياسات العدوانية والتوسعية التي يُمارسها الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني والأمه العربية".
وبعد تلك التصريحات القوية، بدأ صدام في توجيه النقد للدول العربية الخليجية التي بحسب قوله "تمارس نوعاً من الحرب الاقتصادية ضد العراق"، وذلك في إشارة مبطنة إلى كل من الكويت والإمارات اللتين كانتا في ذلك الوقت تقومان بتكثيف استخراج النفط غير عابئتين بانخفاض سعره، وتأثر العراق بذلك.
ورغم محاولات الملك السعودي فهد بن عبد العزيز تهدئة الأوضاع وتقريب وجهات النظر بين العراق والكويت، بقيت المشكلات الاقتصادية والحدودية قائمة بينهما، وسرعان ما ظهر أثر الخصومات المنعقدة في تلك القمة، بعد أقل من شهرين من خلال اجتياح القوات العراقية للكويت.
قمة 1990: صدام مبارك والقذافي
شهدت قمة القاهرة 1990 أجواء ملتهبة نظراً لظروف غزو العراق للكويت، إذ كان الموضوع الرئيسي الذي انشغل به جميع الحاضرين هو مناقشة آراء الدول الأعضاء في شكل وطبيعة رد الفعل العربي الذي ينبغي أن يتخذه العرب في ذاك الوقت العصيب. ووسط كل تلك التوترات، حدثت مشادة طويلة بين الرئيس المصري الأسبق محمد حسني مبارك والقذافي، عندما طالب الأخير بعقد جلسة مغلقة لمناقشة البيان الختامي الذي يدين الاجتياح العراقي للكويت. رفض مبارك عقد تلك الجلسة بوصفه رئيس الاجتماع، بينما ألح القذافي على ضرورة انعقادها، وهذا ما دعا الرئيس المصري إلى طلب تصويت الأعضاء، فأتت النتيجة لمصلحته.شرم الشيخ 2003: أشهر تلاسن في تاريخ القمم
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع