شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
عن لذّة الأكل الشعبي من على عربات الطعام نتحدّث

عن لذّة الأكل الشعبي من على عربات الطعام نتحدّث

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الخميس 3 نوفمبر 201611:51 ص
"أسواق الطعام" أو ما يُعرَف بـ"Street Food Markets"، مصطلحٌ جديد بدأ بالتسلُّل إلى بلادنا العربية، بعد أن انتشر كالهشيم في الأميركيتين، والبلدان الأوروبية وشرق آسيا. المُصطلح الحديث نسبياً، تبلور من عربات الطعام التقليدية، التي تنتشر منذ زمن بعيد في شوارع العالم أجمع، وتشتهر بها شوارع عواصمنا أيضاً. قديماً، كان طعام الشارع الذي يُباع على العربات، مخصصاً للفقراء، الذين لا يملكون أفراناً، أو لا قدرة لهم على إضرام النيران لتحضير طعامهم اليومي في منازلهم. لكن سرعان ما تغير هذا المفهوم، بعدما شرّعت الدولة العثمانية طعام الشارع في دول توسعها، ونظمت معاييره عام 1502. لتصبح العربات بعد ذلك مقصداً لهواة هذا النوع من الطعام، الذي يشتهر بسرعة إعداده وإتقانه، كالأسماك المقلية، واللحوم المقددة، أو الشوربات، كلٌ وفق المنطقة الجغرافية التي ينتشر فيها. لاحقاً، سال لعاب الأغنياء عليه، فصاروا يرسلون خدّامهم لشراء الأطعمة الشعبية من الشارع، ضاربين عصفورين بحجرٍ واحد، سمعتهم ونهمهم لطعام الشارع الذي لا يُقاوَم. foodfood وعلى عكس الفكرة الرائجة، ليس بالضرورة أن يكون طعام الشارع تقليدياً، أو"ابن بيئته" المحلية. إذ يمكن أن يتم استيراده من أي مكان، الأهم من ذلك أن تتوفر فيه المتطلبات التالية: خفيف المُكونات (على الرغم من أن ذلك نسبي ولا ينطبق دائماً)، سريع التحضير، بسيط الحَمل، قليل الكلفة وسريع الالتِهام. كلها مقومات صنعت من طعام الشارع الخيار المفضل، لنحو 3 مليارات شخص حول العالم، وفق منظمة الأغذية العالمية فاو.
عربات الطعام في شوارع العالم العربي: نصيرة الجميع، الفقير والغني في معركة البطون الفارغة، وصاحبة أطيب لقمة أصيلة في المدينة

في دمشق كانت البداية وفي لبنان الحكاية

منذ القدم، وعربات الطعام تنتشر في شوارع العاصمة اللبنانية بيروت، والعاصمة السورية دمشق. إذ كان معظمها يبيع الكعك والبليلة، والفول المُدمس والذرة المسلوقة أو المُحمصة. أما اليوم، فقد واكبت هذه العربات تطور العصر، فبعض بائعي الكعك، أصبحوا يبيعونه على الدراجة النارية، كما انتشرت في بيروت في السنوات القليلة الأخيرة، موضة أكشاك الـ"هوت دوغ" أو النقائق في كل مكان، لأّنها ببساطة سريعة الربح والطلب عليها كثير. ولكن في السنوات الماضية، لم يكن مصطلح "سوق الطعام" مألوفاً لدى العامة، حتى السنتين الأخيرتين، حين ظهر "سوق الأكل" كمحطة أسبوعية ثابتة، مُشكلاً أول سوق مفتوحة لمحبي الطعام في لبنان. souk-2souk-2 تراهم يجتمعون حول العديد من أكشاك وعربات الطعام، التي لا تحصر ما تقدمه بالمطبخ اللبناني فقط، بل تتنوع لتُرضي كافة الأذواق. فبالإضافة إلى مناقيش الصاج الشهيرة، والكبة على أنواعها، يمكن للزائرين إيجاد طلباتهم من المطابخ العالمية الأخرى، كالمطبخ الإيطالي والتايلاندي والياباني. souk-3souk-3 السوق هو تطور تصاعدي لفكرة "سوق الطيّب"، الذي جمع مزارعين أتوا من مناطق عديدة، حاملين منتوجاتهم البلدية التي زرعت بعناية، وبلا مواد كيماوية، لبيعها بأسعار تنافسية تشجع الناس على شراء المنتجات اللبنانية. إضافةً إلى أن المشروع حصيلة جهود فردية، بدأت مع متذوق الطعام أنطوني رحايل، صاحب مدونة "NoGarlicNoOnion"، الذي حلم بنقل تجربة أسواق الطعام الأوروبية إلى لبنان. Souk6Souk6 وعلى الرغم من موعد سوق الأكل الثابت في بيروت كل يوم خميس، تنقل "سوق الأكل" في العديد من المناطق اللبنانية، ليتحول إلى مهرجان جامع للآلاف من محبي الطعام، في مكانٍ واحد، ليتذوقوا أصنافاً جديدة لم يألفوها من قبل. فالشرط الأول لأن يكون لك كشك طعام في السوق هو الابتكار، ولا شيء غيره. ولم يلتزم السوق بالحدود الجغرافية داخل لبنان، بل وصل إلى بورتو مارينا في مصر، ضمن مهرجان وطني في صيف 2016، ويأمل بالتوسع أكثر في الأيام المقبلة.

