"وأخيراً بات لدي دخل إضافي يعينني على مشاق الحياة"، هكذا يصف السعودي مهند الشهري، الذي يعمل حارساً أمنياً في أحد المعارض التجارية بجدة، سعادته بعدما انضم للعمل في شركة أوبر. أوبر شركة متخصصة في خدمة نقل الأفراد، وقد تمكّن الشهري من شراء سيارة جديدة لتحويلها إلى سيارة أجرة، تتناسب مع معايير الشركة.
قد يكون الشهري نموذجاً للعديد من السعوديين، الذي ضاقت بهم أعباء المعيشة. فهم يتقاضون رواتب شهرية، بالكاد تغطي مصاريف أسرهم، حتى جاءت شركتا أوبر وكريم، لتحل لهم عقدتهم. ففتحت تلك الشركات أبوابها للسعوديين للعمل كسائقين لديها، شرط أن تكون لديهم سيارات بموديلات حديثة.
وبحسب الشروط التي تفرضها شركة كريم، يتوجب على السائق السعودي الحصول على رخصة قيادة، وأن يكون خالياً من السوابق الجنائية، وحاصلاً على مؤهل يخوله القراءة والكتابة. تلك الشروط السهلة، ساعدت السعوديين على الانضمام للعمل كسائقي أجرة لدى تلك الشركات.
وشكل قرار وزارة النقل بمنع الأجانب من العمل لدى هاتين الشركتين، عاملاً آخر لإفساح المجال أمام السعوديين حصراً، للعمل كسائقي أجرة. فبحسب المشرف العام على التسويق والاتصال المؤسسي بوزارة النقل، تركي الطعيمي، فإن تقديم خدمة النقل بواسطة المركبات الخاصة هي حصراً للسعوديين وليس الأجانب، بينما يسمح للأجانب العمل عن طريق منشآت الأجرة العامة والخاصة، بواسطة سيارات مخصصة لهذا الغرض.
سيارتك مصدر دخلك
يكمن سر إقبال الشباب السعودي للعمل مع أوبر أو كريم ببساطة في المفهوم الجديد لسيارة الأجرة. فلا توجد حاجة إلى استخدام سيارات بيضاء اللون تحمل شارة التاكسي أعلاها، أو الحصول على رخصة عمومية لقيادة سيارة أجرة. يمكن لأي شاب التوجه إلى إحدى الشركتين وعرض خدماته من خلال سيارته الخاصة، ثم العمل بها، وفقاً لنظام تشغيل معين، تعتمده الشركة مع سائقيها. بالإضافة إلى شرط امتلاك السائقين لسيارات حديثة نوعاً ما، تشترط الشركتان أهمية نظافة السيارة، وعدم وجود روائح كريهة، كما يحصل مع معظم سيارات الأجرة العمومية الأخرى. وفي المقابل، تزود الشركتان السائقين بنظام الخرائط الرقمية، لتسهيل عملية تحديد المواقع والأماكن بجدة. وقد بلغ الإقبال على شراء السيارات في السعودية مستويات قياسية، والسر في ذلك يكمن في التسهيلات التي تمنحها المعارض للراغبين في شراء أحد الموديلات الحديثة. بينما يعد نظام الاستيفاء عبر الأقساط في طليعة تلك التسهيلات. ليس عليك سوى التوجه إلى أحد المعارض، والتقدم بطلب شراء سيارة جديدة، بعد إبراز خطاب بنكي أو إشعار بالراتب الشهري، وأوراق الهوية، وسداد مبلغ بسيط لا يتجاوز 1500 دولار كدفعة أولى. وحينها قد تعود إلى منزلك في سيارتك الجديدة. لؤي باعوض، شاب سعودي، يعمل في وظيفة استقبال لدى إحدى الشركات الإنشائية بجدة، ويصف عمله الإضافي بأنه "ليس عملاً شاقاً". وقال لرصيف22: "عملت بنصيحة صديقي الذي دلني على شركة أوبر، بعدما قمت بشراء سيارة جديدة بنظام الأقساط. كان من الضروري أن أستفيد من سيارتي الجديدة، لا سيما أن راتبي ليس كافياً لتدبر أمور المعيشة". وأضاف باعوض: "الجميل في الأمر، أن العمل في أوبر ليس مرتبطاً بدوام وقتي معين، كسائر الشركات. عندما تجد الفرصة مواتية أو الوقت المناسب لتبدأ رحلتك بحثاً عن زبون، ليس عليك سوى انتظار رسالة طلب من أحدهم عبر تطبيق أوبر على الهواتف الذكية. وقد تكون تلك الرسالة صادرة من أحد الزبائن القريبين من موقعي، فأتوجه إليه فوراً بسيارتي، وأنقله إلى حيث يريد".العمل بدون قيود دوام
