تتنوع رياضات الصيد التي قد يمارسها الإنسان، ويأتي صيد الصقور والعقبان واستخدامهما لصيد الأرانب البرية والغزلان وطيور الحبارى، من بين أهم الرياضات الشتوية التي تمارس في منطقتنا العربية.
يقوم البعض بصيد الصقور بغرض البيع، ما حوّل هذه الهواية إلى تجارة تدر ملايين الدولارات، أما صيد الصقور للصيد، فيبقى "رياضة الأمراء والملوك".
وبالرغم من عدم الاهتمام بصيد "العقبان"، إلا أن العقاب هو أحد أهم الطيور التي يستخدمها العرب في رياضاتهم الشتوية كوسيلة للصيد.
أحبطت أخيراً في مصر محاولة لتهريب 46 صقراً يقدر سعرها بملايين الجنيهات، بالرغم من أن صيد الصقور وتصديرها أو عرضها للبيع، من المحظورات القانونية، ويمنعها جهاز حماية البيئة. ويجد بيع الصقور وصيدها رواجاً كبيراً في أسواق عربية أخرى، حيث لا توجد محظورات قانونية عليهما، كما هو الحال في ليبيا. لكن الأوضاع الأمنية تبقى عائقاً أمام التصدير.
وتشكل دول الخليج العربي سوقاً خصباً لعمليات البيع للملوك والأمراء والأثرياء، لاستخدامها في مسابقات خاصة "بالطيور الحرة"، أو للصيد، أو حتى لتزيين القصور. وإن كان الأمر يكلف مبالغ باهظة، لا سيما مع ارتفاع أسعار الصقور نتيجة ارتفاع سعر الدولار.
قناصو الصقور يتحدثون
بحذر شديد، تحدث بعض صائدي الصقور المصريين لرصيف22، فجميعهم قلقون من الملاحقة الحكومية. يقول القناص شاهين الكميلي (24 سنة)، وقد سماه والده "شاهين" تيمناً بصقر شاهين الذي اصطاده يوم مولده: "تعلمت صيد الصقور من والدي، الذي بدأ باصطيادها وهو في عمر 15 سنة، بعد أن تعلمه من أحد الصيادين في محافظة الشرقية". ويضيف شاهين، الذي لم يكمل تعليمه الأساسي حباً في صيد الصقور، أنهم لا يستخدمون الصقور في الصيد مطلقاً، نظراً لزيادة أسعارها، التي وصلت هذا الموسم إلى 800 ألف جنيه مصري (44,100 دولار)، أغلاها الشاهين، ثم الصقر، وهما أغلى أنواع الصقور. ويعتبر "الطير المصري"، اسم الصقر كما هو متداول بين القناصين، الأغلى سعراً، لأنه الأسرع على الإطلاق. وتقام عملية صيد الصقور في مجموعات أو بشكل فردي، بحسب القناص صافي خليل. وقال لرصيف22: "موسم صيد الصقور يكون في بداية شهر أكتوبر من كل عام ويستمر حتى نهاية ديسمبر، وهو موسم هجرة الصقور من شمال إفريقيا إلى أماكن هجرتها في الصحراء الغربية والفيوم ومنطقة الحسينية بالشرقية، وكذلك محافظة البحيرة". ويضيف صافي أنه يقوم بالصيد في مجموعة مع أشقائه، وفي نهاية الموسم يقسمون حصيلة البيع بينهم. ويوضح: "في الموسم الواحد يمكن أن نصطاد طيراً واحداً أو اثنين، وأحياناً قد يمر الموسم من دون صيد". ويتخوف صافي، الذي باع هذا الموسم أحد الصقور بـ290 ألف جنيه، من أن تقوم السلطات المصرية بملاحقة قناصي الصقور في الفترة المقبلة. ويقول: "ننفق كثيراً على عملية الصيد، وقد يتخطى الأمر 50 ألف جنيه مصري، كمؤن تكفينا أثناء تخييمنا في الصحراء، وسولار للسيارات التي تقوم بنقلنا، ونضطر أحياناً للاستدانة لتغطية كلفة رحلة الصيد" مضيفاً: "ليس لنا مهن ثابتة، فنحن لا نعمل سوى في رعي الأغنام، وفرحة عمرنا عندما نصطاد الشاهين".عن هواية صيد الصقور التي تتحول إلى تجارة تدر ملايين الدولارات...ويحكي صافي قصة شقيقه، الذي يقوم بالصيد بمفرده حتى يحصل على حصيلة الصيد وحده، وبالرغم من ذلك لم يستطع منذ أكثر من 15 عاماً صيد "طير واحد". وفي ليبيا أيضاً تتم عمليات صيد وبيع الصقور على نطاق واسع، وتعتبر منفذاً خصباً للتصدير. وتعتبر البطنان من أكثر المناطق التي يتم فيها صيد الصقور. يقول أسامة محمد، أحد قناصي الصقور الليبيين لرصيف22، إنه لا توجد أي محظورات قانونية بالنسبة لصيد الصقور في ليبيا، وتعتبر كل الأنواع ذات قيمة مالية عالية، سواء كان الصقر "فرخاً" أو "متقدماً في العمر". ويضيف: "قمت باصطياد صقر وبعته مقابل 160 ألف دينار ليبي (112,500 دولار)". أما المعبدي المعبدي، وهو أيضاً قناص ليبي، فيقول: "الخبرة وحدها يمكن أن تساعد القناص في معرفة نوع الصقر الذي قام باصطياده، ولكل فرخ سعر خاص به". ويشير إلى أن معظم الأنواع يتم تصديرها لدول الخليج، مثل قطر والسعودية والإمارات، وتعتبر تلك الدول سوقاً خصباً لبيع الصقور الآتية من مصر وليبيا، وهما أكثر الدول العربية المشهورة بصيد الصقور".
طقوس الصيد
وعن طقوس الصيد، يشير القناص حومة عبد الرحمن الكميلي إلى أن البدو هم الأقدر على عملية الصيد، بخلاف أهل المدن، لطبيعة معيشتهم الصحراوية. ويقول: "نحن لا نستخدم الصقور في الصيد، وإذا كان لا بد من ذلك فنحن نستخدم أخا الشاهين، ويسمى "كراج"، ويبلغ ثمنه نحو 20 ألف جنيه مصري فقط، بينما نبيع الشاهين لارتفاع ثمنه". ويضيف: "عملية الصيد يجب أن تتم بحذر شديد، فيجب وضع قناع على وجه الصقر، لأنه طير حر يكره أن يتم اصطياده، ويمكن أن يموت إذا رأى إنساناً، لذلك يتم تركه من 5 إلى 10 دقائق حتى يهدأ، ويتم رش بعض الماء عليه". أما لتدريب الصقر على الصيد، فيقول: "يتم تجويع الطير لمدة 3 أيام، ويطلق عليه أحد الأسماء حتى يتعود على ندائه باسم معين، ويطلق خلف حمامة مثلاً ليتعود بعد ذلك على الصيد".ويؤكد الليبي أحمد الشامخ الكنك، وهو من هواة صيد الصقور، إن هوايته المفضلة هي صيد الصقور واستخدامها بعد ذلك في الصيد. ويروي أنه اصطاد أحد الصقور، اسمه زغزغاتي، وقام بإطلاقه على الفور بعد صيده. أما فيصل أبو مزيد السواركة، وهو مدير إحدى الشركات بدبي، فيقول لرصيف22، إنه يشتري الصقور أياً كان المبلغ المدفوع فيها، ويستخدمها بعد ذلك في صيد طيور الحبارى والأرانب البرية والغزلان. كما أنه يقوم بتعليم أبنائه الصغار كيفية التعامل مع الصقور، وحملها، ليتسنى لهم استخدامها في الصيد مستقبلاً. شراء الصقور
تصدير الصقور
وأشار محمد السعداوي، أحد أكبر تجار الصقور في ليبيا، إلى أن تصدير الصقور حالياً يشهد كساداً كبيراً بسبب القيود التي تواجه التجار في عملية التصدير، سواء بسبب الأوضاع الأمنية السيئة في بعض البلاد العربية، أو ارتفاع سعر الدولار، ما أدى إلى ارتفاع أسعار البيع والشراء، ويقول السعداوي: "نضطر لخفض سعر الطير لتسيير أمورنا" مشيراً إلى أن دول الإمارات والبحرين والكويت هي المستوردة الأولى للصقور المصرية والليبية، إذ تتميز بسرعتها الفائقة وقدرتها على صيد الحيوانات الأكبر حجماً كالغزلان. [caption id="attachment_84240" align="alignnone" width="700"] محمد السعداوي[/caption] ويضيف السعداوي، الذي يعمل في شراء وتصدير الصقور منذ 20 عاماً: "السوق يحدد أسعار الطيور في الخليج، فكلما كثرت الطيور في السوق كان سعرها أقل والعكس، وقد زادت الأسعار هذا الموسم فوصلت إلى نحو 165 ألف دينار ليبي (116 ألف دولار). ويتهافت على شرائها الأمراء والملوك أو الأثرياء".صيد العقبان
بالرغم من أن العقاب سيد طيور السماء، كما يطلق عليه، إلا أن المفاجأة في أن عمليات قنصه واستخدامه في الصيد لا تتم على نطاق واسع في المنطقة العربية. فلا يجد سوقاً رائجة له أو استخدامات في الصيد، كما هو متداول في الطيور الحرة الأخرى، مثل الشواهين والصقور، التي يتم شراؤها على نطاق واسع مهما كان سعرها. ويقول أبو بكر أبو الحاج، وهو أحد القناصين المصريين، لرصيف22: "إذا صادفنا عقاباً نقوم بإطلاقه مرة أخرى، فليس له قيمة تذكر، ولا نستخدمه كصيادين في القنص حتى". ولكنه يضيف: " هناك بعض العقبان يتم تصديرها لدولة منغوليا، التي تستخدمها في ما بعد لصيد الذئاب. لكن ذلك يتم على نطاق محدود، ولا يقوم به معظم الصيادين". [caption id="attachment_84242" align="alignnone" width="700"] أبو بكر أبو الحاج[/caption] أما حومة عبد الرحمن، فيؤكد: "يمكن استخدام العقاب في حالة واحدة فقط، إذ من خلاله يمكن اصطياد الصقر، وإيقاعه في الشرك". ويشرح العملية قائلاً: "يتم تعليق حمامة وهمية في مخلبي العقاب ويطير في السماء، وعندما يراه الصقر، ولأنه طير حر يغار منه، ويتصارع معه للحصول على الحمامة الوهمية، وفي نهاية الأمر نحصل على الصقر، ونصرف العقاب، لأنه لا قيمة له". وفي ليبيا أيضاً لا يعير قناصو الصقور بصفة خاصة، والقناصون بصفة عامة، أي اهتمام يذكر لصيد العقاب. فيعتبرون صيده مضيعة لوقت القناص.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ 3 أيامرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ 4 أياممقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعمقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ اسبوعينخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين