من التوراة إلى القرآن... قصص يهود اعتنقوا الإسلام اليوم
الأربعاء 28 ديسمبر 201605:33 م
"قال لي أبي إنه سيتبرأ مني إذا اعتنقت الإسلام، بل سيعتبر أنني مت ويحزن عليَ سبعة أيام حداد ويشق ملابسه حزناً. لقد قاطعني تماماً، كذلك توسل إخوتي كي أتراجع، لكن الأمر برمته لم يشغلني".
جاء ذلك على لسان "جي"، فتاة يهودية إسرائيلية، كان عمرها، وقت خروج قصتها للنور 20 ربيعاً، من سكان منطقة "عيمق يزرعئيل" شمال إسرائيل، تنتمي لأسرة محافظة من الجيل الثالث للناجين من المحارق النازية.
بدأت قصتها بالتعرف على شاب فلسطيني مسلم، شعرت بالراحة النفسية بصحبته، وتوطدت العلاقة بينهما بزيارته في منزله، لكنهما لم يتجاذبا أطراف الحديث في الحب والجنس، كما هو متوقع، بل بدأ في تعريفها بالإسلام وفي كل مرة كانت تزوره كان يعلمها بعض آيات القرآن.
دخلت الفتاة في صراع نفسي رهيب، لكن المعاني والرسائل التي استخلصتها من القرآن مدتها بالقوة كما تقول. فبدأت تعود إلى منزلها كل مرة مع أجزاء من كتاب المسلمين المقدس، وفجأة انقلبت الأمور رأساً على عقب إذ اكتشفت الأم أمر صغيرتها المنشغلة بالإسلام، بعد أن عثرت لدى تنظيف حجرتها على تلك النصوص، وهو ما كان بمثابة كارثة بالنسبة إليها.
وبين بكاء الأم وصراخ الأب، حاولت "جي" أن توضح لهما أن تلك النصوص فقط تثير اهتمامها، لا شيء أكثر من ذلك، لكن كانت الشكوك قد بلغت مبلغها وأدركا أن الفتاة تمضي في طريق خطير من وجهة نظرهما.
وبالفعل بدأت "جي" في عملية بحث على الانترنت، كانت متعطشة للكثير من الإجابات حول الإسلام. ساعدتها في ذلك شقيقة صديقها المسلم، التي مدتها بكتيبات دينية. في ذلك الوقت، قررت الفتاة، مع تزايد حدة خلافاتها مع أسرتها مغادرة البيت وبادرت إلى إشهار إسلامها في محكمة شرعية، والإقامة لدى صديقة مسلمة بمدينة يافا.
"أخبرتني ابنتي هاتفياً أنها قررت أمراً، وأنها تريد الحديث معي ومع أبيها، لم أتخيل في أكثر أحلامي سوداوية أن تسير الأمور على هذا النحو، عندما أخبرتني باعتناقها الإسلام. شعرت أن جسدي يتهاوى، لم أتحمل المزيد. أنا ابنة لعائلة ناجين من المحرقة، أبناء عائلتي ماتوا في المحرقة وابنتي أنا تتحول من اليهودية للإسلام؟ من يصدق ذلك؟"، قالت الأم في انهيار تام.
لم تكن قصة "جي" التي كشفت عنها صحيفة "يديعوت أحرونوت"، بتاريخ 2 مارس 2012 سوى حالة واحدة من مئات القصص لفتيات وشباب يهود اعتنقوا الإسلام خلال السنوات الماضية، ساعدهم في ذلك التقنية الحديثة وسهولة البحث عن المعلومة، وانتشار الفضائيات ومواقع الإنترنت التي تعرّف بالإسلام وتدعو لاعتناقه. فضلاً عن مراكز إسلامية تنتهج العمل الدعوي لنشر الإسلام بين اليهود، ما حدا جمعيات أهلية يهودية على التحذير من اتساع رقعة هذه الظاهرة، منها جمعية "ياد لأحيم"، التي تقول إنها تحاول "إنقاذ أرواح اليهود" الذين تركوا اليهودية.
دار السلام
وسط قرية كفر قرع العربية الواقعة في المثلث الشمالي، وتتبع إدارياً لواء حيفا، ينشط مركز "دار السلام" الإسلامي في إقناع الفتيات والشبان اليهود باعتناق الإسلام. صحيفة "معاريف" ألقت الضوء على المركز في تقريرها المنشور في 6 يناير 2014، وقالت إنه يعمل من منطق "عضو يأتي بآخر"، فتقوم الفتاة أو الشاب الذي اعتنق الإسلام حديثاً بالإتيان بأصدقائهم للتعريف بالإسلام، من خلال دروس يتم إلقاؤها باللغة العبرية، تحاول إقناع اليهودي بأن الإسلام هو طريق السعادة.عائشة الداعية
عائشة، قصة أخرى للمتحولات للإسلام في إسرائيل. رغم أن جدها كان حاخاماً معروفاً وأمها يهودية متدينة، إذ أشهرت إسلامها في المسجد الأقصى بعد تجربة طويلة تعرفت خلالها على ناشطين بـ"دار السلام". تقول الفتاة التي ظهرت في فيديو جرى تصويره داخل المركز الإسلامي ونشرته صحيفة "معاريف" في تقريرها: "بدأ كل شيء عام 2008، وقتها كنت أعاني وجعاً شديداً في بطني، فأرسلت لي إحدى صديقاتي المهتمات بالإسلام فيديو لسورة من القرآن، فإذا بآلام بطني تزول فجأة، وعندما انتهت السورة عاد الألم مرة أخرى، وقتها عرفت أن هناك قوة كامنة في القرآن".قصة "جي"، الفتاة اليهودية الإسرائيلية التي وقعت في حب شاب فلسطيني فجذبها إلى الإسلام
قصة الحاخام المتطرف المعادي للإسلام "يوسف كوهين" الذي أصبح في ما بعد يوسف الخطاب وأسس مركزاً للدعوة الإسلامية في القدسلم تفكر عائشة في اعتناق الإسلام، لكنها كانت مهتمة بقراءة القصص على الإنترنت عن سيرة النبي محمد، إلى أن جاءت اللحظة الفارقة، تقول الفتاة: "منذ سنوات كنت مع صديقة لدى زوجها في قرية بوادي عارة، وقتها مر بجوارنا شيخ من جماعة دار السلام وأعطاني كتاباً اسمه الطريق إلى السعادة". قرأت الفتاة الكتاب واقتنعت بالرسائل التي يبثها، ثم اتصلت بأحد شيوخ المركز، وحددت معه موعداً لإشهار إسلامها هناك، وكذلك فعلت إحدى صديقاتها. لكن القصة لم تنته هنا، إذ اضطرت عائشة للعيش في عالمين أحدهما يهودي والآخر إسلامي خوفاً من أسرتها، وتحديداً أمها، تقول: "لم أستسلم رغم كل الصعوبات التي واجهتني. أنتظر خروج الجميع من المنزل وأصلي، في الصباح أستيقظ في هدوء حتى لا تستيقظ أمي وأؤدي الصلاة، أمي صعبة للغاية، تنحدر من بيت يهودي وجدها كان حاخاماً شهيراً بالقوقاز". قبل اعتناق عائشة الإسلام، كانت تصوم يوم الغفران وتضيء شموع السبت، أيضاً بعد إسلامها اضطرت لصيام يوم الغفران حتى لا يشك أحد في أمرها. وتقول في الفيديو، وهي تجهش بالبكاء: "أعيش في عالمين، أصوم في رمضان، ثم أصوم يوم الغفران". عائشة لم تعتنق الإسلام فحسب، بل أصبحت داعية إسلامية تلجأ إليها الكثير من الفتيات اليهوديات للتعرف على الإسلام عن كثب، والوقوف على تجربتها، والاستفادة منها في رحلة البحث عن الحقيقة، فتقول إنها ساعدت أربعاً من صديقاتها على اعتناق دين محمد.