تخوض إيران مجموعة من الصراعات العابرة للحدود عبر الميليشيات التي تدعمها في الدول العربية، بالإضافة إلى تصفية حسابات سياسية خارج حدودها، تقوم بها الوحدة 400 بفيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني. وتعاونها الوحدة 190، التي تتبع فيلق القدس أيضاً، وتأخذ على عاتقها عمليات تهريب الأسلحة والذخائر إلى خارج إيران.
ما هي الوحدة 190
مطلع عام 2015 ظهر في تايلاند موقع إلكتروني يدعى vsquds تخصص في كشف أنشطة فيلق القدس، والوحدتين 400 و190، في عمليات الاغتيالات وتهريب الأسلحة إلى خارج إيران. يقول الموقع، المتخصص في شؤون فيلق القدس، في تقرير بعنوان "Unit 190-Weapons Transfer Unit"، إن أحد الأنشطة الرئيسية لفيلق القدس هو نقل وتهريب الأسلحة إلى المنظمات والجماعات العرقية والدول، بما يتوافق مع المصالح الإيرانية. وأضاف أن الوحدة المسؤولة عن هذا النشاط داخل قوة القدس هي الوحدة 190، التي تعتبر واحدة من الوحدات الخاصة داخل قوة فيلق القدس، وهي متخصصة في عمليات تهريب الأسلحة إلى مناطق الصراع الملتهبة، كجزء من تصدير ثورة الزعيم الشيعي خامنئي. ولفت تقرير صادر عن معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى، إلى أن عدد أفراد الوحدة يبلغ نحو 20 شخصاً. وتابع تقرير الموقع التايلاندي أنه على الرغم من صدور قرارات من مجلس الأمن الدولي رقم 1747 (2007)، 1929 (2010)، و2105 (2013)، التي تحظر على الجانب الإيراني تصدير السلاح للخارج، فإن طهران تمكنت من تجاوز تلك العقوبات والقرارات، بواسطة الوحدة 190، التي تهرب الأسلحة تحت ستار "بضائع حميدة"، ونجحت في نقل عشرات الآلاف من الأطنان من الأسلحة في السنوات الأخيرة لحزب الله في لبنان، ونظام الأسد في سوريا، والمنظمات الفلسطينية العاملة في غزة، والحوثيين في اليمن.طريقة عمل الوحدة
يشير تقرير الموقع التايلاندي إلى أن الوحدة 190 تستخدم مجموعة متنوعة من الأساليب لنقل الأسلحة، التي يتم شحنها وسط البضائع، للحفاظ على السرية، وتعظيم فرص وصول الشحنة إلى وجهتها المحددة، وضمان عدم كشف أي صلة بينها وبين إيران إذا اشتعلت أو وقعت في يد أي قوة أخرى. تكون الأسلحة المراد تهريبها موضوعة غالباً داخل أقفاص مغلقة في حاوية كبيرة، ومحاطة بمواد تستخدم في عمليات التمويه. وللعثور على الأسلحة المخبأة، يجب تفكيك أطنان من المواد البريئة. الخطوة الثانية في عملية التهريب، هي تسجيل الشحنة كمواد إغاثية أو مساعدات إنسانية. ووضعت الوحدة طرقاً متقدمة للتغليف تعطي الانطباع الأول بأن البضائع الموجودة في الحاويات بريئة تماماً. كما تجعل الصناديق التي تحتوي على الأسلحة تطابق البضائع المستخدمة في التمويه، مثل مواد البناء ومنتجات البولي إيثيلين، ومنتجات الحليب المجفف، وقطع غيار السيارات. وإمعاناً في المزيد من السرية والحرص، تستخدم الوحدة 190 منصات شحن مدنية، مثل القوارب والطائرات والشاحنات والقطارات. كما تنقل تلك الشحنات عبر بلدات متقاطعة. تمر الشحنة عبر أكثر من بلد لإخفاء أي علاقة بإيران، وتتعمد عدم تهريب أسلحة تنتج في إيران، أو يكتب عليها "صنع في إيران"، لتتيح لطهران المزيد من المناورة في نفي أي علاقة لها بالشحنة، إذا تم احتجازها أو اكتشاف محتوياتها. وعن قنوات النقل، تتخذ الوحدة العديد من القنوات، مثل القنوات البرية والبحرية والجوية.قنوات التهريب الجوية
