شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

ضمّ/ ي صوتك إلينا!

"ماجيك ماشروم" ومرضى السرطان: الموت بسعادة!

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الجمعة 2 ديسمبر 201607:26 م
في إحدى العيادات البيروتية، كان الطبيب يسجّل أسماء بعض الأدوية المهدئة التي تساعد مريضة السرطان على تخفيف أوجاعها ومخاوفها، عندما أتاه السؤال مفاجئاً "هل يمكنني استبدال هذه الأدوية بسجائر الحشيش (حشيشة الكيف)؟ بدأتُ تدخينها وأشعر أنها تنقذني من ذلك الشعور القاتل الذي يتركه السرطان وهو ينهش جسدي". كان جواب الطبيب مشجّعاً، قال إن هذا الحلّ "طبيعي" ويُعتبر أفضل من الأدوية الكيميائيّة، التي يخضع لها جسدها طوال مرحلة العلاج. لكن نصيحة الطبيب لمريضة السرطان لا يمكن أن تكون رسميّة، فما زالت مهدئات من ذلك النوع تُجرّم قانونياً، بينما ترتفع الأصوات العلميّة منادية بتشريعها "لأغراض طبيّة". تأتي الدراسة التي قام بها أخيراً باحثون في جامعتي "نيويورك" و"جون هوبكنز" لتسلّط الضوء على إيجابيات "الفطر السحري" المعروف بـ"ماجيك مشروم" في مساعدة مرضى السرطان الذين وصلوا إلى مراحل متقدمة، بالتخفيف من الآلام وحالات الإحباط والاكتئاب، فضلاً عن تقبّل الموت القادم سريعاً بطريقة أفضل. بحسب الباحثين المشاركين في الدراسة والمتخصصين في علوم الإدمان والصحة النفسية، عندما يسمع المريض كلمة "سرطان" يُصاب بنوبة قلق شديدة تقوده إلى الاكتئاب. وعليه تؤكد البحوث المطولة التي أُجريت على عدد من المرضى أن فطر "السيلوسيبين"، المعروف بـ"الفطر السحري"، يساعد على معالجة الاكتئاب. هذا الفطر الذي يشبه بيوت السنافر التي كانت تستهوينا في الصغر، يُدخل من يتناوله، بسبب مادة "السيلوسيبين"، في جو من الهلوسات. ومع الوقت، تُحدث هذه المادة تغييرات على مستوى الدماغ تساهم في تشكيل حالة تشبه حالة النوم، التي تؤثر على صحة الإنسان النفسية بشكل إيجابي. تناول "الفطر السحري" إذاً، يساعد المريض ألا يفقد صحته العقلية تزامناً مع تدهور صحته البدنيّة، ولا يعيش الموت يومياً قبل أن يأتي الاستحقاق الفعلي، كما يجنبّه أن يختبر أياماً سيئة يتمنى فيها الموت. على العكس، يمضي آخر أيامه على الأرض بشكل إيجابيّ، فيودعها عندما يحين الموعد الفعلي لا قبل ذلك. هكذا يقول العلماء، الذي يؤكدون على الاستفادة من "مواد يجرّمها القانون" بشكل "آمن وأخلاقي". وقد أجرى الباحثون اختبارات على ثمانين مريضاً، أظهر 80% منهم تجاوباً كبيراً، فتراجعت اضطراباتهم النفسية بشكل ملحوظ، واستمر تفاعلهم الإيجابيّ حتى بعد سبعة أشهر على تناول جرعة واحدة. وخلال الاختبار كان المرضى محاطين بفريق مختص ويستمعون للموسيقى. أما الأعراض الجانبيّة فبالكاد يمكن ذكرها، وفقاً للباحثين.
"الفطر السحري"، هذا المخدر الذي يجرم استخدامه، قد يكون الحل السحري لمرضى السرطان الذين وصلوا إلى مراحل متقدمة
تضمنت الدراستان شهادات مرضى أثنوا على العلاج، منهم كيفن الذي يقول إن "الفطر السحري" لم يساعده في العودة إلى حياته السابقة قبل السرطان، ولكن أعطاه سلاماً داخلياً جعله أكثر قدرة على التعايش مع المرض. أما مارسي فقالت إن الأدوية المهدئة التي كانت تتناولها سابقاً تركتها مع الكثير من الأعراض الجانبيّة، ولكن علاج "الفطر السحري" كان سحرياً بالفعل. وعموماً، أشار المرضى إلى تحسن نوعية حياتهم العائلية وتمتعهم بالهدوء ومحبة الغير. علماً أن معظم المشاركين هم من النساء المتطوعات اللواتي تراوح أعمارهن بين 22 و75 عاماً، ويعانين من سرطان الثدي أو الجهاز الهضمي أو الدم، وتم تشخيصهن إثر المعاناة من ضائقة نفسية خطيرة تتعلق بمرضهن. بعد ذلك تم اختيار نصف المشاركين عشوائياً وإعطاؤهم "السيلوسيبين"، بينما حصل الآخرون على "علاج وهمي" من "الفيتامين أ". لم يعرف الباحثون أو المرضى من كان يتناول "السيلوسيبين" ومن لم يكن، وهذا ما زاد من دقة النتائج. ومع ذلك حذر الباحثون من عدم إمكانية استخدام المصابين للعلاج من تلقاء أنفسهم، لأن هذا العلاج لا يمكن أن يكون صالحاً لبعض المرضى مثل المصابين بانفصام الشخصية أو للمراهقين. سيمرّ وقت قبل أن تصبح هذه المادة السحرية مشروعة للاستخدام بشكل طبيعي. ففي الأربعينات والخمسينات، جرت دراسات كثيرة في المحاكم بشأن مواد الهلوسة وطرائق استخدامها، وفي السبعينات تمّ الحكم القاطع بتجريمها. وقد توقفت الدراسات بشأنها إلى أن عادت في العام 2000، وجرى أغلبها بتمويل خاص. لكن الخلاصة التي توصل إليها الباحثون، ودعمتها افتتاحيات أكثر من 10 مجلات طبيّة، تحتاج إلى استكمالها بدراسات أخرى كما أقرّ هؤلاء، إذ لا يزال هناك الكثير لمعرفته بشأن الفوائد العصبية للمادة. إلا أنها تأتي لتؤكد ضرورة أخذ السلطات المسؤولة بالاعتبار تداخل هذه المواد "المجرّمة قانونياً" مع الطب، وإعادة النظر بشأن الحظر الكلي المفروض على تعاطيها.
إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image