لم يكن من المستغرب تصنيف مطار الملك عبدالعزيز في مدينة جدة، غرب السعودية، أسوأ مطار في العالم، فقد كان هذا انطباع معظم من زاره خلال العشر سنوات الأخيرة.
جاء هذا التقييم العام الماضي بحسب موقع The Guide to Sleeping in Airports، فكان هذا المطار الذي افتتح عام 1981 الأسوأ للاستراحة من عناء سفر الرحلات الطويلة. وكان بحسب تقييم المسافرين المشاركين في الاستطلاع أسوأ من مطار جوبا في جنوب السودان، الذي حل ثانياً، ومطار بورت هاركوت في نيجيريا الذي حل ثالثاً. حتى مطار ريبهوفان الدولي في كاتماندو، في النيبال، كان العاشر في القائمة، وهي مدن في دول فقيرة، لا تملك أكبر احتياطي نفطي في العالم.
يعتمد الموقع في تقييمه على الخدمات المقدمة، مثل الأطعمة والأمن وخدمة العملاء والنظافة وأماكن الراحة، وهي جميعها نقاط ضعف تعصف بالمطار الذي يعتبر بوابة السعودية الغربية.
يستقبل مطار الملك عبدالعزيز، حسب تأكيد إدارته منتصف عام 2016، أكثر من 30 مليون مسافر سنوياً، منهم ثمانية ملايين حاج ومعتمر، في الوقت الذي تؤكد فيه هيئة الطيران عبر موقعها الرسمي أن طاقة المطار الاستيعابية لا تتجاوز 7.5 مليون مسافر سنوياً.
نتيجة التقرير لم تفاجئ الكثير من سكان جدة، فالمرور بالمطار والسفر من خلاله يعطيك من الوهلة الأولى فكرة عن المشاكل التي يعانيها. فهو يفتقر للكثير من التنظيم، وقاعاته صغيرة لدرجة اضطرت إدارته إلى منع المسافرين من دخول المطار قبل موعد الإقلاع بأكثر من ثلاث ساعات خلال موسم الحج، حينما يزداد الازدحام. أما كراسي الانتظار في هذه القاعات، فأعدادها قليلة، عدا أنها قديمة وغير مريحة.
رد غير مقنع
من جهتها ردت هيئة الطيران المدني السعودي على التقرير الذي صنف المطار بأنه الأسوأ عالمياً مشككة بالجهة التي أصدرته عبر حسابها على تويتر. وفي ردها على رصيف22، اكتفت بإرسال بيان مقتضب اتهمت فيه موقع Sleeping in airports بأنه غير رسمي، ولا يعتمد على آلية واضحة للتقييم. وقال البيان الذي صدر باسم عبدالله الخريف المتحدث الرسمي للهيئة ونشره على حسابه على موقع تويتر: "الموقع المذكور كان مدونة شخصية لصاحبتها تتحدث فيها عن تجربة النوم بالمطارات، ثم تحولت لتقييم عام للمطارات، بدون توضيح الأرقام والآلية المستخدمة للتقييم التي اعتمدت عليها". بيد أن رد الهيئة يؤكد استيعاب المبنى أعداداً تفوق طاقته، وأضاف البيان: "بُني المطار الحالي منذ ثلاثة عقود وتجاوز طاقته الاستيعابية ثلاث مرات"، مما يفسر حالة الازدحام الشديدة التي يعانيها يومياً. وقد أثار رد الهيئة وتغريدتها انتقاد بعض المسافرين الذين يعانون يومياً من وضع المطار، والذين يعلمون جيداً أن الموقع لم يتجنَّ عليه. "كدت أضحك عندما قرأت خبراً مفاده أن هيئة الطيران المدني استغربت تصنيف مطار الملك عبدالعزيز كثاني أسوأ مطار في العالم"، يقول الإعلامي ماجد البريكان حينما قرأ رد الهيئة على تصنيف المطار.المضحك المبكي؟
رد الهيئة هذا دفع الكاتب والروائي السعودي، عبده خال، إلى كتابة مقال طويل في صحيفة عكاظ التي تصدر من جدة، عدد فيها مساوئ المطار، مضيفاً أنه كاد أن يضحك من استغراب الهيئة من تصنيف المطار السيئ، وكتب: "معقولة أن تفتح الهيئة تحقيقاً ونحن الذاهبون والآيبون للمطار نفسه نشهد (ونبصم بكل أصابعنا) بأنه من أسوأ المطارات التي نصل إليها أو نغادر منها، ولا نحتاج لأي موقع يصنف مطار جدة، فهو في حالة مزرية لا تسر حبيباً ولا صديقاً".كيف يكون مطار السعودية، صاحبة أكبر احتياطي نفطي في العالم، أسوأ من مطار جوبا عاصمة جنوب السودان التي تمزقها الصراعات!وبحسب خال، الفائز بجائزة بوكر العربية في عام 2014، فإن تحقيق الهيئة كان فقط ليقولوا للجهات العليا أنهم لا يعلمون بالتقصير الذي كان يعج في المطار.
مطار يشبه المدينة
يشبه أهالي جدة حال مطارهم الوحيد بمدينتهم التي باتت تغرق في شيء من الفوضى، والتي فيها اليوم أكثر من 40 حياً عشوائياً و17 ألف مبنى مهدد بالانهيار بحسب موقع العربية. الكثير من شوارعها بحاجة للترميم. كما تعاني من مشاكل وضعف في البنى التحتية جعل المدينة الملقبة بعروس البحر الأحمر عرضة لحوادث الغرق بسبب الأمطار الغزيرة، مما انعكس لاحقاً على منشآتها الحيوية ومنها المطار.تعامل الموظفين
يقول الإعلامي السعودي الدكتور عبدالعزيز قاسم مقدم برنامج حراك على قناة أقرأ: "زرت مطارات عدة في دول أفريقية وآسيوية فقيرة، ومع ذلك كانت مطاراتها أفضل وأحدث، ونأمل أن يتحسن الوضع مع المطار الجديد، فالخدمات التي يحتويها سيئة للغاية ولا تليق بمكانة السعودية وبوابة مكة المكرمة". وهو لا يستغرب من تصنيف المطار ضمن الأسوأ، إذ لم يتم تجديده منذ 35 عاماً، وتم الاكتفاء بتغيير بعض المقاعد وطلاء الجدران. لا يقتصر الأمر على المنشآت والخدمات فقط، بل يتجاوزها ليصل إلى تعامل الموظفين مع المسافرين. ويستخدم المسافرون نعوتاً كثيرة في وصف تعامل الموظفين معهم، فيراه البعض جافاً، والآخر يجده غير لبق وغير مهني. "يتعامل الموظفون مع المسافرين بطريقة سيئة، وكأنهم يعاقبونهم على قرار السفر"، هذا ما يراه الدكتور عبدالله البجاد، أستاذ علم الاجتماع في جامعة الملك عبدالعزيز والذي يسافر بشكل شبه أسبوعي للرياض. ويضيف أن وصول الحقائب يستغرق الكثير من الوقت قد يتجاوز الساعة أحياناً. "مهما اشتكيت فلن تجد من ينصفك، لهذا بتنا نسمع كثيراً عن مسافرين يشتبكون مع الموظفين بالأيدي لأنه فاض بهم الكيل"، يقول الدكتور البجاد.الباصات تسبب التأخير
على عكس معظم مطارات العالم الحديثة التي تستخدم ممراً مباشراً يصل قاعة المغادرة بالطائرة، ما زال مطار جدة يقل المسافرين بباصات، يصفها البعض بأنها قديمة، ليصعدوا الطائرة مستخدمين السلالم، وهي طريقة استغنت عنها معظم المطارات الكبيرة. وهو ما عبر عنه مدير التحرير السابق لصحيفة "الاقتصادية" السعودية الشهيرة، خالد السهيل قائلاً: "لدي فوبيا من المطار هذا تحديداً". وأضاف "عندما أقرر السفر لا بد من أن أصل للمطار قبل الرحلة بعدة ساعات، لأن هذا المطار يغلق الرحلة قبل أكثر من 45 دقيقة من الموعد، لأنه يعتمد على الباصات لنقل المسافرين للطائرة، ولهذا إذا تأخرت فلن تتمكن من السفر".توسعة مطار ومشروع مطار جديد
يعتقد السهيل أن المشكلة تكمن في تأخر افتتاح مطار جدة الجديد، الذي يتوقع أن يستوعب بمرحلته الأولى 30 مليون مسافر سنوياً، وتصل تكلفة هذه المرحلة إلى 27 مليار ريال سعودي. ويتوقع أن يتسع لـ80 مليون مسافر بعد اتمام المرحلتين الثانية والثالثة. وقد تأخر تسليم المطار لأكثر من ثلاث سنوات، إذ كان موعد التسليم الأول في العام 2013. أما موعد التسليم الجديد فهو في 2017. وتأمل هيئة الطيران المدني أن تختفي كل هذه الشكاوى مع افتتاح المطار الجديد، والذي سيكون كالمدينة المتكاملة. "للأسف كنت أنتظر تشغيل تلك الصالات هذا العام، ولكن الافتتاح تأخر كثيراً دون تحديد موعد للانتهاء من أعمال التوسيع" يقول السهيل. ويضيف: "مشكلة المطار أنه يعمل فوق طاقته الاستيعابية وبالتالي من الطبيعي في ظل هذا الوضع أن تكون هناك أخطاء. أنا متفائل بأن الصالات الجديدة ستحل كل هذه الإشكاليات". وقد فاز المطار بأفضل مشروع هندسي على مستوى مطارات العالم خلال المنتدى العالمي الثامن للبنية التحتية الذي أقيم في عام 2015، من حيث الشكل والمواصفات والكفاءة والتجهيزات التقنية الحديثة.خيارات بديلة لكنها مكلفة
إلى أن بتم تشغليه رسمياً، سيفكر المسافرون بحلول تجنبهم المشاكل التي يعج بها المطار، لكنها جميعها مكلفة. فالخيار الأول هو ترقية الحجز للدرجة الأولى، ليسرعوا إجراءات المرور ويمضوا وقتهم في الصالات الخاصة. أما الخيار الآخر فهو البحث عن موظف نافذ في المطار أو شركة الطيران المحلية لتسهيل إجراءات ختم الجواز والوصول إلى الطائرة والخروج من المطار.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ يومرائع. الله يرجعك قريبا. شوقتيني ارجع روح على صور.
مستخدم مجهول -
منذ يومحبيت اللغة.
أحضان دافئة -
منذ يومينمقال رائع فعلا وواقعي
مستخدم مجهول -
منذ 6 أياممقال جيد جدا
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعحب نفسك ولا تكره الاخر ولا تدخل في شؤونه الخاصة. سيمون
Ayman Badawy -
منذ أسبوعخليك في نفسك وملكش دعوه بحريه الاخرين