يمر هذا الطريق الجوي بين إيران وسوريا، ويتم نقل الأسلحة بواسطة الرحلات الجوية المدنية والعسكرية بين إيران وسوريا، مروراً بالعراق. وتقوم شركات إيرانية بالضلوع في نقل الأسلحة مثل شركات "إيران إير" وشركة "ماهان" للطيران و"قزوين إير" و"معراج إير". وفي أبريل ومايو 2013، تم نقل صواريخ فاتح 110 عبر هذه القناة إلى حزب الله. لكن إسرائيل استهدفتها فوق الأراضي السورية، وعن طريق هذه القناة أيضاً، يتم نقل معظم الأسلحة التي يستخدمها الجيش السوري في عملياته العسكرية ضد المعارضة. قناة التهريب الثانية هي الانطلاق من إيران إلى حزب الله في لبنان، وتمر رحلات الطيران عبر تركيا ثم تتجه نحو لبنان. أما الطريق الجوي الثالث فينطلق من إيران إلى السودان، ومنها تأخذ الأسلحة طريقها صوب غزة. عام 2012 نقلت الوحدة مئات الأطنان من الأسلحة الإستراتيجية للمنظمات الفلسطينية في غزة، بواسطة 6 رحلات جوية مباشرة من الخطوط الجوية الإيرانية وشركة ماهان للطيران إلى السودان. لكن هذه الأسلحة تم تفجيرها على الأراضي السودانية بعد نحو شهر تقريباً. والطريقة الرابعة للتهريب، تتم من إيران ثم إلى سوريا ومنها إلى السودان، ومن هناك قد تذهب الأسلحة إلى غزة. وتُنقل الأسلحة على متن الرحلات الجوية من طهران إلى مطار دمشق الدولي، ومن هناك تقوم الوحدة بتهريبها على متن الرحلات المدنية إلى مطار الخرطوم.قنوات التهريب البحرية
تستخدم الوحدة أيضاً قنوات تهريب عبر البحار، ومن بينها طريق إيران - السودان. فيتم تحميل السفن بالأسلحة وبضائع أخرى، وتتجه إلى ميناء بورت سودان على البحر الأحمر، وهناك لا يجري تفريغ تلك السفن، بل تواصل سيرها إلى مصر، ومن هناك تتجه إلى غزة عبر شبكات التهريب العاملة في هذا المجال. في مارس 2014، أحبطت القوات البحرية الإسرائيلية شحنة أسلحة آتية من إيران إلى السودان، في طريقها للمنظمات الفلسطينية، على بعد نحو 1500 كيلومتر جنوبي الحدود الإسرائيلية، كانت محملة على متن السفينة التجارية كلوز-سي. شملت هذه الشحنة 40 صاروخاً من طراز M-302، التي يبلغ مداها بين 90 و160 كلم. والملاحظ أن الوحدة 190 تعمدت نقل صواريخ سورية على متن سفينة تحمل علم "بنما" لحجب أي صلة لإيران بالشحنة. وهناك طريق آخر لتهريب السلاح من إيران إلى اليمن. وتقوم الوحدة 190 بنقل أسلحة عبر السفن إلى المتمردين الحوثيين في اليمن. مثلاً، في يناير 2013، أحبطت قوات الأمن اليمنية عملية نقل أسلحة من إيران إلى اليمن على متن قارب صغير اسمه جيهان-1. كان القارب يحمل نحو 40 طناً من الأسلحة، شملت مضادات للدبابات وصواريخ مضادة للطائرات. وفي حادث مماثل في أكتوبر 2009، اعتقلت القوات البحرية اليمنية سفينة تحمل اسم ماهان-1 ترفع العلم الإيراني، كانت تحمل صواريخ مضادة للدبابات، أرسلها فيلق القدس إلى المتمردين الحوثيين في اليمن. وفي أبريل الماضي، أعلنت البحرية الأمريكية ضبط سفينة شحن في بحر العرب، يعتقد أنها إيرانية، كانت في طريقها إلى اليمن. وقالت البحرية إن السفينة "يو إس س سيروكو" اعترضت شحنة أسلحة مخبأة على متن مركب شراعي صغير، تضم 1500 بندقية كلاشينكوف و200 قذيفة "آر بي جي"، وبنادق آلية عيار 21.50. مشيرةً إلى أن البحارة الذين كانوا على متن القارب تم إطلاقهم بعد مصادرة الأسلحة. تعمل الوحدة أيضاً على تهريب الأسلحة من سوريا إلى مصر ثم إلى غزة. ففي مارس 2011، حاولت قوة القدس إرسال نحو 50 طناً من الأسلحة إلى مصر على متن سفينة ألمانية، تحمل اسم فيكتوريا وترفع علم ليبيريا. اتجهت إلى تركيا، ومنها إلى مصر. لكن البحرية الإسرائيلية سيطرت على القارب على بعد نحو 200 ميل بحري من الحدود الإسرائيلية، وتم العثور على صورايخ بر - بحر في الحاويات. ولم تكن البلدان الإفريقية بعيدة عن أنشطة الوحدة 190، ففي أكتوبر 2010، عثرت قوات الأمن النيجيرية على قاذفات صواريخ وقنابل يدوية وقذائف هاون مخبّأة