تجاذب الشبان أطراف الحديث قبل أن يحتد أحد المصريين على محمود، الذي توجه إلى إحدى الفتيات واستخدم لفظ "بنت"، خلال الحديث.
فهذا اللفظ منتشر بعض الشيء في قطاع غزة، لتفادي الحرج من ذكر أسماء النساء أمام الغرباء. لكن الشاب المصري احتد على محمود، لأن هذه الكلمة تعتبر إهانة كبيرة إذا وجهت إلى إحدى النساء في مصر.
توضح هذه الحكاية، رغم بساطتها، مدى اختلاف معاني المصطلحات من مكان لآخر، خصوصاً أن اللغة العربية "حمّالة أوجه". فقد تجد لكلمة واحدة عشرات المعاني، التي تختلف من بلد لآخر، ومن لهجة لأخرى.
وفي قطاع غزة، رغم صغر مساحته، تختلف اللهجات بين شمال القطاع ووسطه وجنوبه. ومن الممكن تمييز أي شخص، ومعرفة المنطقة التي ينحدر منها، من خلال لهجته، أو من بعض المصطلحات الغريبة التي تمر في كلامه.
في شمال القطاع، الذي يعتبر الأكثر كثافة، ينقسم السكان إلى "مواطنين"، أي سكان المنطقة الأصليين، و"لاجئين"، وهم الذين هاجروا من أراضيهم بعد احتلال فلسطين عام 1948، واستقروا في تلك المنطقة.
ويتميز سكان الشمال الأصليين بـ"مد" الكلمات والإطالة في لفظها بطريقة قد تبدو مثيرة للضحك أحياناً، ويعتبر هؤلاء من أكثر السكان تمييزاً بين من يقطنون القطاع بسبب لهجتهم المختلفة.
أما اللاجئون، الذين يعيشون في الشمال، فلهجتهم أقرب إلى لهجة أهل الوسط، وتعتمد طريقة نطقهم للكلمات على الشكل البسيط والأسلوب الحضاري، اللذين ينمان عن مدنية. فيجيدون نطق الكلمات من دون أي إضافات أو لمسات قد تميزهم.
وفي الجنوب، اللهجة أقرب إلى لهجة أهل الصعيد في مصر، تعتمد على التشديد في نطق بعض الحروف، خصوصاً حرف القاف، الذي يحل مكانه حرف الجيم غالباً.
مصطلحات غزاوية أصيلة
بالنسبة إلى المصطلحات الغزية الخالصة، تعتبر علامة مسجلة لا يفقهها إلا من عاش في القطاع، ويستحيل أن نسمع تلك المصطلحات إلا في تلك البقعة المعزولة من العالم. ومن هذه المصطلحات:
كوربة: ناصية الشارع.
بكرج: إبريق القهوة.
خوصة: كلمة يستخدمها غالباً كبار السن وتعني السكين.
أَبِلَة: غالباً ما يستخدم هذا المصطلح في وسط القطاع ويستخدم للتأكيد وإزالة الشك.
حبطرش: تستخدم للدلالة على الخير الكثير.
مية الزفزف: مصطلح يدل على منسوب المياه القليل على شاطئ البحر. ويستخدم لتمييز الأشخاص، الذين لا يجيدون السباحة ويفضلونها على الشاطئ.
عليا الطرشاق - عليا الطرباش: غالباً ما تستخدم هذه المصطلحات للقسم، ويستخدمها الآباء لتهديد أبنائهم.
والسبع تنعام: يستخدم هذا المصطلح للإشادة بأصل شخص ما.
أخو الشلن: شتيمة لا معنى لها، أي تقال كما هي دون معرفة الغرض المراد منها.
وِدِف- اِبطِينِي: مصطلحات تستخدم للدلالة على الشخص الأكول.
إِسكَمبلَة: الطاولة الصغيرة.
خَرِفنِي: حدثني.
أَجُوزَة: الشكولاتة على أنواعها البسيطة.
لَنج - أَجَنص: كلمات تعني جديد.
إستَروَح: أي عزم على الرحيل.
إشتَرَق علينا: انتبه لنا.
بَعكِش: ابحث.
بَرَاد: عند أهل الشام تشير هذه الكلمة إلى الثلاجة، بينما في غزة تستخدم للإشارة إلى إبريق الشاي، أو إلى نوع من المثلجات بطعم الليمون أو المانجا.
