شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ساهم/ ي في صياغة المستقبل!
السياحة الحلال: حاجة شرعية أو بيزنس لكسب المزيد من المال؟

السياحة الحلال: حاجة شرعية أو بيزنس لكسب المزيد من المال؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 29 يونيو 201708:55 م
هل سمعت سابقاً بمصطلح السياحة الحلال؟ وهل يعني هذا أن هناك في المقابل سياحة حرام؟ بمرور الوقت وانتشار المسلمين في شتى بقاع الأرض، إذ قدر تعدادهم بـ1.6 مليار مسلم عام 2010، وفق مركز Pew للأبحاث، أصبحت كلمة "حلال" مترادفة لكل ما هو موافق للشريعة الإسلامية، أو لتقاليد المسلمين. هي لا تعني بالضرورة أن غيرها من الخيارات حرام، لكنها الخيار الأسهل لمن يلتزم بالشريعة الإسلامية. السياحة بشكل عام مصدر مهم من مصادر دخل الدول، ولإنعاشها تحاول المؤسسات والشركات المختصة تقديم أفضل الخيارات للسائح. فوفق موقع World Travel and Tourism Council، يشكل قطاع السياحة والسفر 8.4% من إجمالي الناتج المحلي للإمارات العربية المتحدة مثلاً، 126.7 مليار درهم، وهي النسبة المرشحة للزيادة بنسبة 3.8% عام 2025. وقد باتت شركات السفر والسياحة والمواقع الخاصة بذلك، تبتكر حلولاً في مجال السياحة، تتجاوب مع احتياجات المسافر وتذليل ما يراه عائقاً عن الاستمتاع والاسترخاء، وإن كان طلبه سياحة حلال، أو السياحة الإسلامية.

شريعة أو بيزنس؟

إذا نقرت كلمة حلال باللغة الإنجليزية على محركات البحث، فستفاجأ بكثرة الاقتراحات لأشياء حلال لم تخطر لك على بال: طلاء الأظافر الحلال، الحب الحلال، الإجازات الحلال، تحويل الأموال بشكل حلال، بالإضافة إلى النتيجة التقليدية، وهي الأطعمة الحلال. وبينما قد يكون بديهياً أن يبحث المسلمون عن مطاعم تقدم الطعام الحلال في الدول غير المسلمة، يتبادر للذهن العديد من الأسئلة حول وجود السياحة الحلال في الدول الإسلامية. فهل يحتاج المسلمون فعلاً لهذا النوع من السياحة المخصصة لهم؟ أو بمعنى آخر، إذا استطاعت النساء النزول بملابس سباحة شرعية، فما الداعي لوجود أماكن سياحة شرعية؟ هل هي ضرورة دينية، أو أنها مجرد وسيلة تؤدي إلى المزيد من عزلة المسلمين عن الآخر؟ هل هو بيزنس للجمهور المسلم، الذي يشكل العرب جزءاً كبيراً منه، وهم يعرفون حول العالم بالإنفاق ببذخ؟ وهل ترقى الفنادق والمنتجعات الإسلامية لمستوى الفنادق والمنتجعات الأخرى وتسعى للتطوير كي تكون جديرة بالمنافسة؟ أو تعتمد على الوازع الديني لمرتاديها لا أكثر؟

من أين جاء المصطلح؟

يقول طارق رشدي، مدير التسويق في موقع Halal Booking: "بدأ مفهوم المنتجعات الحلال في تركيا منذ سنين عدة، فقد أدرك رواد الأعمال بمجال السياحة أن متطلبات المسلمين المسافرين لا يتم تحقيقها بشكل كامل أو مناسب".
فلنكن صريحين، السياحة الحلال، هل هي للبحث عن الشريعة أو الربح؟
طلاء الأظافر الحلال، الحب الحلال، الإجازات الحلال، تحويل الأموال بشكل حلال... بيزنس الحلال
وانتشر مصطلح السياحة الحلال عندما عُرفت هذه المنتجعات التركية عالمياً، وخصوصاً للمسلمين الملتزمين في غرب أوروبا. وظهرت مواقع إلكترونية معنية بتقديم خدمات للسياح والمسافرين، تخصصت في السياحة الحلال فقط مثل موقعي Halaltrip وHalalbooking. تعرض هذه المواقع كل ما يتعلق بالخدمات التي تهم المسافر الملتزم، مثل المطاعم المتاحة للأطعمة الحلال في مختلف البلدان، والمساجد والأماكن الأثرية الإسلامية، بالإضافة إلى عرض أهم المواقع السياحية في المدن المختلفة.

مسابح النساء هي من بين أهم عناصر الجذب

يوجد الآن أكثر من 50 منتجعاً "حلالاً" في تركيا، 20 منها في أنطاليا وحدها. تقدم هذه المنتجعات اللحم الحلال، ولا يوجد فيها مشروبات كحولية، وتوفر مسابح وشواطىء ونوادي صحية للنساء فقط، بالإضافة إلى مرافق مشابهة للعائلات. يضيف رشدي: "لا يقصد المسلمون هذه الفنادق والمنتجعات في الدول الإسلامية بحثاً عن الطعام الحلال، ولكن أهم عنصر للجذب هو المرافق المخصصة للنساء فقط، مثل الشواطىء التي يراها عدد كبير من السياح أكثر متعة، فتلبس النساء ما يردن من الثياب بدلاً من البوركيني". كذلك توفر منتجعات عدة مسابح أو شواطىء مختلطة، مع ضوابط للزي، وهذا ما يؤمن بيئة مناسبة لبعض المسلمين.