في حاويات محمّلة بمواد البناء. وبعد تحقيقات موسعة، اكتشفت أنه تم تحميل الأسلحة في مرفأ بندر عباس الإيراني على متن سفينة "أم في إيفرست" المملوكة لشركة فرنسية، ومن هناك أبحرت السفينة إلى الهند ومنها إلى لاغوس، وتم اكتشاف الأسلحة قبل وصولها إلى وجهتها النهائية، التي يعتقد أنها زامبيا. كما يوجد قناة تهريب أخرى تمر من إيران إلى سوريا ولبنان. ففي نوفمبر 2009، حاولت الوحدة نقل 36 حاوية من الأسلحة من إيران إلى ميناء اللاذقية في سوريا لحزب الله. وتم شحن الشحنة في الحاويات في دبي ومصر في عرض البحر، وكانت محملة على متن قارب تجاري اسمه فرانكوب. وكان الغرض من الشحن بذلك الشكل قطع علاقة ايران بالشحنة. والحاويات التي كانت أعلنت أنها تحتوي على البولي إثيلين، ضبطتها القوات البحرية الإسرائيلية، واتضح أنها تحتوي على نحو 500 طن من الأسلحة. ويشير تقرير صادر عن معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى إلى أن هناك سفناً صغيرة مملوكة أيضاً للبحرية الإيرانية تستخدم في مهمات سرية حساسة، مثل تهريب المواد والتقنيات المحظورة اللازمة للبرامج الصاروخية والنووية الإيرانية. وأَضاف أن إيران تستخدم في بعض الأحيان سفناً تجارية أجنبية لنقل الأسلحة إلى وكلائها وحلفائها الأجانب، لافتاً إلى أن ذلك يحدث غالباً دون علم أصحاب السفن وطواقمها. وأوضح أنه في الواقع، تعمل السفن التجارية كذراع "استعانة بمصادر خارجية" للقوات البحرية الإيرانية، وشملت هذه: السفن "كارين" عام 2000 والسفينة "مونشيغورسك" عام 2009، و"فرانكوب" 2009، و"فيكتوريا" 2011، و"كلوز سي".قنوات التهريب البرية
طرق للتهريب عبر البر تتم في شاحنات من إيران إلى سوريا. وفي السنوات الأخيرة، أجرت الوحدة 190 عمليات نقل الأسلحة والمعدات والمواد المحظورة من إيران إلى السودان وإلى نظام الأسد وحزب الله. كما تتم عمليات التهريب في القطارات من إيران إلى سوريا عبر تركيا. في مايو 2007، تم الكشف عن شحنة حاويات أسلحة من فيلق القدس، جرى نقلها من إيران إلى سوريا عبر تركيا على متن قطار، ويعتقد أنها كانت متجهة إلى لحزب الله. الحاويات احتوت على قذائف هاون 122 ملم ومتفجرات، وأنواع أخرى من الأسلحة. كما عثر على فاتورة الشحنة وعليها توقيع مسؤول كبير في فيلق القدس، بهنام شهرياري، بالنيابة عن الشركة الغطاء، وهي شركة شهرياري المحدودة للتصدير. وبالبحث عن الشركة المذكورة، تبين أنها مسجلة ضمن قائمة الشركات المتخصصة في مجال الاستيراد والتصدير، ومقرها طهران.من هو بهنام شهرياري؟
اكتسب شهرياري شهرته وأهميته من قوة تأثيره على العلاقات الإستراتيجية بين الحرس الثوري وحزب الله اللبناني. يحظى بدعم قوي من العميد قاسم سليماني، تلك الشخصية المؤثرة على الحراك الإيراني في سوريا ولبنان والعراق واليمن. ويعتبر شهرياري المسؤول الأول عن الوحدة 190 الخاصة بتهريب الأسلحة للدول العربية والأفريقية. وينسب إليه ضلوعه في الكثير من عمليات التهريب إلى تلك الدول.رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يومينكل التوفيق ومقال رائع
Ahmad Tanany -
منذ 6 أيامتلخيص هايل ودسم لجانب مهم جداً من مسيرة الفكر البشري
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعلا يوجد اله او شئ بعد الموت
Mohammed Liswi -
منذ أسبوعأبدعت
نايف السيف الصقيل -
منذ أسبوعلا اقر ولا انكر الواقع والواقعة فكل الخيوط رمادية ومعقولة فيما يخص هذه القضية... بعيدا عن الحادثة...
جيسيكا ملو فالنتاين -
منذ اسبوعينمقال بديع ومثير للاهتمام، جعلني أفكر في أبعاد تغير صوتنا كعرب في خضم هذه المحن. أين صوت النفس من...