ناقص الدِسِت بيتنجانة: مَثَل هزلي يقال حين اكتمال العدد، وحضور أشخاص جدد، وكلمة دِسِت تعني "حَلَة أو طنجرة".
العربية المُطَعَمَة بالعبرية
على الرغم من أن اللغة العربية تعتبر أساسية، إلى جانب العبرية في إسرائيل، إلا أن الأجيال الجديدة من الفلسطينيين في غزة لا تعلم عن اللغة العبرية سوى بعض المصطلحات، التي غالباً ما تستخدم في التندر والتفكه.فطريقة نطق الحروف باللغة العبرية تدعو إلى الضحك، خصوصاً أنك تشعر أن تلك اللغة تتكون من ثلاثة حروف فقط «الخاء - الغين - الشين».
ومن المصطلحات العبرية التي يستخدمها السكان في قطاع غزة في ما بينهم:
بوكيغ توف: صباح الخير.
لايلا توف: تصبح على خير.
ليتغاؤوت: إلى اللقاء.
شالوم: مرحبا.
مانيش ما: ماذا هناك.
ماشلوم خا: كيف حالك.
شيكيت: اسكت.
بيسيدغ: حسناً.
كين: نعم.
تودا غابا: شكراً جزيلاً.
آني غوتسيه: أنا أريد.
لِيخِيم: الخبز الفينو.
أبو شلومو: شلومو كلمة عبرية تعني حال، لكن نطقها في قطاع غزة لا يدل إلى معناها بالعبرية، فيستخدمها الغزيون للإشارة إلى اليهود بشكل عام.
ما كَاغَا: ماذا حدث.
الكبر عبر
"الكبر عبر"، مثل يستخدم للدلالة على أن كبار السن يمتلكون بصيرة ثاقبة، تؤهلهم لإسداء النصيحة للأجيال الجديدة.
وحين تجلس مع أحد كبار السن في غزة، تجد خلال حديثه أن بعض الحروف حذفت، وحلت بدلاً منها حروف أخرى، تجعل نطق الكلمات يطرب الآذان، ويضفي على حديث المسنّ هيبة ووقاراً.
ومن الحروف التي يستبدلها المسنّون، حرفا "القاف" و"الكاف". وغالباً ما ينقلب حرف "القاف" ليحل مكانه حرف "الكاف"، مثل: قال، تصبح كال. أو أقول لك، تصبح أَكُلَك.
أما حرف "الكاف" نفسه فينقلب بقدرة قادر إلى حرفين، هما "التاء" و"الشين". فبدلاً من أن تقول العجوز "كيف حالك"، تجدها تقول "تشيف حالتش". أو ربما تعبر عن كلمة "سمكة" بمصطلح "سمتشة".
يقول الحاج بكر مرتجى، الذي كان يعمل مدرساً للغة العربية، إن طريقة لفظ تلك الحروف بالطريقة التي يلفظها كبار السن في قطاع غزة، تعتبر حكراً عليهم. ولهذا دلالات عدة، أهمها، الهيبة التي تطغى على الحديث والتمييز لهذه الفئة، التي تحتفظ بقدسيتها في المجتمع الغزي. وهناك أيضاً سبب جسماني مرتبط بالأسنان، خصوصاً أن غالبيتهم يعانون من مشاكل في الأسنان، وهذا يغيّر نطق بعض الحروف. وأحياناً تغدو عادة لدى الكثير من الأشخاص، بعد الدخول إلى مرحلة عمرية معينة، كنوع من التمييز.
ويضيف الحاج بكر: "اللغة العبرية تكاد تتلاشى فعلياً في قطاع غزة. فلا يجيد الحديث بها سوى الذين كانوا يعملون داخل الأراضي المحتلة، وكان هناك احتكاك مباشر بينهم وبين الإسرائيليين. أما الأجيال الجديدة، فليس لديها اهتمام بتعلم تلك اللغة، حتى أنها ليست مدرجة كمادة للطلبة في المدارس، وإن كانت من مبدأ من تعلم لغة قوم أمن مكرهم. وعدم الاهتمام هذا أمر غير مفهوم وليس له مبرر. فكيف ستحارب قوماً لا تعرف لغته؟".
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
علامي وحدي -
منذ 3 ساعات??
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 23 ساعةرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون