شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

قدّم/ ي دعمك!
لماذا يستثمر الناس في الذهب؟

لماذا يستثمر الناس في الذهب؟

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

اقتصاد

الخميس 1 سبتمبر 201604:51 م
الذهب معدن ثمين أسر الجنس البشري على مر العصور. وبالعودة إلى أصله، فهو، كيميائياً عنصر كغيره من عناصر الجدول الدوري. لكن ما الذي ميّزه إذن وجعل له هذه المكانة العالية في كوكبنا، دوناً عن معادن مثل الكروم أو الهليوم أو حتى الفضة والنحاس؟ الحقيقة أن الفضة والنحاس والبلاتين، كلها من المعادن التي تسمى بالنبيلة، ومن ضمنها الذهب. هي معادن لا تتفاعل مع غيرها من المركبات، إلا أن الذهب يتميز عن المعادن النبيلة أيضاً بخصائص أخرى، بدءاً بقابليته للتطويع وكونه لا يفقد لونه. كما أنّه أكثر العناصر الكيميائية كثافة حيث قد يتسع طن منه على سبيل المثال في مكعب بقياس (متر في متر) فقط. والأهم ندرة وجوده في الطبيعة، وصعوبة استخراجه، ومن هنا أتى ثمنه المرتفع.

كمية محدودة ومصادر صعبة

الصفة الأهم في المعدن الأصفر، أنّه غير قابل للاستهلاك. قطعة الذهب التي بحوزتك الآن قد تكون هي نفسها التي تزينت بها امرأة من الطبقة النبيلة في مصر القديمة منذ آلاف السنين، ثم صهرها فارس عربي ليصنع مقبضاً منها لسيفه، ليصنع منها بعد مئات السنين نبيل سويسري ساعة ثمينة يحملها في جيبه، حتى وصلت إليك على شكل حلي أو ذرات في هاتفك المحمول. يُنسب لوارين بوفيت، أحد أثرى المستثمرين في العالم، قول معروف هو "إن إجمالي كمية الذهب الموجودة في العالم اليوم قد تشكل إذا صهرت ما يمكن جمعه بمكعب يبلغ طول أضلاعه نحو 20 متراً فقط". تصدر الشركة الاستشارية GFMS التابعة لوكالة "تومسون رويترز"استطلاعاً سنوياً حول كمية الذهب العالمية. وفي آخر تقاريرها أشارت إلى أن كمية الذهب العالمية هي 171,300 طن، وهذه كمية يمكن إذا أذبناها وشكلنا منها مكعباً أن يبلغ طول كل جانب منه 20.6 متراً، ما يؤكد أقوال بوفيت. إلا أن الكثير من خبراء الاقتصاد يختلفون مع هذه الأرقام، ويؤكدون أن الاحتياطي العالمي لا يقل عن 2,5 مليون طن. وهو ما يشكل إذا صهر عموداً من الذهب بطول 143 متراً، وهو أقل من نصف ارتفاع برج إيفل في باريس. وبالرغم من تفاوت الأرقام هذا، والذي يعود إلى أنّ التنقيب عن الذهب تم منذ القدم، وبالطبع لا يوجد سجلات بالكمية المستخرجة منه. كلّ تلك الأرقام لا تزال تمثل كمية محدودة وقليلة مقارنة مع الطلب البشري، خصوصاً مع نفاد الكثير من المناجم من مخزونها الذهبي، وصعوبة عمليات الاستخراج والتنقيب عن المناجم الأخرى والخطر الذي تشكله على العمال في بعض المناطق.

من المعابد والمقابر إلى العملات

ندرة الذهب وخصائصه العديدة، لفتت إليه الأنظار منذ أقدم العصور، فاستخدمته شعوب وحضارات عديدة في معابدها، لتزيين قصور الملوك وعرباتهم وحتى مقابرهم. ففي مقبرة توت عنخ آمون وحدها وجدوا نحو 1.5 طن من الذهب. ومن استخدام البشر للذهب للتزين و"التبهرج"، تحوّل الذهب تدريجياً إلى عملة للتبادل التجاري، ومنذ نحو 700 عام قبل الميلاد بدأت عملية سك العملة الذهبية حيث كانت تستخدم قبل ذلك غير مسكوكة، فلم توجد وسائل مضمونة للتأكد من وزنها وقيمتها. بعد زمن طويل، ومع نشأة الدول الحديثة والمصارف، نشأ خوف الأخيرة من خسارة العملة الذهبية لبعض من قيمتها مع الاستعمال المتكرر، هذا بالإضافة إلى ثقل وزن الذهب. فنشأت العملة الورقية المطبوعة والتي وصلت القارة الأوروبية حوالي القرن الرابع عشر، فطبعت وربطت بما يسمى بالقاعدة الذهبية، والتي تعني أن يكون لكل عملة مطبوعة مقابل من الذهب في البنك المركزي للدولة. وظل ارتباط العملات هذا بالذهب قائماً حتى العام 1971، عندما فك الارتباط بين الدولار والذهب، ودخل العالم مرحلة تعويم العملات. وحتى بعد فك العملة من قيمتها الذهبية، بقي هذا المعدن حاضراً كملاذ آمن للاستثمار. ومن هنا احتل الذهب مكانته كأحد أهم الأصول الاستثمارية المحافظة على قيمتها.

من يتحكم بسعر الذهب؟ وكيف؟

إذا كانت كل تلك الخصائص جعلت من الذهب معدناً غالي الثمن، فإنها هي نفسها جعلته أيضاً متقلب الأسعار. لأن حضوره كأصل استثماري جعل منه "منتجاً أو سلعة"، يتحدد سعرها بعملية "العرض والطلب". كلما زاد الطلب زاد السعر وبالعكس. اللاعبون الرئيسيون في عملية العرض والطلب هم:

أولا: شركات الاستثمار

تضارب تلك الشركات بكميات كبيرة جداً على أسعار الذهب عن طريق إدراجه في المحافظ والصناديق الاستثمارية المختلفة. وبالطبع كلما زادت التقلبات الاقتصادية العالمية زاد الإقبال على الذهب من قبل المستثمرين كملاذ آمن لا يخسر قيمته، في حين قد تفقد العملة الورقية قيمتها تبعاً للظروف السياسية أو الاقتصادية.

ثانياً: المصارف المركزية

إن كانت معظم العملات حول العالم ليس لها غطاء حقيقي من الذهب، إلا أنّ البنوك المركزية لا تزال المشتري الأكبر للذهب. تحرص الدول على إبقاء احتياطات ضخمة من الذهب في مصارفها المركزية، وذلك لدعم عملتها أو اقتصادها وقت الحاجة، وبعضها الآخر يلجأ لذلك ليبتعد عن سيطرة الدولار الأميركي على العملات، وأبرز مثال على ذلك روسيا التي تعتبر من أكثر الدول شراء للذهب. وفي النصف الأول من العام 2016، اشترت المصارف المركزية حول العالم نحو 166 طنًا من الذهب، وباعت 22 طنًا. عمليات الشراء والبيع هذه تجعل المصارف المركزية ومصالح الدول التي تتبع لها من أبرز المتحكمين في أسعار الذهب العالمية.

ثالثاً: المستثمرون الصغار

يبقى تأثير المستثمرين الصغار ومقتني الذهب العاديين وحتى الشركات التي تستخدمه للأغراض الصناعية، محدوداً جداً على سعر الذهب، وإن كان لها تأثير على سعر الذهب بحسب مواسم العرض والطلب، وخاصة في البلاد التي تعتبر من أكثر المستهلكين لهذا المعدن، كالهند.

نصائح للاستثمار في الذهب

يبقى الذهب الملاذ الأكثر أمناً للاستثمار والادخار، لأن هامش الخسارة يبقى أكثر انخفاضاً من معظم الأصول الأخرى. فكيف تستثمر في المعدن الأصفر؟
  • استثمر بالأموال المدخرة وليس المقترضة
  • راقب الدولار الذي كلما انخفض سعره زاد سعر الذهب والعكس صحيح (غالباً)
  • استثمر بالسبائك وليس بالذهب المشغول
  • أفضل وقت للاستثمار بالذهب عند انخفاض سعره، والبيع عند السعر المرتفع، وهو ما يمكن معرفته بمتابعة الأسعار لبضعة أشهر
  • اشترِ السبائك عيار 24 لانخفاض مصنعيتها
  • ضع إستراتيجية واضحة وبعيدة المدى للاستثمار بالذهب، حدد المبلغ الذي تريد أن تستثمره، والربح الذي تود تحقيقه (على الأقل)، وبع في الوقت المناسب.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard
Popup Image