شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

اشترك/ ي وشارك/ ي!
عن

عن "حرائق إسرائيل" التي تلتهم فلسطين.. والعرب يتباهون بشَعر "ابنة الجيران"

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 24 نوفمبر 201603:08 م
"إسرائيل تحترق"، "النار تلتهم إسرائيل"، "الغضب الإلهي"، "نار جهنّم تضرب إسرائيل على الأرض"، "يمنعون الأذان فتحرقهم النيران"... وتعليقات كثيرة أخرى عبّر من خلالها عرب كثر عن "فرحتهم" بمنظر الحرائق التي تشهدها الأراضي المحتلة منذ ثلاثة أيام وبلغت ذروتها اليوم، ودفعت السلطات الإسرائيلية للاستعانة بمساعدة دول أخرى لإخمادها. تزامناً مع موجة الرياح الجافة التي هبّت على المنطقة، نشبت حرائق في غابات وسط وشمال الأراضي المحتلة على امتداد مساحات واسعة، واتسعت الأبخرة والدخان لتغطي مناطق حورون ودوليف ونتاف وزخرون ومناطق أخرى. ونشرت القنوات العبرية صوراً تظهر حجم الحريق، كما أعلنت مشاركة 30 طاقماً من طواقم وزارة الدفاع والجيش الإسرائيلي في عمليات إخماد النيران. بينما جرى تسجيل العديد من حالات الاختناق في صفوف المستوطنين، الذين تم إسعافهم لاحقاً، وإجلاء بلدات ومستوطنات ومناطق كثيرة. ووفق صحف إسرائيلية، اشتعلت النيران في 230 بؤرة خلال الأيام الثلاثة الماضية، تُضاف إليها بؤرتان جديدتان في مواقع تابعة للجيش، ما ألحق أضراراً باهظة في الممتلكات والمنازل. في هذه الأثناء، طالبت تلّ أبيب المساعدة والدعم من دول قريبة كقبرص واليونان وإيطاليا وتركيا، وحصلت على عرض مساعدة روسي. وسط كل ذلك، لم تفت بنيامين نتينياهو، منذ الساعات الأولى، الإشارة إلى أن نصف هذه الحرائق متعمد، من دون أن يقدّم أي دلائل بشأن اتهامه. عموماً ليس في ذلك أي جديد، في تعاطي سلطات الاحتلال مع الفلسطينيين والاتهامات التي يرمونهم بها، ثم يعاقبونهم على أساسها.

بماذا يحتفل العرب؟

ولأن العرب اعتادوا الاحتفال بأي سوء يصيب إسرائيل، حتى لو لم يكن لهم يدٌ فيه، اندلعت نيران الشماتة على مواقع التواصل الاجتماعي محتفية بـ"العقاب الإلهي"، تحت هاشتاغ "إسرائيل تحترق". ولأن الحرائق أتت بعد أزمة حظر الأذان، أجمع كثر على أن الله ينتقم من إسرائيل، مستعيدين آيات العذاب في "نار جهنم". أما لماذا ينتقم الله بشأن الأذان، ولا يحرّك ساكناً عند وقوع مجازر وسقوط أطفال واعتقال مظلومين؟ وهل الغابات والمحاصيل التي تحترق ليست فلسطينية بالأساس؟ وماذا عن عارضة تقع في الحرم المكي وتقتل المئات وحرائق إسرائيل لم تسجل وفيات حتى الساعة؟ وهل الفلسطينيون بمأمن من الحرائق؟ لا أحد يملك الجواب، لا على هذه الأسئلة أو على أسئلة كثيرة تشبهها. هذه الاحتفالات استدعت استنكار آخرين، رأوا أن كثراً من العرب أتقنوا الانتصارات الرمزية، كتعويض عن صمتهم وقلة حيلتهم في مواجهة العدو. وأعادوا التذكير بحوادث كثيرة كان من الأجدى أن يتدخّل الله لأجلها، إذا كان المنطق الإلهي يتحرك فعلاً كما يريد كثر أن يصوّروه. للمزيد عن تعليقات العرب ومتابعتهم لحرائق إسرائيل، يمكن مراجعة المقال التالي: إسرائيل تحترق… فبماذا علق العرب؟ عموماً ليس في ذلك أي جديد أيضاً، بعد ما وصل إليه السياق العربي السائد في التعاطي مع حالات النصر والهزيمة. يشبه ذلك الاحتفاء بموت مسؤول إسرائيلي نتيجة مرض عضال أو بشكل طبيعي بعدما يكون قد بلغ من العمر عتياً، فتبدأ حفلات الشماتة والأهازيج وكأن لهؤلاء دوراً في قتله أو تخليص البشرية من شرّه. ليس دفاعاً، على سبيل المثال، عن مجرم حرب كشمعون بيريز، الذي توفي أخيراً، وإنما عودة إلى مفهومي "النصر" و"القدرة الإلهية" اللذين يطغيان اليوم في خطابات الصراع مع إسرائيل.

