شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
نصف العرب

نصف العرب "يبتكرون" والنصف الآخر في غيبوبة

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

اقتصاد

الأربعاء 28 يونيو 201712:54 ص

لم يُخطئ الدكتور العراقي "داخل حسن جريو"، عندما أكّد في إحدى مقالاته العلمية  أن "الابتكارات والاختراعات ستُصبح المحرّك الأساسي لقياس مكانة الدول في سلم التنمية الاقتصادية". فالولايات المتحدة الأمريكية تحتل المركز الخامس، بحسب التصنيف السنوي الصادر عن المنظمة العالمية للملكية الفكرية، بينما سويسرا تتربّع على عرش الدول الرائدة في الابتكارات والاختراعات العلمية والصناعية. وبحثاً عن العرب في هذا التصنيف الذي يضمّ 141 دولة، نجد أن السعودية هي أفضل الدول العربية إذ تحتل المركز الثالث على صعيد غرب آسيا وشمال أفريقيا، والـ43 عالمياً.

هكذا تكون المملكة هي الرائدة عربياً، تليها الإمارات العربية المتحدة (47 عالمياً)، مبتعدة عن قطر بمركزين. أما عرب أفريقيا، فتتصدرهم تونس (76 عالمياً)، يليها المغرب (78).

ووفق التعريف الذي قدّمته منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية، الابتكار هو "إيجاد منتج جديد أو محسّن (سلع أو خدمات)، أو عملية إنتاجية جديدة، أو طريقة تسويق جديدة، أو طريقة جديدة لتنظيم إدارة الأعمال، أو تنظيم بيئة العمل، أو تحسين العلاقات الخارجية”.

نصف العرب "يبتكرون"

النظر إلى سلم ترتيب الدول التي تبتكر وتخترع، بحسب المنظمة العالمية للملكية الفكرية، يبيّن حضور نصف الدول العربية في مؤشر التصنيف السنوي، تتوزّع بين 7 دول من آسيا: السعودية، الإمارات، قطر، لبنان، الأردن، الكويت واليمن. و4 دول من أفريقيا: تونس، المغرب، مصر والجزائر، وذلك دليل على أن العالم العربي لا يهتم بالبحث العلمي ولا يشجعه.

[one_third]

مقالات أخرى

لماذا تخشى النساء دخول مجال العلوم؟

أغرب الأعراس في العالم العربي: عرس البيضان في موريتانيا

وتعزى ريادة السعودية في مجال الابتكار، بحسب تقرير أعدّته جامعة الملك فهد للبترول والمعادن، إلى استحواذها على حصة تقدّر بنحو 66% من براءات الاختراع في العالم العربي.  ويؤكد التقرير أن الجامعة سجلت 7% من براءات الاختراع على الصعيد العربي. وفي تقرير آخر صادر عن الجامعة، يشير إلى أنها استحوذت العام الماضي، على 92% في مجال براءات الاختراع على الصعيد العربي، بينما بقية الجامعات العربية كان نصيبها 8%. وتبعاً للتقرير، وضعت جامعة الملك فهد مخططاً في أفق عام 2020 يرمي إلى تحسين مكانتها عالمياً في هذا المجال وتطوير أفكار الابتكار التكنولوجي.

أما الإمارات التي تحتلّ المركز الثاني عربياً، فتشجع على الإبداع والابتكار، أملاً في استرجاع الصدارة التي آلت إلى السعودية العام الجاري. لذلك نظمت جامعة الإمارات خلال شهر مايو الماضي ورشة عمل بعنوان"تسويق الاختراعات والابتكارات فيالجامعات".

 وخلصالمشاركون فيها إلى ضرورة "الإسهام في إيجاد الحلول الناجحة للتحديات البحثية، التي تواجه دولة الإمارات بشكل عام". إذ قام قطاع البحث العلمي بالتعاون مع فريق دعم الابتكار في الجامعة بإطلاق سلسلة من ورش العمل والمحاضرات، التي تُعنى بالابتكار والتركيز على حماية حقوق الملكية الفكرية. وقبل تنظيم الورشة، أعلنت الجامعة نفسها عن 5 ابتكارات في المجال الطبي تمثلت في زراعة خلايا وعلاج السرطان، وتطوير لقاح علاجي جديد لداء باركنسون، والكشف المبكر عن مؤشرات الحساسية، ونظام للتطهير والصحة السريرية.

وفي الوقت الذي كان فيه الشعب المغربي يحتفل بذكرى مرور أربعين سنة على المسيرة الخضراء، توقفت مسيرة المخترع المغربي عبد الله بنشقرون (24 عاماً)، الذي توفي بسبب أزمة قلبية حادة. وبحسب ما صرّح مجيد البوعزاوي، رئيس اتحاد المغاربة للمخترعين، كان بنشقرون من رواد الابتكارات في المغرب والعالم العربي. وأوضح البوعزاوي لرصيف22 أن "المرحوم تمكّن من ابتكار نحو 35 اختراعاً، العديد منها يدخل في المجال العسكري"، مشيراً إلى أنه "كان يُعدّ أصغر مخترع مغربي معترف به دولياً باختراعه لمحرك خاص".

حصل بنشقرون، ابن مدينة تطوان، على الجائزة الأولى في المهرجان الدولي للاختراع في الدار البيضاء العام الماضي، وشارك في برنامج "نجوم العلوم" في قطر، وأحرز المرتبة الأولى في مسابقة "شالنجر اينوفاسيو" عام 2008، باختراع آخر هو نظام أوتوماتيكي لتنظيف الزجاج.

ورغم احتلال المغرب المركز الـ78 عالمياً، فقد نجح المخترعون المغاربة في كسب اعتراف عالمي، إذ توّج اتحادهم في الدورة الأولى للمسابقة العالمية للاختراع  World Invention and Innovation Contest التي احتضنتها كوريا الجنوبية بالميدالية الذهبية. ونال المخترع ماجد البوعزاوي هذه الميدالية عن اختراعه  Multi View Tvالذي يتيح لمجموعة من الأشخاص مشاهدة برامج مختلفة على جهاز التلفاز نفسه. كما حظي المغرب مع تونس بالعضوية الدائمة في الاتحاد الدولي لجمعيات المخترعين، الذي هو أهم تجمع من هذا النوع على المستوى العالمي.

المعاناة والمعوقات

رغم ريادة دول عربية مثل السعودية والإمارات وقطر في مجال تشجيع الابتكارات والاختراعات، أشارت  تقارير إعلامية عدة إلى أن غالبية الدول العربية تعاني من مشكلتين أساسيتين: الأولى، غياب الإمكانات المادية لتحقيق حلم عدد من المخترعين، والثانية، غياب البنية الإدارية والقانونية السليمة لتسهيل إجراءات تسجيل براءات الاختراع وتشجيعها من قبل القطاعين العام والخاص.

فقد أسس نجيب العسكري جمعية المخترعين في تونس بعد التهميش الذي عاناه طوال 15 عاماً حيال ابتكاره الطبي. ورغم الانخراط المتأخر لبعض مؤسسات التعليم العالي العربية في مسلسل الابتكار والاختراع، فإن عدداً كبيراً من الدول العربية لا يهتمّ بمجال البحث العلمي.

وبحسب تقرير لمنظمة اليونيسكو عن العلوم لسنة 2014، تُخصّص الدول العربية نسبة ضئيلة لا تتجاوز 1%  للبحث والتطوير. بينما تفيد تقارير إعلامية أخرى، أن جزءاً كبيراً من المخصصات المالية  لمجال البحث والتطوير في العالم العربي تصرف  فقط على شكل أجور للأساتذة الباحثين من دون تحقيق أي منتج علمي. كما كان للربيع العربي أثر سلبي على بعض الدول التي كانت ضمن قائمة الدول المخترعة مثل سوريا والعراق.

في انتظار الحل

وأكد المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي المغربي في تقريره السنوي لعام 2014، على ضرورة العمل لتحسين مستوى التنمية البشرية، في الجانب المتعلق بتطوير البحث العلمي والابتكار، الذي يمكنه المساهمة في الارتقاء بالجهود المبذولة في التنمية البشرية من خلال بلورة وإبداع وسائل ومقاربات جديدة ومبتكرة. وأوضح المجلس أن وضعية البحث والابتكار في المغرب تُعاني عدداً من المعوقات المؤسساتية والمادية والبشرية. وأوصى في تقريره بـ"بلورة الآليات الكفيلة بجعل الابتكار محركاً أساسياً لخلق الثروة والشغل، وتحسين رفاه المواطنات والمواطنين، وتيسير الدخول إلى مجتمع المعرفة، للوصول الى مستوى عتبة 1% من الناتج الداخليالخام المخصص للبحث، والعمل على رفع نسبتها بكيفية تدريجية، والحفاظ على هذا المجهود طيلة ثلاثة عقود على الاقل".

هناك إجماع على ضرورة توفر الإرادة السياسية للحكومات والأنطمة لإعطاء دفعة حقيقية للمورد البشري لتشجيعه على الإبداع والابتكار على نحو يخدم الاقتصاد والتنمية من دون إغفال الدور المحوري للجامعات ومؤسسات التعليم العالي في تحقيق التقدم وتطوير التكوين الجامعي من أجل الرقي بالبحث العلمي والابتكار.

إنضمّ/ي إنضمّ/ي

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

Website by WhiteBeard