صناعة واعدة

تعقد كل عام قمة للسياحة الحلال تجمع المهتمين بهذه الصناعة حول العالم. وتحاول عدم الاقتصار على شرح الموضوع، بل تتطرق أيضاً للتعريف بالمبادرات الموجودة في المجال، وتقديم خطط تطوير، وجمع الرواد بالعمل السياحي، مع المستثمرين وأصحاب المصلحة، لتشجيع هذا اللون من السياحة والسفر. وفق موقع القمة، تعد السياحة الصديقة للأسرة من أسرع مجالات السياحة العالمية نمواً، إذا استثنينا الحج والعمرة. ويعتبر جمهورها الرئيسي من الدول ذات الغالبية المسلمة، والجاليات المسلمة في أوروبا وأمريكا الشمالية والهند والصين، وبعض غير المسلمين. ويقدر لها أن تتجاوز 238 مليار دولار عام 2019.

إنفاق المسلمين على السياحة

تم تقدير قيمة الاقتصاد الإسلامي حول العالم بـنحو 1.9 تريليون دولار، وفق التقرير الذي أعدته مؤسسة تومسون رويترز، بالتعاون مع دينار ستاندرد، وبدعم من مركز دبي لتطوير الاقتصاد الإسلامي على النتائج المحلية والعالمية للمؤشر العالمي للاقتصاد الإسلامي، الذي يشمل 73 دولة. ومن المتوقع وفق هذا التقرير أن يصل إنفاق المسلمين على قطاع السياحة إلى 243 مليار دولار عام 2021. وربما يفسر هذا الرقم الشغف الشديد للانخراط في مجال السياحة الحلال، حتى للمنتجعات والشركات التي يملكها غير المسلمين.

حلال "لايت" وحلال نص نص، وحلال "قوي"

خير مثال على هذا هو موقع My Premium Europe الذي لا يختص بتلبية طلبات الزبون المسلم فقط. ويري بيتر زومبوري، مدير الموقع في سويسرا، أن عدد المسافرين الذين يريدون هذا النوع من السياحة في تزايد، لكنه قسم أنواع الخدمات الحلال ثلاثة أقسام. هناك المستوى الخفيف أو ما يعرف بـ“Halal light”، وهو موجود بالعديد من فنادق أوروبا، وعليه إقبال عال، ويشمل توفير المأكولات الحلال، وعدم وجود خمر بثلاجة الغرفة، ووجود قرآن فيها. ويقول زومبوري، إن الموقع يتلقى 5000 طلب للسياحة في أوروبا، 300 منها تنظيم رحلات حلال، وغالبيتها "الحلال اللايت". القسم الثاني هو ما يعرف بـ"Halal Normal" فيشمل أوقاتاً خاصة للنساء بحمامات السباحة والنوادي الصحية وغيرها. أما القسم الثالث أو ما يعرف بـ"Halal Strong"، وهو صعب أو يكاد يستحيل توفره في سويسرا أو أوروبا، يكون في الفنادق المعدة بالأساس لهذا النوع من السياح، فتكون أماكن الإقامة منفصلة للرجال والسيدات، كذلك المرافق كحمامات السباحة وغيرها.

هل تقدم خدمة مختلفة حقاً؟

تعتمد الفنادق والمنتجعات التي تقدم خدمة Halal Strong على توفير مجموعة من الخدمات، لتبتعد عما يخالف الشريعة الإسلامية، مثل تقديم الأطعمة الحلال، ووجود قبلة وأذان في الغرف، وحذف القنوات غير المناسبة، وتوفير حمامات سباحة ونوادٍ صحية للنساء فقط. تقول غادة سالم، وهي مصرية تفضل ارتياد هذا النوع من الفنادق، أن خلو هذه الفنادق من البارات من أهم عناصر الجذب لها. وتوضح: "تقي هذه الفنادق الأسرة التي لديها أطفال، رؤية مرتادي البارات وهم في حالة سكر". وهي ترى أن مستوى هذه الفنادق لا يختلف عن غيره مما يماثلها في عدد النجوم، بل تقدم خدمة ترضيها، ويقبل عليها غير المسلمين أيضاً.

أديان مختلفة والطلب واحد

يقول رشدي إن عدداً كبيراً من المستخدمين يأتي من غرب أوروبا، ويضيف أن البعض من غير المسلمين المحافظين، قد يختارون الذهاب إلى هذه المنتجعات للحفاظ على خصوصية النساء وعدم تقديم خمور، لكنهم أقلية. وفيما ينظر البعض للسياحة الحلال على أنها استجابة لاحتياجات بعض المسلمين، تبقى حقيقة عصية على الإنكار، هي أنها أيضاً فرصة جيدة للربح، أو بيزنس لأصحاب الفنادق التي تتوافق مع هذه الاحتياجات، والمواقع المتخصصة، خصوصاً لدى الأخذ في الاعتبار البذخ المعروف عن بعض السياح العرب، الذين عادة يسافرون مع عائلاتهم، ويقضون أوقاتاً أطول ويكونون أكثر استقراراً. فهل يمكن اعتبار السياحة الإسلامية مظهراً آخر للتعبير عن التمسك بالهوية الدينية، شأنها شأن غيرها من مظاهر الإسلام التي باتت تهم بعض المسلمين أكثر من شعائره؟ أو أنها بالفعل تلبي حاجة أصيلة للمسلمين، وافقت هوى الشركات التي لم تضيع الوقت، وصنعت من الفرصة قطاعاً كاملاً، يجذب كل يوم المزيد من الزبائن، ويحقق المزيد من الأرباح.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image