شاركوا في مهمّتنا،
بل قودوها

لنبدأ من هنا!
ماذا صنعتَ بالنوال، ماذا فعلتَ بالبرّي

ماذا صنعتَ بالنوال، ماذا فعلتَ بالبرّي

انضمّ/ ي إلى مجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات”.

هدفنا الاستماع إلى الكل، لكن هذه الميزة محجوزة لمجتمع "قرّائنا/ قارئاتنا الدائمين/ ات"! تفاعل/ي مع مجتمع يشبهك في اهتماماتك وتطلعاتك وفيه أشخاص يشاركونك قيمك.

إلى النقاش!

حياة

الثلاثاء 23 أغسطس 201610:19 م
اعتاد المشاهدون اللبنانيون على هفوات المراسلة والمذيعة نوال برّي، منذ انطلاقتها على شاشة قناة "الجديد" المحليّة قبل سنوات. بعضهم كان يجدها "عفويّة"، والبعض الآخر يطالبها باستغلال "خفّة ظلّها" في مهنة أخرى، لأنها تفتقر إلى أبسط المقوّمات المهنيّة كمراسلة. لكن برّي صمدت على الشاشة اللبنانية، وباتت من "نجومها"، خصوصاً مع عدد متابعيها الكبير على تويتر وفيسبوك. لا تنفك برّي تفاجىء المشاهدين بأدائها المهني غير المألوف، لكي لا يقال غير المقبول، بما قد يجرح مشاعرها. فمشاعر برّي، على ما يبدو، حساسة للغاية. هكذا، انسحبت أمس من تغطية مباشرة على شاشة قناة "أم تي في"، لأن مشاعرها لم تحتمل هتافات أطلقها متظاهرون في بيروت ضد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه برّي. https://youtu.be/_sB2qo4COVk مناسبة التظاهرة، الذكرى السنوية الأولى للحراك المدني اللبناني الذي انطلق للمطالبة بحل أزمة النفايات، ثم تحوّل إلى "Mini انتفاضة" للمطالبة بتغيير النظام اللبناني بأكمله، ومن أبرز رموزه نبيه برّي. واكبت برّي الحراك في صيف العام 2015، وأجرت مقابلات مع المتظاهرين، لكنّها أوضحت في أحد منشوراتها الفيسبوكية في سبتمبر الماضي، أنها تربّت على اعتبار نبيه برّي "كبير العيلة"، مؤكّدة تحييد موضوعيّتها المهنية عند تناول رئيس البرلمان، لأنها تعده "شأناً عائلياً". أثار ذلك المنشور ردود فعل ساخرة على مواقع التواصل، وتحوّلت عبارة "كبير العيلة" إلى نكتة.
وفي الذكرى السنوية الأولى للحراك، بدا أن النشاطين لم ينسوا منشور نوال برّي الشهير. فحين حاولت الخروج برسالة مباشرة مساء أمس، لإعطاء صورة عن التجمّع في ساحة الشهداء، شوّش عليها المتظاهرون بإطلاق هتافات "كبير العيلة جوّعنا"، و"كبير العيلة حرامي". عند سماعها الهتافات، قالت برّي أن "هناك محاولة استفزاز لنا"، ثم تابعت مخاطبة زميلتها المذيعة في الاستوديو جيسكيا عازار: "بما أنه ما عم يحترموا، بدّي اضطر اقطع الهوا، يبدو إنه زعران لي نازلين على الأرض، مش حراك مدني".

موقف لا تحسد عليه

تلقّفت مواقع التواصل الاجتماعي فيديو الرسالة المباشرة المبتورة، وتم تداوله على نطاق واسع، ما وضع نوال برّي في موقف محرج. صحيح أن بعض المعلّقين دافعوا عنها، معبّرين عن تفهّمهم لغضبها، وجد آخرون أن لا مبرّر لما قامت به تحت أي اعتبار. فالمعايير المهنيّة لا لبس فيها، والأمثلة كثيرة عن مراسلين ومراسلات واصلوا التغطية المباشرة في ظروف صعبة، تحت القصف، وفي الحروب، وخلال الفياضانات والحرائق، أو حتى عند التعرّض لسلامتهم الشخصيّة بشكل مباشر.
ومع الضجة المثارة حول نوال برّي أمس، استعاد المعلّقون على فيسبوك السؤال القديم المتجدّد حول مهنية بعض المراسلين التلفزيونيين في لبنان. وسأل بعضهم إلى متى يستمر بعض المراسلين في تقديم الاعتبارات الشخصية على المهنية؟ ومتى يوقفون سعيهم الحثيث لصناعة هالة من النجومية حول أنفسهم، عبر الإخلال بأبسط أصول المهنة وقواعدها؟
وكتب زينون النابلسي على فيسبوك: "ما حصل عار على كل مؤسسة إعلامية، وعلى كل إعلامي يمارس مهنتة بكل موضوعية ومهنية بعيداً عن المشاعر والأمور الشخصية. فبأي حق تنعت صحافية المتظاهرين بالزعران؟ استناداً إلى ماذا؟ وأين الموضوعية بالتغطية ونقل الحدث كما هو؟ وهل من المسموح على الصحافي توريط مؤسسة إعلامية يعمل بها فقط لأنه "انزعج"؟ من يحاسب هكذا نوع من الإعلاميين؟ ومتى يفهم الصحافيون أنهم ليسوا الخبر، وأن الأخبار ليست لصناعة النجوم، بل لنقل الحدث كما هو. من يريد أن يصبح نجماً، ليختبر مهنة أخرى. ما حصل إهانة لكل من درس الصحافة، ويمثّل انحداراً في مستوى الإعلام". من جهتها، دعت جويل بطرس إلى "تأسيس مدرسة نوال برّي للإعلام الحديث"، وأضافت: "ربما من الأفضل أن تنقل نوال بري عملها إلى فايسبوك Live. هكذا تستطيع أن تحرد ساعة تريد".
وشنّت برّي حملة "بلوك" على منتقديها، وبرّرت تصرّفها في منشور فيسبوكي، واصفةً المتظاهرين بأنّهم "بلا أخلاق وبلا تربية"، ولا يستحقون أن تعطيهم مساحة على الهواء. كما قالت في حوار مع موقع "أم تي في": "من حق المتظاهرين إطلاق هتافات بحق أي شخصيّة سياسيّة، ولكن لا مؤسّستي ولا أنا نقبل أن تُهان كرامتي بهذه الطريقة والتعرّض لعائلتي، وإذا كان هؤلاء لا يحترمونني فلماذا علي أن أنقل صوتهم على الهواء". وأضافت: "أحرص دوماً على مهنيّتي، ومن حق أي أحد التعبير عن رأيه في قضايا الفساد، ولكن من دون التعرّض لي ولعائلتي من الناحية الشخصيّة". لكن يبدو أن تبرير برّي لم يخفف من حملة السخرية منها ومن أدائها، إذ تصدّر اسمها لائحة العبارات الأكثر تداولاً على تويتر في لبنان.

صاحبة سوابق

هذه ليست المرّة الأولى التي ترتبك فيها برّي أمام الكاميرا. في مناسبات كثيرة، كانت المراسلة تُنتقد لـ"عفويّتها الزائدة" في البث المباشر، وأدائها المفتقر إلى الرصانة المهنية المطلوبة. ففي إحدى التغطيات، وبينما كانت الكاميرا تنقل رسالة مباشرة تجمع بينها وبين زميلها في قناة "الجديد" حينها باسل العريضي، خلعت بحركة فجائية وعلى عجل معطفاً كانت ترتديه من دون أن يُفهم السبب، ثم بدأت رسالتها. https://youtu.be/1I3gfWhAWRc وخلال الحراك المدني في لبنان العام الماضي، التقطت كاميرا البث المباشر على شاشة "الجديد" مشاجرة بين برّي وقوى الأمن، تحتج فيها على ضربها بكرسي، بينما كانت التغطية مستمرّة. https://youtu.be/Xfyx2dWP0Dc وخلال الحراك أيضاً، أثارت برّي سخرية المعلّقين خلال بثّ مباشر، صوّرت فيه بعض المتظاهرين نياماً على الرصيف، وأجرت حواراً مع أحدهم وهو مستلقٍ على بطانية. https://youtu.be/IJj4aSc5EuE تلك عيّنات من تغطياتها التي كانت تثير الجدل، لتثبت مرّة بعد مرّة أنها غير مؤهّلة لقيادة بث مباشر متماسك. فغالباً ما كانت تلجأ إلى رمي الجمل والأسئلة بطريقة عشوائية لا تؤدّي إلى خلاصة خبريّة تضيء على موضوع التغطية.
ورأى معلّقون أن نوال برّي ليست وحدها من يتحمّل مسؤولية ما ترتكبه من أخطاء، بل هي، كغيرها من نجوم الشاشة الجدد، ضحيّة منظومة إعلاميّة لبنانية باتت تفتقر إلى الكفاءة. فغالباً ما تنشغل مواقع التواصل في لبنان بهفوات بعض المراسلين على الشاشات المحلية، سواءً لناحية إيراد معلومات خاطئة، أو لناحية تقديم تغطيات مباشرة مملّة أو مثيرة للضحك. والأكيد أن السخرية القاسية قد تظلم الأفراد، لكنّها تجوز على منظومة إعلاميّة، بمؤسساتها وصحافييها، باتت تغلّب معيار النجوميّة على مبدأ صون الخبر وتقديمه بشكل واضح ومتوازن للمشاهدين.

رصيف22 منظمة غير ربحية. الأموال التي نجمعها من ناس رصيف، والتمويل المؤسسي، يذهبان مباشرةً إلى دعم عملنا الصحافي. نحن لا نحصل على تمويل من الشركات الكبرى، أو تمويل سياسي، ولا ننشر محتوى مدفوعاً.

لدعم صحافتنا المعنية بالشأن العام أولاً، ولتبقى صفحاتنا متاحةً لكل القرّاء، انقر هنا.

WhatsApp Channel WhatsApp Channel
Website by WhiteBeard
Popup Image