يتذمر العديد من السعوديين من الدوام التقليدي، الذي يتطلب الحضور باكراً للعمل، في العديد من الوظائف. وقد يجد البعض نفسه مضطراً لتملق مديره في العمل، أو مواجهة ضغوط العمل التي لا تنتهي، إلا أن العمل في شركتي أوبر وكريم وافق هوى الكثير من السعوديين، الذين لا يطيقون ساعات العمل في الدوام التقليدي.أوبر وكريم تبتسمان للسعوديين ذوي الدخل المحدود... وفرص عمل يرحب بها الشباب السعودي الذي يفضل العمل من دون دواميوضح مهند الشهري أنه ليس لديه الوقت الكافي للبحث عن عمل في فترة الصباح، فهو يعمل حارساً في ساعات الليل. ويقول لرصيف22: "أحياناً عندما أستيقظ في ساعات الصباح، أجد نفسي متعباً، وليس لدي رغبة في أن أعمل في وظيفة أخرى لتغطية نفقاتي. حاولت في البدء أن أعمل بائعاً في النهار، لكن طول ساعات وقوفي بالليل كحارس، أجبرني على الانسحاب من مهنة البائع". وأضاف الشهري: "حينها فكرت بشراء سيارة جديدة، والاستفادة منها عبر نقل الأفراد، حتى جاءت شركة أوبر إلى السوق السعودية، فانضممت إليها. وكلما شعرت برغبة في العمل في ساعات النهار، أستجيب للطلبات الواردة عبر تطبيق أوبر، والعكس صحيح، حين أجد في نفسي وهناً".
سائق التاكسي الأجنبي فقد فرصه
لم تنجح الشركتان في أن تصبح محل ترحيب الجميع، إذ باتت مصدر إزعاج للبعض، لا سيما سائقي الأجرة العمومية الأجانب، الذين ضاقت بهم السبل. ويعزى السبب إلى أن معظم أفراد المجتمع السعودي يقبل بكثافة على طلب الخدمة من أوبر أو كريم، عبر تطبيقات الهواتف الذكية. في الوقت الذي خلت فيه الشوارع من الباحثين عن سيارة أجرة عمومية أو كما يطلق عليها في السعودية سيارات الليموزين لتدبر أمورهم. تلك التطورات دفعت العديد من شركات الأجرة لتخفيف أسطولها من السيارات، بعدما فضّل العديد من سائقيها الأجانب، لا سيما من الجنسية الباكستانية أو الهندية، التوقف عن العمل والعودة إلى ديارهم. في نظر الكثير من العامة، إن الفرق يعد واضحاً بين استخدام سيارات تابعة لشركتي أوبر أو كريم للتنقل، أو السيارات الخاصة لشركات الأجرة العمومية التقليدية. نظافة السيارة، وحداثة طرازها هما من بين عدة عوامل جذب للشركات. ومن جهة أخرى، قدم طراز السيارة، إضافة إلى جهل السائق في كثير من الأحيان باتجاهات الشوارع والطرق، وعدم معرفته بخريطة المدينة، ناهيك بعشوائية عملها ونظامها، شكلت هي الأخرى، عوامل منفرة للزبائن. صديق احسان، سائق أجرة من الجنسية الباكستانية، يتحسر على تلك الأيام الخوالي، حين كان نشاط سيارات الأجرة العمومية مزدهراً في ظل غياب أي منافسة تذكر في سوق النقل والمواصلات بالسعودية. لكن دخول كريم أو أوبر إلى السوق السعودية ومنع الأجانب العمل فيها، سبب له قلقاً شديداً حيال قدرته على مواصلة عمله كسائق أجرة عمومية بجدة. يقول احسان لرصيف22: "يبدو لي أن مستقبل سيارات الأجرة العمومية بالسعودية آخذ في الانحسار. بالرغم من أنني كنت مجبراً على تحصيل 170 ريالاً (45 دولاراً) يومياً من الزبائن لحساب الشركة التي أعمل بها، وهو مبلغ يصعب تحصيله غالباً من الزبائن الذين يتجادلون في سعر المشوار الواحد. لكنني كنت قادراً على جني أكثر من ذلك. فالفائض من الدخل اليومي كان يعود لي. وبعد دخول شركتي أوبر وكريم إلى السوق، بالكاد نستطيع تحصيل المئة ريال، بسبب ابتعاد الزبائن عنا".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أيامرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ 4 أياممقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ اسبوعينخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين