هناك أسئلة يستحيل أن تكون أسئلة أصلاً. لابد أنّها لم توجد إلا لإزعاجك أو إهانتك، أو اختبار ردود أفعالك لهدف بحث سلوكي ما. لا يوجد ما يبرر هذه الأسئلة، لذلك تجنّبْ من باب الاحتياط أن تجيب عليها بجدية لإفشال أي هدف خفي خلفها.
بعد هذه الهجمات المتتالية انسحبت لجنة مختارة من ضحايا الأسئلة من واجهة الحدث إلى معاقل سرية لتنظيم أنفسهم، والعمل بصمت وهدوء على تدوين الوثيقة الشاملة المتضمنة أبرز أنواع الأسئلة التي ليست بأسئلة، وكيفية التعامل معها.
أسئلة فرس النهر "التفريس"
درجة الإزعاج 7/10
السائلون المتوقعون: الأصدقاء والعائلة. السبب المباشر لهذه الظاهرة المدهشة لم يكتشف حتى اليوم، ولكن من أسبابها غير المباشرة الكسل الشديد الذي يمنع السائل من إجراء محاكمة عقلية سريعة تستكشف معطيات المشهد الذي يراه وتربطه بالسؤال الذي يوشك على طرحه قبل أن يتفوّه به. أن يستشف المرء استعدادك للخروج إذا ارتديت ملابسك فجأة، وفتحت باب المنزل يحتاج إلى القليل من الجهد العقلي، لذلك من الممكن جداً أن يتم صعقك بسؤال على شاكلة ”هل أنت خارج؟“ ومثله سؤال ”هل تتحدث على الهاتف؟“ وأنت ممسك بالهاتف. إن كان سكان حدائق الحيوان يتواصلون مع بعضهم بأساليبنا فلا بد أنّ الأقفاص المجاورة لقفص فرس النهر تعيش وقتاً عصيباً، إذ أنّه المرشح ليكون ملك هذه الأسئلة بكسله اللانهائي. أي شخص يتابع فيديوهات الحياة الحيوانية سيلاحظ ذلك بالتأكيد: النمور تقفز، الأسود كذلك وما شابه. حتى النمل يجتهد في جر ما يأكله، إلا فرس النهر الذي يكتفي بالتثاؤب وغالباً طرح أسئلة مستفزة على من حوله ”هل تأكل موزة الآن؟ هل تفترس أحدهم؟ هل تلعق فروتك؟“.هناك أسئلة يستحيل أن تكون أسئلة أصلاً. لابد أنّها لم توجد إلا لإزعاجك! رشا عباس تبتكر وسائل للتعامل معهالذلك كان لابد من وضع حدّ لانتشار هذه الظاهرة بشرياً ومنع التفريس بين الناس. المشكلة أنّ المفرسيّن استطاعوا اكتساب مناعة دائمة ضد وسائل الدفاع التي يبتكرها المتفرَّس عليهم عبر الزمن، لذلك لم تعد تنفع الأساليب التقليدية كالإجابة عن السؤال بجدية وبلاهة أو اعتماد تقنية الأجوبة المستفزة مثل ”لا لست خارجاً بل أتشقلب قليلاً“.