في مصر بين كشك الأكل وكشك الأكل كشك في الوسط

بالحديث عن "أم الدُنيا"، لا يمكن لزائر مصر ألا يُجرب طعام شوارعها ولو لمرة. فالعربات المنتشرة بين الأزقة، تقدم خيارات عديدة، معظمُها محلي الصُنع. تبدأ بطبق الكُشَري العالمي، الذي يتكون من المعكرونة والأرز والعدس الناشف، بالإضافة إلى البصل المقلي، وصلصة البندورة الحارة والحامض. ولا تنتهي بطبق الفول والطعمية، اللذين يُعدان الاختيار الأفضل لفطورٍ تقليدي. بالإضافة إلى الحواوشي، وهو عبارة عن لحم مفروم متبل محشو بالخبز البلدي يوضع في الفرن، والمسقعة والبيض والكبدة والممبار وغيرها. shutterstock_174799577shutterstock_174799577 تتنوع أشكال وأنواع الأكشاك التي تقدم الطعام والشراب في القاهرة. فمنها البسيط المتواضع خصوصاً عربات الفول التي تراها منتشرة في المناطق، التي في طور البناء، حيث كثرة العمال الذين يفترشون المباني السكنية الفارغة. والأحياء الشعبية عموماً تملؤها الأكشاك، كذلك المناطق التي يملؤها الموظفون كشارع القصر العيني والأماكن التجارية كوسط البلد. Chicken-sandwich-vendor,-Egypt_J-J_Flickr_NEChicken-sandwich-vendor,-Egypt_J-J_Flickr_NE تحظى أكشاك الطعام بشعبية كبيرة في مصر، حتى وصل الحال ببعض الشباب في منطقة مصر الجديدة للتخلي عن الوظائف الثابتة، لفتح عربة فول بمواصفات المطاعم الخمس نجوم من ناحية النظافة والجودة. وتختلف أشكال وأحجام وأماكن أكشاك الطعام، بحسب زبائنها، فتلاحظ ارتفاعاً بالجودة وطريقة وأسلوب التقديم في المناطق الساحلية السياحية الطابع، كالإسكندرية، وعلى طريق الساحل الشمالي والعين السخنة، وفي محيط القرى السياحية، التي لا تكتفي بتقديم الأكلات الشعبية التقليدية، بل تقدم النقانق أو السوسيس والدجاج الباني، واللحم بالخلطات على أنواعها.

مراكش، بين الأفضل في طعام الشارع

اختيرت مدينة مراكش المغربية في أغسطس الماضي، من بين أفضل 23 مدينة تقدم طعام الشارع حول العالم، وفق موقع شبكة CNN الإخبارية الأميركية. فهذه المدينة المغربية تشتهر عالمياً بروائح الطعام الشهية، المنبعثة من العربات أينما كانت. ولهذه المدينة سحرٌ من نوع آخر في الليل، خصوصاً في ساحة جامع الفنا، التي تضاهي بشهرتها سور الصين العظيم. فهي القلب النابض للمدينة والعصب الأساسي لها. فيها يمكن للزائر إيجاد ما طاب له، من العصائر الطبيعيّة الطازجة إلى أطيب الأكلات والحلويات المغربية، كالكُسكُس والطاجين وحلوى الملوي الشهيرة. بالإضافة إلى رؤية مروّضي الأفاعي والموسيقيين. Night-Market-Djemma-Al-Fn-Marrakesh_Ben-Geach_FlickrNight-Market-Djemma-Al-Fn-Marrakesh_Ben-Geach_Flickr فوضى من الحواس تتزاحم في المكان، بين دخان اللحم المطهو وروائح البهارات التقليدية، وأصوات ناس جائعة، وباعة يصرخون بأسماء الأكلات التي حضروها. رغم الحضور الخجول لأسواق الطعام في العالم العربي، تبقى العربات التقليدية، التي لا غنى عنها، المسيطِرة الأولى على طعام الشارع، وعلى الأرصفة، فهي نصيرة الجميع: الفقير والغني في معركة البطون الفارغة، وصاحبة أطيب لقمة أصيلة في المدينة.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard