تقلص مساحة الدولة
عام 2014، وصلت المساحة التي يسيطر عليها التنظيم إلى نحو 300 ألف كيلومتر مربع، أي أنه فرض نفوذه على نصف المساحة الإجمالية لسوريا والعراق تقريباً، ما يزيد كثيراً على مساحة العديد من الدول المجاورة في المنطقة، مثل الأردن ولبنان وفلسطين. بل أن داعش استطاعت مطلع 2015، أن تتمدد لأفريقيا، وأن تؤسس لولاية جديدة لها في القارة السمراء، حين استغلت أحداث الفوضى والارتباك في ليبيا، للاستيلاء على مدينة سرت الواقعة على ساحل البحر المتوسط. ورغم خسارة التنظيم لبعض من أراضيه في 2015، فإن خسائره الفادحة، تحققت عام 2016. على الجبهة العراقية، استطاعت قوات الجيش العراقي والحشد الشعبي أن تستعيد السيطرة على مدن مهمة مثل سنجار والرمادي وصلاح الدين والفلوجة، ولم يتبق تحت سلطة داعش إلا معقله المهم في الموصل. أما على الجبهة السورية، فتم إجلاء قوات التنظيم من مدن إستراتيجية مؤثرة، مثل "منبج"، التي كانت حلقة وصل بين التنظيم والدول المجاورة له من جهة، ومحوراً لتأمين الإمدادات والمساعدات من جهة أخرى. كما فقد داعش قرية دابق، التي تمتعت برمزية كبيرة لدى مقاتلي التنظيم، لارتباطها بملاحم آخر الزمان المذكورة في بعض كتب التراث الإسلامي. أما ولاية سرت، فشهدت هزيمة مدوية جديدة للتنظيم. إذ أعلن فايز السراج رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني الليبية، منذ عدة أيام، "نجاح عملية "البنيان المرصوص"، وطرد آخر فلول الإرهابيين من المدينة"، التي تبعد 450 كيلومتراً شرق العاصمة طرابلس، لتفقد داعش بذلك امتدادها الأفريقي الذي لطالما تباهت به من قبل. كل تلك الخسائر الجغرافية المتوالية، جعلت عدداً من الخبراء يرون أن المساحة الفعلية التي تخضع لسطوة التنظيم الآن، لا تزيد فعلياً عن 65 كيلومتراً، مع وعود بتقلصها بسرعة في حالة نجاح العمليات العسكرية الدائرة في الموصل ومدينة الباب السورية.مقتل القادة
اعتمد تنظيم الدولة الإسلامية منذ تأسيسه على عدد من القادة الميدانيين، الذين جمعوا بين الخبرة القتالية من جهة، والقدرة التنظيمية والإدارية من جهة أخرى. هؤلاء القادة اكتسبوا ثقلهم الأساسي من المشاركة مع تنظيمات إسلامية جهادية ذات تاريخ وتجربة سابقة وعميقة، مثل تنظيم القاعدة وجماعة طالبان في أفغانستان، وجماعة التوحيد والجهاد التي أسسها أبو مصعب الزرقاوي في العراق.هل يكون عام 2017 بداية لنهاية وجود داعش من على مسرح الأحداث السياسية في المنطقة العربية؟
أفضل ما في العام 2016، أنه كان عاماً سيئاً جداً على داعش!
غياب الدعم والامدادات
اعتمد تنظيم الدولة منذ بداية ظهوره على الساحة الإقليمية، على عدد من الموارد البشرية، والإمكانات المادية التي أهلته لمناطحة الدول المحيطة به. فصدرت الكثير من التقارير، التي ذكرت أن عشرات الآلاف من الشباب المسلمين من تونس والسعودية والمغرب وآسيا الوسطى، وعدد من الدول الأوروبية الأخرى، انضموا لصفوف التنظيم من 2014 حتى بداية 2016. ووصل هؤلاء إلى سوريا والعراق عبر حدودهما المشتركة مع تركيا، التي كانت في تلك الفترة، تساير التنظيم، نظراً للمصالح المشتركة ضد النظام السوري الحاكم. ولكن الوضع تغير كثيراً في 2016، فالكثير من الدول فرضت رقابة مشددة على خروج الشباب الذين يحتمل أن ينضموا لداعش، بعد أن التفتت الأنظمة الحاكمة في تلك الدول، لتزايد ظاهرة الإرهاب، وخطورة ذلك عليها وعلى أمن المنطقة. من جهة أخرى، تراجعت تركيا عن ممارسة دورها كمنفذ لتوصيل تلك الطاقات البشرية للتنظيم، بعد أن تحسنت علاقتها مع النظام السوري، بفعل الضغوط المستمرة من روسيا. أدى ذلك إلى عدم استطاعة التنظيم تعويض خسائره البشرية الضخمة، التي يتعرض لها بشكل يومي في ميادين القتال في سوريا والعراق. فظهرت بعض التقارير التي أكدت أن عدد القتلى في صفوف مقاتلي داعش في 2016 قد وصل لنحو 5000. أما بالنسبة للموارد المادية والمالية للتنظيم، فتراجعت بشكل مؤثر عام 2016. فالعنصران الأساسان في قوى داعش المادية، كانا عوائد بيعه للمخزون النفطي، الذي يقع في المساحات التي يسيطر عليها، وحصيلة الضرائب التي يفرضها على السكان الواقعين في منطقة حكمه ونفوذه. بالنسبة لعوائد النفط، تراجعت بشدة وأصيبت بانتكاسة عظمى، عقب تحرير القوات العراقية لمناطق الأنبار وكركوك الغنية بآبار النفط. وهو ما أدى لخسارة داعش لعوائد بيع نحو 80 ألف برميل نفط يومياً. كما أن حصيلة الضرائب تأثرت بظروف الحرب والدمار التي تفاقمت في عام 2016، ونتج عنها نزوح آلاف العائلات والأفراد إلى مناطق آمنة في تركيا وأوروبا، وعدد من الدول العربية المحيطة برقعة الصراع الدائر. تلك الخسائر البشرية - المادية، بانت آثارها بشكل ظاهر، في المعارك التي تدور حالياً في الموصل. فذكرت مجموعة من المراقبين أن التنظيم لجأ إلى الاستعانة بعدد كبير من الأطفال واليافعين، للوقوف أمام قوات الحشد الشعبي والجيش العراقي، لعدم وجود قوات كافية على الجبهة العراقية. كما أن داعش حاولت استخدام تكتيكات هجومية جديدة، تتناسب مع قلة أعداد مقاتليها، وغياب الإمدادات البشرية، فكثفت من عملياتها الانتحارية التفجيرية لتعطيل تقدم القوات العراقية في المناطق المحررة.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
Ahmed -
منذ 3 أيامسلام
رزان عبدالله -
منذ 4 أياممبدع
أحمد لمحضر -
منذ 5 أياملم يخرج المقال عن سرديات الفقه الموروث رغم أنه يناقش قاعدة تمييزية عنصرية ظالمة هي من صلب و جوهر...
نُور السيبانِيّ -
منذ أسبوعالله!
عبد الغني المتوكل -
منذ أسبوعوالله لم أعد أفهم شيء في هذه الحياة
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع