لم يعد جائزاً تسمية العاملين في الشأن الديني "رجال دين". صار للكنيسة كاهنة إمرأة، رولا سليمان، أول قسيسة في الشرق الأوسط، وذلك في حفل سيامة في كنيسة طرابلس الإنجيلية، التابعة للسينودس الإنجيلي الوطني في سورية ولبنان.
الخطوة هي الأولى في الشرق الأوسط لدى الكنائس المسيحية المتنوعة. لم يسبق أن تبوأت المرأة مكانة كهذه، وهي الأعلى في الكنيسة الإنجيلية حيث لا تراتب كهنوتي كما في سائر الكنائس الكاثوليكية أو الأورثوذوكسية، بل تراتب إداري تنظيمي فقط.
"أشعر بالمسؤولية. أولاً كوني إمرأة وعليّ عبء بذل جهد مضاعف كي يُقدّر عملي. وثانياً كوني الأولى، أرسم طريقاً لسيدات قسيسات من بعدي". هذا ما تقوله رولا سليمان في كلمتها الأولى بعد قداس رسامتها كاهنة.
IMG_7966
بدأت القسيسة سليمان، طريقها الكهنوتي في دراسة اللاهوت. حصلت في ما بعد على شهادة الوعظ. في العام 2008، عُينت راعية لكنيسة طرابلس. كانت تقوم بجميع مهام الكاهن، وذلك باستثناء تأدية خدمة سرَيّ الكنيسة الإنجيلية: سرّ المعمودية وسر العشاء الرباني. وبطلب من الرعية نفسها رسمت سلميان صاحبة الأعوام الأربعين، كاهنة على رأس الكنيسة الإنجيلية في طرابلس.
"لم يفرض الناس القرار عليّ من فوق"، تقول وتشرح أن القرار أتى منهم أولاً بعد استفتاء على رعايتها للكنيسة أتت نتيجته قبولاً تاماً؛ وثانياً، وبعد تسع سنوات، بطلب خطي لتكريسها كاهنة رفعته الرعية في طرابلس إلى السينودس.
هكذا، أتى القبول "كختم" على سنوات طويلة من الخدمة الكهنوتية ومن المتابعة الدقيقة لشؤون "أبناء الرعية" في طرابلس.
"هذه مسيرة خادمة أمينة. مكرّسة. خدمت هذه الكنيسة بمحبة. رعايتك لهذه الكنيسة كان فيها من الأمومة (وهذه أفضل من الرجولة) ما يكفي لتجمعي أبناءها... رعاية هادئة بعيدة عن الصخب. اليوم لا نكرّسك راعية. بل نختم على تلك الرعاية لكي تكوني على قدر المساواة مع زملائك القسوس في خدمة الكلمة والسرّيْن وسائر الحقوق والواجبات التي تمليها هذه الخدمة. إنه فعل محبة وعدالة. ما كان ليتم لولا قناعة واحتضان وطلب كنيسة طرابلس. سوف يُذكر في التاريخ أن هذه الكنيسة كانت أول مَن طلب إمرأة لرعايتها وأول مَن طلب رسامة إمرأة"، قال القس جوزف قصاب، الأمين العام للسينودس الإنجيلي الوطني في سوريا ولبنان، في وعظة السيامة في القداس.
IMG_7977
وأهمية الحدث لا تقتصر على موقع المرأة في الكنيسة وتطوره، بل ترتبط في مكان الحدث، في طرابلس نفسها. "رولا سليمان قسيسة في طرابلس، هو فتح نافذة على العقل والتفكير"، يقول الأب الأرثوذوكسي جورج مسوح.
ويتابع: "في منطقة تشتد فيها الأصوليات الإسلامية كما المسيحية، ممارسة الانفتاح ضرورية، بل حتمية".
كانت كلمات القداس تشبه الاعتذار، اعتذار عن تاريخ مليء بلا عدالة الممارسات. "حتى آباء الكنيسة، ظلموا المرأة من ترتليان إلى أغوسطينوس... من أين نبدأ اليوم؟ من الدفاع عما نقوم به اليوم من عدالة؟"، تساءل القس جوزيف قصاب.
لم يعد جائزاً تسمية العاملين في الشأن الديني "رجال دين".. صار للكنيسة كاهنة إمرأة وللمسجد إمامة
رسامة رولا سليمان ليست الأولى في العالم بالنسبة للكنيسة الإنجيلية. الأمر تقليد حاضر منذ ما يقارب المئتي عام في الكنائس الأوروبية والأمريكية الإنجيلية. لكنه غائب عن تلك الأورثوذوكسية والكاثوليكية في العالم، وضمناً في الشرق.
"لا مانع لاهوتي من رسم قسيسات نساء في الكنيسة الأرثوذوكسية"، يقول الأب جورج مسّوح، رئيس معهد الدراسات الإسلامية - المسيحية في جامعة البلمند.
"لا بدّ عند الحديث عن موقف الكنيسة الأرثوذوكسية في لبنان من التوقف عند التقليد الذي اتخذته الكنيسة الإنجيلية في كنائسها في ما يخصّ رسم كاهنات نساء. أمر كهذا يحدث في الكنائس الإنجيلية في العالم منذ سنوات. وغيابه عن الشرق كان بفعل العادات الاجتماعية. أما الكنيسة الأرثوذوكسية فلا تمتلك تقليداً كهذا. لا في لبنان ولا في العالم"، شرح الأب مسوح.
من جانبه، يؤكد الكاهن في أبرشية طرابلس المارونية، الأب جوزيف فرح أن "المسألة هي في الأساس مسألة عادات. والعادات تتبدل"، مشيراً إلى أن رسم كاهنات نساء في الكنيسة الكاثوليكية أمرٌ وارد الحدوث خاصة وأن البابا فرنسيس كان قد لمّح في أكثر من مناسبة عن إشراك أكثر فاعلية للمرأة في الكنيسة وعن مهام يجب أن تتولاها أسوة بالرجال".
يشرح الأب فرح أن عدم تبوؤ المرأة لمراكز دينية لا يعني انتقاص الكنيسة الكاثوليكية من مكانة النساء لا في اللاهوت ولا في الممارسة، مؤكداً تماماً كما الأب مسوح على تطوير دائم ومستمر في قوانين الأحوال الشخصية لجهة مساواة النساء بالرجال. لكن الأب مسوح يشير أيضاً إلى وجود بعض الممارسات الفوقية التي تمارس تجاه النساء أحياناً.
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Hossam Sami -
منذ 3 أيامالدراما المصرية فـ السبعينات الثمانينات و التسعينات كانت كارثة بمعنى الكلمة، النسبة الأغلبية...
diala alghadhban -
منذ 6 أيامو انتي احلى سمرة
حاولت صور مثلك بس كان هدفي مو توثيق الاشياء يمكن كان هدفي كون جزء من حدث .....
ssznotes -
منذ 6 أيامشكرًا لمشاركتك هذا المحتوى القيم. Sarfegp هو منصة رائعة للحصول...
saeed nahhas -
منذ 6 أيامجميل وعميق
Mohamed Adel -
منذ أسبوعلدي ملاحظة في الدراما الحالية انها لا تعبر عن المستوى الاقتصادي للغالبية العظمى من المصريين وهي...
sergio sergio -
منذ أسبوعاذا كان امراءه قوية اكثر من رجل لكان للواقع رأي آخر