كيف تجرأت مايا دياب على المجاهرة برأيها الصريح في مسألة تعدّ من أقدس المحرّمات على الساحة العربية؟ ألم تخف من المخاطرة بـ"صورتها العامّة" في نظر شريحة كبيرة من جمهور أغاني البوب؟ التعليقات على إعلان حفلتها في نادٍ خاص بالمثليين عبر فيسبوك، تظهر حجم الصدمة. فهل كانت خطوة دياب غير محسوبة؟ أم أنّها محاولة دعائية لجذب الانتباه؟
ما أن نشرت المغنية اللبنانية إعلان حفلتها مساء بعد غد الجمعة في نادي "بوش" (الكرنتينا - شمال بيروت)، حتى تصدّر الخبر مواقع الأخبار الفنية اللبنانية. ذلك طبيعي، نظراً لما تنشره تلك المواقع على مدار الساعة، حول أزياء المغنيات، وأحذيتهنّ، و"فضائحهنّ". سرعان ما باشرت بعض تلك المواقع حملة "تأديب" للمغنية، بتهمة "الترويج للشاذين".
عوضاً عن التهرب من الرد، أو إلغاء الحفلة، أو اختلاق أعذار لإخماد الهجوم، نشرت مايا دياب منشوراً طويلاً تقول فيه: "إلى ذوي العقول المريضة، في كل المجالات، الذين يعيشون في النكران، ويحكمون على الآخرين، ويرفضون تقبلهم، لدي سؤال واحد: قولوا لي انتو مين؟ من أنتم لتحكموا على الآخرين؟ من أنتم لتحاكموا خلق الله؟ افتحوا عقولكم قبل أن تفتحوا أفواهكم؟ تعلموا أن تتقبلوا بعضكم. الموسيقى ليس لها حدود، ولا عرق، ولا دين".
وقال غدي شرارة مدير أعمال دياب لرصيف22، أن دياب ليس لديها ما تضيفه حول الموضوع، فـ"لا أحد يحق له محاكمة أحد، وكلنا خلق الله". ووصف شرارة الهجوم على دياب بأنه "بلا طعمة، ففي الحفلات الأخرى خارج النادي المذكور، من يستطيع أن يعرف المثلي من غير المثلي؟".
لا اعتذاريّة
ردّ دياب غير الاعتذاري، وضعها في واجهة الانتقاد، وتلقت عبر صفحتها تعليقات تتهمها بنشر "الفساد في المجتمع". وكتب أحد المعلقين: "دائماً كان لدي شك بأنك متحولة جنسياً بسبب شكلك، واليوم أثبتّي أنك كذلك بالفعل"، وأضاف آخر: "كلما شجعنا الشاذين، كلما اقترب خراب الأرض وكل الأديان تقول ذلك. هذا ليس له دخل بتوسيع الدماغ بل هي عقيدة وأمر رباني علينا طاعته".تتعرض المغنية اللبنانية لهجوم بسبب إعلانها عن حفلة في نادٍ للمثليين في بيروت... هل أخطأت بإعلان موقف صريح في قضية شائكة؟
من بين مشاهير الصف الأول في العالم العربي، لم يتجرأ أحد بعد على إعلان تسامحه مع المثليين كما فعلت مايا ديابفي المقابل، أثنى معلقون كثر على موقف دياب الجريء، وشكروها على نشر نبرة جديدة في التعاطي مع الملف الحساس. لكن بعض المواقع "الفضائحية" واصلت الهجوم على دياب، في نبرة تعكس رهاب المثليين السائد ليس فقط في المجتمع اللبناني، بل في كافة المجتمعات العربية. فقلة من مشاهير ما يعرف بـ"الصف الأول" تتجرأ على إعلان موقف صريح من ملف الميول الجنسية المثلية. لذلك، فإنّ خطوة دياب تعدّ سابقة من نوعها. تعبيراً عن الامتنان لموقف دياب، أعادت جمعية "حلم" المعنية بالدفاع عن حقوق المثليين في لبنان، مشاركة منشور "قولولي انتو مين"، عبر صفحة الجمعية الرسمية على فيسبوك.
رفض خطاب الكراهية
يقول الناشط في الجمعية جوزيف عون لرصيف22: "هذه ليست المرة الأولى التي تظهر فيها دياب تضامناً مع حقوق المثليين، إذ سبق أن كانت الفنانة الوحيدة التي تشارك قبل سنوات بحملة نظّمها بعض الناشطين لجمع التبرعات للمصابين بالإيدز في لبنان". يدين عون في حديثه الحملة التي تعرّضت لها دياب من بعض المواقع الإخبارية اللبنانية، وما تضمّنته من تحريض وخطاب كراهية. "عملنا في حلم لسنوات لنشر التوعية في وسائل الإعلام حول أهمية انتقاء بعض المصطلحات، وإزالة كلمة "شواذ" من التداول. ومع الوقت استجابت لنا شريحة كبيرة من المؤسسات الإعلامية، وبات استخدام كلمة شواذ نادراً". لكن بعض الإعلام، برأي عون، لا يفكّر بالمسؤولية المعنوية والتبعات القانونية لما ينشره، خصوصاً إن كان يتضمن حقداً مبنياً على أساس رهاب المثليين، قد يعرّض حياة بعض رواد حفلة دياب أو غيرها إلى ردود فعل عنيفة. يرى الناشط في "حلم" أن بعض وسائل الإعلام لا يهمه من الخبر سوى الإثارة، ونشر كلمتي "مايا دياب" و"المثليين" في عنوان واحد، ربما لرفع معدّل القراءات على الموقع. ويضيف: "لسنا معنيين بتصفية الحسابات بين بعض المواقع الفنية والفنانين، ما يهمنا ألا تتعرّض سلامة أحد للخطر. ولكن جرأة دياب مشكورة بالطبع، وتستحق الإعجاب، لأن هذا الموقف لا يخدمها حقيقة لا في المجتمع اللبناني، ولا عربياً". يعرف عن بعض المغنيات العربيات اتخاذهن في السر مواقف مناصرة لحقوق المثليين، من دون المجاهرة بها، بحسب عون. "معظمهنّ محاطات بخبراء تجميل أو مصففي شعر أو مصممي أزياء أو منسقّي موسيقى مثليين. وهناك مغنيات مثل هيفاء وهبي وسميرة سعيد وغيرهما، لعبت أغانيهن خلال حفلات في نوادٍ مثلية في أوروبا، لكنهن لم يمتلكن بعد الجرأة لقول رأيهن بصراحة في الموضوع". ويلفت إلى أن نادي "بوش" شهد حفلات لفنانين معروفين على ساحة البوب مثل الليدي مادونا، وجاد شويري، ولكن خطواتهم لم تحظ بذات الانتباه المواكب لحفلة مايا دياب الآن. لا يستغرب عون تحاشي الفنانين التعبير عن آرائهم في ملفات مثيرة للجدل، لكنّه يعتقد أن موقف دياب سيحرك ربما بعض المياه الراكدة، في وسط نسمع فيه مغنية شهيرة لا تخجل بأن تقول: "ضربني وكنت بستاهلها".رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.
لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.
انضم/ي إلى المناقشة
مستخدم مجهول -
منذ يوممتى سوف تحصل النساء في إيران على حقوقهم ؟!
مستخدم مجهول -
منذ يومينفاشيه دينيه التقدم عندهم هو التمسك بالتخلف
مستخدم مجهول -
منذ يومينعظيم
Tester WhiteBeard -
منذ يومينtester.whitebeard@gmail.com
مستخدم مجهول -
منذ 3 أيامعبث عبث
مقال عبث من صحفي المفروض في جريدة او موقع المفروض محايد يعني مش مكان لعرض الآراء...
مستخدم مجهول -
منذ أسبوعرائع