الحل
من الحلول الناجعة لمجابهة التفريس هي صده بتفريس مقابل، انسخْ أسلوب السائل المستفز وكرره بإصرار أكبر: - هل تتحدث على الهاتف؟ - هل تسألني إذا كنت أتحدث على الهاتف؟ - نعم - هل أجبت بنعم لتوّك؟ وهكذا إلى ما لانهاية.أسئلة الاستفهام عن المسلمات الواضحة
درجة الإزعاج 5/10
السائلون المتوقعون: مراسلو القنوات التلفزيونية وأسئلة التصويت على المواقع الاجتماعية. يعتبر هذا التصنيف واحداً من أقل الأسئلة التي ليست بأسئلة إزعاجاً، والسبب هو أنّ مراسل التلفزيون أو الصحفي غالباً ما يعاني من مهنته المضجرة بما يكفي للتعاطف معه وهو يبحث بجد عن أية قصة يغطيها أو يخترع موضوعاً عنها. هذا التعاطف لا يعني في المقابل أن يتجاهل المرء الأسئلة المدهشة التي قد يتعرض لها في تحقيقات استطلاع الرأي. إذا سألك أحدهم ”هل أنت مع عمالة الأطفال؟“ كيف يمكن أن تجيب على سؤال كهذا؟ ماذا يمكن أن تجيب عن سؤال مثل ”ما رأيك بفساد الحكومة؟“ أو ”هل تؤيد مشروعاً قانونياً يحترم حقوق المواطنين؟“.الحل
ينتظر السائل منك أن تبين موقفك الواضح، الآن حالاً، من هذه القضايا الأخلاقية الإنسانية، لذلك لا تعطه ما يريد. أفضل ما يمكنك فعله هو انتقاء الإجابة الأكثر صفاقة. بكل جدية وهدوء، أخبره أنّك مؤيد لعمالة الأطفال، وكذلك ترويع الآمنين والقضاء على الثروة السمكية في البلاد ولا تؤمن أنّ القانون الجديد يجب أن يحترم حقوق المواطن. استمتع بلحظات الصمت المحرج التي ستسود بعد إجابتك.أسئلة مفاتيح المسائل الكونية والوجودية
درجة الإزعاج 10/10
السائلون المتوقعون: أصحاب الطفولة الممجوجة والوحيدون إلى الأبد. تتربع أسئلة مفاتيح المسائل الكونية على عرش الأسئلة التي ليست بأسئلة. يستحيل أن تطرح عليك أسئلة كهذه وأنت في مزاج حاضر لمناقشتها، يريد السائل أن يتناقش معك الآن في معنى الوجود وفي ماهية الأشياء وما شابه وأنت تخطط لقضاء أمسية مسلية. ينقسم السائلون من هذا النوع إلى قسمين: الوحيدون إلى الأبد، ممن لم يتمكنوا من تطوير قدراتهم الاجتماعية وبقوا يصرون على التفاعل مع المحيطين بهم عبر هذه الطريقة التي لطالما فشلت في إغناء حياتهم، وهذا النوع، على إزعاجه الشديد، يبقى أخف وطأة من النوع الثاني: أصحاب الطفولة الممجوجة. أولئك هم الأطفال الذين اعتاد أهلهم على جلبهم أمام الضيوف لامتداح ذكائهم ونباهتهم فكبروا وهم مقتنعون أنّ المجتمع مضطر لاحتمال هذا الذكاء كما كان الحال في غرفة جلوس منزل العائلة. ويبدو التعامل مع حماستهم للنقاش مخيفاً بعض الشيء إذ يبحلقون فيك بعينين منكمشتين متسعتين وهم ينتظرون تفاعلك مع أسئلتهم وأفكارهم. لتفكر أنت في هذه الأثناء بروعة الطريقة الإسبارطية في تربية الطفل والتي تبدأ عادة برميه من فوق جبل، بتلك الطريقة لم يكن من الشائع أن يكبر الطفل ليصبح هذا الشخص.الحل
طالما أنّك إذا تهربت بطريقة ملتوية ستبدو ضعيف الحجة وخائفاً من الدخول في نقاش لعدم امتلاكك أدواته، وإذا استسلمت فسيتم انتهاك ساعات طويلة ربما كنت قد خصصتها للتسلية والهذر. هناك حل مجرب وهو القول ”أفكر بالهجرة حالياً“ بقليل من اليأس، ودون أية كلمة زائدة أو ربط للإجابة بموضوع السؤال. نشرت هذه التدوينة على موقع رصيف22 في تاريخ 28.09.2013، ونعيد نشرها اليوم على مدونة رصيف22.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامرائع
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعربما نشهد خلال السنوات القادمة بدء منافسة بين تلك المؤسسات التعليمية الاهلية للوصول الى المراتب...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحرفيا هذا المقال قال كل اللي في قلبي
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعبكيت كثيرا وانا اقرأ المقال وبالذات ان هذا تماما ماحصل معي واطفالي بعد الانفصال , بكيت كانه...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ اسبوعينحبيت اللغة.