تاركاً اقتصادات كوريا الجنوبية وهولاندا وإسبانيا خلفه، سيقفز الاقتصاد المصري أشواطاً كبيرة عام 2050.
ستتبدل الأحوال خلال العقود الثلاثة القادمة إلى الأفضل مقارنةً بالأوضاع السائدة حالياً من اختلال كبير في التوازنات المالية وتدهور وضع العملة المحلية والتضخم الذي جاوز كل الحدود.
فقد كشف التقرير الأخير الذي أصدرته مؤسسة "برايس وتر هاووس" منتصف فبراير الجاري، وهي إحدى أكبر شركات الاستشارات المهنية في العالم، عن تغيرات جذرية في الاقتصادات المهنية عالمياً بحلول العام 2050.
خارطة القوى المهنية الحالية ستشهد تراجعات للكثير من الاقتصادات الغربية في مقابل صعود الاقتصادات الناشئة، وفقاً لتحليل شمل 32 بلداً استناداً للناتج المحلي الإجمالي بحسب تعادل القوة الشرائية، وهو مؤشر يستخدم لتحديد الإنتاجية والمعايير الاقتصادية لدى الدول.
الشباب سر التقدم
مصر والسعودية فقط من دول المنطقة العربية تم تصنيفهما ضمن قائمة العشرين لأقوى اقتصادات العالم عام 2050، وقد تقدمتا على دول ذات اقتصادات صناعية قوية ككوريا الجنوبية وإسبانيا وهما من "الاقتصادات السبعة الكبرى G7 "حالياً. هذه المؤشرات ستفتح بارقة أمل في أن الأوضاع السائدة في العالم العربي ستتحسن، فالأكيد أنه لن يحصل أكثر مما حصل من حروب واضطرابات.كيف ستنجح السعودية في مضاعفة ناتجها المحلي ثلاث مرات في عام 2050؟
في العام 2050 سيهزم الاقتصاد المصري المعجزة الكورية..كيف ذلك؟الاقتصاد المصري الذي يحتل حالياً المركز 21 عالمياً بناتج إجمالي محلي قدره 1105 مليار دولار سيتقدم عام 2030 إلى المركز التاسع عشر وسيرتفع حجم الناتج المحلي الإجمالي المصري إلى 2049 مليار دولار، ثم سيقفز إلى المركز الخامس عشر عالمياً بحجم ناتج محلي إجمالي قدره 4333 مليار دولار عام 2050. أما الاقتصادي السعودي الذي يحتل حالياً المركز الخامس عشر عالمياً بناتج محلي يتجاوز 1731 مليار دولار سيرتقي إلى المركز الثالث عشر عام 2030 وسيرتفع الناتج المحلي الإجمالي في البلاد إلى 2755 مليار دولار، فيما سيواصل عام 2050 احتلال المركز نفسه، لكن الناتج المحلي الإجمالي السعودي سيرتفع إلى حدود 4694 وفقاً للتوقعات. وأطلقت مصر عام 2015 خطةً إستراتيجية للتنمية المستدامة تحت اسم "رؤية مصر2030" هدفها خلق اقتصاد "تنافسي ومتوازن ومتنوع يعتمد على الابتكار والمعرفة، ويقوم على العدالة والاندماج الاجتماعي والمشاركة ذات نظام أيكولوجي متزن ومتنوع يستثمر في المواهب". في المقابل وضعت السعودية مخططاً لمرحلة ما بعد النفط أطلقت عليها تسمية "رؤية السعودية 2030" وفيها حُزمة من المشاريع والبرامج الاقتصادية. ويبدو أن الخزان الشبابي في المنطقة هو الذي سيرجح كفتها الاقتصادية مستقبلاً. إذ يشير تقرير "برايس وتر هاووس" إلى أن صعود الاقتصاديات الناشئة عام 2050، وبينها الاقتصادات العربية، مرده القدرات البشرية الشبابية الهائلة التي تملكها هذه الدول. فوفقاً لتقرير التنمية الإنسانية العربية الأخير، فإن ما يقارب ثلث سكان المنطقة هم من الشباب في أعمار 15 -29 سنة، وهناك ثلث آخر يقل عمرهم عن 15 عاماً، ما يضمن استمرار هذا الزخم السكاني إلى العقدَين المقبلين على أقل تقدير، ويُوفِّر ذلك فرصةً تاريخية يتحتّم على البلدان العربية اغتنامُها. هذه الكتلة السكانية غير المسبوقة في تاريخ المنطقة من شبابٍ في أهم سنوات القدرة على العمل والعطاء، ستكون طاقة هائلة قادرة على دفع عجلة التقدم الاقتصادي والاجتماعي إذا أتيحت لها الفرصة.
الاقتصاديات الناشئة أولاً
عالمياً، تواصل الصين هيمنتها الاقتصادية، إذ تشير التوقعات إلى بقائها في الصدارة إلى منتصف القرن مع ارتفاع كبير في الناتج المحلي الإجمالي من 21269 مليار دولار حالياً إلى 58499 مليار دولار بحلول العام 2050. في المقابل ستتراجع الولايات المتحدة الأمريكية إلى المركز الثالث تاركةً مكانها للاقتصاد الهندي الصاعد بقوة والذي سيصل ناتجه المحلي الإجمالي إلى 44128 ملياراً في 2050 بعد أن كان يقدر بـ 8721 مليار دولار عام 2016. في المقابل ستحافظ روسيا على مركزها السادس عالمياً الذي تحتله حالياً،لكنها ستنجح في مضاعفة ناتجها الإجمالي بحلول العام 2050. وتسجل اقتصادات دول أوروبا الغربية تراجعاً كبيراً فاسحةً في المجال أمام الاقتصادات الناشئة. التقهقر الألماني والبريطاني والفرنسي سيجعل الفرصة مواتيةً لصعود الاقتصاد الإندونيسي والمكسيكي والبرازيلي. ويشير تقرير برايس وتر هاووس إلى أن الاقتصاد العالمي سيتباطأ مع مرور الوقت، لكنه سينحو نحو الاعتدال الملحوظ في معدلات النمو بعد عام 2020، الأمر الذي سيدفع أكثر إلى الاستقرار الاجتماعي نسبياً. ويفسر هذه التحول في خارطة القوى الاقتصادية المهيمنة مع حلول منتصف القرن الحالي، بأن الاقتصاديات الناشئة ستخلق مستقبلاً مناخات جاذبة للاستثمار ووجهات للعمل والعيش وخاصة جذب المواهب مع توجه بعض الدول ذات الاقتصاديات المتقدمة إلى الحمائية، كما حدث في الخروج البريطاني من الاتحاد الأوروبي أو المواقف الاقتصادية التي أطلقها الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...