بين حين وآخر، يطلع على السودانيين أحد قادتهم بكلام غريب عجيب يصلح للاستخدام في فيلم كوميدي. وعلى هذه التصريحات، تراوح ردات فعل المواطنين بين التندر والسخرية والسخط. وفي ما يلي بعض العيّنات.
انتشار الدرجات النارية مخطط صهيوني
دون أن يرف له جفن، استغل والي جنوب دارفور، غرّبي السودان، اللواء آدم محمود جار النبي، حالة الطوارئ السارية في أقليم دارفور المضطرب منذ العام 2003، ومنع استخدام الدراجات النارية للتنقل كونها تستخدم في عمليات السرقة. الوالي قال في تصريح إن "انتشار الدراجات النارية بالولاية مخطط غربي صهيوني".
كيف قوبل التصريح؟
قوبل هذا التصريح بالاستنكار. وكان من آثاره، منع أبناء الولاية من الاستفادة من وسيلة نقل غير مكلفة وإقفال ورش الصيانة المتخصصة في مجال الدراجات النارية. ولكن الأسوأ هو وصم شريحة واسعة من سكان إقليم دارفور المكنى في الأوساط السودانية بـ"دارفور القرآن"، بأنهم صهاينة، وهو أمر يسيء إلى السودانيين الذين يحمل جواز سفرهم عبارة تحدد صلاحيته بـ"كل الأقطار عدا اسرائيل".
على المواطنين أكل الضفادع لدرء آثار الفيضانات
حث وزير الصحة في العاصمة السودانية الخرطوم، "بروفيسور" مأمون حميدة، المواطنين على أكل "الضفادع" التي انتشرت بكثافة مع موسم الأمطار، وذلك بعد امتعاض الأهالي من الوضع المتردي. وقال حميدة: "على المواطنين أكل الضفادع لدرء آثار الفيضانات وبذلك سنضمن بيئة نظيفة وقيمة غذائية جيدة".
كيف قوبل التصريح؟
باستهجان غير مسبوق. وحوّل السودانيين بحسهم الساخر التصريح إلى نكات وقصائد في ذّم حميدة. وكان من آثار التصريح مطالبة الشارع السوداني بإقالة الوزير الذي أثبت سوء إدارة الحكومة لأزمات البلاد المتكررة.
التضرع إلى الله لمنع الإيبولا
انتقد نواب في مجلس الولايات السوداني استعدادات وزارة الصحة للحيلولة دون دخول فيروس "ايبولا" إلى بلادهم. وقال بعض النواب أن سبب الفيروس هو زيادة المعاصي وأنه على المواطنين التوجه إلى المساجد وتلاوة القرآن الكريم والتضرع إلى الله لمنع انتشاره.
كيف قوبل التصريح؟
بالذهول والصدمة. وقد سادت حالة من الذعر في أوساط المواطنين لأنهم عرفوا أن الاجراءات الاحترازية ضد إيبولا ليست كافية. وراح الناس يتساءلون عن جدوى الإنفاق على مؤسسات صحية كوزارة الصحة، ورقابية كالبرلمان ومجلس الولايات، ما دام ممكناً التوجه إلى السماء لحل المشاكل التي تواجههم.
مزارعو الجزيرة مسيسون وتربية شيوعيين
وصف الرئيس السوداني، عمر البشير، مزارعي الجزيرة، جنوبي العاصمة السودانية الخرطوم، بأنهم "تربية شيوعيين". فقد قال البشير المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية بتهمة ارتكابه جرائم ضد الإنسانية "إن مزراعي الجزيرة مسيسون وتربية شيوعيين".
كيف قوبل التصريح؟
بامتعاض شديد. وكتب مزارعو "مشروع الجزيرة"، وهو المشروع الزراعي الأكبر في السودان، عدداً من البيانات المستنكرة لتصريح البشير، الذي أثّر سلباً على شعبيته. فقد امتعضت قواعد حزب "المؤتمر الوطني" الحاكم، ذي التوجه الإسلامي، من تشبيهها بأعضاء حزب يعتنق "العلمانية" مبدأً للحكم. كما زادت كراهية الشيوعيين للرئيس السوداني كونه اعتبر أن الانتماء إليهم شتيمة.
الكريمات والإكسسوارات وراء ارتفاع سعر الدولار
أكد رئيس اللجنة الاقتصادية في البرلمان السوداني، سالم الصافي حجير، أن ارتفاع سعر الدولار عائد إلى توجه التجار لشراء "الكريمات والإكسسوارات النسائية". وقال في جلسة برلمانية "لا شيء يرفع سعر الدولار إلا التجار ليشتروا به الكريمات وحاجات البنات".
كيف قوبل التصريح؟
بالدهشة. وكان من آثاره التضييق على تجار السلع النسائية، والحيلولة دون حصولهم على حصة من الدولار. وتأكد السودانيون أن الحكومة تتهرب من مجابهة الأسباب الحقيقية التي أدت إلى ارتفاع سعر صرف الدولار. وتبيّنت لهم كيفية تعاطي الممسكين بملف الاقتصاد في البلاد مع الأزمات.
ندعو لتصدير البني آدمين
في وقت يعاني السودان من نزف كبير في الكوادر المؤهلة ويحذر كثيرون من مغبة "هجرة العقول"، خرجت وزيرة الرعاية الاجتماعية في ولاية الخرطوم، عفاف أحمد عبد الرحمن لتقول إنها "مع هجرة الشباب، ومع مبدأ الهجرة، فتلك سنّة". ولكن الوزيرة "الخبيرة" لم تكتف بذلك. بل زادت في الخطاب نفسه أنها مع "تصدير البني آدميين: المهندس الشاطر، والطبيب الشاطر، والفني الشاطر".
كيف قوبل التصريح؟
باستنكار شديد. فقد بدا واضحاً أن الدولة عاجزة عن توفير فرص عمل للشباب وباتت تؤصل للهجرة بحسبانها سنّة نبوية في سلوك يعكس عدم نيتها التعاطي بجدية مع أزمة البطالة في السودان، ويعكس أيضاً نظرتها إلى المواطنين كسلع.
بدأنا في تجميع آيباد
لم يكبح المنصب المرموق الذي يتبوأه وزير الصناعة السوداني، السميح الصديق، من الإشارة إلى أن السودان شرعت تجمع أجهزة "آيباد" التي تنتجها شركة "آبل" الأمريكية، مع أن لا شيء من ذلك يحصل. الوزير قال: "بدأنا في تجميع آيباد".
كيف قوبل التصريح؟
بالسخرية. ومن حسن الحظ أن شركة "آبل" لم تقرر ملاحقة حكومة السودان قضائياً بناء على تصريحات المسؤول الرفيع. واللافت أن الوزير قال في المناسبة نفسها أن السودان ستتحول إلى دولة صناعية عظمى خلال أربع سنوات. وكلامه عن "الآيباد" خير دليل على صدقه!
"الجقور" تهدد كوبري المنشية بالانهيار
إن كنت تريد مثالاً على "نظرية المؤامرة" التي يبرر مسؤولو الخرطوم بها عجزهم، فما عليك إلا قراءة تصريح أطلقه، في الأول من فبراير الماضي، مدير الإدارة العامة للشؤون الفنية في هيئة الطرق والجسور في ولاية الخرطوم، المهندس طارق شاكر عباس. المهندس قال إن إغلاق جسر "المنشية" أمام الحركة يعود إلى نخر طال الجسر بواسطة "الجقور"، والجقور لمن لا يعلم هي الفئران الكبيرة الحجم بالعامية السودانية.
كيف قوبل التصريح؟
بالضحك والسخرية وحتى بالرسوم الكاريكاتورية. وتأكد السودانيون أن إدارة الطرق والجسور تعمل على إخفاء مشكلة فنية تتعلق بهيكل الجسر الجديد، وأن هناك محاولة مفضوحة للتستر على ضالعين في عمليات فساد تتعلق بالمواد المستخدمة في بناء الجسر. وكان من آثار هذا التصريح الغريب أن صكّ السودانيون مصطلحاً جديداً لوصف عتاة المخربين والمفسدين، أَلا وهو "الجقور".
حرية التعبير للحيوان
من أعجب المفارقات التي يمكن أن تقع عليها، إقرار نواب البرلمان السوداني قانوناً للرفق بالحيوان شمل بضعة حقوق للحيوان من ضمنها "حرية التعبير عن سلوكه الحيواني"، برغم أن النظام لا يمنح مواطنيه حرية التعبير عن آرائهم.
كيف قوبل التصريح؟
بالتندر. فالقانون تم إقراره في ظل تضييق كبير على الناشطين ووسائل الإعلام. وراح السودانيون يتساءلون هل يحتاج الحيوان إلى نيل تصريح من الشرطة لممارسة حق التعبير.
نشر هذا الموضوع على الموقع في 22.02.2015
رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 5 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...