مفتعلة أم غير مفتعلة؟

في سياق متصّل يخصّ الداخل الفلسطيني، بدأ النقاش عما إذا كانت هذه الحرائق متعّمدة كفعل مقاومة، أو مجرد حادث طبيعي أسهمت أحوال المناخ في إرباك سلطات الاحتلال وكشف قصورها في التعامل معه أو مع أي حادث آخر يأتي خارج السياق الحربي المعروف؟ من وجهة النظر الأولى، رجّح وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي جلعاد إردان أن يكون نصف الحرائق التي اشتعلت متعمداً وبفعل فاعل، وقالت الإذاعة الإسرائيلية إن إردان والمفتش العام للشرطة روني الشيخ قررا نشر قوات من الشرطة وحرس الحدود في بعض المناطق المفتوحة، تحسباً لمحاولات أخرى. من جانبها، قالت وزيرة القضاء الإسرائيلي إيلات شكيد إن عقوبة كل من يقوم بإشعال حريق في إسرائيل ستصل الى السجن الفعلي لمدة 20 عاماً . كما خرجت أصوات فلسطينية تؤكد هذه النظرية، كونها "فعل مقاومة". ورأى هؤلاء أن الحرائق وسيلة جديدة في يد المقاومين الفلسطينيين، في ظلّ التضييق المتصاعد عليهم، وتعذّر استخدام أساليب أخرى. واعتبروا أن هذه الحرائق لا تشتعل وحدها بل بحاجة لتدخل بشري، سواء كان مقاومة أو عبثاً. وبرأيهم أن متابعة تطورات الحرائق، وكيفية انتقالها من الشمال إلى الجنوب ثم الوسط تعزّز فرضية التخطيط لها. ويشيرون إلى أنها تأتي بعد تفاعل موجة الغضب بشأن حظر الأذان. في المقلب الآخر، يستبعد محللون افتعال الحرائق، ويرون في الاتهامات الإسرائيلية تكراراً لما سبق، إذ تلصق تل أبيب كل فشل يواجهها بـ"المخربين الفلسطينيين"، واعتبروا أن هذه الوسيلة في المقاومة لا تتفق مع فكرة فلسطينية الأرض، والأذى الذي يلحق بالأخيرة إنما هو أذى لفلسطين قبل السلطات الإسرائيلية. في مطلق الأحوال، يرى هؤلاء أن الجانب الإيجابي في موضوع الحرائق هو أنه كشف هشاشة "الدولة الخارقة" ومبالغتها في تقدير حجم قوتها وتجهيزاتها الداخلية لما هو غير متوقع. وهو ما دفعها لطلب النجدة من دول خارجيّة، بينما لا تزال تتصارع مع النيران وأعمدة الدخان المتصاعدة منها. الوقت كفيل بالمعرفة أكثر حول أداة المقاومة المستجدة من عدمها، والجواب لن يأتي من الجانب الإسرائيلي بطبيعة الحال إذ كان الاتهام معداً سلفاً. وحتى ذلك الوقت، قد تدفع عبارة "للظالم يوم" للاستمتاع برؤية العدو يتخبط في مشاكله، لكن هل يكفي ذلك للاحتفال والاعتقاد بأن العرب "أدوا قسطهم للعلى". يبدو أن كثيراً من العرب يعتقدون بذلك، ولكن لسرديّات التاريخ والسياسة والمقاومة كلمة أخرى في هذا الشأن. وكذلك لـ"القدرة الإلهيّة".

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image